شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إعلان الدستور العثماني
وفي هذه الأثناء كان قد شعر بعض المفكرين في الآستانة أن الدولة التركية في حاجة إلى إصلاح الحكم فأسسوا حزب الأحرار الذي انضم إليه كثير من رجال الدولة على رأسهم الصدر الأعظم مدحت باشا وكان من المتحمسين للحرية والإصلاح.
ورأى رجال الحزب أن صلاح الدولة رهين بإقصاء الخليفة عبد العزيز وإعلان الحكم الدستوري في الدولة تحت ملكية خليفة جديد يملك ولا يحكم ويقبل مبادئ الدستور فاستمالوا إليهم السر عسكر ((حسين عوني باشا)) وناظر البحرية وكبار الضباط واستطاعوا في أواخر عام 1293 أن يحاصروا سراي السلطان بقوة من رجال الجيش في البر وبقطع من الأسطول في البحر أمام السراي من جهة أخرى وبذلك تقدم مندوبهم إلى السلطان يبلغه أن الأمة خلعته وأن قوات الجيش المحاصرة للسراي مستعدة للعمل إذا رفض الإذعان فأراد السلطان أن يستخف بالأمر إلاّ أنه ما لبث أن شعر أنهم جادون فأسلم نفسه إليهم وبذلك نقلوه إلى قصر آخر وجعلوا عليه الحراس وقد ظل فيه أياماً ثم عمد إلى زنده فقطع بعض عروقه بمقراض وترك دمه يسيل إلى أن مات ويعتقد بعضهم أن رجال الحزب اغتالوه في القصر.
وبخلع عبد العزيز بايع رجال الحزب السلطان مراداً فلم يدم أمر اتفاقه معهم أكثر من ثلاثة شهور ثم أشيع أن عقله اختلط فاتفقوا على إقصائه وتنصيب أخيه السلطان عبد الحميد مكانه في عام 1294 وقد ظلت الأحكام تصدر وفق رغبة الدستوريين كما ظل عبد الحميد أداة لا عمل لها غير توقيع الأوامر.
وقد اضطربت الأمور على أثر ذلك وشرع الدستوريون يعاقبون كل من يرتابون في إخلاصه لمبادئهم ويقسون على خصومهم من أنصار الملكية ويسومونهم أنواعاً من الذل والهوان فكثرت القلاقل والفتن.
الحسين الشهيد بن محمد بن عون: واختار الدستوريون لإمارة مكة على أثر انقلابهم شريفاً يعتنق مبادئهم هو الحسين بن محمد بن عبد المعين ووافق السلطان على تعيينه فوجهت إليه الإمارة وكان يقيم في الآستانة (1) عضواً في مجلس شورى الدولة برتبة وزير وقد ذكر لي بعض المعمرين أنه اشترك في الثورة الاتحادية وأنه كان يرى رأيهم في هيمنة الدستور وامتداد نفوذه.
وتوجه الحسين إلى مكة فوصلها في شعبان عام 1294 ثم ما لبث أن غادر أخوه الشريف عون مكة بعد عيد الفطر من السنة المذكورة إلى الآستانة (2) فمنح رتبة الوزارة فيها واحتل مركز أخيه في عضوية مجلس شورى الدولة.
إلغاء الدستور: وما لبث عبد الحميد أن تمكّن من زمام الأمور في مقر الخلافة واستطاع أن يقرب بعض المناصرين للملكية وأن يعد عدته لإلغاء الدستور.
وقد بدأ أعماله بالقبض على رجل الدستور مدحت باشا وكثير من زملائه فنفاهم كما سيأتي إلى الطائف ثم أثارها حرباً عدوانية عنيفة ضد أنصار الدستور فأنشأ إدارة خاصة بالجاسوسية شرعت تتعقب أنصار الحرية وتتجسس على أعمالهم وترفع بذلك تقاريرها السرية إلى عبد الحميد الذي أخذ يعاقب على الظنة ويبطش للشبهة ويمعن في النفي والتشريد والاغتيال والقتل حتى ملأ سجونه بخصومه وأرسل إلى قاع البسفور بكثير من ضحاياه بالألوف قضى أكثرهم اغتيالاً في السجون.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :444  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 195 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.