شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
السكة الحديد الحجازية
وعندما شعر السلطان عبد الحميد بضرورة ربط البلاد العثمانية بشبكة حديدية تجمع أطرافها قرر مد الخط الحديدي من دمشق إلى المدينة على أن يتصل فيما بعد بمكة وجدة فيربط مشارف الشام بسواحل الحجاز.
وما كاد يعلن رغبته إلى العالم الإسلامي ويدعوه للمساهمة في إنشائها تأميناً لراحة الحجاج وتسهيلاً للمشاق التي كانوا يعانونها حتى استجابت لرغبته جميع الأقطار الإسلامية سواء فيها ما كان مشمولاً بالرعوية العثمانية أو غيرها فتأسست الجمعيات في كل قطر حتى قيل إن الهنود وحدهم ألفوا نحو ((166)) جمعية وتنادى المتبرعون في البلاد حتى بلغ مجموع التبرعات من أهالي لكنو نحو 33 ألف ليرة عثمانية ولم تقصر كثير من الولايات عن ذلك وأشتد الحماس في مصر والشام والعراق والصين وسكان أوروبا الشرقية وأكثر بلاد أفريقيا حتى عدد ما جمع من هذه الأقطار نحو 750 ألف ليرة عثمانية كدفعة أولى قبل مباشرة العمل.
وبدأ العمل نشيطاً فمدت الخطوط وأقيمت الجسور واستمر ذلك نحو ثماني سنوات حتى وصل الخط إلى المدينة في عام 1326 (1) بعد أن اجتازت قضبانه 132 كيلومتراً عدا المساحة بين درعا وحيفا واحتفل بذلك في المدينة احتفالاً عظيماً حضره ممثلو الأجانب ومراسلو الصحف وكثير من أعيان البلاد الإسلامية.
وشرعت القاطرات تنقل الحجاج من دمشق إلى المدينة فخف عناء السفر على المسافرين واستمر على ذلك عدة سنوات حتى أعلن الدستور وخلع السلطان عبد الحميد فوقف النشاط عند ذلك الحد ثم حاول الاتحاديون استئناف العمل فلم يوفقوا لأن سيل التبرعات تعثر في أحداث السياسة التي غمرت العالم يومها، ثم جاءت الحرب ونهض الحسين فشعر أن خطر الجيوش العثمانية يتهدده عن طريق الخط فأمر جيوشه الزاحفة إلى الشمال بتخريب الخط ليقطع الطريق على المدد التركي من بلاد الشام.
وعندما انتهت الحرب العامة كان الخط قد تخرب كثير من أجزائه، وكان في استطاعة المسلمين أن يعيدوا إصلاحه إلاّ أن البلاد التي كان يمر الخط فيها كانت قد تقسمت إلى مناطق هيمن على بعضها الفرنسيون كما هيمن على بعضها الإنجليز كما هيمن على بعضها الحسين فتعذر الاتفاق على سير الخط وأبت الدول الأجنبية المهيمنة أن تعترف بوقفية خط إسلامي يمر في أراضيها التابعة كما شعرت أنه ليس في مصلحتها أن تجتمع أطراف المسلمين في جزء كبير من بلاد العرب على هذا الخط لهذا ذهبت كل محاولة لإعادة إصلاح الخط أدراج الرياح.
وأصبح الجزء المتصل منه بالحجاز أثراً بعد عين وقد حاول الحسين بن علي إصلاحه فعمر أجزاءه المتصلة بالمدينة واستطاع أن يسير القاطرات عليه فوصلت أول قاطرة إلى المدينة في عام 1919م، ثم عجزت عن استئناف السير لأن أعمال الإصلاح الفنية لم تكن مستوفاة وليس لدى الحسين من الأموال ما يكفي للقيام بأعبائه، فعاد الجزء الحجازي إلى الخراب ووضعت حكومات فلسطين وسوريا والأردن وعمان أيديها على ما لديها من أجزاء أخرى ومعدات تابعة (2) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :449  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 208 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.