الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

((الحوار مع المحتفى به))

الشيخ عبد المقصود خوجه: الآن سنبدأ الحوار كالمتبع عادة: سؤال عند السادة وسؤال عند السيدات ونتناوب ذلك. أعتقد أننا تكلمنا بشكل ذكوري كافٍ، فلنبدأ بسؤال من عند السيدات.. وبعد ذلك لكم. تفضلي أستاذة نازك اطرحي سؤالاً من عندك.

الأستاذة نازك الإمام: شكراً سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه. اسمحوا لي بداية بهذه الكلمة القصيرة جداً..

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أصحاب السمو الأمراء.. أصحاب المعالي.. أصحاب السعادة.. السادة والسيدات..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

ما أجمل ربوع بلادي وما أروع مدنها وآثارها، مملكتنا الحبيبة غنية بآثارها التاريخية والدينية، شامخة على مر العصور، يولي لها فارسنا جلَّ اهتمامه وعنايته، حرصاً من سموه الكريم على الاهتمام بتاريخ المملكة العربية السعودية ولا عجب في ذلك، فقد جمع سموه بين العلم والفكر والحسّ الجماعي، في إنجازاته، ورؤيته للسياحة والآثار، وسعى بكل الوسائل العلمية والمنهجية للنهوض بها شكلاً ومضموناً.

نحتفي الليلة بفارسنا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، فأهلاً ومرحباً به معنا هنا نيابة عن جميع الزميلات، ونبدأ الأسئلة. هناك سؤال من الدكتورة أفنان الريّس تفضلي.

مرحباً بسمو الأمير، سؤالي: ألا يرى سموكم الكريم بأننا نفتقد إلى الخدمات في الطرق البرية من أوتيلات ومطاعم على مستوى يليق بالسائح؟ شكراً.

الأمير سلطان بن سلمان: نحن كنا نتكلم عن قصص الجهاد منذ قليل، هذه إحدى قصص الجهاد: لقد رفعت الهيئة قضية استراحات الطرق والخدمات التي تليق بالمملكة كدولة وبالمواطن كمواطن لهذه الدولة منذ أكثر من أربع أو خمس سنوات، والبشرى الآن أن هذا الموضوع قد وصل إلى نهايته قبل ثلاثة أو أربعة أيام حسبما أعتقد، ولسوف ترين إن شاء الله الكثير من النتائج ثمرة للتداول الذي حصل في هذا الموضوع، وإننا إذا كنا نتكلم عن العالم الأول، ونحن نتمنى فيما يتعلق بمجالس استراحات الطرق أن نكون في العالم الرابع، لأن وضع استراحات الطرق في المملكة العربية السعودية لا يليق بالمواطنين، لا من ناحية السلامة، لا من ناحية النظافة، لا من ناحية الأمن، ولا من ناحية الخدمات المطلوبة، وهي قضية طال أمدها، وطال التداول فيها، لكني كمسؤول ومن خلال متابعتي للموضوع قبل أيام قليلة فقط أقول لك إنه قد أصبح في مراحله النهائية.

الشيخ عبد المقصود خوجه: السؤال عند الدكتور عبد الحفيظ محمد أمين فليتفضل.

السلام عليكم ورحمة الله، الدكتور عبد الحفيظ محمد أمين. سمو الأمير كان لي شرف تنظيم برامج دولية لمنطقة مهد الذهب وهي إحدى محطات الدراسة لرسوم إنسان ما قبل التاريخ، للأسف قبل ثلاث سنوات تعرضت هذه الصخور لعملية سرقة وتكسير بطريقة بشعة، فقد كان لي العام الماضي برنامج مع معلمي مادة الجيولوجيا في منطقة الرياض التعليمية فوصلنا إلى المنطقة لنجدها لسوء الحظ قد أصبحت مكباً للنفايات لا نستطيع دخوله هناك أيضاً منطقة "كهف زبيدة" التي سوّرتها الهيئة قبل مدة، نجد اليوم هذا السور مكسراً وقد كتب عليه ذكريات وكلمات غير لائقة. أما قصر هارون الرشيد المسوّر أيضاً فقد أصبح مضاربَ للإبل.. في الحقيقة تألمت وكل من معنا متألمون لأن هذا إرث عظيم كان من المفروض بنا المحافظة عليه..

السؤال الذي أريد توجيهه لسموكم: ثقافة المحافظة على هذه الآثار كيف ننميها في الأجيال القادمة؟ شكراً لكم.

الأمير سلطان بن سلمان: أشكرك أولاً لأنك جعلت مهمتي أسهل. في الحقيقة آثارنا الوطنية تتعرض لامتهان كبير جداً بقصد ومن دون قصد، وما قلته مشكوراً الآن يمثل نقطة في بحر مما نعاني منه يومياً، ونشتكي منه. نحن اليوم نستثمر في ثلاثة محاور؛ فسوف نعلن إن شاء الله عن اتفاقيتنا مع وزارة التربية والتعليم قريباً جداً، ثم إن الأمير فيصل حريص جداً على أن يتصرف بسرعة والأخ سعد "باله طويل شوي".. إن شاء الله.. أعطِنا تاريخاً يا سعد يشهده الناس كلهم اليوم.. متى تنتهي؟ -موظف حكومة سابق- إن شاء الله سيعقد لقاء بيني وبين الأمير فيصل هذا الأسبوع ولا أتوقع أن يطول الأمر أكثر من ثلاثين يوماً إن شاء الله، نريد أن نبدأ هذا العام بداية صحيحة ونحن مثلاً لدينا برنامج حقيقة وقد نال جائزة منظمة والأمم المتحدة للسياحة، هو برنامج "بتسم": ألف، باء، تاء، سين، ميم.. وإذا ما حذفنا الألف لأنها إضافة يكون البرنامج باء، تاء، سين، ميم: برنامج تنمية سياحية مدرسية، والآن يطبق في عدد من الدول -لاسيما بعد أن نال الجائزة- كنموذج نحن اخترعناه في المملكة ويقوم على برنامج تدريبي يقضي بإجراء زيارات لطلاب المدارس إلى مواقع أثرية وبيئية، وجعلهم سيّاحاً، وجعل زملائهم يستقبلونهم في عملية تبادل للمعلومات، فقبل أن نأتي بالسائح من الخارج نريد من السائح السعودي أنه يكون سائحاً جديداً، فيعرف واجباته وحقوقه، ويعرف كيف يأتي المواقع ويستفيد منها ويتمتع فيها ويضيف إليها قيمة مضافة.. سياحة مستدامة.. لذلك فإن هذا البرنامج سوف يكون هو رأس الحربة بالنسبة لبرنامج الآثار، وطموحنا أن يغطي برنامج "بتسم" حوالي خمسمئة ألف إلى ستمئة ألف طالب وسوف نبدأ هذه السنة مع الطالبات ونتوقع إن شاء الله أن يتعرض ملايين من الطلبة والطالبات لتجربة من نوع آخر فيما يتعلق باستيعابهم للتراث الوطني، ويكون ذلك ضمن عملية التربية الوطنية أيضاً. هذا الموضوع نحن حريصون عليه كل الحرص.

الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الكاتبة الدكتورة انتصار العقيل تفضلي.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير جميعاً. صاحب السمو بما إني كاتبة شغلي الشاغل الإنسان، فأنا أعلم أن سموكم أقدر الناس على المطالبة بحقوق أبنائنا من ذوي القدرات الخاصة. اليوم لفت انتباهي في جريدة "الحياة" أن النمسا قررت أن تجعل لكل طفل من هذه الفئة مُدرِّسة تصحبه إلى المدرسة وتعتني به، فهل لنا أن نطمح ونطمع يا ترى بمدارس على مستوى عالمي تؤهل وتؤدي الواجب نحو أبنائنا هؤلاء.. بحيث تنتفي الحاجة لدى الأسرة السعودية لأن تبعث ابنها إلى الدول المجاورة مثل مصر أو الأردن؟ ولكم مني جزيل الشكر.

الأمير سلطان بن سلمان: أختي الكاتبة كي لا نظلم الإخوان الآخرين دعي هذا الموضوع واكتبي لي فيه إذا أحببت، وأنا أتفاهم وإياك حوله فيما بعد فذلك أفضل، حتى لا يخرجني عن الحديث في موضوع اليوم الله يسلمك.

الدكتورة انتصار العقيل: جزاك الله خيراً.

الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذ عبد الحميد الدرهلي.

الأمير سلطان بن سلمان: هناك نقطة نسيتها أيضاً: البشرى الأخرى تتعلق بأراضي المواقع التي انتزعت ملكيتها من أصحابها منذ ثلاثين سنة. فلقد صدر عن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أمراً العام الماضي، بدأ تنفيذه هذه السنة، ويقضي بصرف مجموعة من التعويضات بعد إنهاء الوضع المساحي، وذلك بأثر تراكمي، أي أن المواطن الذي نزعت ملكيته قبل ثلاثين سنة سوف يقبض قيمة هذه الملكية مضافاً إليها إيجار المدة الطويلة هذه.

الشيخ عبد المقصود خوجه: يا إخوان رجاء سؤال واحد، ندخل رأساً في الموضوع ويكون موضوعنا عن الآثار ولا شيء آخر. أكون لكم شاكراً. سؤال من أحد الحضور.

سمو الأمير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو لكم عاماً سعيداً بإذن الله. سيدي لقد تمكنت من زيارة مدائن صالح مع عدد كبير من الأجانب، واستعنت بمجلدات عن مدائن صالح من السفارة الفرنسية، حيث جاء قساوسة إلى هذه المنطقة منذ حوالي تسعين سنة وألّفوا كتباً عن مدائن صالح، وأرجو أن تتمكن هيئتك الموقرة من وضع (كتيبات) عن الآثار وما إلى ذلك في مدائن صالح والعلا والمنطقة الشرقية. نريد أن نسمع من سموكم سبب عدم دخول الزوار السيّاح إلى المملكة العربية السعودية؟ هل تأشيرات الدخول هي السبب؟ وهل بإمكان الهيئة وضع كتيبات تشرح الآثار باللغة العربية والأجنبية بهدف تشجيع السيّاح الحضور إلى المملكة كما هو الأمر في الأردن بالنسبة للبتراء وما شابه. وشكراً سموكم.

الأمير سلطان بن سلمان: شكراً لكم "الله يسلمك". بالنسبة للكتب التي يتكلم عنها أنا أود لو أراها أو آخذ نسخة منها، بالتأكيد الدكتور علي قد سمع عنها، موجودة لديكم؟ أولاً نحن في الهيئة مقصرون إعلامياً بشكل عام في منشوراتنا ومطبوعاتنا، ولدينا قصور كبير في عملية نشر الحقيقة، عندنا مجلة "ترحال" والعدد الذي أمامكم هو عدد قديم، كان من المفترض أن يوزع عدد جديد اليوم لكن للأسف لم يوزع. لديك حق فكتبنا المتعلقة بالآثار لم تنتج بعد، نعمل الآن وفق خطة لتطوير المنظور الإعلامي للآثار وإن شاء الله ينطلق هذا العام بعملية الكتب والعملية التوعوية.. لقد انشغلنا أيضاً باستيعاب قطع الآثار وبالموظفين والتجهيزات والمواقع والحماية، وكل البرامج التي سمعت عنها اليوم قد انطلقت في مسارات موحدة، لذلك قد تأخرنا فيها بشكل كبير. بالنسبة للسياح لقد سُئلت مرة ما هي أهم دولة تستهدفونها بالسياحة، تسأل الإمارات، من أهم دولة فتقول لك والله السعودية قريبة و "ناس تصرف وكذا"، البحرين: تقول لك السعودية، ماليزيا يقول لك فلان الصين، سنغافورة.. أنا أقول اليوم أهم سائح نستهدفه ليأتي إلى المملكة العربية السعودية هو السائح السعودي، الذي يذهب بالملايين اليوم إلى خارج بلاده، وهو الأولى، لأنه من الناحية الأدبية هو المواطن الذي يجب أن يكون خياره الأول سياحته في بلده. عيب علينا اليوم ألاّ يكون خيار المواطن الأول السياحة في بلده لسبب كضعف الخدمات، أو عدم وجود الواجهات السياحية المنظمة، والمواقع، وترتيب الفعاليات، إلى آخره. الحمد لله كل هذه الأمور الآن بدأت تنطلق وتنتشر بقدر الإمكان؛ الفنادق نعيد تصنيفها الآن بالكامل، عملية نفض كاملة للفنادق والشقق المفروشة حتى يستطيع المواطن أن يحظى بخدمة جيدة مقابل السعر. وجدنا مثلاً في تصنيف الفنادق أن عشرات الفنادق المصنفة على أساس درجة أولى لم تصنف من هيئة السياحة، يعني أننا لم نصنفها رسمياً، لأنها لا تقبل التصنيف، إن لناحية نظافتها أو لناحية خدماتها.. نحن الآن نعمل عليها. لذلك تركيزنا اليوم على السائح السعودي لأنه مواطن. ثانياً: هو قوة اقتصادية مهدرة هذا إحصائية العام الماضي أربعة ونصف مليون، بل لأن المواطن السعودي اليوم هو من أفضل خمس جنسيات تصرف أموالها في مجال السياحة، فنحن نسعى لنجد الشخص المريح بالنسبة إلينا خصوصاً من الناحية الأمنية، ونريده أن يعرف بلاده ويكون جزءاً من عملية تنمية مواطنته وأن ننمي فيه هذه الروح من خلال تجواله في بلاده واستمتاعه ببلاده. فاليوم لا يكفي أن أعرف الروح الوطنية في الإنسان من خلال الحماس أو الخطب أو الأناشيد أو المدارس أو التربية الوطنية، بل إن الاستمتاع في بلدك هو جزء من بناء لُحْمَتِكْ مع بلدك وتلاحمك مع مواطني بلدك. لاحظ عندما تستمتع في بلدك وتكون سعيداً ومرتاحاً فيه، وعندما تذهب وتتجول في أرجائه وتلتقي بالمواطنين تسعد بصحبتهم، هذا جزء من تعزيز انتماءك لوطنك، فلا نستهين بقضية أن يكون الإنسان سعيداً في بلده ومرتاحاً في بلده، ولا يكون متشنجاً في بلده. أنا دوماً أقول إننا لا يجب أن نسكن في المملكة العربية السعودية ونعمل فيها فحسب، ثم نهرب منها عند أول فرصة. يجب أن نعيش أيضاً في بلادنا (يعني لازم نعيش في بلادنا وكلمة تعيش غير كلمة تسكن)، أي تعيش فيها وترتاح فيها وتتجول فيها بحريتك وبراحتك وبكامل احترامك، تجد استراحات الطرق وتنزل فيها فتجد الاحترام والمكان النظيف. أجل ما معنى أننا بلد الإسلام وبلد الحرمين، يجب أن تعيش في أسعد بلد، وتكون أنت أسعد إنسان في أسعد بلد.

لذلك فإن تطوير السياحة الوطنية مهم جداً لنا كمواطنين خصوصاً الشباب كي يجدوا الفرصة للاستمتاع في بلدهم والعيش فيها، وقد اتخذت الدولة مجموعة من القرارات ففتحنا الباب بناء على حوالي أربعة قرارات رئيسة للدولة أمام السياحة الدولية القادمة، ونحن اخترنا لجنة السياحة الدولية التي لم تقل لنا اختاروا مجموعات محددة أو قللوا من الأعداد، بل نحن في الهيئة العامة للسياحة والآثار ومن خلال استيحائنا للوضع القائم في المملكة وجاهزية المواقع وجاهزيتنا نحن كبشر، اخترنا أن تكون المجموعات محدودة والأرقام محدودة، لأننا نهتم بالمجموعات ذات القيمة العالية التي تأتي بلادنا وتخرج بانطباع إيجابي قوي أيضاً يخدم بلادنا.. فتأتي مجموعات حسب نظام متكامل والتجربة السياحية الآن متاحة للمجموعات ونحن نريد أن تبقى منخفضة العدد؛ فلو قارنت أعداد الذين يأتون للسياحة اليوم، والذين لا يتعدون آلافاً قليلة جداً، بالخمسمئة ألف أو ستمائة ألف الذين يأتون للأعمال ويستلمون سياراتهم ويمشون من دون رقيب أو حسيب، فإن هذه المجموعات تدخل تحت قطاع جديد أنشأته الهيئة هو قطاع منظمي الرحلات السياحية.. إن قطاع منظمي الرحلات السياحية لم يكن موجوداً.. شركات السفر والسياحة كنت أسميها شركات سفر وسياحة خارجية.. نحن أنشأنا قطاع منظمة الرحلات السياحية وهو قطاع قوي جداً، وقطاع منظمي الفعاليات السياحية، كما أنشأنا قطاع الأدلاء السياحيين.. لدي اليوم الرخصة رقم (1) كدليل سياحي، وهذه أخذتها أيضاً بجد أي أنني ذاكرت واختبرت، وكانوا يريدون "تغشيشي" قالوا لي لا تدخل يكفي أن تصور وتخرج، إلا أنني أصررت على الاختبار.

إذن، أنشأنا قطاع السفر والسياحة الجديد وكله الآن شركات جديدة نعتمد عليها في تطوير قدراتنا على تنظيم السياحة المحلية، لذلك تركيزنا على المواطن وعلى المقيم، وهذه سوق ضخمة جداً لو عملنا فيها قدر ما عملنا لا نستطيع أن نفيها حقها، في الوقت نفسه شركات تنظيم السفر والسياحة هي شركات سعودية مصنفة ومدققة أمنياً لديها نظام متكامل حيث تأتي المجموعات محصورة ضمن برنامج محدد وتخرج.. منذ أن بدأت الهيئة حتى اليوم والمجموعات هذه تأتي، ولم يتخلف أي شخص من الذين دخلوا هذه المجموعات السياحية.. أي شخص.. هذا بحسب الإحصائيات الداخلية لا إحصائياتي أنا فقط.

الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذة نازك الإمام.

الحقيقة لدي سؤال لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان: ما هو رأيكم في أن يكون من ضمن المناهج الدراسية منهج للرحلات المدرسية للطلبة والطالبات للمناطق الأثرية في بلادنا الحبيبة؟

الأمير سلطان بن سلمان: هذا قائم، برنامج "بتسم" قد غطى هذا الموضوع والآن لدينا برنامج تعزيزي مع التربية والتعليم سوف يغطي هذا البعد أيضاً، طبعاً من الضروري أن يتعرف الطلبة والطالبات جميعاً على المناطق الأثرية ولديك حق، إلا أننا لا نريد أن نحمل المدارس أكثر مما تحتمل.. ما يهمني أنتم.. الآباء والأمهات، الأب والأم الذي يأخذ ابنه وابنته في التسوق "مول" في دبي ولا يأخذ عياله ليزوروا مواقع أثرية. يجوب السعوديون دول العالم ويزوروا مواقع أثرية ويستمتعوا.. أسأل أحدهم: هل زرت باريس؟ يقول: زرت باريس بالتأكيد باريس حلوة.. لكن باريس التي تعرفونها هي باريس التاريخية باريس في الحقيقة لم تزوروها أنتم، باريس الابتزاز هذه لا يمكن أن تزوروها.. أنتم تحبون باريس لأن باريس قد حافظت على أصالتها وحافظت على تاريخها، لذلك تزورون متاحفها، وتصوّرون في قراها، وتزورون اليونان، وتزورون إيطاليا وتنسون أننا نعيش في بيئة قد حافظ عليها أناس متحضرون هم أصحاب هذه المدن وأصحاب هذه القرى والدول. دوركم أيها الأمهات والآباء أن تصطحبوا أبناءكم وأبناء أصدقائكم في رحلات إلى المواقع التراثية، والأثرية وتعيشوا التجربة. أنا أعذركم لأن المواقع غير مهيأة، لكن السنة أو السنتين القادمتين لن نعذركم إن شاء الله لأن المواقع ستكون مهيأة والأهم أنها ستكون جاذبة.

في موضوع التمكين نحن نعمل على المحاور التالية: لدينا برنامج جديد في هيئة السياحة وسوف تصدر مع الـ "Business plan" الخطط الجديدة للهيئة إن شاء الله في الشهر القادم. إسم البرنامج "تمكين"، ويشمل التراث العمراني والآثار. نحن نأمل أن نسير في المحاور هذه كلها بالتزامن، وأن نعمل عليها ضمن برامج محددة، كالحماية والتصنيف والتوعية وتأهيل وتطوير المواقع والاستثمار والتموين، والاستثمار مهم في تطوير المواقع وتدريب التموين. لقد أطلقنا برامج هذا العام إن شاء الله، والتدريب لا يشمل المواطنين فقط، فهناك برنامج في المجمعة مثلاً -وهي إحدى محافظات منطقة الرياض- حقيقةً أعجبت باسم البرنامج لأنه قام به مواطنون من أبناء البلد وكوّنوا شركة تعمل في الترميم، وأسموا مشروعهم "لا يطيح".. هات يا أخي اسم البرنامج هذا نعطيكم أنتم ختماً ونقول إنكم صنعتموه بأنفسكم، لكن والله نحن نريد نستخدمه. "لا يطيح" قاموا بنفسهم بمواردهم البسيطة صاروا يشتغلون بترميم الأسوار والأشياء البسيطة.. هذا العام جاءهم عشرة ملايين ريال من الهيئة ومن البلدية للانطلاق في بناء القرية التراثية التي تعتبر مدينة قديمة (المجمعة) في برنامج ضخم جداً -وهذه أول نقطة- والحمد لله بدأوا يعملون وبنك التسليف سوف يبدأ بتسليف المواطنين إن شاء الله.

إن التدريب يشمل أيضاً المقاولين، فنحن نعاني اليوم من عدم وجود مقاولين محليين لعملية الترميم، وسوف نقوم مع البلدية ببرامج تمكين، وقد اتفقنا الآن على تصنيف المقاولين وتدريبهم من دون مقابل حتى يكون هناك مقاولون مهنيون وسعوديون. لقد اكتشفنا أن السعوديين في العلا وغيرها بدأوا يكونون شركات سعودية، وبدأوا يرممون بأنفسهم الآن ويكسبون. أحد الإخوان في العلا بدأ بسلفة من والدته بـ 2000 ريال وأخذ المشروع قبل مدة قصيرة قيمته حوالي مليونين.. أو ثلاثة ملايين ريال للترميم في المنطقة نفسها.. شركة عمرها سنة ونصف! نحن نستهين بالمواطن السعودي وقدرته إلاّ أنه استطاع أن يبدأ من الصفر، فهذا أحد المسارات التأسيسية التي تأخذ وقتاً. لماذا؟ لأننا نريد للناس أن ينهضوا. في الوقت نفسه، فإن كل الأمانات والبلديات تعاني من المكاتب الهندسية المؤهلة في ترميم وتطوير المواقع التراثية، وكذلك الشراكات، لا تستهن بموضوع الشراكات. منذ عدة أيام كنت في إحدى القرى في منطقة الرياض (المحافظات) في زيارة ليوم واحد، فاستوقفني أحد البيوت فقلت لصاحبه: يا أخي بيتك جميل جداً وبجانبه مزرعة جميلة جداً، لماذا لا تحول بيتك هذا إلى فندق ريفي؟ نحن نشجع الفنادق الريفية وهناك تمويل لها. فرد قائلاً: "على إيديك": فكلمت أحد المسؤولين في الشركات الكبرى فأرسل وفداً من قبلهم اليوم، وسوف يتم تحويل البيت والمزرعة إلى فندق ريفي مع جولف وخلافه.. لاحظوا انطلاقة بعض نقاط الجذب في قرى ومناطق لم يكن كثير من الناس يعرفونها.

إن الخدمات الإيوائية، وخدمات الأدلاء وخدمات تنظيم الرحلات لهي ضرورية اليوم، فمن غير الجائز أن تأخذ خيمتك معك فتنصبها وتجلس.. تريد من ينظم لك رحلة كاملة، لتستمتع أنت وعائلتك. لقد نظمت الهيئة العام الماضي أكثر من ثمانين مهرجاناً على ما أعتقد، بعد أن انطلقنا من مهرجان واحد قبل سنوات قليلة.. ثمانون مهرجاناً في مجال التراث فقط، غير الخمسمئة في مجالات أخرى! ثمانون مهرجاناً تتعلق بالتراث، وأكثر من خمسمئة فعالية تتعلق بالتراث أو بالمنتجات التراثية أو تتمحور حول الفعاليات التراثية والزراعية وإلى آخره وكذا.

أريد أن أعيد مرة أخرى كلاماً قلته عند تعييني في الهيئة، وكان ذلك في جامعة الإمام محمد بن سعود، قبل تسع سنوات، وأكرره اليوم وأنا سعيد بأن أرى هذا التوجه قد أصبح سائداً في كل مناطق المملكة، نحن نؤكد على السياحة العائلية أي سياحة الأسرة مجتمعة، لأنه من الخلل أن نعتقد بأن الأسرة تستطيع قضاء حياتها متشرذمة. فاليوم مع ازدياد مشاغل الدنيا ومع ازدياد الضغط على الوقت -وبعد أن كنت أدخل البيت صيفاً في الرياض أو في جدة وأدعو لمن اخترع المكيف- بت الآن أدعو على من اخترع الإيميل و "البلاك بيرى"، لأن البلاك بيرى هذا آفة، جاف لا يتكلم. لقد جالست أناساً على عشاء هنا في جدة قبل شهر ونصف وكنا ستة أشخاص، كل واحد منهم يمسك البلاك بيرى، ومشغول به.. فقلت لأحدهم: يا أخي أعطني واحداً ودعني أتكلم معكم، أدخل معكم في "الشات" وما تفعلونه هذا، أنا أجيد استخدام الكمبيوتر (سوفت وير)، لكني لا أستخدمه لأبقى محاصراً.

اليوم أصبحت الأسرة تحتاج أكثر من أي وقت مضى لأن تبقى في المملكة العربية السعودية للاستمتاع بالإجازات ولا تذهب إلى وجهة أخرى. فبلد كالمالديف مثلاً يزوره الناس من دول متقدمة جميلة كألمانيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا، ومن أجمل مدن الدنيا. الناس اليوم يزورون كل مكان، فالسياحة أصبحت دولية، والعالم أصبح قرية، والسفر صار متاحاً، والأسعار أصبحت رخيصة، والتسويق على رؤوسنا ليل نهار، إلاّ أننا نريد الأسرة مجتمعة أن تجد ما يمتعها في بلدها، وتحقق هذا التواصل الأسري الذي له حسب ظني جانب اجتماعي مهم وجانب أمني كبير.

الشيخ عبد المقصود خوجه: السؤال الأخير للأستاذ إحسان طيب.

بسم الله الرحمن الرحيم.. سمو الأمير، كان لصاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز حلم بأن يحافظ على منطقة جبل النور أي غار حراء، وجبل ثور، وأن يوجد "تلفريك" يربط بينهما وأن ييسر الوصول إليهما. ما هي إمكانية تحقيق حلمه رحمه الله؟ هذه نقطة والنقطة الثانية مكتبة مكة المكرمة موضع ولادة النبي صلى الله عليه وسلم..

الأمير سلطان بن سلمان: في الحقيقة أسئلة وجيهة جداً، وأول شيء يعني مكة المكرمة مكانتها الخاصة.. اليوم كنت هناك.. مكة لها مكانة خاصة في القلوب، الكثير مما يحدث الآن في مجال المحافظة على الآثار مخصص لمكة المكرمة وقد ذكرت بعضاً منه اليوم، والبعض الآخر لا أستطيع أن أذكر عنه شيئاً لعدم اكتماله. أنا أطمئنك بأن كل الأمور تسير في الاتجاه الذي تتمناه، أطمئنك ومعالي الأمين يؤكد ذلك إن شاء الله، وأطمئنك بأن النظرة لهذه المواقع وغيرها هي نظرة واضحة ومستمدة من نظرة الدولة المتأنية والحكيمة في كل ما تعمله. لا شك في أن بعض المواقع التي ذكرتها مواقع محترمة، وهناك نظرة خاصة من الدولة لموضوع المكتبة وهذا الأمر لا يتعلق بالهيئة بشكل مباشر إنما له مسار آخر.. هذه المواقع المرتبطة بتاريخنا الديني، مواقع مهمة جداً، ولها معالجة منفصلة تماماً، لكننا الحمد لله متفقون جميعاً على العناصر الأساسية في هذا الاتجاه، لذا لا أريد أن أدخل في مواضيع لم تجهز بعد وليست موضوع طرح.