شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خطاب ابن السعود
في هذه الأثناء وقبل أن يصل السلطان عبد العزيز إلى مكة كان قد بعث بخطاب إلى الحجاز قرئ في مكة ثم انتقل إلى جدة وهو كما يأتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى كافة من يراه من إخواننا أهل مكة وجدة وتوابعها من الأشراف والأعيان والمجاورين من السكان وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه آمين. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته:
أما بعد فإن الموجب لهذا الكتاب هو شفقتنا على المسلمين لصلاح أحوالهم وأمر دينهم ودنياهم ولم نزل نكرر على الحسين النصائح ونحرضه على ما يجمع شمل العرب لتكون كلمتهم واحدة ولكن الطبع غلب التطبُّع ولا يحتاج تطويل الشرح بما انطوى عليه لأن أكبر شاهد على ذلك ما رأيتموه منه وشاهدتموه من أقواله وأفعاله في هذه البقاع المباركة التي هي مهبط الوحي مما ينكره عقل كل مسلم وعلاوة على ذلك ينكره كل من يحب المسلمين ولو لم يكن منهم فالرجال ترك مزايا الأنصار وهي ما انتسب لهذا البيت الكريم وأهمل حقوق هذه البقعة المباركة عليه ونسي طريقة السلف الصالح التي هي شرفه وشرف المسلمين خصوصاً وشرف العرب عموماً، ولا شك أن من ترك ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه وأصحابه وهو يتسمى باسم الإسلام وبالخصوص إن كان من أهل البيت الشريف وطمع إلى غيرها من الزخارف التي هي أكبر شؤم على الإسلام خصوصاً وعلى العرب عموماً فهو لا خير فيه، فمنذ دخل الحجاز جعل أكبر همه الإيقاع بنجد والنجديين وقد تظاهر بذلك واضحاً منذ أن تفرد بالحكم، وقبض على زمام الأمور فيها وقد بلغ من التهوُّر أن منع أهل نجد قاطبة من حج بيت الله الحرام وهو أحد الأركان الخمسة فضلاً عما له من المظالم والمعاملات القاسية تجاه حجاج بيت الله الحرام الذين يأتون من مشارق الأرض ومغاربها.
ومن هذه المدة قد تركنا التدخل في أمور الحجاز لأجل احترام هذا البيت ورجاء للسلم والأمان ولكن مع الأسف إننا لم نحظ بذلك منه. وفي هذه الأيام الماضية في سفره إلى الأردن بانت نواياه ومقاصده للمسلمين نحونا، حينما طلب تجزئة بلادنا وتشتيت شملنا حتى لقد يئسنا من الوصول إلى حسن التفاهم معه لجمع كلمة العرب، ووالله لا نعلم شيئاً له من النقم علينا إلاّ كما قال تعالى: وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (البروج: 8) ولكننا ولله الحمد لسنا متأسفين على شيء إذا سلم لنا شرفنا في أمر ديننا ودنيانا فليس لنا قصد في زخارف الحسين وأتباعه لا في ملك ولا خلافة، ولكن غاية قصدنا وما ندعو إليه هو أن تكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر ويسلم شرف العرب، فلذلك لحقتنا الغيرة الإسلامية والحمية العربية أن نفدي بأموالنا وأنفسنا ما يقوم به دين الله ويحمي به حرمه الشريف الذي أمر الله بتطهيره وتعظيمه واحترامه كما قال تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (الحج: 26) وقد أرسلنا سرية من المسلمين لاحتلال الطائف لأجل القرب للتفاهم بيننا وبين إخواننا، فأحببت أن أعرض عليكم ما عندي فإن أجبتمونا فنعم المطلوب وإن أبيتم فهذا الذي يعذرنا عند الله وعند المسلمين، وأبرأُ إلى الله أن أتجاوز شيئاً مما حرمته الشريعة خصوصاً في هذا الحرم الشريف الذي قال الله تعالى وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (الحج: 25) وحرمة هذا البيت معلومة حتى عند المشركين الأولين كما قال الشاعر:
إن الفضول تعاقدوا وتعاهدوا
أن لا يقر ببطن مكة ظالم
وأما الأمر الذي عندي لكم فهو أني أقول: عليكم يا أهل مكة وأتباعها من الأشراف وأهل البلد عموماً والمجاورين والملتجئين من جميع الأقطار عهد الله وميثاقه على أموالكم ودمائكم وأن تحترموا بحرمة هذا البيت كما حرمه الله على لسان خليله إبراهيم ومحمد عليهما أفضل الصلاة والتسليم، وأن لا نعاملكم بعمل تكرهونه وأن لا يمضي فيكم دقيق ولا جليل إلاّ بحكم الشرع لا في عاجل الأمر ولا في آجله، وأن نبذل جدنا وجهدنا فيما يؤمّن هذا الحرم الشريف وسكانه وطرقه والوافدين إليه الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً، وأن لا نولي من تكرهونه، وأن لا نعاملكم معاملة الملك والجبروت بل نعاملكم بمعاملة النصح والسكينة والراحة وأن لا يكون أمر هذين الحرمين الشريفين إلاّ شورى بين المسلمين، وأن لا يمضي فيها أمر يضر بهما أو بشرفهما أو بأهلهما إلاّ ما وافق عليه المسلمون، وأمضته الشريعة فهذا الكتاب شاهد لي وعليّ عند الله ثم عند جميع المسلمين وعلى ما قلته أعلاه أيضاً عهد الله وميثاقه، فهذا الذي يلزمنا ولا بد إن شاء الله تعالى أن تروا ما يسر خواطركم أكثر مما ذكرنا ونرجو الله أن يهدينا وإياكم لما يحبه ويرضاه، ويصلح بنا وبكم البلاد وإن شاء الله يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، ويمنعنا وإياكم من سوء الفتن، وأن ينصر دينه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :470  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 242 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج