شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذة الدكتورة خوله بنت سامي الكريع))
معالي الشيخ عبد المقصود خوجه، الحضور الكرام، إخواني وأخواتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية اسمحوا لي أن أقدم جزيل شكري وعميق امتناني على تكريمكم واستضافتكم، وأخص بالشكر معالي الشيخ عبد المقصود خوجه، الذي عرف عنه عدم حبه للمديح والشكر.
في الحقيقة هو يقول في الأوراق التي يرسلها لمن يريد تكريمهم، بأن لا يمدحه أحد ولا يمدح الاثنينية، لكن هناك كلمة أحب أن أذكرها للإنصاف، فالتاريخ يسطر فيه الخالدون: إن معالي الشيخ عبد المقصود خوجه هو من رواد العصر البارزين ومن المواطنين الصادقين بشهادة الجميع، وما اثنينيته إلا دليل على ذلك، فالاثنينية ليست فقط منتدى فكري، وإنما هي طرح وطني شيّده لنشر الثقافة والعلم في هذا الوطن وللاحتفاء برموز الفكر العربي في المملكة وخارج المملكة، ومن دون شك يُحسب لمعاليه السبق والريادة في إدخال العنصر النسائي في تكريم وفعاليات الاثنينية وهذا أمر غير مسبوق بعد، وذلك من خلال تكريمه للعناصر النسائية اللائي ساهمن في خدمة الوطن، فشكراً لمعاليكم، وبوركت اثنينيتكم، وشكراً لكلماتكم التي تشرفت بسماعها من الحضور. من محاسن الصدف -وأقول الصدف- أن يتزامن احتفاؤكم بي ووجودي معكم من خلال الاثنينية، مع تكريم ولاة الأمر لي ولجهودي البحثية، وتقليد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وسلمه، لي وسام المغفور له الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى. لعل حصولي على هذا الوسام له مدلولات، أود أن أشرككم فيها: أولها أن حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أطال الله عمره، تؤمن بأهمية العلم، وترعى العلماء، وتدرك وتعي أن العلم الآن في عصرنا هذا هو أساس التفاضل والسيادة والريادة بين الدول والشعوب. والدلالة الثانية التي تهمني أنا كامرأة أن المرأة السعودية قد استطاعت أن تخرج من الأسوار المحكمة التي أحيطت بها لعقود طويلة، واستطاعت أن تثبت دورها الفعال، وكفاءتها العالية في المساهمة في المسيرة... وليس هذا فحسب، بل إن ولي الأمر يثمن ويبارك هذه المشاركة، وما تسليمي الوسام إلا خير رد على من لا يعتقد ذلك. الدلالة الأخرى أن والد الجميع الملك عبد الله بن عبد العزيز ينظر بعين عدالة ومساواة للجميع من أبناء الوطن من ذكور وإناث؛ فمقياس المفاضلة لديه الآن ليس الجنس لأن هذا ذكر أو أنثى، وليس لأن هذا من منطقة معينة، وإنما مقياس التفاضل لديه هو العمل المخلص، والعطاء المستمر لأجل خدمة هذا الوطن. بصراحة، لا أخفيكم أنني تفاجأت كثيراً بكمية خطابات التهنئة التي وردتني من أصحاب سمو وأمراء مناطق، ومسؤولين وكتاب وأدباء وحتى من رجال دين، وكأن حال الشعب السعودي ذا التفكير الوسطي المعتدل يقول للمرأة حان وقتك وهذا عصرك، وأصبح يبارك دخول المرأة إلى ميدان العمل، ويبارك مشاركة المرأة له في تحمل المسؤولية ويثمن طموحها ومساهمتها في مسيرة البناء لهذا الوطن. بعيداً عن الوسام، إن العديد من الناس عندما ينظرون إلى مسيرة شخص يعتبرونه ناجحاً -وأتمنى أن أعتبر من هؤلاء الأشخاص- خصوصاً إذا ما كان الشخص امرأة، يُخيّل إليهم أن مسيرة ذلك الشخص لا بد أن تكون مسيرة مثالية كما تحب أن تصدرها خيالات الكتاب، فجميع عوامل النجاح لا بد أن تتوفر في مسيرة ذلك الإنسان ودعوني أخص بالذات المرأة.. أتكلم كامرأة، أنا لا أحب هذه الصورة الوردية التي حاول العديد اختزال قصة نجاح الإنسان فيها، فهذا من شأنه إدخال اليأس لمن لا تحيط به هذه العوامل المثالية وقتل طموح من لا يملك في هذه الدنيا سوى نبوغه، وأنا بطبيعتي أحب الأمل وأعشق التفاؤل، وأتطلع دائماً بطموحي، لذا تجدني دائماً في لقاءاتي الإعلامية -سواء المرئي منها أو المقروء- لا أحب أن أُسأل من ساندك أو من دعمك؟ للأسف لأن هذا السؤال، لا تسمعه يوجَّه أبداً إلى رجل ناجح، إنما تجده يوجَّه بشكل متكرر شبه إجباري (أو كليشيه) في أي لقاء مع أي امرأة سعودية ناجحة. ترجمتي أنا الشخصية لهذا السؤال أن نبوغ الرجل، وعلمه وعمله ومثابرته كفيلة وحدها بوصوله إلى قمة النجاح، أما المرأة بنظر الذين يسألون هذا السؤال، هي ذلك المخلوق الضعيف الذي لا يستطيع أن يسير على الدرب بدون أن يتكئ على أحد ليسانده، وهذا الأحد لا بد أن يكون رجلاً، وكأن نبوغ المرأة وجهدها وعملها أمور غير كافية لوصولها ونجاحها إن لم تتم مباركة الرجل لها، وهذه صورة نمطية مغلوطة عن المرأة، يجب على المفكرين والكتاب ألا يقعوا بمصيدتها فيقضون على نبوغ الكثير من النساء اللاتي لم يحالفهن الحظ بمباركة العنصر الذكوري.. وأتمنى أن لا يفهم ما ذكرته على أنه تعالٍ أو نكران لدور الأسرة في حياتي، فهذا أخي وتاج رأسي بجانبي، فكل الفضل والعرفان لأسرتي، ولوالدتي الحبيبة التي شرفتني وكرمتني بحضورها اليوم، فمنها تعلمت العطاء، ومنها تعلمت نكران الذات، ومنها تعلمت أن لذة السعادة الحقيقية تكون من خلال إدخال السعادة إلى قلوب الآخرين.. فشكراً لكل فرد في أسرتي الغالية، وشكراً لأبنائي. إني أشبّه الأسرة الداعمة أثناء السير في طريق النجاح، كالسحابة الممطرة، التي تخفف من لهيب وقسوة طريق الكفاح، لكن المحرك الحقيقي الذي يمكننا من السير في هذا الطريق الوعر هو أولاً الإيمان بالله، ثانياً إخلاص النية لله، ثالثاً أن يؤصل الإنسان ما أعطاه الله من نبوغ وذكاء بالعلم المتواصل والاجتهاد، فمن وجدت لديه هذه الخلطة السحرية سينجح في الوصول، حتى وإن لم تخيم عليه تلك السحابة الممطرة. اسمحوا لي يا أعزاء أن أبيحكم سراً وأنا محاطة بهذه الهالة الرائعة من المفكرين والمثقفين والكتاب: إنني قبل أن أصبح طبيبة كان حلم حياتي أن أكون أديبة، فقد كانت القراءة متعتي، وفي الكتابة قمة سعادتي، وكنت أؤمن أن القلم يستطيع أن يحلق بحدود الفكر وأجنحة الروح إلى فضاء واسع بلا حدود.. لكن قدر الله أن أكون منذ صغري متفوقة في المواد العلمية، فانصرفت عن قراءة كتب الأدب، واتجهت إلى قراءة كل ما هو علمي بحت، فقد كنت آنذاك مشبعة إلى الأعماق بالنظرة المغلوطة السائدة التي تقول بأن العلم والأدب لا يجتمعان، لذا فضلت أن أحمل لقب "الدافورة"، وهي في لهجتنا العامية تنطبق على الطالب أو الطالبة المنكب تماماً على كتبه للحصول على أعلى تقدير في المدرسة بدلاً من الانصراف إلى الكتب والأدب. كان لي ما أردت وحصلت على أعلى نسبة الحمد لله في الثانوية، والتحقت بكلية الطب في جامعة الملك سعود، ومن هنا بدأ المشوار، لن أدخلكم في أغوار ودهاليز الحياة في كلية الطب لكن دعوني أختصر وأقول إن المشوار بدأ منذ دخولي كلية الطب، مروراً بالسنة التدريبية وسنة الامتياز، حتى وصولي إلى عمل الزمالة، وحصولي على البورد الأمريكي من جامعة جورج تاون في واشنطن. ولقد أنجبت أبنائي الأربعة نواف وسارة ومشاعل وسلطان، خلال سنوات دراستي في كلية الطب، واستطعت بعد توفيق الله أن أقوم قدر المستطاع بالموازنة بين أمومتي وبين ساعات دراستي الطويلة، وعملي في أروقة المستشفيات. لا أنكر عليكم أنني كنت أمر بلحظات يختفي فيها بريق الأمل تماماً أمام وعورة الطريق وسهر الليالي.. إلاّ أن الإيمان بالله، والمثابرة والطموح، ما تلبث أن توقد شعلة الأمل مرة أخرى، ولعل مشواري في كلية الطب بالذات، والسنة التدريبية، كان له الأثر الكبير في قراري بالتخصص في أمراض السرطان، فأثناء تدريبي في كلية الطب، وسنة الامتياز، وأثناء اعتنائي بالكثير من المرضى، بمن فيهم مرضى السرطان، اكتشفت أن الطب الإكلينيكي البحت لا يستهويني كثيراً -تخيلوا هذا بعد سبع سنوات- وأن حصر دوري كطبيبة في فحص المرضى وصرف العلاج لهم، ثم الانتظار، أمر لم أجده كافياً.. كنت أشعر دائماً أنه يجب بذل المزيد لهؤلاء المرضى، أكثر من القدرة على تشخيص الحالة وصرف العلاج. كان يحز في نفسي، ويؤلمني أشد الألم ما أشاهده من معاناة مرضى السرطان، فكل ما نستطيع تقديمه لهم كأطباء هو أدوية كيميائية مليئة بالسمية، يتناولونها ويتحملون أضرارها وسميتها حتى من دون أن يعرفوا إذا ما كانت ستعمل وتؤدي للقضاء على هذا المرض والخلايا السرطانية أم لا. لقد كان يثير فضولي العلمي وتساؤلاتي، السؤال التالي: لماذا عندما تكون لدينا مجموعة من مرضى السرطان يصارعون نفس المرض، فنقوم بإعطائهم نفس العلاج الكيميائي نفسه، ونعطيهم الرعاية الطبية نفسها، فمنهم من ينتصر في صراعه ويشفى تماماً، ومنهم من لا يتجاوب أبداً، ومنهم من يتجاوب في البداية، وبعد ذلك يعاوده المرض مرة أخرى. من هنا أعزائي ظهرت رغبتي في التوغل في هذا المرض، والتخصص في جينات السرطان، وكشف أسبابه الجينية الوراثية، لاسيما ونحن نعيش الآن في عصر الخريطة الجينية، والتكنولوجيا المصاحبة لها، والتي سرعت في حل الكثير من الرموز المحيطة بهذا المرض، والحمد لله ظهرت أدوية جديدة تعطي الكثير من الأمل والتفاؤل لمرضى السرطان، نحاول بعد توفيق الله هنا في المملكة أن تكون لنا الريادة في تقديمها لمرضانا، هذه الأدوية هي ما تسمى بالأدوية الموجهة targeted surged التي نستطيع تصميمها بطريقة نقضي بها على الخلية السرطانية من دون التأثير على الخلية السليمة المحيطة بالخلية السرطانية، وبالتالي نتمكن من القضاء على الخلية السرطانية قضاء تاماً بأضرار جانبية قليلة إن لم تكن معدمة. لن أطيل عليكم أكثر لكي نستطيع أن نتبادل الأحاديث والأسئلة التي تودون طرحها، سواء أكانت طبية أو أسئلة تلامس مشواري العلمي، لكن قبل نهاية حديثي اسمحوا لي أن أكرر إخواني وأخواتي، ما وعدتُ به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، إنني بالأصالة عن نفسي ونيابة عن جميع الأطباء والعلماء على أرض هذا الوطن المبارك، سنساهم إن شاء الله في التخفيف من معاناة مرضى السرطان لدينا، وسنعمل جاهدين بما أوتينا من علم وتقنية على إيجاد أفضل الوسائل العلاجية والتي تقوم على أسس علمية مدروسة، وأدعو الله أن يمدنا بالعون والقوة لخدمة الإنسانية، وجعل وطننا الحبيب منبراً للعلم، كما هو منبر للعطاء. شكراً لكم معالي الشيخ، شكراً لكم أعزائي الحضور.
الشيخ عبد المقصود خوجه: سيدتي الدكتورة نشكرك على حديثك الذي أخذنا في رحلة تعليمك وما عانيتِه لتصلي إلى هذا المستوى الذي نعتز به، ونحن كلنا نتطلع إلى اليوم الذي نراك فيه تحملين جائزة نوبل، وليس بينك وبينها طالما عندك الإصرار، وعندك القدرة، وعندك العلم، إلا أن تصلي إليها بإذن الله. أمامي هنا كلمتان للزميل الأستاذ حسين عسكري، مدير عام إذاعة جدة سابقاً، يقول في الكلمة التي أرسلها إلي: هذا تعليق إذاعة جدة على تكريمك من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وقد أهدي يوم السبت 01/02/1431هـ، من إعداد الأستاذ حسين عسكري، فما كتبه طويل، ولذلك أقدمه إليك إن شاء الله في نهاية الجلسة مع بقية الأوراق، وشكراً. الزميلة نازك تتولى من الآن مهمتها الكريمة.
الأستاذة نازك الإمام: أنا سعيدة جداً، إذ يشرفني اليوم أن أكون معكم هنا في هذا المكان، شرف كبير لي أن اخترتموني مكان الأستاذة القديرة دلال عزيز ضياء.. طبعاً نبارك لها جميعاً تعيينها، وهي لظروف صحية اليوم اعتذرت عن الحضور. أيضاً هناك اعتذار من سعادة الدكتور سلطان السديري مدير مركز فيصل للبحوث، اعتذر عن عدم الحضور لظرف طارئ ألم به. سنبدأ بطرح الأسئلة، اليوم سوف نبدأ من قسم الرجال، تفضل هنا، ونرجو من كل سائل أن يعرف بنفسه والرجاء الاقتصار على سؤال واحد فقط لإتاحة أكبر مجال للإجابة على العديد من الأسئلة والمعلومات المهمة من الدكتورة خوله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.