((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: شكراً لمعالي الشيخ عبد المحسن العبيكان، على هذه الإضاءات الجميلة والإفادات العظيمة العلمية والقضائية، ويأتي الآن دور مشاركة رواد الاثنينية في أسئلتهم والتي نرجو أن تكون سؤالاً واحداً لكل شخص وأن يكون سؤالاً واضحاً مع التذكير بما أنتم عليه من التزام المبادئ في هذه الأسئلة التي تطرح بأن لا تنال أحداً بتجريح أو بانتقاص، سواء كان حاضراً أو غائباً، وسيكون سؤال للإخوة في قسم الرجال وسؤال للأخوات وإن سمح لنا معالي الشيخ أن نبدأ بالسيدات، لأن الرجال تحدثوا واستمعوا فلذلك نبدأ بقسم السيدات ونستمع لسؤال من هناك. |
الأستاذة دلال: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. |
صاحب الفضيلة.. معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
أيها الإخوة والأخوات.. طابت ليلتكم المباركة بإذن الله تعالى.. |
لو سمح لي أستاذنا الشيخ عبد المقصود خوجه فسوف أتلو مقدمة صغيرة باسم السيدات الحاضرات في هذه الأمسية الطيبة المباركة ترحيباً بصاحب الفضيلة معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان. |
الشيخ عبد المقصود خوجه: تفضلي يا أستاذة دلال. |
ضيفنا في هذه الليلة هو ضيفٌ له مكانته وله ثقله في هذا المجتمع.. مجتمع المملكة العربية السعودية، فهو عالِم موسوعي متمسك بالكتاب والسنة، تميز بأنه اتخذ من العقل سلاحاً له، ومن الفكر طريقاً ينظر ويراقب ويُعمِلُ فكره ويحلل ويستنبط ثم يَخرجُ لنا بفتاواه أو بدراساته، هذه الدراسات التي تتواكب مع العصر الحالي متمسكاً بنهج النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، حين يقول: يسِّروا ولا تعسِّروا، بشِّروا ولا تُنفِّروا، اختلف معه الكثيرون ولكنه دائماً بابتسامته وبسعة صدره وبتسامحه يحتوي الجميع ويرد ويقنع، يقنع من اختلف معهم ولا يدخل في نقاشات أو في أي نوع يهز من مكانة المختلف معه. |
إن شيخنا صاحب المعالي وصاحب الفضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان العضو في مجلس الشورى والمستشار بالديوان الملكي وصاحب العديد من المؤلفات والدراسات والفتاوى والذي له مواقف جريئة وقوية في التصدي للإرهاب الفكري، وللفكر الإرهابي ومحاربة الفكر المنحرف والتطرف، إن هذا الرجل له مكانة خاصة في قلوبنا جميعاً كمجتمع سعودي وله أيضاً علينا ولنا عليه واجبٌ بحكم موقعه في الديوان الملكي أن يكون هو الرسول الذي يوصل صوتنا إلى ولاة الأمر، والذي يحاول من خلال تَصدِّيه لآفة المجتمع (الفكر الإرهابي) أن يقدم الحلول وأن يساعد على أن تكون المملكة العربية السعودية بحق مملكة الإنسانية والتسامح والحوار مع الآخر المختلف الموجود معنا في مجتمعنا، أن نتحاور معه ونتسامح، وأختم وأقول قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة. والشيخ العبيكان دائماً يتسم بهذا الوجه المشرق المتفائل الطيب، المتسامح، فمرحباً بك شيخنا وأهلاً بك باسم سيدات هذا الملتقى. |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً للأستاذة دلال وطبعاً نبدأ في طرح الأسئلة، سؤال من الإعلامية الأستاذة منى مراد، تفضلي. |
الأستاذة منى مراد: السلام عليكم، سؤالي ذو شقين: |
الشق الأول: سمعنا كنساء عن فتوى جواز سفر المرأة إن أمنت الفتنة من دون محرم، ومنذ أيام صدرت فتوى في الكويت الشقيق تجيز للمرأة السفر من دون إذن من زوجها. بداية ما هي المرتكزات التي ارتكزتم عليها في تلك الفتوى، وهل يجوز للمرأة السفر من دون إذن زوجها؟ الشق الثاني من سؤالي: أثارت فتواكم بشهادة المتوفي بالإنفلونزا ضجة كبيرة، بدايةً لماذا هو شهيد؟ وهل يعامل معاملة الشهداء؟ وإن كان القياس على المطعون فهل المتوفى بالإيدز شهيد؟ وهل المتوفى بإنفلونزا الطيور شهيد أيضاً؟ شكراً.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: أولاً: أشكر الأخت الكريمة دلال على ما أبدته من مشاعر طيبة وكريمة نحو أخيها، أشكرها جزيل الشكر، وكذلك أشكر جميع الأخوات الكريمات اللاتي أنبنها في إلقاء هذه الكلمة الترحيبية. ثانياً: بالنسبة لسفر المرأة بدون محرم فإن شريعتنا الإسلامية بعيدة كل البعد عن العبث وعن تشريع ما لا فائدة منه أو ما لا معنى له، فالمرأة قد يعترضها المعترضون ويستطيعون أن ينالوا منها لو سارت في طريق مظلم، ليس معها أحد، وقد يعتدي عليها البعض بأن يدخلوا إلى منزلها أو أن يتسوروا أو نحو ذلك. إذن الحكم في منع المرأة من السفر بدون محرم مظنة الخوف عليها من الاعتداء لأنها تقطع الفيافي والقفار وخاصة في ذلك الزمن الذي كان الناس يستقلون في سفرهم الدواب، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يطلق السفر بل ذكر ثلاثة أيام وذكر يومين وأقل ما ذُكر يوم، اليوم وبفضل الطائرة فإن كثيراً من الأسفار لا تستغرق إلا ساعة.. ساعتين مثلاً في المملكة من شمال المملكة إلى جنوب المملكة.. ساعة ساعتين حتى لو قلنا ثلاث ساعات لا تأتي حتى نصف يوم، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم السفر وذكر أيضاً الزمن، الزمن الذي يكون فيه هذا السفر أي في الانتقال من مكان إلى آخر، ولم يطلقه إطلاقاً بدون ذكر الزمن، ثم إن الحكم لا بد أن يكون له علة، علمها من علمها وجهلها من جهلها، فإذا عُلِمت العلة فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، العلة ولا بد من منع المرأة من السفر هو الخوف عليها من الاعتداء، وليس كما يظن البعض من أن شخصاً قد يتعرض لها أو يتكلم معها بكلام فيه نوع من الغزل أو نحو ذلك، هذا ليس هو المراد، اليوم تستطيع عن طريق الهاتف وإذا ذهبت إلى السوق أن تدخل إلى صاحب المحل وتتكلم، ويتكلم معها لكن ليس هذا هو المقصود، المرأة الشريفة لا يستطيع أحد أن يميلها إلى مثل هذه الأمور، لكن ليس المقصود هذا، المقصود هو الاعتداء عليها رغم أنفها، فإذا قلنا إنه يمكن أن يُعتدى عليها بسهولة في الطريق أو في البيت فلا يمكن لأحد أن يعتدي عليها في الطائرة مثلاً، لا يمكن ذلك، هناك طاقم، هناك أناس من حولها لا يستطيع أحد أن يعتدي عليها، وقد قال أحد المشايخ الفضلاء -رحمه الله- في رده على ما أبديت من تعليلات: قد تُختطف الطائرة، فأجبتُ إذا اختُطِفَت الطائرة اختُطِف محرمها معها، ماذا سيفعل محرمها؟ لا قدرة لديه، فلذلك لا يستطيع أن يدافع عنها، إذاً لا قيمة له عند الاختطاف، فالمسألة تعود إلى العلة، فالعلة هو الخوف عليها من الاعتداء ولا بد، والدليل على ذلك مع النصوص التي وردت بالإطلاق حديث البخاري في الظعينة، قال: يوشك أن تسافر الظعينة -أي المرأة التي تركب البعير- من الحيرة في العراق إلى مكة، لا تخاف إلا الله، قال الإمام ابن حجر عندما شرح هذا الحديث إنه ذكره في معرض المدح، لذلك الزمن الذي فيه العدل وعدم الخوف، كيف يقر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تسافر على بعير.. ربما ألفيْ ميل أو أكثر تسافر من الحيرة إلى مكة وليس معها أحد.. لماذا؟ لأن الزمن زمن أمن، إذن المسألة مسألة خوف على هذه المرأة وهذه هي الشريعة.. ما معنى أن لا بد أن يكون في الطائرة محرم وهي تمشي في السوق وتذهب في الطرقات المظلمة بدون محرم؟ لا بد أن يكون لهذا معنى، وعلى كل حال أنا لا أستطيع أن أطيل حيث طُلِبَ مني أن أختصر جداً فمن أراد أن يُراجع الأدلة والرد على شبهات المانعين فالبحث موجود في موقعي، والله أعلم. |
أما بالنسبة للإنفلونزا طبعاً أنا ذكرت كلام أهل اللغة وكلام شُرَّاح الحديث كما في فتح الباري وغيره، ولقد قالوا: الطاعون هو الوباء، وليس الطاعون مرضاً محدداً، فما دام أن هؤلاء قالوا في تعريفهم للطاعون هو الوباء، إذن ما اتصف بصفة الوباء العام فلا شك أنه يدخل في لفظ الطاعون، كما قاله أهل اللغة وأيضاً شُرَّاح الحديث، ما أتيت بشيء من عندي، وهذا ذكرته أيضاً في البحث الذي يتضمنه موقعي على الإنترنت، والشهادة عند الله عز وجل، نحن نقول شهادة أي حكم الشهادة في الآخرة وليس في الدنيا، الأخت الكريمة تظن أن المقصود بالشهادة أن لا يُغسَّل وألا يُصلّى عليه، لا.. هناك شهيد له حكم الشهيد في الدنيا والآخرة وهذا مثل المقتول في الجهاد في سبيل الله، هناك شهيد في حكم الآخرة فقط مثل المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم وغيره، ومثلاً لو قلنا بمرض إنفلونزا الخنازير إنه شهيد في الأجر لكنه في أحكام الدنيا لأ، هناك أيضاً قسم ثالث: شهيد في الدنيا وليس شهيداً في الآخرة، مثل الذي يقاتل ولكنه لا يقاتل لإعلاء كلمة الله، مثل الرجل الذي قاتل حمية ثم لما أثخنته الجراح قتل نفسه كما تعرفون في الحديث فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هو في النار، إذن قد يكون في الدنيا أن هذا لا نغسله ولا نصلي عليه لأنه شهيد في نظرنا لكنه قد لا يكون له مقصد حسن في الآخرة، ليس له حكم الشهداء في الأجر، فالأقسام ذكرناها باختصار والله أعلم. |
عريف الحفل: فضيلة الشيخ نذكركم بأنها أيضاً سألت عن حكم سفر الزوجة بدون إذن زوجها. |
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: إن سفر المرأة من دون إذن زوجها هو ما لم أُفتِ به، ولا بد من أن تستأذن المرأة زوجها لأن له الولاية عليها والقِوَامة، الرجال قوّامون على النساء، بل جاء في الحديث وذكر العلماء أنه من المستحسن للمرأة أن لا تتصرف في مالها الخاص إلا بإذن زوجها، وهذا أمر زائد على مسألة الإذن في تفويت بعض حقوق الزوج، والله أعلم. |
عريف الحفل: الآن سؤال من قسم الرجال، طبعاً أوكل لي راعي الاثنينية الشيخ محمد الدحيم اختيار السائلين فأرجو أن أكون عادلاً إن شاء الله. تفضل أخي. |
عبد الله بن معدّي: معالي الشيخ حيّاكم وبيّاكم، وجعل الخير في محيّاكم، أطال الله عمركم ونفع بكم، الحقيقة ما إن يرحل عالِم وكأن الكون في حقائبهم يرحلون ويرحل كل شيء معهم. معالي الشيخ استفسار بسيط فقط: هل ورد على لسان نبي أو رجل صالح لفظ ساحر أو مسحور أو سحر في القرآن الكريم؟ وشكراً لكم.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: إنه يقول هل يوجد لفظ ساحر؟ نعم في سورة البقرة كما قال الله عز وجل: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (البقرة: 102). وأيضاً قصة موسى مع السحرة تكررت في القرآن كثيراً، فالسحر مُجْمعٌ على أنه موجود وأنه محسوس وأن له تأثير وهذا لا يخالف فيه أحد، وإنما المسألة التي خالفوا فيها هي من اضطر إلى أن يذهب إلى ساحر ليبعد عنه هذا السحر لأنه لم يستطع الوصول إلى حل عن طريق الرقية. إن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُحِر كما في صحيح البخاري، وقد سحره لبيد بن الأعصم اليهودي، أمره جبريل أن يستخرج السحر، لم يكتفِ بأن نزلت عليه المعوذتان وقرأها جبريل عليه وكانت إحدى عشرةَ آية، ولم يكتفِ بفك إحدى عشرةَ عُقدة، بل أمره أن يَحُل العُقَد وأن يقرأ ورقاه جبريل ورقى نفسه ولم يكتفِ بذلك أيضاً، بل استخرج السحر، أخرجه من بئر ذروان وكان فيه أيضاً كما في روايات في صحيح البخاري تمثال من الشمع على هيئة النبي صلى الله عليه وسلم وصورته وكانت مغروزةً فيه إبر، قال: فكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينزع الإبر وكلما نزع إبرة تألم ثم هدأ، لماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؟ لو كان الأمر ينتهي بالرقية.. رقية النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الرُقى ورقية جبريل كذلك، ومع هذا لما يكتفِ، لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، بل أُمِرَ عن طريق جبريل بأن يستخرج السحر وينزع الإبر ويحل العقد، من الذي يعرف السحر أين هو؟ ومن يعرف اليوم كيف يحل هذا السحر إلا الساحر؟ كما قال الحسن البصري: لا يحل السحر إلا ساحر، قال ابن الجوزي: لا يكاد يعرف هذا إلا من يعرف السحر، ولذلك كثير من الناس يتصلون ويشكرون ويقولون: انحلت أمورنا بسبب هذه الفتوى وكثير ممن تشتتت أسرهم اجتمعوا ولله الحمد بعد أن حُلَّ عنهم، وبعد أن كانوا يذهبون إلى الرُقاة، والرقاة في الغالب هم الذين يحاربون هذه الفتوى، لأنهم.. زيت بمئة وخمسين ريالاً، وماء كذلك وتعال واذهب وجلسات، وحتى الاستشاري لا يأخذ هذه المبالغ، وأنا أعرف رقاة هم عبارة عن رجال فاشلين في أعمالهم فتحوا بيوتهم، فاجتمع النساء والرجال وأصبحوا من أصحاب العمارات واشتروا العقارات وأثروا ثراءً فاحشاً على حساب المساكين، بعض الناس يقول: مكثت عشرين سنة، بعضهم يقول: عشر سنين، وأنا عند الرقاة "رايحٍ جاي، وما في فايدة"، نعم صحيح لو كان الأئمة كالإمام أحمد وابن حجر وسعيد بن المسيب وغيرهم يعرفون أنه يعالج بالرقية فقط ما أحلوا هذا.. وما أجازوه، فإنما أجازه بعض الناس الذين استدلوا من القول: من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد، حتى الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- عقد باب "إتيان الكهان ونحوهم"، وأتى بباب آخر، باب "ما جاء في النُشْرَة" النشرة غير وصَدَّرَ بما صَدَّرَ به البخاري من كلام سعيد بن المسيب أنه يجوز أن يذهب إلى من يطلق عنه، فمن أتى كاهناً.. الكاهن الذي يخبر بالغيب والمستقبل هذا هو المقصود وليس الذي يحل عنه السحر، من أتى كاهناً أو عرافاً، الكاهن والعراف اللذان يخبران بالغيب والمستقبل ولا يجوز للإنسان أن يسأل عن الغيب والمستقبل لأنه من خصائص الرب عز وجل.. فهذا المقصود، فيخلطون للأسف أن بعض طلبة العلم يستدلون ويدورون حول هذا الحديث، الحديث هذا ليس في هذه المسألة -ليس في النُشْرَة- إنما هو في إتيان الكهان حتى الشيخ محمد بن عبد الوهاب فصل بين هذا وذاك، وبعضهم يستدل: وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (طه: 69)، قلنا: ما معنى لا يفلح؟ لا يفوز في الآخرة كلنا نقول هذا؛ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الأَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ (البقرة: 102)، ما له في الآخرة من خلاق، أي ما له في الآخرة نصيب. قال الإمام القرطبي والمفسرون لكن لماذا تستدل بهذه الآية؟ ما استدل بها أحد من أهل العلم إلا في هذا الزمن، قال: وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (طه: 69) قلت: يعني يقصد لا يستطيع أن يفعل شيئاً فهو الذي سحر كيف استطاع أن يسحر ولا يستطع أن يحل السحر؟! إذن علامَ استنادك؟ لا يفلح في الآخرة.. كلنا نقول الساحر خبيث ولا يفلح في الآخرة لكنه لما استطاع أن يفعل هذا فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ (البقرة: 102) يعني يعملون وهذا أمر معروف ما دام عمل نقول له: أَذْهِبْ عنا هذا الذي فعلته أو فعله غيرك. على كل حال أنا أود أن يطّلع الإخوة على ما كتبته في هذا ففيه رَدٌّ على كل شبهةٍ، والله أعلم. |
عريف الحفل: لو يسمح لي معالي الدكتور مدني علاقي لأن الحصة الآن لدى السيدات في طرح السؤال، ثم نعود إليك إن شاء الله. الأستاذة نازك الإمام تفضلي. |
ربما بدايةً أود أن أصحح معلومة.. الأخت منى قصدت سفر المرأة من دون محرم وليس من دون إذن زوجها، وهذه سمعتها من الكويت، نصحح المعلومة، سؤال مني أنا لفضيلة الشيخ: ما هو رأيكم حول القضاء وأن يكون الفقه الإسلامي مبوباً تحت بنود ومواد مدونة حتى لا يصبح مصير المتقاضي خاضعاً لفهم القاضي واجتهاده، شكراً.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: أشكر الأخت الكريمة ولقد كتبت منذ سنوات اقتراحاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لما كان ولياً للعهد واقترحت فيه إيجاد هذا النظام الذي خرج ولله الحمد بعد مدة وهو يدور بين اللجان، وقد نبع هذا النظام ونتج عن الترتيبات القضائية التي صدر فيها الأمر الملكي في عام 1426هـ وهي تشمل الكثير من القضايا، يعني هذا النظام الذي حصل أو التشكيل الذي حصل والهيكلة الجديدة هي جزء من الترتيبات التي اعتُمِدت ومن ضمنها ومما اقترحته أن يُدوَّن الفقه المتعلق بالمعاملات والقضاء والأنكحة في مُدَوَّنة توضع على صيغة مواد ويؤخذ القول الراجح من حيث الدليل ومناسبة مصالح الناس في هذا العصر بدون إلزام، وقد وافق الملك -حفظه الله- على ذلك، ووافق أيضاً الذي صَدَّره في زمن الملك فهد -رحمه الله- فوافق الملك عبد الله والملك فهد على هذا وصدرت الموافقة عليه، بقي التنفيذ، الآن بعضهم يقول: لا بد أن نفتح للقضاة باب الاجتهاد، ليس لدينا في القضاء ابن حجر وفي كل محكمة نجد قضاة بمستوى ابن حجر ولا مستوى الإمام الشافعي ولا مستوى شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً، وطبعاً لدينا آلاف من القضاة بعضهم صغير السن، بعضهم يفتقد القدرة على أن يُكيِّف هذه الواقعة أو أن يستخرج الحكم، بل إن بعضهم وهم طلبة عندي يُشْكِلُ عليهم فهم عبارة الفقهاء، حتى العبارة يشكل عليه فهمها، فكيف إذن نقول بالاجتهاد؟! فلا بد من أن يوجد ما يدلهم، ولهذا قال لي بعضهم: لماذا لا يُلزَمون أيضاً بهذه المواد، قلت: أنا أجزم بأنكم لو وضعتم هذه المُدوَّنة بدون إلزام حتى نخرج من خلاف من خالف فيها فإنه لن يخالفها أحد من القضاة، هم يريدون أن تدلهم على شيء، الآن هم يسأل بعضهم بعضاً ويريدون أن يصلوا إلى الحكم الشرعي بعبارات واضحة وبأسلوب يتناسب مع العصر، وبترتيب مريح أيضاً حتى يصل إلى الحكم، أيضاً لا يكون هناك اضطراب أو اختلاف. وقد تجد في بعض الصكوك أن القاضي يحكم بدون أي مستند هذا موجود، بدون أي مستند.. إنما مجرد رأي، إذن هل من المقبول أن يحكم قاضٍ بمجرد الرأي أو يستند إلى مدونة ومواد في مدونة قد جمعها عدد من العلماء والفقهاء. |
أيضاً مسألة تقدير العقوبات التعزيرية، العقوبات التعزيرية بعضهم يحكم بعشر سنوات وبآلاف الجلدات في قضية، ثم البعض الآخر في قضية مماثلة تجد أنه يحكم بأشهر ومئة جلدة مثلاً، تفاوت كبير حتى في المحكمة الواحدة، هذا لا يصح وليس من العدل أن يكون شخص قد وقع في أيدي قضاة كرماء في العقوبة يكيلون بكل سهولة هذا الكم الهائل من العقوبة التعزيرية، وذاك الذي وقع بين قضاة رحماء وسهّلوا الأمر وحكموا عليه بالعقوبة القليلة، هذا غير جائز، ولذلك تأتي اعتراضات وتظلمات ولهم الحق، لهم الحق، يقول: أنا قد ارتكبت الجرم نفسه الذي ارتكبه ذلك الشخص لماذا يُحكم عليَّ بعشر سنوات وذاك بسنتين مثلاً؟ هذا ليس بعدل!! فمن العدل هو التقدير، وهذا أيضاً اعتُمد في الترتيبات القضائية ولله الحمد لكن بقي التنفيذ. |
عريف الحفل: معالي الدكتور مدني علاقي تفضل. |
بسم الله الرحمن الرحيم، معالي الشيخ نحن نستمتع بهذه الأمسية وقد عُرِف عنك أنك تيسر على الناس من واقع الكتاب والسنة يسر الله عليك في الدنيا والآخرة، سؤالي هو: لماذا أُقفِلَ باب الاجتهاد على المسلمين، وكيف يمكن أن نعيد مدرسة الاجتهاد في ظل مقومات العصر ومفارقاته؟
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: أشكر معالي الشيخ على هذه الملاحظة القيمة بالنسبة لمن أقفل باب الاجتهاد.. كلامي قبل قليل قصدت به العدد الكبير من العلماء الذين لم يصلوا في الغالب حتى إلى درجة التقليد، وليس الاجتهاد، أما بالنسبة للاجتهاد فالباب مفتوح ومن قال من أهل العلم إنه قد أُقفِلَ باب الاجتهاد في القرن الفلاني فهذا تحكم بلا دليل، والواجب ألا يقفل أحد باب الاجتهاد لأن الله عز وجل يخاطب في القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب في السنة ويخاطب الناس إلى يوم القيامة. فالقرآن لم ينزل لأناس دون الآخرين، يجب على كل من قرأ القرآن أن يعتبر نفسه مخاطَباً، الله يخاطبك أيها المسلم القارئ، وأيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطبك في سنته، أما أن يأتي شخص ويقول أقفل عقلك واقرأ القرآن للبركة، والسنة كذلك لا هذا غير صحيح، بل الاجتهاد بابه مفتوح وإذا ما توفرت شروط الاجتهاد للعالم فينبغي أن يُفتح له الباب، وأنا أرجو أن تُفَعَّل هذه المجمعات الفقهية بأن يُزاد.. لماذا عندنا مجمع ومجمع وعندنا هيئة وهيئة؟ لماذا لا نكون واحداً، العالم الإسلامي يُجمع من جميع أنحاء العالم -وقد تكلمت بهذا منذ فترة طويلة- أن يُجمع عدد كبير لا يقلون عن مئة شخص من علماء الأمة الإسلامية في جميع أقطار الدنيا، يجمع العلماء الذين عُرِفوا بالفقه الدقيق والتيسير كما تفضل معالي الدكتور لأن الله عز وجل يقول: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ (البقرة: 185)، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يسروا ولا تعسروا، وتقول عائشة (رضي الله عنها): ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً. يأتي شخص يقول الاحتياط أن يُقال حرام، الاحتياط.. الاحتياط لفعل الإنسان وليس في الفتوى، أنت أيها المسلم إذا أشكل عليك الأمر فاجتنبت هذا لأن عندك شك فيه إذن أنت تحتاط، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك لكن في الفتوى لا، إذ يجب عليك أن توضح الحكم الشرعي بدليله.. قد تحتاط أنت وتجتنب هذا الشيء لكن إذا سألك شخص تقول بل افعله يعني لم أجد دليلاً على المنع، أما أن يحرِّم على الناس من باب الاحتياط فهذا جهل عظيم عند الذين يحرمون على الناس من باب الاحتياط، وقد توسعوا أيضاً في باب كما يقال "سد الذرائع" لا يقال لكل شيء ذريعة. هل هي ذريعة يقينية؟ يعني هذه ذريعة يقينية لأن من فعلها قد وصل إلى الحرام فعلاً، أو أنها على أقل تقدير وأغلب ظن توصل إلى الحرام، هذا ممكن أن يكون سداً للذرائع، أما أن يكون هو باجتهاده يقول هذه ذريعة من دون أن يكون لديه دليل على أنها يقينية للوصول إلى الحرام أو أنها توصل للحرام بغلبة الظن، فلا يجوز له أن يقول هذا حرام سداً للذريعة، بل التحريم والتحليل كفتان: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (النحل: 116)، فالتحريم في كفة تساوي كفة التحليل، فكما أنه لا يجوز أن يحلل من دون دليل ولا مستند فكذلك لا يجوز أن يحرِّم من دون دليل ولا مستند، والله أعلم. |
الأستاذة نازك: السؤال مع الأستاذة دلال. تفضلي. |
صاحب الفضيلة، خطب الجمعة أين منها خطاب الاعتدال والوسطية، إذ لم نرَ لدى بعض أئمة المساجد المنتشرة في أنحاء المملكة خطاباً يندد بالإرهاب، والخروج على طاعة إمام المسلمين وهو خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. ففي ما عدا الحرمين الشريفين، فإن المساجد وخاصة في المدن الصغرى وفي القرى -وما أكثر المساجد في بلادنا- لا أعتقد أنها تخضع في خطابها الديني لرقابة وزارة الشؤون الدينية والإسلامية وخاصة في خطب الجمعة.. أين الولاء والانتماء للوطن ومعنى المواطنة والوطنية ومفهوم طاعة ولاة الأمر، دينياً هو إلزام، حكم إلزامي
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ
(النساء: 59).. أين ذلك في خطابنا الديني وفي خطب الجمعة وفي الدروس والمحاضرات التي تُلقى في كثير من الملتقيات الدينية؟ وما هو دوركم كمستشار في الديوان الملكي وقربكم من خادم الحرمين الشريفين وولاة الأمر في تصحيح هذه المسألة لأن الإرهاب هو آفة كبيرة؛ فالناحية الأمنية مضمونة بإذن الله، ولكن الناحية الفكرية هي السوس الذي ينخر شبابنا وأبناءنا.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: شكراً أخت دلال، وهذه ملاحظة جيدة جداً، وهي أن دور الخطيب لم يكن دوراً فعالاً في محاربة الفكر المنحرف ولا الإرهاب ولا أيضاً تأصيل الوسطية، بل هناك من الخطباء وللأسف من يتحدثون ولا يفهم الحاضرون ماذا يقولون، ويغلب على خطبهم النواحي السياسية، ربما بعضهم يستعرض ما جاء في وسائل الإعلام وفي الصحف من أخبار قد سمعها الناس وعرفوها. اليوم لا تخفى على الناس هذه الأخبار فهم يرونها بالصوت والصورة ويقرؤون هذه الأخبار فلا حاجة لإعادتها في خطبة الجمعة، خطبة الجمعة هي لتعليم وإرشاد الحاضرين إلى ما يجب عليهم فعله، وليست لشحن هؤلاء بالكلام الذي ربما يثير الأحقاد أو يثير العواطف وهم لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً، فمثلاً يقول جاهدوا! لم يُعلَن الجهاد بعد حتى يجاهدوا، الجهاد موكول بولي الأمر، أنت تقول لهم جاهدوا، إذا أُعلِن قل لهم جاهدوا، الآن تقول حصل كذا وكذا على المسلمين هم دروا وعرفوا وسمعوا لكن ماذا يعملون تجاه هذا الحدث؟ ماذا بأيديهم أن يعملوه؟ أن يدعوا الله عز وجل.. أن يكثروا من الدعاء.. أن يعينوا إخوانهم بما يستطيعون من المساعدات في الذي يستطيعونه؛ إما أن توجههم إلى أن يساعدوا إخوانهم بالمال، أو أن يعينوهم بالدعاء إلى ما يستطيعون فعله.. أما أن نخبرهم أخباراً يخرجون فيها وهم متأثرون قلقون فهذا يتنافى مع قوله صلى الله عليه وسلم بشروا ولا تنفروا. ينبغي أن نبشرهم حتى وإن حصل ما حصل فالعاقبة للمتقين، ولا بد أن يكون هناك نصر للإسلام ولا بد أن تكون العاقبة للمسلمين كما أخبر الله عز وجل وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.. بشرهم لأنهم مكتئبون مما يسمعون من أخبار، أنت تزيدهم اكتئاباً، يا أخي اجعلهم يخرجون متفائلين مستبشرين هذا من واجب الخطيب، بل إن بعض الخطباء وللأسف من يجعل الخطبة كاملة للردِ على أحد المخالفين ما يفقدها أي أثر بالنسبة للحاضرين، لأنه يخاطب شخصاً آخر. إني أود لو تقوم وزارة الشؤون الإسلامية بإعداد نماذج من الخطب وتوزيعها على الخطباء كي يستفيدوا على الأقل ولو مرة في الشهر ويخطبون بخطب نافعة مفيدة تتناسب مع الأحداث وتتناسب مع المناسبات.. إني أود لو يحدث هذا، ولكني وجدت أنها قد أُرسِلت إلاّ أن أحداً لم يلتفت إليها.. في ظني أن كثيرين لم يعملوا بهذه الخطب ويأتي كثير من التعاميم ولا يلتفت إليها. |
الأستاذة دلال: فضيلة الشيخ السؤال الآخر أو الفرع الثاني من السؤال وهو: |
الولاء والانتماء للوطن والمواطنة، لأن هناك بعضاً من شيوخنا الأفاضل يعتبرون أن الولاء والانتماء هو للأمة الإسلامية وليس للأرض وليس للوطن الذي نحمل وثيقة بأننا ننتمي إليه ونَشْرُف بهذا الانتماء.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: طبعاً إن هذا مثلما تفضلت الأخت الكريمة خطأ في الفهم عند البعض ممن يجعلون الانتماء إلى الدين دون الوطن، الوطن هو الذي فيه الكعبة المشرفة، الوطن هو الذي فيه المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمكة: إنك أحب البلاد إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منكِ ما خرجت، وأيضاً مدح المدينة المنورة لما أقبل عليها، فإذن ليس هناك ما يدل أبداً على أن الإنسان لا يجوز له أن يحب وطنه، كما يحب ولده ويحب زوجته ويحب أرضه ويحب ماله، وتحبون المال حباً جماً، أليست هذه محبة؟ إذن الوطن هو عبارة عن ماذا؟ هو عبارة عن المواطنين، عبارة عن الأقارب، عبارة عن البيوت، عبارة عن الأراضي، عبارة عن المال، كل هذا يشمله هذا الوطن، وكما ذكرنا أيضاً هو من المقدسات، بل إنه حتى لو كان يعيش في بلد آخر لا يمنعه الشرع أبداً من محبته لوطنه وأن ينتمي إلى وطنه والله أعلم. |
عريف الحفل: فضيلة الشيخ نظراً لكثرة طالبي الأسئلة لدينا لو تتكرموا بالاختصار في الإجابات نظراً لغزارة علمكم أثابكم الله. |
هناك في الحقيقة الكثير من طلبات الأسئلة ولكن دعوني أكن عادلاً وأختارهم حسب أولوية الوصول إليّ، الأخ عبد العزيز قاسم طلب مداخلة وسؤالاً، ونرجو الاختصار بحدود دقيقتين. |
الصحفي عبد العزيز قاسم: بسم الله الرحمن الرحيم، مرحباً بك معالي الشيخ في هذه الاثنينية التي تألقت بوجودك. لقد أجريت معك شيخ عبد المحسن مكاشفات كبيرة قبل خمس سنوات ولكنها للأسف وُئدت في مهدها لجرأتها الشديدة وإجابتك الصريحة، أجدها فرصة لأعتذر إليك وقد أتعبتك كثيراً، عموماً لطالما عرفناك فقيهاً خلاقاً وعالماً مبادراً وناقداً جريئاً، تعبر عما تعتقده صواباً وإن لامك أقوام وأغلظ لك آخرون. نحن الصحفيين أكثر الناس حفاوة وفرحاً بهذه المبادرات الفقهية التي ربما لا تتساوى والسائد الفقهي في ساحتنا الشرعية، إذ نتحصل منك على خبطات إعلامية نقتات عليها أسابيع وشهوراً. سؤالي يا معالي الشيخ: باشرت حواراً شجاعاً ونادراً مع إخوتنا الشيعة بالقطيف منذ نحو سنتين، وأثار هذا الحوار السلفي -الشيعي زوبعة كبيرة داخل الصف الإسلامي.. سؤالي: |
لماذا توقفت مسيرة الحوار بينك وقد قدت الصف السلفي وبين الشيخ حسن الصفار الذي قاد الصف الشيعي؟ ما هي الأسس التي انطلقتما منها، والأهداف التي أردتما الوصول إليها؟ ما هي حجج المعارضين لك؟ وأخيراً هل نتوقع استئنافها من جديد؟ شكراً جزيلاً.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: شكراً للأخ عبد العزيز وهو أخ عزيز.. لم توأد جميع المكاشفات بل نُشِرَ بعضها ووئد البعض، أما بالنسبة للحوار فقد بدأ الحوار مع الشيخ حسن الصفار ومعه أيضاً اثنان من علماء الشيعة وكان التركيز على أننا نعتمد على أصل وهو الكتاب، ثم بعد الكتاب السنة، وأن هذا القرآن العظيم يجب علينا أولاً أن نجعله هو الأصل وألا نفسره إلا بمقتضى اللغة العربية، وما نُقِل عن الثقاة من المفسرين وحتى من أئمة أهل البيت فهم أئمة أهل البيت؛ فهم أئمتنا وهم قدوتنا، المشكلة ليست فيهم، المشكلة في عدم النقل الصحيح عنهم، وإلا فهم لا يختلفون أبداً عن بقية الأئمة من أهل السنة والجماعة، لأنه كما هو معروف أنه حدثني الثقة حدثني.. ما هو هنا أسانيد ذكرنا هذا فقلنا له أولاً لا بد أن نقرر الآن فنأخذ الحوار شيئاً فشيئاً، لا بد أن نُجمِع على أن أول الأصول هو القرآن وتفسير القرآن، لأنه قد يُقال هذا القرآن هو المستند، طبعاً عند بعض علماء الشيعة فإن هذا القرآن هو قرآن عائشة وقرآن فاطمة مختلف وفيه كذا... لكن هم أقروا بأن هذا القرآن هو المعتمد، قلت فلنبدأ من هذه النقطة، ما دمنا الآن نجمع على أن هذا هو القرآن، بل قال هذا القرآن المطبوع في مطبعة الملك فهد، حتى لا يكون هناك "تقية" فهذا هو القرآن، أما التفسير فقد يكون هناك تفسير وتأويلات بعيدة عن المعنى الظاهر، فلا بد من الرجوع إلى تفسير تسعفه اللغة العربية، أما أن يُفسَّر تفسيرات بعيدة كل البعد عن الظاهر: مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (الرحمن: 19) أي عليٌّ وفاطمة، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (الرحمن: 22) أي الحسن والحسين، فلا شيء يدل على هذا، يعني بعيد كل البعد ولا يمكن أن يقبل هذا لا عاقل ولا لغات تسعف في فهم هذا.. إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً (البقرة: 67) أي عائشة رضي الله عنها.. سبحان الله، أشياء كثيرة لا يمكن أن تُقبَل، أيضاً التعرض لـ صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمهات المؤمنين (رضي الله عنهما) هو في الحقيقة قال نحن معكم لا يجوز أن تُسب نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولا أن يُسب الصحابة، اجتمعنا على هذا وعلى أن يُفَسَّر القرآن بموجب اللغة، وما ثبت عن الأئمة فنحن كلنا نقول به -ما ثبت حقيقة.. لقد وصلنا إلى هذه الدرجة من التفاهم، واتفقنا على أن يكون بعد ذلك اجتماع بين علماء السنة وعلماء الشيعة للتوقيع على وثيقة، ثم جاء من هم لا يعقلون ولا يفهمون، فدخلوا لإفساد ما اتفقنا عليه، وظنوا أننا نريد أن نُميّع الدين، وتكلموا باتهامات طبعاً أنا لا أقبل أن أدخل في مهاترات ولذلك توقفت، إذ لا يمكن أن نستمر بهذه الطريقة وهناك من يريد أن يُفسد علينا، حتى أنهم تكلموا بكلام جارح وشتموا الحاضرين من الشيعة، فرفضت أن أستمر في هذا الحوار ما دام هناك من يسيء إلى المتحاورين، فهذا الذي أوقف التفاهم مع الأسف أنه من أهل السنة، والذي أساء والذي تدخل هو من أهل السنة. |
عريف الحفل: أنقل السؤال للأخوات هناك. |
الأستاذة نازك الإمام: نعم لدي سؤال هنا من إحدى الطالبات في جامعة الملك عبد العزيز. سهام العبد الله من قسم علم النفس في جامعة الملك عبد العزيز تفضلي. |
السلام عليكم سؤالي يقول: كَثُرَ الآن مفسرو الأحلام في جميع القنوات وكأن الأمر أصبح تجارة لدى بعضها، نريد توجيهاً منكم حول هذا الأمر؛ فبعد أن كان مفسرو الأحلام يعدون على الأصابع في الأزمنة السابقة، أصبحوا الآن في كل منطقة بالعشرات.. نريد توجيهاً يا شيخنا الكريم.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: طبعاً تفسير الرؤى ينبغي ألا يكون في وسائل الإعلام لأن هذه خصائص، في الغالب أن الرؤيا تخص الرائي وأهل بيته، وأقاربه وأصدقاءه.. لقد عبَّرت مرات عديدة لبعض الأصدقاء تعبيراً كشف أمراً كان يخفيه الرائي عن الناس في أسرته فتعجبوا، فقال: الله هذا لا أحد يدري عنه.. الرؤيا قد تنبئ عن أسرار تحصل بين الشخص وأهل بيته، فكيف تفضح هذه الأمور أمام الناس؟ إما أن يُعبِّر تعبيراً صحيحاً ودقيقاً وهذه مشكلة، وإما أن يعبر تعبيراً عاماً بعيداً لا يستفيد منه الرائي، فإذاً إما أن تكون فضيحة أو تكون شيئاً غير مفيد، لذا فإنني ضد تعبير الرؤى عن طريق وسائل الإعلام وإنما يكون التعبير بين الرائي وبين المعبر، إذا كان المعبر يمتلك القدرة على التعبير فلا أحد يستطيع منعه من أن يعبر للناس على حسب قدرته واجتهاده لأنها فتوى، لأنها تعتبر فتوى كما جاء عن الله عز وجل يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُءْْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ (يوسف: 43) فإذا كان الشخص يستطيع فلا بأس لكن بشرط ألا يكون أمام الملأ، وقد تكون الرؤيا رؤيا هامة وفيها إخبار بشيء لا يجوز أبداً أن يطلع عليه الناس، فلا بد أن يُعالج سراً.. وأذكر أن شخصاً ذكر لي رؤيا وكنت في الـ mbc وامتنعت عن تعبيرها وذلك قبل حوادث التفجير، ثم حصلت التفجيرات في الرياض من الإرهابيين كما كانت في تلك الرؤيا، لكني امتنعت عن تعبيرها لأن هذا لا يصلح أن يُصرَّح به أمام الناس والله أعلم. |
عريف الحفل: القاضي منصور الشبيب. |
بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخوكم منصور الشبيب قاضٍ بديوان المظالم. أدلف إلى السؤال مباشرة: |
لمعاليكم خبرة كبيرة وعلوم كثيرة وقد كنتم قاضياً فمفتشاً قضائياً وعضواً بمجلس الشورى فمستشاراً بالديوان الملكي.. ما رأي معاليكم في تقنين الشريعة وما هي الرؤى المستقبلية في القضاء في عهد الخير والنماء عهد ملك القلوب والإنسانية خادم الحرمين الشريفين حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا وعلماءنا وجعل مملكتنا الحبيبة، المملكة العربية السعودية في كل خير وفي مضمار شريف وشكراً لمعاليكم.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: شكراً لفضيلة الشيخ.. أما بالنسبة لما طرحتَه، لا يقال تقنين الشريعة إنما تقنين الأحكام الفقهية، وهو كما ذكرت قبل قليل وضع مدونة فشرحت هذا، لكن الشريعة طبعاً لا تُقَنن وإنما تقنَّن الأحكام الفقهية والمستطاع من نصوص الشريعة، أما التطلعات فهي تُنبئ إن شاء الله عن تفاؤل كبير لجهة ما يحصل من تطور لجهاز القضاء في المملكة وننتظر الإسراع في تطبيق هذه الأنظمة وإنشاء المحاكم المتخصصة.. ننتظر ذلك بفارغ الصبر حتى ننتهي من المعاناة أو على الأقل من كثير مما يعانيه المتقاضون أمام المحاكم والله أعلم. |
الأستاذة نازك: نعم السؤال لدى الأستاذة دلال. |
صاحب الفضيلة، يتفق معي عدد من السيدات في هذا المكان في طرح هذا السؤال وليتسع صدركم صاحب الفضيلة لسؤالي.. إن إمامة الحرمين الشريفين تشريف وتكليف، لماذا لا يكون أئمة وخطباء المسجدين المسجد الحرام والمدينة المنورة من منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة، أو فلنكن صرحاء من المنطقة الغربية ويُكتفى فقط باختيار المؤذنين من هذه المنطقة؟
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: الشيخ عبد الله خياط -رحمه الله- كان إماماً للمسجد الحرام وخطيباً وهو من أهل مكة وكذلك ابنه الآن الشيخ أسامة، وهناك أيضاً عدد من الأئمة من المنطقة الغربية ومنطقة المدينة وعلى كل حال لا أظن أن هناك نوعاً من العصبية أبداً، هذا في ظني ولكن هذا الأمر يستطيع أن يفسره المسؤول عن شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. |
عريف الحفل: دكتور يوسف العارف. |
بسم الله الرحمن الرحيم.. معالي الشيخ، كلما أراك في القنوات أو مشاهدةً وأنت كنت ضيفنا في التعليم أقول هذا هو الوجه المشرق والعقل المضيء.. بارك الله فيك بوجهك المشرق وعقلك المضيء، من يقرأ سيرتك يعرف أنك من المدرسة الفقهية النجدية لكنك عشت في الحجاز، وتأثرت بهذه المدرسة الفقهية الحجازية السهلة الميسرة، إن كانت قراءتي صحيحة فأيدني وإن كانت خاطئة فاعذرني، المسألة التي أريد طرحها تتعلق بـ علم الخاصة أو فتوى الخاصة وفتوى العامة، عندما أفتيت بحل السحر بالسحر قال لك المعارضون إن هذه الفتوى لا تقال إلا للخاصة، فلماذا تقولها للعامة؟ أريد أن أعرف ما هي الفتوى التي لا تُقال إلا للخاصة والفتوى التي لا تُقال إلا للعامة وشكراً لك.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: جزاك الله خيراً وأشكرك جزيل الشكر على ما تفضلت به. أما بالنسبة للمدرسة فهي المدرسة الشرعية ولا ينبغي أن يُقال مدرسة نجدية أو مدرسة حجازية وإنما هي مدرسة فقهية شرعية، وقد يؤثر على الإنسان المجتمع الذي يعيش فيه بلا شك، وأذكر أن بعض العلماء قد خرجوا عن محيط مجتمعهم فتغيروا، وتغيرت أفكارهم واجتهاداتهم واتسع أفقهم فربما للمجتمع تأثير لكن منذ الصغر، وأنا لم أحب مخالطة الناس كثيراً ولم أخالطهم إلا بعد ما تخرجت من كلية الشريعة وكانت مخالطتي محدودة، إنما أنا أتفحص النصوص وأفكر في النصوص وأفكر في أقوال أجد أنها تستدعي دليلاً إنها مبنية على نحو: بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (الزخرف: 22) وفي الآية الأخرى مُّقْتَدُونَ (الزخرف: 23) وجدت أن بعضهم يسير على ما قال الأولون دون أن يميز. إن الله أعطاك عقلاً ميّز به بين الصواب والخطأ، الحق والباطل، مستندنا الكتاب والسنة والقواعد والأصول، أما أقوال الرجال فهم يختلفون في ما بينهم ويختلف الإنسان حتى في أقواله هو، فلذلك لا بد أن نرجع إلى القواعد وأن نفقه، من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ما قال يحفِّظه، فالحافظ مثل جهاز الحاسوب (الكمبيوتر) أو الكتاب تستطيع بكل سهولة أن تطلع على ما فيه دون أن ترجع إلى شخص ينقل لك الكلام، بينما الفقه هو فهم المسألة والتكييف الصحيح لها ووضع الحكم الشرعي المطابق لها. أما بالنسبة للسؤال الآخر: فتوى العامة والخاصة، أنا أتعجب! الله عز وجل يقول في ذم الذين يكتمون إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ (البقرة: 174)، وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ، (آل عمران: 187)، من كتم علماً نافعاً ألجمه الله بلجام من نار ذكرت هذا في كتابي الصارم، فكل شبهة عند هؤلاء ذكرتها في هذا الكتاب ورددت عليها، فليس هناك فتوى خاصة وفتوى عامة، لماذا؟.. الدين أنت تخص به الناس دون الآخرين، لا يجوز هذا الواجب من باب النصيحة، فالنصيحة تخص بها أحدهم إلاّ أن الفتوى تكون عامة، لماذا؟ لأنه لا يجب أن تبقى هناك شريحة من الناس من دون أن تستفيد من هذه الفتوى وتعاني مشكلاتها.. هذا ليس صحيحاً، الواجب أن تنشر العلم أمام الناس ثم إن هؤلاء الذين أفتوا هؤلاء العلماء قد كتبوا فتاواهم في كتب، وهي موجودة في المكتبات.. انظر صحيح البخاري بشرح فتح الباري، انظر في كتب فقهاء الحنابلة وفقهاء الشافعية كلها تجد الكلام فيها واضحاً ما أخفت شيئاً منه، هي منشورة والله أعلم. |
عريف الحفل: طبعاً كما أشار عليَّ راعي الأمسية الشيخ محمد الدحيم بأنه سنكتفي بسؤال من السيدات وسؤال من قسم الرجال بسبب ضيق الوقت، وأعتذر بالمناسبة للأخ جمال برهان وعبد الحميد الدرهلي نظراً لانتهاء الوقت. السؤال الآن عند قسم السيدات. |
الأستاذة نازك: أنا سأسأل نيابة عن الأخت غالية أحمد سؤالاً، وأيضاً هناك من الأخت سارة أيضاً سؤال من شقين: |
قامت حكومة المملكة العربية السعودية بتقنين الزواج من الأجانب والأجنبيات من خلال الحصول على إذن بالرغم من جواز الزواج من الأجانب شرعاً، ولكن المصلحة العامة اقتضت تقنين ذلك، لماذا -ونحن نرى مآسي كثيرة من وراء التسرع في الطلاق- لماذا لا يُقنن الطلاق بأن يتم عبر المحكمة بعد أخذ موعد من القاضي بدلاً من إطلاق يد الرجل في الطلاق ليبحث عن فتوى بعد ذلك لإعادة زوجته إلى عصمته؟ وأيضاً السؤال من الأخت سارة: هل أنواع الزواج المسمى الآن بأسماء كثيرة حلال أم نوع من أنواع الحرام؟ وما رأيكم في أنواعه المختلفة؟ الموضوعين عن الزواج، شكراً لكم.
