| نالَ قلبي من المُنى ما تمنَّى |
| أطفأَ الشوقَ باللقاء وغَنَّى |
| جئتُ أُهديكَ يا نديمَ القوافي |
| أغنياتٍ زكتْ حروفاً ومَغْنى |
| جئتُ أُهديكَها حِسَاناً مِلاَحاً |
| تَتَهادَى الخُطا فُرادى ومَثْنى |
| من شغافي إلى الشرايين سارت |
| ترسمُ الصدقَ في المشاعرِ فَنَّا |
| رَقَصَتْ بهجةً على ثَغْرِ عُمري |
| وَرَوَتْ أضلعاً ظمئن وعينا |
| أيُّها الشاعرُ الذي ضاعَ طيباً |
| يَعْبَقُ المنتدى بما قلتَ حُسْنَى |
| النديُّ الذي محضناه وُدّاً |
| طاهرَ الذَّيل صَادقاً لم يَخُنَّا |
| أنتَ في ساحة جوادٌ أَصِيلٌ |
| وأنا عاشقٌ بشَعركِ مُضْنَى |
| أنتَ أسقيتني المروءةَ نهجاً |
| وجعلت الوفاءَ روضي الأغنَّا |
| كنتُ ألقاك في سهادي ونومي |
| كنتُ قلباً لما تقولُ وأذنا |
| إن سعى بي إلى رحابِكَ خَطْبٌ |
| عُدْتُ من روعة اللقا مُطمئنَّا |
| يا أخي والزمانُ جَهْمٌ عبوسٌ |
| يسرق العمرَ والسعادةَ منَّا |
| غابةٌ هذه الحياةُ وفيها |
| لا يرى السائرون عدلاً وأَمْنا |
| والصروح التي أقيمت لتبقى |
| بين أحشائنا خداعاً ومَيْنا |
| صبغَتْ يومَنَا بدُهْنٍ مَشينٍ |
| وروى أمسُها الأكاذيبَ عَنَّا |
| * * * |
| أيُّها الشاعرُ الذي روَّضَ |
| الحرفَ وحلاَّهُ بالمحاسن وزنا |
| نحنُ كنَّا معاً نطوفُ ونَسْعى |
| في رياض زهت قطوفاً وطبْنَا |
| وعلينا من السكينةِ ثوبٌ |
| هو أغلى من الحرير وأسْنَى |
| بين أحضانِها نشأنا كِراماً |
| ورضَعْنا من الهُدَى ما رضَعْنا |
| ندوةٌ تصقلُ العقولَ سموّاً |
| وبها الشعر يحضن النثر خِدْنا |
| كان عبدُ العزيز قُطبَ رَحاها |
| قَمراً مشرقاً إذا الليلُ جَنَّا
(1)
|
| رائداً يأسِرُ القلوبَ حياءاً |
| كان يجلو بصمتِهِ ما جهلنا |
| كان أنشودةً بكل لسانٍ |
| كَمُلَتْ رقَّةً وسَبْكاً ولحنا |
| كان يومُ الخميسِ عُرْسَ خَميسٍ |
| أدبيٍّ به المكارم تبنى |
| يا لأيَّامِنا التي كُنَّ يَقْظَى |
| لطموحاتِنا يَساراً ويُمْنا |
| كنَّ صدراً يَضّمُّنا في حنانٍ |
| رحم الله ذلك الصدرَ حِضْنا |
| يا صديقي إذا رأيتَ يَراعي |
| غاض فيه المِدادُ والبحرُ ضَنَّا |
| وإذا انسلت الدموعُ ولاذتْ |
| بجفوني وغام قلبي المعنَّى |
| فلأني أصون بالصمت نهجي |
| في حياتي ولم يكن ذاك جبنا |
| مزَّق الوصلَ بيننا فاغتربنا |
| زمنٌ ظالمٌ علينا تجنىَّ |
| ساءه أننا نروحُ ونغدو |
| في نعيم ولم نَسَلْ كيفَ كنَّا |
| ما علمنا الفراقَ يوقظُ جُرحاً |
| غائراً في الخفاء حتى افترقنا |
| يا أبا صالحٍ لياليك غُرٌ |
| بَزَّت الأنجمَ الثواقِبَ حُسنا |
| لك بين الضلوع صرحٌ منيعٌ |
| وفؤاد بحبِّ شعرك مُضنى |
| كلُّ أفقٍ حللتَ فيهِ اتخذنا |
| منه روضاً لنا وريفاً وحِصْنا |
| لا تلمني إذا خَبَا وهجُ شعري |
| وانطوى الحظُّ يقرعُ السنَّ حُزْنا |
| أجدبَتْ بالرحيل خُضُر الأماني |
| أصبحتْ بعد غيبةِ القَطْرِ حَزْنا |
| لم يَعُدْ للقريض في القلب دفءٌ |
| لم يعد للقريضِ في الحبِّ معنى |