من الشريف حسين إلى مكماهون |
مكة في 24 ذي الحجة 1333 (نوفمبر 1915)
(1)
|
بسم الله الرحمن الرحيم |
إلى السير مكماهون ((مع الألقاب)).. |
لقد تلقيت كتابكم الكريم بسرور المؤرخ في 15 ذي الحجة وها أنا أجيبكم عليه بما يلي: |
1- رغبة في تسهيل الاتفاق، وخدمة الإسلام واجتناب كل ما من شأنه تعكير صفو المسلمين، واعتماداً على صفات بريطانيا العظمى ومواقفها الحميدة فإننا نتنازل عن إصرارنا في ضم مرسين وأدنة إلى المملكة العربية، أما قضية حلب وبيروت، وسواحلها فهي عربية صرفاً، وليس هناك فرق بين المسلم العربي، والمسيحي العربي، فكلاهما من نسل واحد، وسنسير -نحن المسلمين- على خطة سيدنا عمر بن الخطاب وسواه من الخلفاء الذين فرضوا على المسلمين -بموجب الديانة الإسلامية- أن يعاملوا المسيحيين كما يعاملوا أنفسهم. وقد قال سيدنا عمر في حديث له عن المسيحيين بأن لهؤلاء ما لنا من حقوق وواجبات. |
وعلى هذا فإن المسيحيين سيتمتعون بما نتمتع به من حقوق، بما يتفق ومصلحة الشعب أجمع. |
2- لما كان العراق قسماً من المملكة العربية، وكان مركز حكومتهم في عهد علي بن أبي طالب، والخلفاء الذين تبعوه، ولما كان هذا القطر مهداً لحضارة العرب، ومدنيتهم، وفيه أنشئت أبنيتهم الأولى وفيه عظمت قوتهم فإن العرب القريبين والبعيدين ينظرون إلى هذا القطر نظرة اعتبار خاصة لا يستطيعون أن ينسوا بسهولة تقاليدهم وذكرياتهم ولذلك أعتقد أنه ليس في المستطاع إقناع الشعب العربي بالتنازل عن هذا القطر إنما رغبة منا في تسهيل الاتفاق واعتماداً على عهودكم في المادة الخامسة من كتابكم وحفظاً لمصالحنا المشتركة في هذا القطر، فقد يوافق أن نترك الآن لمدة قصيرة الأراضي التي تحتلها الجيوش الإنكليزية، تحت إدارة إنكلترا، لقاء مبلغ من المال يدفع كتعويض عن مدة احتلال تلك المنطقة، واحترام اتفاقكم مع شيوخها. |
3- وإذا كنتم ترغبون في الإسراع بالثورة فإننا نرى أن أمامنا كثيراً من المخاوف وأول ما نخشاه أن يقوم مسلمو الطرف الآخر، ويلوموننا على حركتنا وثورتنا على حكومة إسلامية. |
ثم هناك أمر آخر نخشاه، وهو أننا إذا وقفنا في وجه الأتراك ووراءهم جميع القوى الألمانية، فإننا لا نستطيع أن نعرف، إذا كان من الممكن أن تضعف إحدى الدول المحالفة وتطلب الصلح وتتركنا إنكلترا وحدنا أمام الأتراك أم لا؟ |
فإذا تم هذا وبقي العرب وحيدين أمام الأتراك فماذا نصنع؟ |
4- إن الأتراك ما يكادون يروننا وحيدين حتى يعمدوا إلى الانتقام منا فيعبثوا بحقوقنا المادية والمعنوية، ويعتدوا على كرامتنا وشرفنا بمساعدة حليفتهم ألمانيا. |
هذه أمور يجب النظر إليها منذ الآن بعين الاعتبار لأن لها علاقة خاصة بقضيتنا. |
5- عندما يعرف العرب أن حكومة بريطانيا العظمى هي حليفتهم لا تدعهم وحدهم عند انتهاء الحرب وعقدها هذا الصلح وتمد يدها دوماً لمساعدتهم والدفاع عنهم، عندئذ يخوضون غمار الحرب بنفس مطمئنة لا يشوبها شيء من الخوف والحذر. |
6- إن كتابنا المؤرخ في 29 شوال 1333 يغنينا على ما أعتقد عن إعادة رأينا فيما يتعلق بالمادتين الثالثة والرابعة من كتابكم الأخير بشأن الإدارة والاستشارة الحكومية والموظفين على أن لا يكون كما صرحتم -تدخل في الشؤون الداخلية. |
7- إننا ننتظر وصول جوابكم النهائي الصريح على هذه الاقتراحات بأسرع ما يمكن فقد أبدينا كل تساهل في الموضوع في سبيل الوصول إلى اتفاق يرضي الفريقين. |
ونحن نعرف أن نصيبنا من هذه الحرب إما نجاح يؤمّن للعرب حياة تتفق وتاريخهم القديم أو انقراض في سبيل الوصول إلى أمانيهم ومطالبهم ولو لم أكن أعرف أن العرب بأجمعهم مستعدون للتضحية بأرواحهم في سبيل الوصول إلى أمانيهم، لكنت أفضِّل أن أصعد إلى رأس جبل وأنزوي فيه، ولكن العرب بأسرهم يصرون علي بأن أقود حركتهم حتى النهاية. |
وليحفظكم الله وينصركم. |
|