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: طبعاً بالنسبة لتقنين الطلاق أنا أقول للأخت الكريمة أولاً إن النصوص تدل على أنه من أطلق لفظ الطلاق فإنه يقع، ولا يمكن أن نقول إن طلاقه باطل، إلاّ أن بعض الذين يستفتون تجدهم يقولون طلقت امرأتي في حالة غضب وذهبت إلى المحكمة وثبتُّ هذا في صك، المحكمة محكمة في الأحوال الشخصية هذه إن جاءت إن شاء الله لكن هي الآن محكمة الضمان، الواجب أن تكون محكمة الأحوال الشخصية، القاضي يعطيه موعداً ينصحه ويقول أعطيك كان طلّق وانتهى طبعاً يثبته، وإن لم يطلّق بعد ينصحونه ويقولون نعطيك وقت تفكر فيه، لكن مع هذا كله تجد أنه يذهب إلى المحكمة وبعد شهرين مثلاً يُثبِّت طلاقه ويقر بالطلاق ثم يأتي ويستفتي. طيب ما الذي عجلك؟ لماذا تذهب؟ قل له لماذا تذهب إلى المحكمة؟ كيف طلقت بغضب وذهبت إلى المحكمة؟ فيوم رميت الطلاق كانت المحكمة مفتوحة فذهبت على الفور وثبتَّ طلاقك، هذا لا يجوز، لا يجب أن تثبت طلاقك إلاّ بعد فترة طويلة. إذاً كثرة الطلاق ليست مبنية على عدم التقنين أو على منع الناس من أن يثبتوا الطلاق إلا إذا كان أمام القاضي، طبعاً هذا يتعارض مع النصوص؛ لأنه متى تلفظ بالطلاق وقع، وإن لم يكتبه وإن لم يثبته لدى القاضي والله أعلم. |
عريف الحفل: السؤال الأخير أو المداخلة الأخيرة لدى الدكتور عبد الله مناع. |
يا فضيلة الشيخ الليلة عظيمة والليلة جميلة، ولقد سعدنا بما سمعنا منك ولا أريد أن أُثقل فاتورتك بسؤال قد يكون ثقيلاً.. إن ديننا دين الرحمة والله يقول:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ (النحل:90)، غير أننا نرى أن الأحكام التعزيرية قد بالغت في موضوع الجلد، بألف جلدة وألفي جلدة وثلاثة آلاف جلدة، وهو أمر لم تعرفه دول إسلامية أخرى ونحن وحدنا الذين ننفرد بهذه الأحكام الغليظة والمنفرة والغريبة حقيقة، وهي أيضاً أحكام لم تنشأ ولم تظهر إلاّ في السنوات العشر الأخيرة، أما من قبل فلم نشهد عدداً من الجلدات بلغ ألف جلدة وألفي جلدة لأن هذه لا تحتملها حتى الحمير، نريد أن نعرف من فضيلتك ما هو السند في حكم كهذا؟ أما أن يترك الأمر لهؤلاء القضاة صغاراً أو كباراً بأن يحكموا أحكاماً تعزيرية تصل إلى ألف وألفين وثلاثة آلاف جلدة فهذا يسيء إلى الوطن إلى الأمة إلى الإسلام نفسه، وشكراً. |
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: سؤال مهم جداً وقد كتبت في هذا بحثاً ولعلي رفعته وهو أنني لم أجد دليلاً على هذه الآلاف من الجلدات إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يثبت أنه جلد أكثر من مئة جلدة كما جاء في القرآن، وعمر رضي الله عنه نُقل عنه ثلاثمائة جلدة ولم تصح، إذاً لم أجد دليلاً على الزيادة على مئة جلدة، لكن للأسف أنه لما كان هناك قول مفاده أن التعزير لا يحد بحد وهو رأي بعض المحققين، فإنه يجب أن تراعى فيه العقوبة المعقولة المقبولة، لكن بعضهم كريم كما قلنا في إيقاع العقوبات. أنا أظن أنهم لو أتوا بقاضٍ وسجنوه عشرة أيام لجرّب السجن عندئذٍ وتروّى في أحكامه. |
أحد الحضور يسأل: والجلد..؟
|
معالي الشيخ عبد المحسن العبيكان: "لا عاد الجلد".. يعني يحس بمعنى الجلد يحس بمعنى السجن، أما عشر سنين وعشرون سنة وخمس عشرة سنة، وبعضها فيه عقوبات.. هناك جرائم لا تصل إلى هذا الحد، والسجن الطويل بما فيه من المآسي ليس إصلاحاً للشخص، ينبغي أن يعاد النظر في الموضوع، ولهذا طالبت بأن تؤلف لجنة من متخصصين من أهل الفقه وأهل القضاء ومن علماء في الاجتماع وعلم النفس وأيضاً من رجال الأمن؛ فيجتمعون لتقدير العقوبات، ويراعون هذه الجوانب عندما يقدِّرون العقوبة التعزيرية، لأن العقوبة التعزيرية مرجعها إلى رأي الإمام، فالإمام هو الأصل في تقدير العقوبة التعزيرية، وقد أناب القضاة فيها، لكن من حقه أن يتجاوز عن التعزيرات وأن يلغيها وأن يقلل منها، فلذلك لو وضعت لجنة لتلافينا هذه المشكلة التي ذكرها الأستاذ الكريم، ولوضعت اللجنة لكل عقوبة حداً أعلى من سجن أو جلد أو نحوه، حتى وأيضاً العقوبات البديلة هي اليوم ممتازة جداً لأن المقصود إصلاح الشخص نفعاً له ونفعاً للمجتمع وليس المقصود إيذاءه أو تعذيبه، وشكراً. |
عريف الحفل: شكراً للجميع أيضاً.. نعتذر للإخوة الذين أشاروا إلينا بطلب السؤال ولم نتمكن نظراً لانتهاء الوقت ونرجو إن شاء الله أن تتاح لهم الفرصة في الأمسيات القادمة. الآن أُعيد الميكرفون إلى فضيلة الشيخ محمد بن صالح الدحيم راعي هذا اللقاء ليختتم الأمسية، وفي الختام شكراً لكم. |
|