شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خير من تعلم وأعلم بالله عز وجل، وعلى آله وصحبه الكرام الطاهرين.
الأستاذات والأساتذة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يطيب لي أن نلتقي الليلة بفضيلة الشيخ عبد المحسن بن ناصر آل عبيكان، عضو مجلس الشورى، والمستشار بالديوان الملكي.. وصاحب المؤلفات والفتاوى التي تركت أثراً ملموساً في المجتمع، مرتكزاً على جهد نوعي في العطاء المعرفي وفق مجموعة رؤى قد نتفق أو نختلف حولها، يعتقد أنها الأسلوب الأمثل والأمتن في التصدي لكثير من المشكلات، ومحاولة وضع الحلول الناجعة لبعض أدوائه.
نحتفي بفضيلته وفي جعبة كثيرين منا أحكام مسبقة أو أفكار تتجانس أو تتعارض مع بعض الفتاوى التي أصبحت طابعاً مميزاً لفضيلته. فنحن كما تعلمون في عصر السرعة والإنترنت التي طوت المسافات، وقربت البعيد.. فانداحت دوائر التواصل وتلاشت فواصل الزمان والمكان، وإن ترك هذا الفضاء الهلامي الباب واسعاً ليقول كل ما يشاء دون رقيب أو حسيب، وما يكتنف ذلك من تطاول على بعض العلماء مع تصيد الهفوات لتصفية الحسابات.
وبهذه المناسبة فإن "الاثنينية" أكدت منذ بواكير انطلاقتها على خمسة مبادئ مهمة لم تحد عنها قط؛ فهي تنأى عن الخوض في التيارات السياسية، والمذهبية، والعرقية، والدينية، وتصفية الحسابات.. وظلت هذه الثوابت تمثل حصناً ضد الوقوع في براثن التنظير الذي لا يبنى على حقائق راسخة، أو التطاول على الآخرين من منطلقات غير موضوعية يجور بها المتسكعون في طرقات المعرفة عن وشائج الخير والحق والعدل.
أمسيتنا هذه ليست بدعاً بين نشاطاتنا خلال سبع وعشرين سنة، فضيفنا الكريم معلوم أنه شخصية خلافية، له مؤيدون ومعارضون في كثير من المنتديات والساحات المهتمة بالشأن الديني والاجتماعي، فقد توسع الناس في طلب الفتوى حتى ضجت بها وسائل الإعلام المختلفة، وأصبح لها نجوم ورموز وأقطاب، ووصل الخلاف والتشنج درجات غير محمودة فيما ينبغي أن يكون عليه الحال بين العلماء وطلابهم أو المتلقين بصفة عامة، وماجت الساحة بأنصاف المتعلمين الذين يمثلون الخطر الحقيقي في التعامل الحضاري، لا سيما أن كثيراً من نقاط الخلاف تندرج تحت باب المصالح المرسلة التي تحتمل أكثر من قول، وقد تتغير الفتيا حولها بتغير الزمان والمكان.
وأحسب من الأمور المهمة التي تناولها ضيفنا الكريم -دون ترتيب- ما شغل المواطنين حول "عمل المرأة" ومشاركتها في الحياة الاقتصادية وتأثير ذلك في مستوى البطالة أو النهوض باقتصاديات الأسرة، وقد شارك فضيلته في جلسات الحوار الوطني الفكري السابع الذي بدأ في مدينة بريدة بتاريخ الثلاثاء 22/04/2008م-الموافق 16/4/1429هـ بعنوان "مجالات العمل والتوظيف.. حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل".. وشهدت الجلستان الأولى والثانية اختلافاً بين المشاركين حول نسبة البطالة الحقيقية في المجتمع وأسبابها، والضوابط الشرعية لعمل المرأة... حيث أكد فضيلة ضيفنا الكريم عقب انتهاء الجلسة الثانية التي ناقشت عمل المرأة "عدم وجود نص شرعي يحرّم الاختلاط في أماكن العمل".. وأضاف أن وجود الموظفة بالحجاب الشرعي في مواقع العمل مع عدد من الموظفين لا يعتبر خلوة، ولا يحرم إلا في حال الافتتان، لافتاً إلى أن "الاختلاط موجود في الطواف والسعي، وفي الأسواق، وليس كل اختلاط محرم بل الذي فيه فتنة".. ومما لا شك فيه أن مثل هذه الفتوى وجدت من تصدى لها بعنف شديد، وللأسف فإن إطلاق صفات التكفير والتخوين والتجهيل أصبحت في متناول الكثيرين، الأمر الذي ينبغي أن يلجم وفق أطر محددة وقوانين تسن الضوابط التي تحكم المتحاورين أينما كانوا.. وآمل أن تعمل الجهات المعنية جاهدة لأخذ زمام المبادرة في هذا الصدد.
