((الحوار مع المحتفى بها))
|
سؤال من الأستاذ مشعل الحارثي من مجلة اليمامة: |
ضيفتنا الكريمة ليلى العثمان، علاقة المبدع بالناقد علاقة تتسم دائماً بالتوتر، كيف تنظرين إلى هذه العلاقة؟ وما هي الحدود التي يسمح فيها للناقد بالتدخل في عالم المبدع وما يختلج ساحة النقد من ميل إلى المجاملة والإطراء، في بعض الأحيان، أو ميل إلى الهجوم وفقدان النظرة الموضوعية في أحيانٍ أخرى. في الشق الثاني، كيف تنظر ليلى العثمان لمستوى الروائية السعودية، وخصوصاً في السنوات الأخيرة؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً على سؤالك. حول علاقة المبدع بالناقد، أنا شخصياً أكتب لقارئ ولا أكتب لناقد، ولا أضع الناقد أمامي مطلقاً، رغم أن كثيراً من النقاد اهتموا بأعمالي، وكتبوا عنها، إلا أن مستوى الإبداع في الوطن العربي حقيقة وكمية الإبداع التي تصدر سواء من النساء أو الرجال، لا يوازيها في المقابل نقاد. إن حركة النقد عندنا في الوطن العربي، حركة لا أقول تدهورت، لكنها ضعفت بشكل كبير وأصبح النقد عند البعض -وهناك نقاد كبار موضوعيون، هؤلاء أحترمهم- إما كتابة سريعة لوصف الكتاب، أو اختصاراً للكتاب، أو هجوماً على الكاتب لأسباب شخصية، أو نقداً بعيد جداً عما يكتبه الكاتب، خصوصاً النقد الحديث، إذ إنني بصراحة لا أفهم منه شيئاً، ولا أستفيد منه بشيء، ولا أقرؤه، فقد كان النقد في الماضي أفضل من النقد اليوم، ويسمح للناقد طبعاً أن يتدخل؛ النقاد في المغرب يبدعون عملاً ونصاً أدبياً نقدياً بعيداً كل البعد عن الكتاب، وكأنهم بذلك في حالة غيرة من الكاتب، ويريدون أن يثبتوا أنهم أفضل من الكاتب. على غرار ما في المغرب، هنا في السعودية لديكم نقاد كبار جداً، نحترمهم ونضرب المثل فيهم باستمرار، وأصبح لهم اسم في الوطن العربي، مثل الغذامي، والسريحي، والزهراني، وكثيرون غيرهم، أعذروني فالذاكرة شابت قبل أن نشيب، يعني كبرنا. حول مستوى الرواية السعودية، أنا في الحقيقة كنت أتابع الرواية السعودية، ورواية الخليج عموماً لأنني ابنة هذه المنطقة، وقبل أن أقرأ للعرب عموماً، أقرأ لبنات منطقتي.. لدينا مواهب كبيرة في الخليج العربي، لدينا كاتبات اليوم -وهذا رأيي ورأي كثير من النقاد والقراء، وأنا أركز على القراء ينافسن الكاتبات العربيات الكبيرات، لكن لأننا منطقة نفط، ينظر إلينا دائماً على أنه ليس لدينا مواهب، وليس لدينا فكر، وليس لدينا عمق، وليس لدينا أدب.. هذه النظرة الدونية، أتصور أنها بدأت منذ زمن تحفز الإنسان الخليجي الأديب والكاتب والشاعر من الجنسين، ليحاول أن يثبت جدارته في الكتابة، وحقه في أن يكون له وجود في الوطن العربي. اليوم تذهب إلى أي مؤتمر للرواية فتجد اسم ليلى الجهني، تجد اسم أميمه الخميس، تجد اسم رجاء عالم، تجد اسم.. -اعذروني، والله أنا في حالة يرثى لها- أعني الأسماء السعودية، الأسماء القطرية، الأسماء البحرينية.. كاتبات أصبحن على مستوى الوطن العربي، ويترجم لكتاباتهن، وأنا أحب الروائيات السعوديات؛ أحب ليلى الجهني، أحب أميمة الخميس، أحب بدرية الشحي عمانية أيضاً، وهي كاتبة من الكاتبات المهمات.. إنما اسمحوا لي أن أقول بصراحة، إن ما يكتب اليوم، سواء بأسماء مستعارة أو أسماء رجال أو بأسماء نساء حتى، فأنا ضد هذا النوع من الكتابة. أحترم كثيراً سمر المقرن، رغم ما في روايتها من جرأة، لكنني أحترم أنها وضعت اسمها على الكتاب، وتعرضت لما تعرضت له لأنها دخلت إلى منطقة صعبة جداً. أما باقي الكاتبات فيعتمدن الأسماء المستعارة، وأصبح ذلك "موضة" في الوطن العربي، وانتقلت مع الأسف إلى الخليج، حيث إن أكثر كتابات الجنس تصدر عن كاتبات سعوديات. أنا أتمنى أن يسلط الضوء على معاناة المرأة السعودية، فهل انتهى كل شيء لتقتصر الكتابة على الجنس وبوضوح شديد، وبمسميات بهذا الشكل؟ أنا كامرأة أكتب، ولدي كتابات تتعرض لهذا الجنس، لأن هذا واقعنا، وهذه حياتنا، لكن صدقوني أنا أخجل وأرتعش من الخجل حين أقرأ لبعض هذه الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة.. أرجو أن لا يغضب مني أحد. |
الأستاذة دلال ضياء: شكراً أستاذة ليلى. والآن نعطي الفرصة لبنات جنسنا السيدات، الأستاذة نازك الإمام تتفضل لتلقي السؤال أو أن السائلة تقدم السؤال بنفسها، لكن أرجو الاختصار وألا يكون السؤال متفرعاً إلى عدة أسئلة. |
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. |
أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ضيفتنا في هذه الليلة، هي واحدة من أبرز كتاب القصة والرواية في دولة الكويت، عاشت في زمن المعاناة، وزمن النفط، وبقيت على علاقة وطيدة بالمدينة القديمة التي ترعرعت فيها، وبالبحر والصحراء على حد سواء. صاحبة "صمت الفراشات" التي أثارت نقاشاً واسعاً. عبرت في روايتها وقصتها عن معاناة المرأة.. شخصيتها قوية لا تلين حتى أمام الانتقادات التي وجهت لها من قبل البعض.. صوت الحرية يخيم على أدبها الذي يتراوح بين رومانسية وواقعية ورمزية، وتعتمد في روايتها على ثلاثية الحلم -تركت بصمات واضحة على الساحة الأدبية، وذلك لسماتها الملحوظة طبعاً وعالجت من خلال كتاباتها مختلف الأبعاد، مثل البعد السياسي والوطني والحضاري، كما تناولت البعد الذاتي معتمدة في الكثير من قصصها على مراحل حياتها المختلفة، وما واجهته من مشاكل وصعوبات. أهلاً بالكاتبة والأديبة الكويتية ليلى العثمان معنا في هذه الأمسية، وفي هذه الليلة من هذه الاثنينية، ونبدأ في طرح الأسئلة. |
سؤال من الدكتورة أفنان الريس: |
ماذا تقولين عن اختيار الباحث محمد صفوري لك كنموذج في رسالته للماجستير، وتسمية الدراسة "امرأة بلا قيود"؟
|
الأستاذة ليلى العثمان: في الحقيقة يعيش الباحث الصفوري في الأرض المحتلة، لكنه يسافر ويغادر إلى الخارج، فقرأ أعمالي، وأعجب بها، وكتب ما كتب، وطلب مني المساعدة في أن أوفر له الكتب غير الموجودة لديه، وكذلك السيرة الذاتية، كما بعض الكتب التي كتبت عني، والقصاصات من الجرائد والمجلات. وقد أرسلت له كل هذا الكم عبر الأردن، وهو ارتأى أن يكون بحثه أو رسالته للماجستير عني، فأنجزها وأرسلها لي مطبوعة، وأنا أشكره، وأشكر كل من اهتم. هناك رسائل كثيرة في الماجستير والدكتوراه.. قبل أسبوع كنت في الهند، في مومباي، في جامعة بوبال، جامعة بركة الله في بوبال، لأن هناك عدداً من الطلبة يعد رسالة الماجستير والدكتوراه عني، وطبعاً هذا يسعدني ككاتبة، على الرغم من أنه يتعبني لناحية إرسال الكتب والمطبوعات والاستفسارات. شكراً لك على سؤالك. |
سؤال من الأستاذ سعد سليمان: |
روايتك "العصعص" التي صدرت عام 2002م، هل انتهت بهروب فرزانة وعائلتها، وحالة سلوم المأسوية؟ وما سر هذه النهاية المفتوحة على كثير من الاحتمالات الأستاذة ليلى؟ أم أن هناك أجزاء لاحقة على نمط ثلاثية نجيب محفوظ، وثلاثية الأستاذ تركي الحمد، ومتى تظهر البقية في الساحة الثقافية؟
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لهذا السؤال الجميل. حين يكتب الكاتب، يتملكه إحساس يقول: لماذا أترك القارىء يقرأ وهو مرتاح، لماذا لا يتعذب مثلنا، لماذا لا يبحث؟ لماذا لا يفكر؟ هذا حقنا عليه، لأننا نتعب لأجله. رواية "العصعص"، هي من أحب الروايات إلى قلبي، وقد صدرت الآن بالطبعة الثانية من دار الآداب، لكنهم رفضوا التسمية، وأسموها حلم الليلة الأخيرة، غير أنني أصررت على أن يكتب في الداخل "العصعص سابقاً"، حتى لا يقال عني أنني أعيد رواياتي بأسماء مختلفة كما يفعل بعض الأدباء، وهذا ما لا أرتضيه لنفسي. أنا أتمنى أن يقرأ الجميع هذه الرواية، فأنا أحبها من بين كل رواياتي. لقد أردت للقارئ الحياة مفتوحة، ليس هناك نهاية لشيء، لأنني أردت أن أتركها مفتوحة للقارئ، لكي يفكر فيها بنفسه تماماً مثل الكاتب، والقراء يتصلون من الذي قتل حصة، العمة أم الزوج أم الأب؟ احتاروا في من يظنون، وكل إنسان يتصور حسب فراسته. روايتي الأخرى "وسمية تخرج من البحر"، تركتها أيضاً مفتوحة.. هل كان عبد الله يحلم، ورأى وسمية تخرج له من البحر؟ ثم انتحر أو لم ينتحر؟ أنا أريد أن أشرك القارئ معي في التأويلات وفي التفكيك. في الحقيقة بعدما أنهيت رواية سلوم، بأن وجدوه وعاش، أردت أن أكمل الرواية، أن أكمل ما يجري بعد أن يكبر سلوم، ويتحدث بنفسه عما حدث له: كيف ذهب إلى بيت الجرب، وكيف رأى فرزانه، وبدأت فعلاً أكتب فيها، ثم وجدت أن الرواية ستطول كثيراً، فقلت ربما أكتب رواية باسم سلوم، لكنني أعتقد أن الرواية التي تنتهي ينتهي أبطالها، وأنا أحب أن أجد أبطالاً آخرين أتعامل معهم. شكراً. |
سؤال من الأستاذة ليلى عوض من جريدة عكاظ أهلاً ومرحباً بالأستاذة الكبيرة ليلى العثمان في جدة، ربما من أكثر الكتابات التي تأثرت بها في بداياتي الصحفية كانت كتاباتك. سؤالي: |
أدب المرأة الكويتية خاصة، والخليجية عامة، ما هو المسار الذي سلكه بعد أزمة الخليج؟ شكراً لك.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لك. على الرغم من أنني أحاول باستمرار أن أبتعد عن مرحلة الغزو -وكتابي "يوميات السفر المر" يفسر كل ما حدث لي ولأولادي، وكيف تدفق هذا الحب للوطن، وكيف رفضت الخروج، وقلت أمي مريضة، ويجب أن ألازمها، وألاّ أتركها حتى تشفى من مرضها.. فالكويت غالية، وما حدث لنا كان شيئاً رهيباً، ولكنني أحاول أن أبتعد -إلا أننا في الكويت لم نتجاوز هذا الأمر؛ إذ لا ينعقد مجلس في أي مكان في الكويت، إلا ويأتي على ذكر هذا الغزو، إذ حدثت حالات طلاق بسببه، حدثت وفيات بسببه، حدثت مشاكل عديدة، بيوت خربت. بعد الغزو مباشرة، كثير من الكتب صدر للرجال والنساء على السواء تناول هذه الأزمة؛ بعضهم كتب بجدية كبيرة، وبعضهم كتب كنوع من التأريخ لهذا الحادث، وبعضهم كتب سيرة ذاتية، وفي بعض الأحيان تناول بعض الكتابات بانفعال شديد للشعب العراقي ووجهت إليه شتائم لم أكن أود أن تصدر، لكني أعذر الجميع، لأن الهم كان كبيراً، والتعب النفسي كان أكبر.. أنا مع احترام الشعوب حقيقة، وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الأنعام: 164). |
سؤال من الأستاذ خالد الأصور، باحث في جريدة عكاظ: |
بسم الله الرحمن الرحيم، الكاتبة الأستاذة ليلى العثمان، في حديث لك في مجلة اليمامة السعودية، بتاريخ 30 رمضان 1429هـ، ذكرت -وأرجو أن يتسع صدرك- أنك عشت حياة قلقة مضطربة في مراحل الصبا، وقبلها الطفولة، ثم الشباب نتيجة قسوة والدك، وانفصاله عن والدتك، وزواجك في سن مبكرة، وعدم اكتمال تعليمك، إلى غير ذلك.. سؤالي: هل كتاباتك التي تكسرين بها التابو الجنسي والديني دون السياسي، هي انعكاسات لحياتك التي ذكرتها نصاً، حياة قلقة ومضطربة، وتتسم بعدم الاستقرار؟ وهل من الملائم أن تكون كتابات الكاتب ونظرته تجاه المجتمع مجرد انعكاسات لحياته الضيقة؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لك. كما سبق أن قلت لن أدخل في السيرة الذاتية، لأن أكثركم قرأها وسمعها خلال لقاءاتي العديدة في التلفزيون. أولاً أنت قلت لي إنني أكسر التابو الجنسي والديني، لأن الانطباع السائد أن ليلى العثمان مشاغبة، وضد الدين ومع الجنس. لا. حتى محاكمتي كانت ظلماً، لأن كتبي ليس فيها أي استخدام للجنس، ما عدا رواية "العصعص"، التي احتوت مشهداً وحيداً، وكان للضرورة وليس لإقحام الجنس. أما في ما يتعلق بأنني ضد الدين أو كسرت التابو، فمن يقرأني، ويقرأ المحاكمة بالذات، سيعلم أن علاقتي بالله علاقة عميقة جداً، ولا يجب أن يحكم على مظهري مثلاً لأنني لست محجبة، لكن ضميري مرتاح تجاه ربي، فأنا لا أتعدى على الدين.. أحياناً يَرِدُ حوار في إحدى الروايات، عندي وعند سواي من الكتّاب، بين ملحد ومتدين مثلاً، فمن الضروري هنا أن نقرأ رأي الملحد، الذي سيجيب عليه المتدين.. هذا لا يعني الدخول ضد الدين، فصحيح أني مع الحرية في الكتابة، لكني مع الحرية الملتزمة، وأنا قبل قليل أدنت -ليست إدانة عفواً- بل انتقدت الكتابة السعودية التي ظهرت مؤخراً لبعض النساء، والمليئة بالجنس العجيب والمخجل.. وأكرر مجدداً: أنا لا أمارس كتابة الجنس، أو الكتابة ضد الدين، إلا للضرورة فحسب. هل رواياتي هي انعكاسات لحياتي؟ نعم بالتأكيد، فالكاتب لا يكتب من فراغ، كلنا نكتب من واقعنا، أنا طبعاً ابنة رجل -ربما أكثركم تعرفون، ويعرف الأستاذ- إنني ابنة رجل ثري جداً، والحمد لله عشت في نعيم مادي، إنما كان ينقصني الحنان. لقد تزوج والدي بعدة نساء، ونحن كثر من الأبناء، فكيف سيدلل الجميع؟ قد يخسر هيبته أمامنا، فكانت القسوة، والقسوة موجودة عند كل الرجال في ما مضى، لذا كنت أحمل بعض الغضب تجاه والدي، لكني بعد أن كبرت، وتفهمت وعرفت بعض ظروفه التي اضطرته لأن يعاملني هذه المعاملة البعيدة عن الحنان. إنني أشكر أبي الآن لأسباب كثيرة؛ أولها سبب وقد تستغربون، لأنه أخرجني من المدرسة، وأنا كنت أحب المدرسة جداً، فهي كانت متنفسي، وهي التي اكتشفت موهبتي وشجعتني، لكن بعدما أخرجني أبي من المدرسة، أدخلني إلى مكتبته وقال: هذه مكتبتي، أنت مشروع أديبة وشاعرة.. ادخلي مكتبتي، هنا النعيم. ودخلت المكتبة فعلاً، وقرأت وتثقفت، وقلت بعد ذلك: ماذا لو كنت أكملت تعليمي؟ لكنت درست الجبر والهندسة.. أشياء لن أستفيد منها في حياتي، فقط للامتحان. وهكذا ركزت على ما يخصني، فتعلمت وتثقفت من مكتبة والدي. أما السبب الثاني فهو القسوة، أي القسوة التي كان بها أبي، فيما علمتني أمي أن أكون أماً حنونة جداً، وأتعامل مع أبنائي بديمقراطية، وبلطف وحنان، وبندّية، وكأصدقاء.. لكن جيل هذا اليوم، مثل ما نقول بالكويتي "لا تعطونهم وجه"، استبد بنا الأبناء الآن، إذ إن لهم رأيهم الخاص، ولهم حركاتهم الخاصة، لكنهم الحمد لله تلقوا تربية جيدة. لقد ترك لي والدي اسماً كبيراً، وصيتاً طيباً، والناس تذكره بخير دائماً، وأنا فخورة بأنني ابنته، وأقول اليوم: لو كان أبي حياً الآن، لافتخر جداً بي، لأنني استطعت وأنا غير متعلمة أن أصل إلى هذا المكان، بكل تواضع. أشكر والدي جداً على قسوته، لأنها علمتني أن أكون حنونة، وأن أكون أباً وأماً في آن واحد؛ فعندما توفي زوجي، كان عمر أبنائي على التوالي: سبع سنوات، وخمس سنوات، وأربع سنوات، وسنتين. وأخذت الدورين: دور الأم ودور الأب، لذلك من يعرفني جيداً يقول لي دوماً إنني شخصيتان: رجل وامرأة في جسد واحد، وهذا يشرفني جداً، لأنني فعلاً كنت أباً حقيقياً لأولادي. |
الدكتور جميل مغربي: نرحب بانضمام مؤسس الاثنينية، الوجيه الشيخ عبد المقصود خوجه (مازحاً: لأنني حددت لك الكلمة) وسأمنحه كلمة ترحيبية. |
الشيخ عبد المقصود خوجه: بسم الله الرحمن الرحيم، في الحقيقة أنا أعتذر من السيدة ليلى عثمان، ولولا ظرف طارئ جداً، لما تغيبت، وهذا يحدث للمرة الأولى في الاثنينية.. فاعتذاري لك وللإخوان، وفي الحقيقة أنا حضرت السؤال في آخر كلماته، وعرفت ملامح السؤال، وقد رددت أكثر من مرة، بأن الاثنينية ملتزمة منذ ثمانية وعشرين عاماً بثوابت لا تحيد عنها، ثوابت خمسة: عدم الخوض في السياسة، أو في الدين، أو في المذهبية، أو في العنصرية، أو في تصفية الحسابات، ما عدا ذلك فأهلاً وسهلاً ومرحباً. لذا أرجو إذا ما كانت هناك أسئلة مشابهة أن تحجب، وسأحجب أي سؤال يمس بهذه المبادئ الخمسة التي نعمل بها. من ناحية أخرى أرجو من السائلين أن يكون السؤال مختصراً، وأن يُطرح رأساً دون أي مقدمات، وسيحجب أي سؤال تكون له مقدمات كبيرة كالسؤال الذي سمعته.. أعطني السؤال من فضلك باختصار، لكي يحظى أكبر عدد من الإخوان الموجودين الكرام، بالفرصة التي تُعطى للآخرين. كذلك أرجو من ضيفتنا الكريمة أن تكون إجابتها مختصرة حتى يكون الحوار بيننا وبين أكبر عدد من الإخوان. لكم الشكر، ولك الشكر سيدتي. |
