((الحوار مع المحتفى به))
|
عريف الحفل: شكراً لمعالي الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الخضيري، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، وكما أشار معاليه يُفتح الآن باب الأسئلة وستكون الأسئلة مباشرة من أصحابها، نود التعريف بالاسم أولاً وإذا ما كان هنالك مسمى أو جهة للسائل قبل طرح السؤال. يرجى الاكتفاء بسؤال واحد كما أشار الإخوة المنظمون. |
منصور الشريف: قاضٍ بديوان المظالم، بسم الله الرحمن الرحيم. |
في الحقيقة حديثكم يا دكتور جميل ورائع وإني أتمثل بقول المتنبي: |
وما زلت حتى قادني الشوق نحوه |
يسايرني في كل ركبٍ له ذِكرُ |
وأستكبر الأخبار قبل لقائه |
فلما التقينا صغر الخَبرَ الخُبْرُ |
|
سؤالي يا دكتور أرى أن تفعيل الدور السلوكي في مجتمعنا السعودي من الأهمية بمكان فلعلكم تعرجون على هذا الموضوع، وبالنسبة لطرحكم حول جائزة التميز الاجتماعي وتحديداً في ما يتعلق بالسجن أنا أضم صوتي إلى صوتكم وأقول إن السجن في الحقيقة سواء كان سجناً إصلاحياً أو سجناً سياسياً هو للأسف يُدرب المساجين على الخطأ، فيحكم عليه بعقوبة خمس سنوات ويدخل السجن وهناك يتعلم أشياء كثيرة، كذلك الفكر الضال السيئ الإرهابي يتعلمه بعضهم من السجون؛ إذ تجد مثلاً شاباً يحمل منشورة أو شيئاً من هذا القبيل فيحكم عليه بسنتين ويدخل السجن ويتعلم أفكاراً موبوءة تفسد بلدنا الطاهر هذا. آمل التعليق على قضية تفعيل الدور السلوكي وشكراً لكم.
|
معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري: حقيقةً إن تفعيل الدور السلوكي هذا هو الذي أبحث عنه وهو الذي شاقني للقاء بكم في هذه الليلة المباركة. إنني أرى المشكلة وأبحث عمّن يساعدني على الإجابة. لقد كنت اليوم في لقاء مع مجموعة من الإخوان المتخصصين في هذا المجال، أسألهم كيفية التعامل مع القضية؟ أنا لا ألوم بالمناسبة رجل الأمن، ولا ألوم القاضي لأن القضية وصلته، هذا دوره ولديه نظام يطبقه.. القاضي لن يستطيع أن يكون ذلك الأب لكل شخص يأتيه، فأمامه عشرات القضايا أو مئات القضايا، هذا دور مجتمع، أنا أبحث معكم كيف أستطيع مع مجتمعي أن أعمل على تطوير هذا الإنسان.. أريد أن أعطيكم مثالاً سريعاً إذ عشت التجربة عندما كنت أدرس وأشتغل في أمريكا، فالمفهوم الغربي أو ما نسميه بالعولمة يرتكز على الاهتمام بالفرد ويدور حول الفرد وتعظيمه، إلى درجة أن يصبح مستقلاً عن ذاته، ويضعف إحساسه بالمسؤولية أمام الآخر. لقد سكنت في حي من أرقى الأحياء في بوسطن، أنا بطبيعتي أحب أن أتكلم مع أي أحد وأحاور أي أحد، عندما ذهبت إلى أمريكا كان يهمني أن أتكلم الإنجليزية وكنت أستغل أية فرصة لتحقيق ذلك، فلو رأيت نفسي في مرآة في المصعد أتحدث مع نفسي وأقول: "مساك الله بالخير كيف الحال شلونك طمئني عنك"، فصرت أمشي وصادفت امرأة عجوزاً جالسة بجانب البحيرة في بيتها فمن باب طبيعتنا قلت لها: هاي، فانفلتت تتكلم.. أنا كل ما لدي عدة دقائق، كنت ذاهباً إلى الجامعة، فأنا جديد ولا بد أن أكون مؤدباً، ونحن معتادون أن المرأة الكبيرة في السن يجب احترامها، ثم قلت لها: أنا آسف لن أستطيع، فقالت لي: أنا لي أسبوع كامل لم أكلم أحداً (هي تعاني صعوبة في الحركة)، وإذا أردت أن أتحدث أضطر للذهاب إلى السوبر ماركت بجانبنا وأحاول أن أتحدث مع الذي يبيعون رغم مزاجهم السيئ لكن على الأقل أتكلم معهم فقط... صدقوني للأسف نحن كلنا نقول (واو) غير معقول هذا غير صحيح، اليوم نحن نعيش التجربة. |
وهناك حادثة جرت مع أحد الزملاء: أرادت والدته الذهاب إلى ابنتها (هي تسكن عند ولدها)، فأحضرها السائق وأنزلها عند باب بيت ولدها، دقت الباب فخرج لها رجل مختلف، صُعِقَتْ، يا حبيبة تفضلي ارتاحي، قالت: لا، طيب أعطينا الرقم.. ارتبكت إذ ليس بيت ولدها، قال لها: أعطيني التليفون ودعيني أتحدث مع ولدك، نتقابل أنا وهو ويأتي ليأخذك، رفضت أن تدخل إلى البيت وقالت: لن أدخل عندكم ربما تكونون (عزوبية)، وطبعاً هي امرأة في التسعين فجلست عند الباب، نادى الرجل ولدها وقال له: سائقكم أخطأ وأتى بأمك عند بيتنا، قال: حسناً أين أنتم في الحي، قال: ماذا تعرف؟ قال: والله نعرف "بندة"، و "بندة" هذه على بعد ربما ثلاثة كيلومتر، البيت الذي وجد فيه المرأة.. "خلاص قابلني عند بندة". ركب ذاك في سيارته وسار وهذا ركب في سيارته وسار وتقابلا عند بندة وأتيا سوياً، فإذا بهما يكتشفان أنهما جاران متلاصقان بينهما 20 سم، 20 سم فقط دُبلكس 22سم، هذا لا يعرف جاره! حسناً أين هما من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه"؛ "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد"، نحن نفتقد كثيراً هذا السلوك. |
حقيقة أذكرها لصاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز -رحمه الله- عندما عمل على تفعيل دور مراكز الأحياء وبدأت لبنة جميلة في تأليف القلوب في ما بينها في الأحياء والتعارف، وهي خطوة في الحقيقة بطيئة الحركة ولكنها تحمل خيراً عظيماً في ما لو نجحنا في استغلالها. لقد وجدت في بعض مراكز الأحياء في مكة المكرمة نوعاً من الهيمنة: فئة على فئة وفكر على فكر.. عالجنا الأمر وقلنا إن مركز الحي هو لكل سكان الحي السعوديين وغير السعوديين، الرجال والنساء، الأطفال والكبار. هذه خطوة لكنها خطوة بسيطة في حلقات كثيرة. أعطيكم أيضاً مثالاً أخيراً حتى لا أطيل في الإجابات: في مكة المكرمة وجدنا عائلة تُخدم من سبع جمعيات خيرية، وعائلات لا تُخدم من أي جمعية خيرية وكلهم فقراء، فأين التواصل الذي لا تستطيع أن تحققه إلا بجهودنا؟ أنا قلت وتكلمت كثيراً؛ كان الشارع يربي، عندما كنا صغاراً نلعب الكرة في الشارع، كنا نقف كالأصنام إذا مرّ بنا أحد المدرسين (استوب إلى أن يمر ويعدي)، اليوم يُضرَب المدرس في الفصل.. هذه لم تهبِط علينا من السماء، إنها نتاج ثقافتنا نحن، إذ إننا لم نبنِ ثقافة، وبالمناسبة حتى نجعل الصورة واضحة أكثر لن نقول إن الإعلام غيرنا.. فمن عاش في لوس أنجلوس في السبعينات يعرف أنه كانت هناك أكثر من تسعين.. أو مئة قناة تلفزيونية، أنا عشت التجربة في بوسطن أيضاً وأؤكد لكم أنه لا يمكن أن تجدوا عند الساعة التاسعة أحداً مستيقظاً، الناس جميعهم نيام، فيما مدننا تبقى مستيقظة ليل نهار، وتأتون وتشتكون الأمانة، وتقولون إن الأمانة لا تقوم بعملها، الأمانة لا تجد وقتاً.. نحن نعمل 24 ساعة، الشرطة تعمل 24 ساعة، فمتى ننام؟ |
أحد السفراء الأجانب كان يقول لي: أنتم ستتحولون إلى مصاصي دماء، تعملون في الليل وتنامون في النهار. لقد درَّست في الجامعة مدة من الزمن فكان الطلاب يأتون إلي وهم يسحبون (غترهم) إلى نصف الرأس ولا يلبسون (عِقِلْ) وكلهم جالسون (كِدا) ونائمون فلا أرى أعينهم. هم عشرون طالباً، فذهبت وأحضرت عشرين عقالاً ووزعتها عليهم وقلت لهم: على كل واحد منكم أن يضع (غترته) هنا ويثبّت العقال فوقها حتى أراكم. لا تستطيع أن تدخل إلى عقلية هذا الجيل وفي ظل هذه المنافسة، وتقول إن الإعلام أثر فينا، علينا نحن أن نؤثر في الإعلام، اليوم نحمد الله سبحانه وتعالى لأن الإعلام يصلنا بكل مكان في الدنيا. |
عريف الحفل: أولاً عذراً للأخوات السيدات، من المفترض أن نعطيهن فرصة للمداخلة، ثم إذا كان هناك سؤال، فالسؤال الثاني سيكون من قسم السيدات. تفضلْن. |
الأستاذة نازك الإمام: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. |
أصحاب المعالي.. أصحاب السعادة.. السيدات والسادة.. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
يُقدِّر العلم والعلماء والعمل الجاد ويحاول أن ينهض بمستوى الأفراد والمؤسسات على حد سواء، إنه رجل متميز في بلد متميزة، ألا وهي مكة المكرمة، لذا فهو عاشق للتميز، ويشجع المتميزين، إنه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، الذي شجع هؤلاء المتميزين عبر إطلاقه لجائزة مكة للتميز، تلك الجائزة التي تسعى إلى تكريم الجهد المتميز والفكر المبدع في حقول الفكر والعلم والثقافة والعمل في منطقة مكة المكرمة، وذلك بإذكاء روح المنافسة والارتقاء بمستوى الأداء والجودة للمضي نحو العالم الأول، كما يقول سموه الكريم، وتطلعاً نحو مزيد من الإبداع في إتقان العمل، ولأن ضيفنا الكريم كان شاهداً وعضواً في تلك الجائزة وانطلاقها فقد آثر أن يشرفنا بالحضور لما لتلك الجائزة من أهمية بالغة لدى الكثيرين. |
إنه معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري، وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة، الذي حلَّ اليوم ضيفاً على الاثنينية والذي نشكره لتسليطه الضوء على أبعاد هذه الجائزة وما تم تقديمه للمبدعين والمتميزين من خلال استعراض الخطط والإنجازات الخاصة بها، ونجدها فرصة ومناسبة اليوم لتهنئة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه لفوز الاثنينية بجائزة التميز الثقافي في دورتها الأولى. |
واسمحوا لنا بدايةً أن نبدأ بالأسئلة.. معنا عدد كبير من الحضور، ونبدأ مع الأستاذة منى مراد من جريدة "البلاد"، تفضلي. |
السلام عليكم، حظيت المرأة بالتكريم في فرع من فروع الجائزة وهو التميز العلمي والتقني والذي كان من نصيب الدكتورة سميرة إسلام، فهل سنشهد المزيد من هذه النجاحات للمرأة السعودية، عبر هذه الجائزة في الدورة الحالية الجديدة؟ شكراً.
|
معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري: ستكون إجابتي سريعة ومباشرة؛ الجائزة لا تتجه إلى جنس دون آخر، الجائزة تتجه إلى التميز، ربما يفوز بالفروع الثمانية جميعها نساء، وربما يفوز بالفروع كلها رجال، وأصدقك القول، لم ننظر مطلقاً إلى جنس من سيفوز بالجائزة، لم ننظر مطلقاً إلى إرضاء فئة على فئة، هذه الأمور غائبة عنا تماماً وستبقى بإذن الله سبحانه وتعالى غائبة عنا أبداً لأن ما يهمنا هو المتميز بغض النظر عن جنسه أو عمله أو عمره أو علاقتنا به أو غير ذلك من الأمور، وهذه يجب أن تبقى في أذهاننا جميعاً ويجب أن نحاسب إذا أخطأنا في تحقيقها. شكراً. |
الأستاذ عبد الحميد الدرهلي: أخي الأستاذ الدكتور عبد العزيز الخضيري، أهنئكم على صراحتكم وعباراتكم الجياشة. أولاً أنا مدير عام متقاعد في وزارة التخطيط، وقد خدمت الوزارة في جميع خطط التنمية، ثانياً: لو نفذت السلطات السعودية بكاملها نصيحة الملك فيصل لنا.. قبل الخطة الأولى عرضنا على جلالة الملك فيصل -رحمه الله- في الطائف التقرير الاقتصادي فقال لنا: ماذا تريدون؟ فأجابه الشيخ هشام ناظر: أن تسمح لنا بوضع الخطة، خطة التنمية للمملكة من أجل التنسيق وتنفيذ مشاريع من دون تكرار أو ازدواجية، قال له: لا مانع، ولكن نصيحتي ألا تكثروا من المشاريع، وتسيروا في خطة تنمية "يواش يواش" بالتركي، وإلا سنواجه مشاكل لا حصر لها لأن مشاكل العمال والموظفين صعبة وهذا الذي حصل، فنحن في الوزارة وفي جميع الدوائر لم ننفذ نصيحة المرحوم جلالة الملك فيصل، بأمر من الجهات العليا، هذا الذي حصل، بل أكثرنا من المشاريع وجلبنا من الخارج 12 مليون عامل، وليس ستة أو سبعة ملايين كما يذكر، وبالتالي كثرت مشاكلنا الاجتماعية كما تفضلت، تلك المشاكل التي لم نكن نشعر بها منذ أربعين أو ثلاثين سنة أيضاً، لماذا؟ لأن العامل كما ذكر الملك فيصل -رحمه الله- أحضر معه مشاكله الاجتماعية فكيف يمكن لنا علاج هذه المشاكل؟ علاجها أولاً بالأمن العام، أقولها بصراحة إن الأمن العام مقصر، أكان شرطة أمن أو شرطة مرور والحوادث المرورية كثيرة، لأن ليس هناك رقابة من رجال المرور ولا تنظيم شوارع من جهة الأمانة والمرور. ليس هناك تنفيذ للمشاريع، لدينا نظام مكافحة التستر لم ينفذ!!. |
الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني: شكراً أستاذ عبد الحميد الدرهلي. لو سمح سعادة الدكتور أن نجمع ثلاثة أسئلة أو أربعة علها تكون متقاربة لأنه ربما أن السائلين يكونون كُثُراً، فإذا رأيت أن نجمع الأسئلة (عوائل) إن صح هذا التعبير. |
معالي الدكتور عبد العزيز الخضيري: أنا قدمت الاقتراح في البداية، وقلتم لي سؤالاً سؤالاً، قلت لكم: سؤالاً سؤالاً، تريدونها اثنين اثنين، فلتكن اثنين اثنين، ثلاثة ثلاثة، ثلاثة ثلاثة، أي خطة يريدها المدرب أنفذها، وأعود إلى نصيحة الشيخ عبد الحميد لأقول: لو أننا أخذنا برأي الملك فيصل -رحمه الله- لربما كنا حققنا شيئاً وأخفقنا في شيء آخر. أنا أذكر بالمناسبة أنه في لقاء الجمعية السعودية لعلوم العمران عندما شُرِّفت برئاستها، كان هنالك احتفالنا السنوي بمناسبة.. عندنا لقاء سنوي للجمعية العمومية وإلقاء محاضرات، كانت مناسبة تلك السنة (سنة 19) مرور مئة سنة على تأسيس المملكة، طلبت من الإخوان قائلاً: عندنا أربعة أشخاص كان لهم دور الريادة في التنمية في المملكة، دعونا نحضرهم ونطلب منهم أن يتكلموا عن التجربة، الأمير سلمان والأمير خالد الفيصل والشيخ عبد الله النعيم والدكتور محمد سعيد فارسي، هؤلاء الأربعة في الحقيقة كلٌّ من مكانه كان له دور وبصمة في تنمية الطفرة في فترة الطفرة. أنا أصدقكم القول كنا نعتبرها بين قوسين (محاكمة) دون أن نعلنها بما وصلنا إليه من خير ومن شر، تكلم الأمير سلمان بصوت واضح وقال: طرحنا سؤالين، هل تتواكب التنمية العمرانية مع المرافق والخدمات أم نجعل التنمية العمرانية تنطلق ونسهل للناس السكن؟ وكان هناك نقاش موثق من أجمل ما نوقش. |
بالمناسبة العالم كله اليوم يستقطب العمالة، أمريكا اليوم تجنس وكلكم تجدون على أجهزة الكمبيوتر فلاش ربما يأتيك ويقول لك تستطيع أن تأخذ الجنسية (والجرين كارت) وإلى آخره، دول العالم كلها تجنس، فيجب أن نكون أقوى من القادم، ولا نكون أضعف منه، نحن دائماً خائفون، ولدينا اتجاه للمدافعة.. إن نظرية المدافعة هذه يجب أن تعيد النظر بها -واسمحوا لي أن أقولها وأعتذر من الإخوان الداعمين لهذه النظرية- نحن يجب أن نتجه للبناء وللمدافعة، لا يجب أن نخاف من الآخر، المفروض أن نضع ثقافتنا وحضارتنا وعلمنا وقدرتنا أقوى من تأثير الآخر، لكننا نفتقد هذه الرؤية، كثير من خططنا وكثير من دراساتنا انتهت إلى الأرفف، لم ترَ النور بسبب عدم قدرتنا على إيجاد آلية، ولهذا السبب أصدقكم القول أيضاً مرة أخرى، يسألنا الأمير خالد في كل نقاش نحضره: كيف ستنفذون؟ ومن سينفذ؟ ومتى سينفذ؟ يعني أن الأمر جزء من المحاكمة، التزمنا بهذا المشروع، التزمنا بهذا البرنامج، أعطوني. اليوم في نهاية السنة الثلاثين ستكون محاكمة لنا جميعاً كأعضاء في مجلس المنطقة المعنيين بخدمة مواطن هذه المنطقة، كل مشروع أُنجِز سيقال للقائم عليه شكراً، والذي لم ينجز ستناقش معوقاته، والذي فيه لا قدر الله فساد أو خلل فسيحاسب المسؤول عنه. |
في البحرين التي يفصلنا عنها 25 كيلومتراً وجسر واحد، نتغير 180 درجة في سلوكنا عندما ندخلها، 25 كيلو لا يوجد فيها جنود أكثر مما لدينا.. ندخل فننضبط.. كيف ندخل الدوار الآن في جدة؟ الدوار لمن يدخل أولاً، وليس للقادم من جهة اليسار، الذي يغمض و "يدف" سيارته هو الذي يمر والذي يتوقّف ويتروّى ويراقب يبقى مكانه، أتحداك أن تؤشر بالإشارة فيعطوك الفرصة، كل مرة أستخدم فيها الإشارة للانعطاف يميناً أو يساراً، أرى الذي بجانبي يسرع قبلي ويندفع أمامي، فيما لو أغمضت عيني وانعطفت سيحترمونني، هذا ليس لشرطة المرور شأن فيه، هذه ثقافة مجتمع. جئنا بعقوبة السجن (فعلتْ صرخة الناس) إلاّ أننا أصررنا وطبقنا العقوبة بكل أمانة وقسوة، أتتنا آلاف الشفاعات اليومية: "هذا ولدي الوحيد ليس لي سواه"، و "الله ليس لدي غير هذا السائق"، جئنا للغرامة المالية أنت لا تريد أن تثقل.. هذه ثقافة مجتمع، كيف تبني الثقافة؟ كيف تؤسس للثقافة؟ نملك هذه القدرة، نريد فقط أن نمسك بزمام الأمور، أن نتعامل معها، أن نُفَعِّل في ما بيننا، يعني أنا أتمنى الحضور المبارك، لو خرج كل واحد منا الآن وأقنع نفسه أنه من هذه اللحظة سيبدأ بانتهاج السلوك السليم في تعامله مع الآخرين وفي حقوق الآخرين؛ ربما أكثرهم سيقول مرة أخرى، جاءتنا شكوى من حجاج تونسيين جاءوا إلى المملكة واشتروا من أحد المحلات التجارية في مدينة مكة المكرمة أجهزة، فغلفوها لهم وأعطوهم إياها، لما وصلوا تونس فتحوا العلب فوجدوها فارغة.. هذا لا دخل للمرور فيه أو للشرطة، أو الجوازات أو... هذا ثقافة سلوك، ولا أقول لك إنه من واحد أجنبي للأسف، فأنا كيف أزرع هذا؟ أحد الزملاء غير ملتزم بالصلاة فقلت له يوم السبت عند الظهيرة: يا أخي إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وكذا وكذا، قال أنا مستقيم، قلت: يا ابن الحلال إن الله أمرنا بالصلاة، قال: أبتدئ إن شاء الله من السبت القادم.. طيب لماذا السبت القادم.؟ من صلاة العصر!! لماذا نبدأ من بداية الأسبوع؟ فلنبدأ من العصر.. جزاك الله خيراً صلِّ، فنقول: لو أن المجموعة الجالسة هنا خرجت متفقة في ما بينها أن تأخذ بهذه المبادئ، وكل واحد منا مسؤول عن اثنين أو ثلاثة في بيته أو حوله يقنعهم بهذا التوجه، فكم ألف شخص سوف يتغير سلوكه؟ |
أيضاً حول قضية المدافعة وأنا آسف إن أطلت أحياناً في بعض النقاط لأنها فعلاً تهمني، فوالله لو أني أفتح لكم درج مكتبي وما يحويه من رسائل وردت لسمو أمير المنطقة وأخرى للوكيل، وما ورد على جهاز الكمبيوتر من شكاوى وهجوم قاسٍ قاتل على الشركة الصينية التي جاءت لتعمل في تنفيذ قطار المشاعر، شيء مخيف: "الإسلام سَيُحْتَل ومكة ستُدمَّر قدسيتها..." صدقوني والله العظيم وقفت في ليلة من ليالي رمضان أحمد الله سبحانه وتعالى؛ إذ من أربعة آلاف عامل أسلم ستمئة وستين احتفلنا بهم يوم العيد فإذا بهم قد ازدادوا واحداً وتسعين مسلماً، يعني أكثر من 30 بالمئة من العمال أسلموا، أكثر من الألف ونأمل إن شاء الله أنهم سوف لا ينتهون من عملهم إلاّ وقد أصبحوا كلهم مسلمين.. كم ألف خلفهم؟ لم نخف على الإسلام، الإسلام أقوى وأعظم، ولهذا السبب أقف دائماً في ألم وحرقة عندما نقارن الإسلام بالغرب ونحن المفروض فينا أن نقارن المسلمين بالغرب وليس الإسلام بالغرب، إسلامنا قوي وقدرتنا كذلك بإذن الله سبحانه.. وصدقوني إن من يوصل الرسالة شباب يحسنون التعامل، أصبحوا يزورونهم ويساعدونهم.. يشرحون لهم.. يذهب معهم مترجمون، حتى الشركة الأساسية بدأت تقلق منهم وأمسكت بمترجميهم.. الإخوان في مشروع تعظيم البلد الحرام جزاهم الله خيراً ساندونا بمترجمين جدد، واستمرت مسيرة العمل وهذا الذي نرجوه. دعوا الجنود يبتعدوا، أنا والله العظيم لو يعطوني هذا الأمر لكنت خصخصت المرور، أضع شركة خاصة وأرتاح، لأنك لن تستطيع أن تضع جندياً مع كل سيارة، أو تضع جندياً مع كل شخص أمام بيته، فأنا أتمنى عليكم جميعاً أن نكون ذلك الرجل الذي يسمى بالفعل المسلم الصادق ويقدم النموذج الذي دعيت إليه في بداية الحديث. |
الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني: شكراً معالي الدكتور وأنقل المايكروفون للأستاذة نازك وأرجو أن تسأل ثلاث نساء دفعة واحدة، مع التزام السائلة فعلاً بصلب الموضوع حيث إن لديها مجموعة ثوانٍ، فتفضلي يا أستاذة. |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً يا دكتور، طبعاً معنا الدكتورة سميرة إسلام، لديها سؤال.. أو مداخلة.. تفضلي دكتورة. |
|