شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه..
صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، السيدات والسادة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بكثير من الحب نمد الأيدي لنحتضن عاماً جديداً، أعاده الله عليكم بما تحبون. نلتقي الليلة في أولى أمسياتنا بعد عطلة تخللتها أفراحٌ وأتراح، نعزي أنفسنا بالمصاب الأليم الناتج عن كارثة السيول والأمطار التي خلّفت العديد من الشهداء والمفقودين في جدة سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم برحمته، ويلهم آلهم وذويهم الصبر وحسن العزاء، مثمنين عالياً الموقف الإنساني الجليل الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ فقد كان مع مواطنيه كما عودنا وأصدر توجيهاته الصارمة بتشكيل لجنة كما تعلمون لتقصي الحقائق مع كل من يلزم كائناً من كان، وواسى المكلومين بتعويضات، مؤكدين في الوقت ذاته تضامننا الكامل مع توجيه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، لتعود عروس البحر ومشاريعها إلى أفضل من سيرتها الأولى، مكتملة البنية التحتية التي تليق بجمال وبهاء رونقها المعهود، راجين المولى عز وجل أن يحفظ بلادنا من كل سوء بما شاء وكيفما شاء، كما نرفع أكف الدعاء بالرحمة للفقيد معالي الدكتور عبد الوهاب بوطالب الذي كرمته الاثنينية بتاريخ 3/1/1425هـ الموافق 23/2/2004م، سائلين الله أن يسكنه فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وفي لمسة وفاء مستحقة لمن يتوفاهم الله ممن كرمتهم الاثنينية سنعمل على تأبينهم بكلمات من روادها في بعض الصحف المحلية والخارجية بما يقتضي الحال وعليه تأمل الاثنينية تلقي إسهاماتكم في مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام لننتقي منها ما يأخذ طريقه للنشر.
ومن شرنقة أحزاننا تمتد إلينا ألوان قوس قزح فتكتمل فرحتنا إذ نمد القلوب قبل الأيدي مرحبين بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، صحبته الاثنينية ابتهاجاً به كأول رائد فضائي بتاريخ 11/7/1407هـ الموافق 11/3/1987م، وقد كان لي شرف حضور انطلاقة مركبة الفضاء التي امتطاها.
وفي أمسية خاصة عن المعوقين بتاريخ 8/10/1424هـ الموافق 22/12/2003، التقينا بسموه للحديث عن المعوقين وقد كانت أمسية تنضح بما تكلم به سموه من معلومات قيّمة، وعززت الاثنينية لقاءها بسموه في الاجتماع التاريخي لمجلس إدارة مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة في 9/9/1429هـ الموافق 9/9/2008م، برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، الرئيس الفخري للمركز، الذي عاد إلى أرض الوطن بعد أن مَنَّ عليه الله بالشفاء، فله الحمد على ما أنعم وأكرم، كما نشيد بالدور البارز والتخطيط والعمل الدؤوب الذي بذله صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الرئيس الأعلى للمركز.
وبهذا كما ترون فإن ارتباط سمو فارس أمسيتنا بالأعمال الخيرة وارتباط الاثنينية به يشكلان ربع قرن من التواصل المثمر، فقد رضع لبانة خدمة المجتمع من فرع إلى أصل، وليس ذلك بغريب عن فرع من دوحة سلمان الباسقة، وستقف معه الاثنينية بكل إمكاناتها مساهمة متواضعة في خدمة أهدافه السامية تجاه الوطن والمواطنين، كما سنخصص زاوية لبناتنا وأبنائنا المعوقين في اثنينياتنا القادمة أسوة بالصم والبكم بين بنين وبنات الذين يحضرون أمسيات الاثنينية منذ أمد طويل.
الليلة أيها الأحبة عرس الآثار، وسنستمع لسموه عن هذا القطاع الحيوي الذي يشكل عنواناً بارزاً لحضارة الأمم وعراقتها، فأمة بلا تاريخ وآثار هي أمة بلا حاضر أو هوية أو مستقبل، لذا نجد الدول التي تأسست حديثاً تسعى جاهدة لأي بارقة أمل في الحصول على آثار فتنشط لديها أعمال التنقيب وتكرس الكثير من الوقت والجهد والمال في سبيل ذلك.
إن الرصيد الذي نتكئ عليه من آثار الحضارات التي عمرت هذا الوطن المعطاء تمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة فهي من قامة تستحق مظلة متخصصة، لذا صدر قرار مجلس الوزراء رقم 9 بتاريخ 12/1/1421هـ بإنشاء الهيئة العامة للسياحة ثم أسندت إليها وكالة الآثار بموجب قرار آخر من مجلس الوزراء رقم 1/2 وتاريخ 28/2/1424هـ، فتم حتى الآن اكتشاف وتوثيق أكثر من أربعة آلاف -أكرر أكثر من أربعة آلاف- موقع أثري بالمملكة، بالإضافة إلى آلاف القطع المحفوظة بالمستودعات.