سؤال من الأستاذة أحلام الغامدي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذة ليلى معك أحلام الغامدي، شاعرة وكاتبة، وإعلامية، ومحللة صحافية في مجلة رؤى. سؤالي هو: |
لك العديد من الكتب التي منعت في الكويت، بينما توفرت في معرض الرياض الدولي للكتاب. هل أصبح أفق الحرية يضيق في الكويت، بلد الحريات والديمقراطية، ويتسع في عواصم خليجية أخرى كانت متشددة ومحافظة في وقت سابق؟
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً، في الحقيقة، أنا سعدت جداً عندما عاد أحد الأصدقاء من معرض الكتاب في السعودية، وقال: جميع كتبك معروضة للبيع، لم يمنع أي كتاب، بينما لدي في الكويت ستة كتب ممنوعة لأسباب عديدة.. كتاب "يحدث كل ليلة" نلت عنه جائزة الدولة، وبعد أن عرفوا أنني تعرضت للمحاكمة، سحبوا مني الجائزة، لكنني أعتبر أنني أخذتها.. سحبوا المبلغ النقدي إنما "الله يعوض"، واليوم أغلب كتبي تباع في كل العواصم الخليجية والعربية، أي ليس لدي شيء ممنوع خارج الكويت. |
الأستاذ خالد المحاميد من جريدة الوطن، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سيدتي الكاتبة، هناك مقولات عديدة حول الرواية، باعتبارك روائية، الروائي المكسيكي "كارلوس فونتس" يقول: |
"تقول الرواية ما يمتنع التاريخ عن قوله"، أنت منذ عام ألف وتسعمئة وستة وسبعين بدأت النشر، هل تجدين في كتاباتك الآن تأريخاً ما كان ليظهر لو لم يوجد في الرواية؟ وهل كتابة هذا التاريخ المخفي كان هو سبب الصراع بينك وبين الأطراف المتزمتة؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: كل كاتب رواية في أي مكان في العالم يؤرخ لشيء؛ إما يكتب رواية تاريخية ويؤرخ تاريخ بلده، أو تاريخه في الحياة، أو يكتب رواية خاصة عن سيرته، أو يكتب رواية علمية.. أي تتعدد كل الأشياء، إلاّ أن الرواية هي بالفعل تأريخ لمجتمعات يعيشها كل أديب على حدة، أنا تناولت الجانب الاجتماعي في تأريخي للرواية وربما كنت أول كاتبة في الكويت، لكن لست أول كاتب، بل سبقني كلٌ من الدكتور سليمان الشطي، والأستاذ سليمان الخليفي، في الكتابة عن الكويت القديمة، فأنا من جئت وأرخت لأشياء كثيرة لا يعرفها شباب هذا الوقت عن الكويت القديمة: العادات والتقاليد، المسميات، الشوارع، وأشعر بأن هذا واجبي تجاه جيل لا يعرف شيئاً عن بلده.. الكويت القديمة عزيزة جداً على قلبي، وأنا أحفل بالمدن القديمة وأحب دائماً أن أرى المدن القديمة، وقد زرت يوم أمس جدة القديمة، وقد أعجبتني، على الرغم من أن الحداثة قد امتدت مع الأسف اليوم لتبتلع بعض القديم كما حدث عندنا في الكويت، لذلك أجد أنني قد أرخت لهذا الجانب، أرخت لكفاح ونضال المرأة الكويتية عندما كان زوجها يغادر إلى البحر والغوص لمدة تسعة شهور أو سنة، فكيف تتحمل هي مشاق الحياة، والصرف على الأبناء.. كما أرّخت لحياة البحر، ولحياة البحارة، وأعتبر أنني كتبت بصدق شديد، لأنني عشت الكويت القديمة، وتشبعت بها، وهي موشومة في داخلي، ولا أزال في أغلب رواياتي أكتب قصصي عن هذا الجانب التاريخي من الحياة الاجتماعية. شكراً. |
الإعلامية منى مراد من جريدة البلاد، ومجلة اقرأ: |
السلام عليكم، "عليك أن تعتادي الصمت"، بماذا تذكرك هذه العبارة؟ وما السبب من وراء تسمية روايتك "صمت الفراشات"؟ وما الهدف من استهلالك لبعض قصصك بعبارات وتصريحات لبعض الشخصيات؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: عليك أن تصمتي، وردت في رواية صمت الفراشات، حيث تقول الأم لابنتها: "عليك أن تصمتي".. دائماً الأنثى يجب أن تصمت وتسكت، وألا يكون لها صوت أو حضور، وهذا ما كان يسري على مجتمعات متعددة، وليس المجتمع الخليجي فقط، فقد كان وضع المرأة غيره اليوم.. صمت الفراشات عندما كتبتها، كان هناك مشهد، البطلة تراقص الصمت، فكتبت العنوان: "صمت يراقص فراشة"، لكني عندما أهديت الكتاب للكاتبة الصديقة "هدى بركات" قالت لي إن الاسم طويل "ومش حلو باللبناني"، فجعلناه "صمت الفراشات"، لأن الفراشة تطير حولك، ولا تسمع لها أي صوت.. جميلة، لكن جناحها هش، فلذلك شبهت النساء بالفراشات الصامتات، وطبعاً من خلال الكتابة، حاولت أن أحرض المرأة على المطالبة بحقوقها، وأظن أن هذا مقبول الآن في هذا الزمن، خصوصاً عند الرجال، لأن الرجال يقفون معنا اليوم أكثر من النساء، لاسيما في الانتخابات الأخيرة في الكويت.. نشكر الرجال على ذلك. |
الأستاذ عبد الحميد الدرهلي: |
الأخت الفاضلة، الأديبة السيدة ليلى العثمان، أهلاً وسهلاً بك في هذا الحضور، بين إخوتك وأخواتك الكرام. سيدتي لم يسعفك الحظ في إكمال دراستك العليا، فاتجهت إلى الكتابة والتأليف، هل لاقت مؤلفاتك رواجاً في الكويت؟ وهل ذاع صيتها وراجت في الخارج بدعم من حكومتك والنادي الأدبي في الكويت؟ هل ترجمت مؤلفاتك إلى لغات إفرنجية حية بدعم من الحكومية الكويتية؟ وهل نستطيع قراءة بعض مؤلفاتك في جدة قريباً؟ وشكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً على سؤالك.. نعم لاقت مؤلفاتي رواجاً في الكويت، بلا غرور بلا غرور بلا غرور.. رواياتي هي الأكثر مبيعاً كل سنة في معرض الكتاب، الحمد لله، قرائي من الكبار والرجال والنساء، وحتى الشباب، ما يعني أن هناك لهفة عند القراء كي أصدر كتاباً كل سنة، وهذا يصعب على الكاتب تحقيقه، لكني الحمد لله أتمتع بالحيوية، وأستطيع أن أنتج بكثرة. كتاباتي رائجة جداً، ويحبونها، وأنا محبوبة جداً في الكويت، أي أنني من الكاتبات المحبوبات المتابعات، وقد ترجمت أعمالي إلى أكثر من إحدى عشرة لغة: اليوغسلافية، الصربية، الكرواتية، الألبانية، الفرنسية، الصينية، كتابان إلى الألمانية، بعض القصص إلى اليابانية، وبعضها إلى الإنجليزية. لجهة الدعم الرسمي، فالحمد لله، الدولة تشجع الكاتب الكويتي عند كل كتاب يصدره، إذ تشتري وزارة الإعلام كمية منه، لتهديها للزوار، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يشجع ويشتري بعض الكتب، ويمنح أيضاً جائزة تقديرية، وجائزة تشجيعية للكاتب الكويتي.. فالدولة لا تقف أمامنا، وكتبي التي منعت لم تمنعها الدولة، الدولة أعطتني عليها جوائز، وأعطتني عليها مالاً. (ألف دينار أتقاضاها عن كل كتاب)، إنما هي مُنعت من جهات أخرى.. شكراً. |
الأخت الأستاذة ربى عبد العالي من جريدة المدينة: |
أحب أن أسأل الكاتبة عن تجربة مهاجمة بعض المتشددين لكتاباتها في الكويت، هل تخطيت هذه التجربة؟ وهل دفعتك للتحفز في الكتابة مستقبلاً سعياً لإرضاء أذواق جميع القراء في الوطن العربي؟ وشكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: أنا سأحترم الطلب من الشيخ عبد المقصود.. لم أتأثر بشيء، بالعكس، لقد شكرت من أقاموا علي الدعوة، وأهديتهم الكتاب بالأسماء. حينما تقرؤون "المحاكمة"، ستعرفون أن الكاتب إذا ما ضغط عليه أي شيء، فإنه يكتب، وأنا أعتبر "المحاكمة" من أجمل كتبي، إذ كتبت فيه القضية بأكملها، وكيف خرجت منها، وأنا صلبة أكثر، ومحبة لكتاباتي أكثر، والحمد لله لم يكسرني شيء. |
الأستاذ علي السبيعي من جريدة شمس: |
مساء الخير جميعاً، الأستاذة ليلى جئنا في هذا المساء ونحن نتحفز إلى الكاتبة التي تعودناها صدامية في رأيها، ولعل نصف من لم يأت لم يفعلوا ذلك لأجل هذا السبب، وأكثر الذين قدموا إنما قدموا لهذا السبب. الأستاذة ليلى لقد ذكرت بأننا ما زلنا نعيش مرحلة دونية مع إخواننا العرب الذين ينظرون إلينا بأننا نفط فقط، مطابعنا تقذف في كل يوم ما بين رواية وكتاب وقصة وخلاف ذلك من أجناس أدبية، هل هي عدل بلا تأثير؟ كم بلا كيف؟ هل العملية قابعة في التفعيل؟ أم أن الاثنين يغردان بالفعل خارج السرب؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لك، وأؤكد لك أيضاً على أنني ألتزم وأحترم الداعين لهذا المحتفى، ولا أستطيع أن أدخل في الشغب والجرأة لأنني لا أرى مبرراً لذلك الآن، خصوصاً وأن الأسئلة كلها معقولة. الكم في دول الخليج كبير جداً، وهنالك كثير من الإصدارات، فيها الكيف قليل لكنه كثير أيضاً مقارنة بما تصدره الدول العربية الأخرى. عندنا في الكويت، يصدر شهرياً أربعة أو خمسة كتب لكتاب وشعراء وكاتبات، وعندنا الآن كاتبات متميزات، كـ (بثينة) العيسى، وباسمة العنزي، وإستبرق أحمد.. وأحب أن أنوه هنا بما لم أذكره في السيرة الذاتية، وهو أني خصصت جائزة لكتابات الشباب، وكل سنتين أقدمها لكاتبة أو كاتب، فنالتها في المرة الأولى إستبرق أحمد عن مجموعتها القصصية "أزمة الطوق"، ثم نالتها ميساء العثمان عن روايتها "خلود..." ثم نالها في العام الفائت يوسف خليفة عن كتابه -لم أعد أذكر عنوانه الآن.. فأنا أهتم بأدب الشباب كثيراً، وأتابعه، وإنني دائماً في حالة تعب مع الشباب، إذ يقدمون لي كتاباتهم قبل النشر، وبعضهم يريد فقط تصحيح المادة من الناحية اللغوية، وأنا أعطي الكثير من وقتي لهؤلاء الشباب، لأنني أريد أن يكون هناك جيل آخر يحمل الشعلة، ويتصدى لقضايا وطنه، ولقضايا أمته من خلال الكتاب. |
الأستاذة صباح الدباغ من إذاعة جدة السلام عليكم. الأستاذة ليلى مرحباً بك في جدة، وسؤالي: |
ما رأيك في الكاتبة السعودية رجاء عالم، خصوصاً وأن لها أسلوباً واتجاهاً مختلفاً في الكتابة الأدبية؟ شكراً لك.
|
الأستاذة ليلى العثمان: بصراحة مطلقة لا يوجد ذلك الود بيني وبين كتابات رجاء، فكتابات رجاء تنحو كثيراً إلى الحداثة، لكن هنالك كتاباً جميلاً قرأته لها، اسمه "الخاتم"، وهذا تحديداً أحببته. أما من ناحية المسرح فأنا لا أقرأ المسرحيات، كنت سابقاً أحب المسرح، وكنت أمثل على خشبة المسرح في المدرسة، وكنت ممثلة مسرح من الدرجة الأولى، لكني لا أهوى قراءة مسرحيات الآن، بعد أن تعرضت عيناي إلى مشاكل اضطرتني لاستعمال المكبر، فقراءاتي الآن قلّت، لأنني أخشى على عينيّ من السكر، وأخشى على الشبكية، لذا أحاول أن أقرأ ما أستطيع قراءته، وهو المهم قدر الإمكان.. غير أنني أحب الكتابة السعودية، فالبنات لديهن شيء ما، بدأن يكتبن بخجل شديد وتوارٍ وخوف من المجتمع في البدايات، أما الآن ومرة واحدة، مثل ما يقولون: "أول ما شطح نطح"، هنالك جرأة كبيرة في الكتابة، وهذا لا يعني أن ليس هناك كاتبات ممتازات، مثل أميمه، مثل بدرية، مثل ليلى الجهني التي أحبها كثيراً.. منهن صديقاتي على الرغم من أنني لم ألتق بواحدة من هؤلاء الكاتبات، لا بأميمة ولا بليلى الجهني، أما بدرية فهي فقط التي التقيتها، بمعنى آخر نحن صديقات عبر الهاتف، وعبر الرسائل فقط. شكراً. |
معالي الدكتور مدني عبد القادر علاقي: |
سؤالي عن الرواية الكويتية، والرواية العربية؛ ما هي أوجه التقاطع والتقابل؟ وهل للانفتاح السياسي والثقافي في الكويت تأثير على صياغة مختلفة للرواية الكويتية؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً. الوطن العربي واحد، ومشاكل الوطن العربي واحدة، لذلك تأتي المعالجات واحدة تقريباً، مع فروق بسيطة. فلو تناولنا وضع المرأة في الكويت، في السعودية، في مصر، في لبنان، وفي المغرب، فإن وضع المرأة واحد في كل مكان، إنما تتفاوت نسبة الحرية. ففي لبنان أو في مصر قد يكون وضع المرأة أفضل لأنها بدأت في وقت مبكر، لكني أرى الآن في الخليج روايات تعالج الواقع السياسي، إنما ليس لهذه المرحلة، لأن هذه المرحلة لا زالت تختمر فينا الآن لكي نكتب عنها فيما بعد. وأنا أعتبرها صعبة في الكويت مع الأسف، إذ نعيش أجواء البرلمان ومشاكله، وهناك الكثير من الروايات العربية التي كتبت في السياسة، وكتبت عما تعرضت له أوطاننا، أنا كتبت مثلاً عن فلسطين، ربما أيضاً من طفولتي، وكان والدي قومياً عربياً يحب العرب جداً ويعتبر أن العرب جميعهم إخوة، وكلنا هكذا، وتربيت على أن أحب مختلف الأقطار العربية. من جملة الأدب العربي، يعجبني جداً أن أقرأ للكل، والحمد لله لا يوجد كاتب عربي معروف. أو حتى غير معروف، إلا وقرأت له، وأفتخر بهذا. |
الأخت عطية محمد، معلمة لغة عربية: |
سعادة الكاتبة المحترمة، كتاب "أيام في اليمن"، يصنف في أدب الرحلات، ما الذي تحرصين على إبرازه عندما تكتبين عن المدن والبلدان؟ وسؤال آخر بسيط: نرى أن الشباب في وقتنا الحاضر لا يقرؤون إلا قليلاً، برأيك، ما الذي يشد القارئ لقراءة كتاب، أهو الموضوع، أم الأسلوب أم الاثنان معاً؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لك. في الحقيقة لدي رغبة دائمة في الكتابة عن كل بلدٍ أزوره، سواء أحببته أم لم أحبه. لقد أصبح لدي كم من الكتب الآن، وأنا في طور تجهيز كتاب عن الأسفار. لقد خصصت اليمن بكتاب واحد، لأني أعشقها جداً، وخصصت لبنان كذلك بكتاب، لأنني دخلت لبنان سنة 1950م ولا أزال حتى هذه السنة أزوره، حيث لنا علاقات كبيرة فيه، وحتى في مرحلة الحرب لم أتركه، بل كنت أدخله بحراسة عن طريق سوريا حتى أرى أمي الثانية لبنان، وأحس بجراحه أكثر؛ فحبي للسفر، وحبي للكتابة عن البلدان كبير جداً، ستقرؤونه في كتابي الجديد لقد عشقت صنعاء بالفعل، وفي ديوان "وردة الليل" قصائد كثيرة لصنعاء، الشباب لا يقرأ هذه مصيبتنا اليوم، وهذه مشكلتنا، وهذا ما نعاني منه، ربما بعض البنات يقرأن أكثر من الشباب لأنهن في البيت، إن التكنولوجيا في الحقيقة قد أفسدت القراءة، فنحن طوال النهار نجلس أمام الكمبيوتر، ونفتح الإنترنت لنقرأ سخافات أحياناً، لكن هنالك من الشباب من لا يزال الكتاب بالنسبة إليهم هو الأساس، ولذلك نحن نكتب، لأننا إلى الآن نجد قارئاً، والكتاب يظل أفضل من أن تشاهد التلفاز، لأن الكتاب تشعر بحنان معه، تضمه إلى صدرك، ترتاح إذا ما تعبت، وإذا ما بكيت دموعك تتساقط فيه.. فهناك علاقة بين القارئ والكاتب لا يعوضها الكمبيوتر.. ودعني أقول بصراحة: إن أنظمة التعليم عندنا تلقن ولا تعلم ولا تثقف، لأن وزارات التربية في كل الوطن العربي مع الأسف لم يعد همها تثقيف القارئ كما كان عليه الأمر في أيامنا. أنا عشت الزمن الجميل في الكويت، حيث كانت هناك حصة أسبوعية للمكتبة، وحيث كانت المدرسة تناقشنا في الأسبوع القادم.. هذا ما جعل موهبتنا تكبر وتتطور.. اليوم لا توجد حصة مكتبة ولا يحزنون، ولا توجد مكتبة في المدارس من الأساس. |
الأستاذ محمد مصلي من مجلة "شبابنا غير فيهم خير": |
(الأستاذة ليلى العثمان: هذه أول مرة أسمع بمجلة كهذه). السلام عليكم، هل زادت الحاجة الآن في هذا العصر لأن يشارك الكاتب أو الروائي مجتمعه من خلال معالجة قضايا اجتماعية معاصرة أو حتى التطرق إليها من خلال روايته أو كتابته؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل هناك حدود أو سقف معين لنوعية القضايا والمواضيع؟ وما دور أو موقع الفلسفة في الرواية العربية؟
|
الأستاذة ليلى العثمان: أعتقد بأنني قد أجبت على شق من السؤال؛ أنّ أي كاتب لا بد أن يتعرض لوضع مجتمعه، لوضع بلده السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. الكاتب يكتب عن مجتمعه في محاولة للتغيير، لكن الكاتب لا يستطيع أن يغير، ولا يوجد كاتب عربي فعل ذلك، فنحن لسنا في أوروبا، حيث كان إلوار شفريه يقيم الثورة، فيما ناظم حكمت كانت تهرب قصائده. عند العرب، الأدب لا يغير، إنما يمكن أن يحرض على أشياء أفضل، ولا يوجد كاتب في رأيي لم يكتب عن قضايا وطنه في كل ما مر به. بالنسبة للسؤال الثاني أرى أن الفلسفة ضرورية، ضرورية جداً، أنا لم أدرس الفلسفة، لكني أقرأ الفلسفة، وأقرأ لفلاسفة أحبهم: من الهند، من أمريكا، من بلاد العرب، لأن الفلسفة تعطيك مدى واسعاً فيتحرر عقلك من بعض الضغوط. على أن أشياء كثيرة لا أوافق عليها عندما أقرأ لبعض الناس، إلا أنني أعجب بما يكتب عن التصوف في الفلسفة. |
الأستاذة نازك الإمام: قمت بتخصيص جائزة أدبية تحت مسمى "جائزة ليلى العثمان في الإبداع للشباب في القصة والرواية"، حيث تقدم هذه الجائزة للمبدعين من الشباب الجدد من الجنسين في الكويت، هل كانت لمدة عامين أو هي لكل عامين، وما الهدف من تخصيص هذه الجائزة الأستاذة ليلى؟ |
الأستاذة ليلى العثمان: أعتقد بأنني أجبت عن هذا السؤال، وقلت إن الأساس والدافع هو تشجيع الشباب على الكتابة الجادة، سواء بالقصة أو الرواية. وقد عتب عليّ الشعراء الشباب لأنني لما أخصص لهم جائزة، فقلت لهم: كل الجوائز متخصصة بالشعر: شاعر المليون، وأمير الشعراء، والبابطين وكذلك سعاد صباح، أما أنا فقد أحببت أن أشجع الشباب في مجالي أنا: مجال القصة والرواية. |
الأخ عبد الرزاق الزهراني محرر بجريدة الرياض: |
الكاتبة القديرة ليلى العثمان، يقال إن هناك دائماً سراً لنجاح كل كاتب أو أديب، يتمثل في تشجيع من أحد الأدباء والكتاب في ذلك العصر، أو من وسائل الإعلام، ما هو سر نجاح الكاتبة ليلى العثمان؟ وهل أنصفك الإعلام أم لا؟ وشكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً. طبعاً بالتأكيد، فإذا ما ولد الإنسان موهوباً ولم يجد من يشجع هذه الموهبة، طبعاً ينتهي.. أنا بدأت أرسم، كنت أرسم على الحائط بالفحم، وطبعاً كسر لي والدي يدي وقال لي لا ترسمي، ثم أحببت الموسيقى وفي المدرسة درست الموسيقى، فقال لي والدي: إما عود، أو لا موسيقى. وطبعاً عاندته، ولم أدرس العود ولا الموسيقى، كذلك الأمر بالنسبة للتمثيل، فلدي هوايات كثيرة، منها أيضاً الخياطة والتطريز، حيث لا أزال حتى اليوم ألبس من صنع يدي، وألبس أولادي من خياطة يدي. إن كل موهبة تحتاج إلى تشجيع، والبداية حقيقة كانت من الوالد، إذ لم يكن يكلمنا في البيت إلا باللغة العربية الفصحى، وكان يحثنا على القراءة، ويسألنا فيمَ نقرأ، ويحضر لنا الكتب والمجلات الأدبية وأنا بعد طفلة صغيرة، "كالجيل" و "الآداب" و "الأديب" والمجلات الأخرى المعروفة، بما فيها مجلات الأطفال، فكان لذلك دور كبير في تشجيعي على القراءة، وعلى فهم اللغة العربية. الجهة الثانية التي شجعتني كانت المدرسة، التي طوّرت موهبتي، فصرت أكتب، وصرت أمثل، وأكتب المسرحيات حتى وأمثلها أنا وزميلاتي، وأكتب صحيفة الحائط التي كنت أحررها كلها. إلى جانب والدي والمدرسة هناك أشخاص آخرون شجعوني؛ فأنا مثلاً عندما كنت أكتب في بيت والدي، من حين بدأت أعي إلى سنة 1965م، كان والدي يرفض أن أنشر في الصحف على اعتبار أن البنات يجب ألا يظهر اسمهن.. فوالدي كان شديد التعصب لجهة أن يظهر اسم بناته في الجرائد. وعندما توفي والدي سنة 1965م كنت قد تزوجت، فشجعني زوجي وهو طبيب أمراض نساء وولادة على الرغم من أن لا علاقة له بها، لكنه اكتشف موهبتي الخاصة بالشعر، وشجعني جداً على النشر، وبدأت أنشر منذ ذلك التاريخ. وبعد أن توفي تزوجت بآخر، ناقد وأديب شجعني هو الآخر على الكتابة.. أما المشجع الأهم بالنسبة لي فهو القارئ، فالقارئ إذا ما كلمني وناقشني فإني أعتبره أهم من أكبر النقاد في الوسط الأدبي. يهمني جداً أن يقرأ لي قرائي ويشجعونني باهتمامهم وبحثهم عني وانتظارهم لأعمالي الجديدة، هذا طبعاً نوع من التشجيع، فالموهبة تحتاج إلى صقل، وإلى تشجيع، والحمد لله صقلت الموهبة في مكتبة والدي رحمه الله. |
الأستاذة نازك الإمام: ازدهر الأدب النسائي الكويتي في السبعينات والثمانينيات بأسماء كبيرة معروفة، ولاحظنا في السنوات الأخيرة تراجعاً كبيراً في ظهور عدد من الكاتبات الكويتيات، فما السبب في ذلك؟ شكراً لكم.
|
الأستاذة ليلى العثمان: أنا أستغرب هذا السؤال، لأن الواقع عكس ذلك! الآن النساء الكاتبات أكثر من الرجال، وكل سنة تصدر النساء كماً من الكتابات، تتفاوت طبعاً في الكيف، فيما الرجال مقلون، فالدكتور سليمان الشطي أصدر مؤخراً رواية جميلة جداً، اسمها "صمت يتبدد"، كان لي شرف أن أقرأها مخطوطة، وأكتب كلمة على الغلاف الخلفي. كما صدر لسليمان الخليفي رواية واحدة، وهو الآن يعمل على الثانية، روايته الأولى اسمها "عزيزة" تحكي عن أجواء الغزو.. إن النساء يصدرن كل سنة كتاباً، وعندنا كاتبات كثيرات، إذاً فالمعلومة عن تراجع نشاط النساء مغلوطة، لأن نشاط المرأة أكثر من نشاط الرجل، حتى الشاعرات عندنا -مثل نجمة إدريس، وجنة القريني، وأخريات- عددهم أكبر من عدد الشعراء الرجال، الذين قل إنتاج الكبار منهم، وبعضهم توفاه الله، مثل خالد سعود الزيد وعبد الله العتيبي رحمهما الله. إن جيلنا اليوم يهتم بالشعر، لكنه مع الأسف يكتب الشعر الحديث الذي لا يقوم على أسس متينة؛ فهو لا يكتب العمودي، ويعتبر العمودي هذا شيئاً قديماً. لقد كتبت العمودي وعندي الكثير من القصائد، وكتبت الحديث، وخفت أن أنشر العمودي ولم أنشره، لأن هذا الزمن يحتاج إلى هكذا شعر، وأسميته "وردة الليل". |
الأستاذ بلال عبد الهادي: |
السلام عليكم، أهلاً وسهلاً بالأستاذة، والحمد لله على سلامتكم. لقد قرأت مؤخراً للروائية أحلام مستغانمي من الجزائر، وقد ذكرت إحدى المجلات أن هناك مشروعاً لتحويل إحدى رواياتها وهي "ذاكرة الجسد" إلى فيلم أو إلى مسلسل، والله أعلم. سؤالي للسيدة ليلى، ما هو رأي حضرتك في تحويل الرواية إلى فيلم أو مسلسل؟ وهل هذا الأمر يخدم الرواية بشكل أو بآخر؟ ما هو رأيك بأحلام مستغانمي ككاتبة؟ شكراً.
