((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبنا وقدوتنا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين. |
السيدات والسادة الأفاضل. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
أرحب بكم وبضيفتنا الكريمة في بيادر الشعر، إذ نستضيف الليلة الشاعرة والأكاديمية الدكتورة أشجان محمد الهندي، نستقرئ تجربتها الشعرية، ونكرم جهودها الحثيثة للتواصل مع الآخر، ونسهم في توثيق مسيرتها الحافلة بالعطاء، رغم ضيق مساحتها الزمنية إلى حد ما. |
لقد حلقت ضيفتنا الكريمة بجناحي الشعر والعمل الأكاديمي عضواً بهيئة التدريس في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز، وبقدر حرصها على الأداء المهني كمربية في صرح علمي عريق، فهي تضرب بجناح الشعر في مختلف الاتجاهات تواصلاً مرغوباً ومشكوراً في عالم تتلاشى فيه المسافات بصورة غير مسبوقة. |
ما بين عامي (1416هـ/1996م) و (1427هـ/2007م) أصدرت فارسة أمسيتنا ثلاثة دواوين.. يربط بين عناوينها خيط رفيع لا يخفى على المتأمل.. فالأول سمته "للحلم رائحة المطر" والثاني "مطر بنكهة الليمون" والثالث "ريق الغيمات".. مما يشير إلى أن آفاقها الإبداعية حبلى بالسحب، والمطر والغيوم.. مع جدلية معاكسة في بعض قصائدها التي تنظر إلى الجدب كوجه ثانٍ لعملة واحدة، هي الحياة بكل تناقضاتها.. غير أن هذه الأجواء المطيرة، وما يعتورها من يباب، ظلت بعيدة بعض الشيء عن أقلام النقاد والصحافة الأدبية.. هناك فوارق تتسع وتنحسر بين الأحلام والواقع، ومن بين الأحلام أن نرى تحول الشعر من فاكهة موسمية إلى رغيف يومي على مائدة كل إنسان.. ولن تنبت للحلم أجنحة إلا بتضافر جهود المبدعين والنقاد والصحفيين وغيرهم من المهتمين بهذا الشأن خروجاً عن المألوف واستشرافاً للمأمول.. وبالتأكيد فإنه مهما بدأت الخطى متعثرة أو متواضعة، فإنها في النهاية ستقود بالعزيمة والإصرار إلى نصب خيمة الشعر في فضاءاتنا وربيع حياتنا بكل ثقة واقتدار. |
"الكثرة".. لم تكن مهمة قط في مشوار أي شاعر أصيل.. فطرفة بن العبد تجاوز عصره بمعلقةٍ خلَّدته.. وبدر شاكر السياب ما زال يلقي بظلاله من خلال "أنشودة المطر".. والتجاني يوسف بشير.. وأبو القاسم الشابي.. ودّعا الدنيا في شرخ الشباب ولكل منهما عبق وآثار لا يتجاوزها أي منصف.. هذا من باب المثال، والحصر يُحرِّض الدارسين المختصين إلى تناول مثمر.. فالقضية ليست "كثرة" بقدر ما هي وشائج روح، وصدق عاطفة، وتبادل وجداني بين المبدع والمتلقي.. فقد يخبو الأثر الإبداعي آنياً، وربما لوقت يطول، لكن الأصالة قطعاً ستخرج من شرنقة الزمن في طور ما، باسطةً أجنحتها وألوانها الزاهية في كل اتجاه.. إنها إرادة الحياة التي لا يهزمها النسيان. |
لضيفتنا الكريمة قاموسها الخاص، وحنجرتها التي شقت طريقها عبر كثير من الملتقيات داخل وخارج المملكة.. شرَّقت وغرَّبت حاملة في حدقتيها بشغف كبير، وطناً شعَّ منه نور "اقرأ".. وكانت بعض أسواقه من أكبر المنتديات الأدبية والنقدية التي عرفها التاريخ.. أسس المسابقات الشعرية، وعرف خبراء التحكيم، قبل حقب طويلة.. لذا لم يكن غريباً أن يواصل مسيرته الثقافية والحضارية رغم محاولات بئيسة من البعض لطمس دوره الثقافي، واختزال قامته الشامخة في بئر نفط، وخطام بعير، ومجتمع متكلس بسبب شلل نصفي!. |
شاعرتنا أثبتت مرة بعد أخرى أن مهبط الوحي وأرض الرسالة لم تعقم.. وأن المرأة في هذا الوطن، لم تستسلم للوأد، بل شاركت عبر تاريخها في الغزوات، والتجارة، والرعي والزراعة، وغيرها من مهن قومها.. واليوم نراها: عالمة، وأديبة، ومفكرة، ومهنية رائعة.. ترفع رأسها في ساحات الثقافة محلياً، وإقليمياً، ودولياً، دون خوف أو مشاعر دونية.. فمكانتها حيث تضع نفسها.. وليس مستغرباً أن نجدها منافسة قوية في كل مجال، لتثبت أن فترات الخمول كانت استثناءً، وأن الأصل هو النماء، والعطاء، والمشاركة الفاعلة بما ينفع الناس. |
أهنئ ضيفة أمسيتنا على نشاطها المتواصل، آملاً أن يتبلور مشروعاً ثقافياً قابلاً للتطوير والتحديث، والأخذ بكل أسباب الرقي، إسهاماً مقدراً في مسيرتنا الثقافية القاصدة، والتي ينبغي ألا تضعف أمام التحديات، فالقادم أحلى، والوطن أشواق متصلة، وأهازيج أفراح ترنو للمستقبل بعين الأمل الذي يغتسل بمطر التفاؤل، كلما داهمته موجة غلس، أو فجيعة يأس.. وإنا لمنتظرون. |
يطيب لي أن أنقل لاقط الصوت إلى الدكتورة لمياء باعشن، أستاذة الأدب الإنجليزي بكلية الآداب -جامعة الملك عبد العزيز، لترعى الأمسية مشكورة.. مشيراً إلى أنها مسك ختام هذا الفصل، والعام الهجري 1430هـ.. على أن نواصل ركضنا بمشيئة الله بعد موسم الحج وعطلة عيد الأضحى المبارك، ببرنامج حافل نأمل أن يواكب تطلعاتنا جميعاً. |
طبتم وطابت لكم الحياة. |
والسلام عليكم ورحمة الله... |
الأستاذة دلال عزيز ضياء: شكراً لسعادة الشيخ على هذه الإضاءات الجميلة، وأود أن أشير هنا إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة لفارسة أمسيتنا لهذه الليلة ستتم محاورة الدكتورة عن طريق الأسئلة التي آمل أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة في منحىً جديد للاثنينية، راجين أن يكون سؤالاً واحداً وليس متفرعاً إلى أ و ب و ج لكل متسائل ومتسائلة، وأن يُعرِّف أيضاً السائل بنفسه وبمهنته ويطرح السؤال مباشرة دون مجاملات حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من الحضور. |
والآن نرحب براعية هذه الأمسية الدكتورة لمياء محمد صالح باعشن أستاذ الأدب الإنجليزي المساعد والكاتبة والأديبة والناقدة المعروفة. |
|