والجدير بالذكر أن عام 1429هـ-2008م شهد إعلان منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (مدائن صالح) موقع تراث عالمي، وبذلك يصبح أول موقع في السعودية، ينضم إلى قائمة مواقع التراث العالمي، وهو إنجاز يستحق الإشادة والتقدير، ونتطلع إلى مزيد من الأوسمة التي تزين صدر الهيئة العامة للسياحة والآثار نهوضاً بهذا الجانب المهم، لأن الآثار في النهاية هي التوثيق الدقيق للتاريخ. إن مليار ونصف المليار مسلم حول العالم يشخصون بوجوههم خمس مرات في يومهم نحو البيت العتيق وتهفو نفوسهم لما حوله من مقدسات وآثار إسلامية، لا تنازعنا فيها أية دولة في العالم.. إنها كنز فريد ارتبط بوجدان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها كنز غير قابل للنفاد، غير أن آفته الوحيدة الإهمال والجحود والنظرة الأحادية التي تضيق بالرأي الآخر وتكرس منهجها لسلوكيات قد تضر بالأمة على المدى الطويل بسبب ممارسات خاطئة تطيح بمكتسبات تحققت عبر مئات السنين، وأي تقدير خاطئ قد تنشأ عنه تداعيات لا يمكن التنبؤ بها، لذا ينبغي توخي الحذر تجاه أي أمر يتعلق بالآثار فلا يجوز التعدي عليها أو التعامل معها إلا بمعرفة الهيئة العامة للسياحة والآثار، مهما كانت الأسباب والدواعي باعتبارها الجهة المخولة نظاماً والمؤهلة علمياً وعملياً لمثل هذه القضايا المهمة.
إن المتتبع لهذا الجانب يجد أن الآثار في المملكة ظلت تكافح سنين طوالاً لانتزاع مكانتها التي تستحقها، أسوة بموقعها في بقية العالم المتحضر. وفي الوقت الذي نرى تقدماً إيجابياً في هذه المسيرة، فإن مواكبة العصر في الجانب السياحي والعلمي للآثار يحتاج إلى جهود وفيرة، وكم هو جميل أن نرى الوفود السياحية وقد بدأت تنساب عبر الوطن لمشاهدة آثارنا كما يحدث في غيره من الأمم، فهذا سوق يشكل رافداً لا غنى عنه، آخذين في الاعتبار أن هناك دولاً لها حظ أقل بكثير من آثارنا وعمقها ودلالتها الدينية والحضارية، ومع ذلك يعتمدون عليها كبند مهم في ميزانياتهم، وتستقطب الكثير من الأيدي العاملة الوطنية. إن التدريب والتأهيل في قطاع الآثار لهو من أهم المعايير التي نأمل أن تنال جانباً من العناية التي ما فتئ فارس أمسيتنا يوليها لكل شاردة وواردة في هذا الحقل، وإنني على ثقة بأن سموه الكريم والعاملين معه قادرون بإذن الله على وضع الخطط والبرامج التي تكفل التقدم والازدهار والنمو المرتقب للآثار وصناعة السياحة التي تعتمد عليها بدرجة كبيرة بعيداً عن قنوات البيروقراطية.
إن ما سيتفضل به سموه الكريم من حديث يشكل حزم ضوء ترسم مستقبلاً مشرقاً نأمل أن يعود بالخير على الأجيال القادمة ويسهم بنصيب وافر في منظومة نهضتنا الاقتصادية والثقافية والحضارية الشاملة. وكم أتمنى أن تدرج وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع هيئة السياحة والآثار زيارة طلابنا وطالباتنا لمواقع آثارنا في رحلات مدرسية كما يقوم به العالم أجمع تعريفاً لتاريخ أمتهم وحضارتهم وترسيخاً لانتمائهم لهذه الأرض.
سعيداً أن يشارك هذه الأمسية كثير من الإخوان الذين لهم باع في عمل الآثار وفي مقدمتهم الأخ الدكتور عبد الله المصري مؤلف كتاب "مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية"، وهو أول وكيل لوزارة المعارف للآثار والمتاحف سابقاً وصاحب الخبرة العلمية والعملية في آثار المملكة ومواقع التنقيب في مختلف مواقعها، كما أنقل إليكم اعتذار سعادة الأخ الدكتور عبد الرحمن الأنصاري عن حضور هذه الأمسية رغم حرصه وذلك لارتباط سابق في فرنسا، معنا الكثير من الإخوان مثل الدكتور سعد الراشد وكيل وزارة الآثار ووزارة التربية والتعليم، وقد زاملته عندما كنت عضواً في مجلس الآثار الأعلى وله كثير من المنجزات، آملاً أن يحضر الأسبوع القادم لنحتفي بسعادة الدكتور سعد البازعي، الأكاديمي والناقد والكاتب الصحفي المعروف، رئيس النادي الأدبي الثقافي بالرياض، وعضو مجلس الشورى، ومؤلف مجموعة من الكتب منها "أبواب القصيدة" و "استقبال الآخر" و "المكون اليهودي في الحضارة العربية" وغيرها، متطلعاً إلى التفافكم حوله؛ لنفيد من تجربته الثرة وخبراته المتعددة، مؤكداً حرص اثنينيتكم على تلقي ترشيحاتكم لمن ترون تكريمهم من داخل وخارج المملكة، فإلى لقاء يتجدد طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: أيها الحفل الكريم، أيها الإخوة والأخوات، هذه الكلمة التي ألقاها مؤسس الاثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه وسلط الضوء من خلالها على جوانب متعددة وركز على جانب الآثار، لعلنا نطلب من سمو الأمير سلطان بن سلمان فارس هذه الأمسية أن يحدثنا قليلاً عن هذا الجانب وعن جوانب أخرى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :583  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.