|
الأستاذة ليلى العثمان: شكراً لك. أحلام صديقة عمر أعرفها منذ خمس وعشرين سنة، أي منذ أن بدأت تكتب الشعر، وقبل أن تنشره.. هي صديقة أعتز بها وأحبها وأحب كتابتها من دون شك، ولقد مرت بظرف نفسي سيىء، لاسيما بعد أن صرح سعدي يوسف بأنه هو الذي كتب لها "ذاكرة الجسد"، فكنت من النساء اللواتي بقين خلفها حتى تعود إلى الكتابة، فأصدرت هذا العام كتاباً اسمه "ضوت كوم أحلام" أو النسيان، لم يعجبني كثيراً، لأني أحب أن أقرأ لها رواية مع تحويل الأعمال الأدبية إلى مسلسلات وأفلام، حيث إن 85٪ من شعوبنا العربية لم يعرفوا نجيب محفوظ مثلاً، إلا عندما صارت أعماله مسلسلات وأفلام. إن الرواية إذا ما حولت إلى فيلم قد تخسر بعض ميزاتها، أو أحياناً بالعكس؛ تكون الرواية سخيفة جداً، فيأتي مخرج عظيم ويجعل منها عملاً عظيماً، وأحياناً أخرى -كما أشرت- تكون الرواية عظيمة جداً، فيأتي مخرج ويخسف بها الأرض ويشوهها. أنا أذكر عندما أخرج لـ "حنا مينا" فيلم "بقايا صور"، وكان حاضراً الافتتاح، وسألوه: هل أعجبك الفيلم؟ فقال: الفيلم أعجبني، لكن أين حنا مينا؟ فأحياناً يغير المخرجون أشياء عدة.. لقد حُوِّلت روايتي "وسمية تخرج إلى البحر" إلى مسلسل إذاعي في إذاعة الأردن، وحُوّلت إلى سهرة لمدة ساعة في تلفزيون الكويت، وشاركت في مهرجان الإذاعة والتلفزيون في القاهرة، وحصلت على الجائزة، وكثير من الكتابات قد تحولت في مؤسسة الخليج لإنتاج البرامج المشتركة، التي أخذت على عاتقها مبادرة جداً جداً رائعة لكل كتّاب الخليج؛ إذ حولت لكل كاتب ثلاث أو أربع قصص -حسب أهميتها- إلى سهرات، في كل ليلة سهرة، فاشتهر من خلالها الأدباء، وعُرِفَت الروايات.. إلا أن المشروع قد توقف مع الأسف، والمؤسسة الآن لا تنتج شيئاً.. تلك المؤسسة التي أنتجت "افتح يا سمسم"، الذي عَلّم أغلب الأجانب اللغة العربية.. مع الأسف نحن دائماً نبدد الأشياء الثمينة في حياتنا الثقافية. أتمنى أن يعود هذا المشروع. أنا طبعاً مع تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام، إنما، بالنسبة إلى أحلام، فقد كان من المفترض أن يمثل نور الشريف دور البطولة في المسلسل، إلاّ أن ذلك لم يحدث، وانتهى الموضوع الآن. |
الدكتور جميل مغربي: أود أن أضيف أن أحلام لها "فوضى الحواس" و "عابر سبيل". |
- الأستاذة ليلى العثمان: هي ثلاث روايات هي. -أود أن أذكر أيضاً أنه حتى نجيب محفوظ جذوة التيار الواقعي.. |
- الدكتور جميل مغربي: كاتب وسيناريست أيضاً. -وكان كاتب سيناريو، لكنه كان في بعض الحالات يستاء، لأنه وجد صورة مغايرة لإبداعه في الفيلم. أرى من العسير أن أطلب من روائية أن تختزل الإجابة في ومضة أو في برقية، أود أن نتيح الفرصة أيضاً لجمهرة من الآراء، ونحن في موسم الامتحانات، فأتمنى أن تجيبهم السيدة ليلى بشيء من التفصيل.. |
- الأستاذة ليلى العثمان: أنا آسفة، بالفعل يقولون إن النساء ثرثارات، وإذا ما تجد أحداً لكي تتكلم معه، تشرع بالغناء، إلا أنني اكتشفت لاحقاً أن الرجل أكثر كلاماً من المرأة (مازحة). |
الأستاذ سعيد الغامدي، نحييك في جدة، وسؤالي هو: |
يرجع إلى البدايات: نحن لدينا مشكلة في تعويد الجيل الصاعد أو الأطفال على القراءة، وسبق أن تعرضت لهذا الموضوع، في الغرب بالرغم من وجود الكمبيوتر، وبالرغم من الإنترنت وهم الذين اخترعوه، إلا أن الأطفال لا زالوا مشدودين إلى الكتاب، وأذكر قصة هاري بوتر التي يقف الأطفال وأهاليهم في صفوف طويلة أمام المكتبة حتى تفتح في الصباح ويحظوا بأول نسخة. فهل نتوقع أن تقوم عندنا كاتبة أو روائية من أمثال أفضالك، بكتابة قصة مثل قصة هاري بوتر تجذب الأطفال، وتجعلهم مشدودين إلى القراءة، حتى يتعودوا تقويم اللغة، وأيضاً المهارات الأخرى التي تحيط بالقصة وما إلى ذلك؟ شكراً وآسف على الإطالة.
|
الأستاذة ليلى العثمان: يسعدني أن يقرأ لي كتّاب عرب، وأن يقرأ هؤلاء الكتّاب عن مجتمعاتهم، وعن مشاكل مجتمعاتهم، ثم إني عندما شاهدت أول فيلم، لم أحب أن أكمله، ولم يعجبني، فأنا لا أستطيع أن أكتب هذا النوع. لقد طلب مني كثيرون أن أكتب مسلسلاً للتلفزيون، ورفضت.. كل إنسان لديه طاقة لشيء معين.. إن السرد هو الأساس في حياتي، ونحن لا نعود أولادنا على القراءة، لأن الولد إذا لم يرَ أباه يقرأ، فكيف سيقرأ هو، إذاً لا يوجد تعويد، إنما البيوت -بيوت الأدباء يمكن أن يجعلوا أولادهم قراءاً.. أنا والحمد لله أولادي كلهم لا يتركون الكتاب مطلقاً، حتى في العيادات، حتى في القطارات، وذلك لأنهم تعودوا أن يروني أقرأ باستمرار أنا ووالدهم. |
الأستاذ يوسف العارف: |
السلام عليكم، لقد أعجبتني إجابتك حول الكاتبة السعودية أو الكاتبات السعوديات وإسرافهن في مقاربة الجنس في رواياتهن، لكن ألا ترين أن قضية توظيف التابو أو الأشياء الممنوعة، هو من أجل التشويق والتسويق لكتاباتهن، وبعيد عن الفنية، وهدفه أن تكون كتبهن أكثر مبيعاً؟ شكراً لك.
|
الأستاذة ليلى العثمان: هذه هي المشكلة الآن، ومع الأسف فإن دور النشر تشجع هكذا نوع من الكتابات لكي تكسب، فعندما تطبع ليلى الجهني رواية مثلاً، "جاهلية"، أو "الفردوس اليباب" ولا تحظى بقراء، ولا تطبع مثلاً طبعتين أو ثلاث طبعات، فيما رواية إحدى كاتبات اليوم تطبع ست عشرة مرة، لماذا؟ لأن الناس تريد أن تقرأ هذا النوع، مع الأسف الشديد، ودور النشر تشجع هذا المنحى، وتسأل الكاتب ما إذا كانت روايته تحتوي على الجنس، فإن لم تحتوِ ترفضها، وتترك رواية مهمة، فهذه هي اليوم "الموضة"؛ أنا أكتب في الجنس، وأنت تنشهر، مجرد بحث عن الشهرة الفارغة التي لن تترك أي أثر لصاحبها. |
|