وبطبيعة الحال لا أود أن أستعرض الفتاوى العديدة التي وسمت مسيرة ضيفنا الكريم ومنها أنواع الزواج من مسيار ومسفار وفريند ومتعة وغيرها.. وفتاواه حول حكم حل السحر بالسحر، وإسقاط الجهاد في حالة الضعف، والسجال المستمر حول توسعة المسعى بين الصفا والمروة، والاختلاط والخلوة الشرعية.. وغيرها من القضايا التي تشغل الكثيرين.. لقد ضج بعض المراقبين من كثرة الفتاوى رغم أن التعقيدات التي يعيشها مجتمعنا أقل بكثير مما يقض المجتمعات الأخرى، وبالرغم من ذلك يكثر الناس من طلب الفتوى دون مبررات كافية، لذا أرى من المهم إنشاء (مجلس للفتوى) تكون مهمته تلقي طلبات الفتاوى والبت فيها، ولا يحق لغيره أن يتجرأ على الفتوى مهما كان مبلغه من العلم، ويمنع الإفتاء عبر الإذاعة والصحف والفضائيات.. وبهذا ينحسر المد الذي أصبح يشكل مصدر قلق، وربما له تأثيرات أمنية تعيق الاستقرار والتنمية.
ولا يفوتني في هذه العجالة أن أشير إلى تحقيقه الكتاب الثمين الموسوم (غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام) لجمال الدين يوسف بن عبد الهادي، وهو مجموعة فقهية صدر منها سبعة مجلدات وتتسع آمال ضيفنا الكريم ليصل هذا المشروع إلى أربعين مجلداً.. ويعتبر من أمهات كتب الفقه الحنبلي، وقد استغرق العمل فيه جهداً كبيراً.
إن "الاثنينية"، ليست طرفاً في معترك وجهات النظر المختلفة، أو مع جهة دون أخرى، وحيادها التام أسهم في حصدها "جائزة مكة للتميز الثقافي" في دورتها الأولى، وأشير إلى أن الجائزة ليست لشخصي، بل وسام على صدر كل من حظينا باستضافتهم وتكريمهم، وكل من أسهم بكلمة، أو مداخلة، أو سؤال، أو مجرد الحضور، من الأستاذات والأساتذة الأفاضل، كما أن التهنئة بالجائزة التي أزجيها لكم جميعاً تحمل في مضمونها المزيد من المسؤولية المشتركة، خروجاً من دائرة الفرد إلى مظلة العمل المؤسسي الذي يتفاعل مع الحدث، عطاء وتمييزاً، وهو هدف نبيل وواجب وطني آمل أن نعمل جميعاً على أدائه بروح الفريق المتجانس.. وبذات الشفافية التي درجنا عليها أوجّه عتابي للصحافة التي غمطت الجائزة حقها في الحضور الإعلامي المناسب، وهو جحود شمل فروع الجائزة الثمانية، فمرت المناسبة رغم أهميتها دون تكثيف الضوء على هذه التجربة الحضارية التي ينبغي أن نشرف بها، ونصدرها للعالم بكثير من الفخر، كأمة تنفض عنها "ثقافة الإحباط" -وهي عنوان محاضرة لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة- وتسعى لنشر صحائف الأمل المشرق بنور المستقبل.
نلتقي الاثنين القادم إن شاء الله لنحتفي بالدكتورة أشجان محمد حسين هندي، الشاعرة وعضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية، كلية الآداب، بجامعة الملك عبد العزيز، وقد صدر لها ثلاثة دواوين، ولها مشاركات واسعة في الفضاء الثقافي داخل وخارج المملكة..
ويسعدني أن أنقل لاقط الصوت إلى أخي المستشار والمفكر الإسلامي الشيخ محمد بن صالح الدحيم مؤسس مركز التجديد الثقافي ليرعى هذه الأمسية بجميل فضله وإلى لقاء يتجدد معكم طبتم وطابت لكم الحياة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :531  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج