شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الإصلاحات في المسجد
وعني العثمانيون بشؤون المسجد على أثر اتصال نفوذهم بمكة. فإن أمير المحمل الرومي الذي صحب المحمل في عام 923 فكر في تمييز المقام الحنفي أكثر مما ميزه الشراكسة فهدمه في عام 924 وجعله قبة كبيرة شامخة تقوم على أربع بتر ((قوائم)) مبنية بحجر الماء المنحوت (1) جيء به من الحديبية ((الشميسي)) وزاد في طوله وعرضه وأراد إيصاله بالمطاف فعارضه بعضهم لأن ذلك يؤدي إلى قطع الصف الأول الذي يصلي خلف إمام الشافعية فاقتصر به إلى إفريز حاشية المطاف ويبدو أن بعض علماء مكة ساءهم أن تحتل قبة المقام الفخمة وقوائمه العريضة جانباً واسعاً من المسجد فسعوا لهدمه حتى صدر أمر السلطان في عام 949 بهدم القبة المذكورة فنفذ الأمر ((خشفلدي)) نائب جدة ومباشر العمائر السلطانية وأعاد بناءه على أربع قوائم لطيفة ((لعلّها أقل عرضاً من سابقتها)) وستة أعمدة من الحجر الصوان فوقها عشرة عقود لطيفة ثم أنشأوا فوق سقفه غرفة للمبلِّغين عليها سقف جملي مغطى بالرصاص وفتحوا في أرض الغرفة فتحة يطل المبلِّغ منها على الإمام وقد ظل على شكله ((حتى هدم أخيراً)) إذا استثنينا الإصلاحات والتحسينات التي تعاقبت عليه تواريخ مختلفة (2) .
وفي عام 972 أجرى السلطان العثماني إصلاحات في المسجد ذات شأن فجدد سطح الكعبة المشرفة وفرش المطاف وأصلح بعض أبواب المسجد وصفح باب الكعبة وأصلح الميزاب وصفحه بالفضة المموهة وأنشأ المدارس الأربعة بين باب الزيادة وباب الدريبة لتدريس العلم وقد تحدثنا عنها في فصل الناحية العلمية كما بنى فوق المدارس منارة اكتملت بها سبع منارات للمسجد. فقد كان له قبل ذلك ست منارات، وظهر أن منارة باب الكعبة تطرق إليها الخراب فجددها وكانت على الطراز المصري في رأسها قبة تتعارض فيها ثلاثة أعواد تناط بها القناديل فأقيمت على الطراز التركي الموجود اليوم في منائر المسجد.
وفي عام 970 جددوا منارة باب علي كما هدموا منارة باب السلام في عام 983 وجددوها (3) وقد زالت هذه المنائر وحلت محلها المنائر الموجودة اليوم.
تجديد المسجد: وفي سنة 979 ظهر أن جدار مدرسة قايتباي وبعض المدارس الأخرى بجواره مال إلى الأمام قليلاً وأن ذلك أثر في بناء الأروقة حتى ظهر ميلها إلى صحن المسجد فأمر أمير مكة باتخاذ الأخشاب الغليظة لإسناد الأروقة ثم رفع إلى السلطنة العثمانية بالخبر فأمر السلطان سليم بالمبادرة إلى بناء جميع المسجد بناءً محكماً وأن يجعلوا سقفه قباباً بدلاً من الأخشاب وندب لإدارة ذلك أحمد ((كتخداي)) والمهندس المعماري محمد جاوريش الديوان العالي فبدأ الهدم من باب السلام في منتصف ربيع الأول سنة 980 حتى كشفوا الجدار إلى باب علي ثم شرعوا في بناء هذا الضلع مستعينين بالأسطوانات من الرخام التي أسسها الخليفة المهدي العباسي وأضافوا إليها أسطوانات أخرى بنوها من الحجر الشميسي الأصفر المأخوذ من الحديبية بالقرب من مكة ثم انتقلوا إلى الضلع الآخر من باب الدريبة إلى باب العمرة.
وكان السلطان سليم قد توفي أثناء ذلك فأصدر خلفه السلطان مراد خان أمره بالاستمرار في العمل فظلوا على ذلك حتى أتموا بناءه في أواخر سنة 989.
وفي هذا العهد كان الطريق في وادي إبراهيم قد اعتلى عن مستواه بفعل السنين وكانوا يمهدونه في كل عشر سنوات مرة فأمر السلطان مراد بنقل الأتربة المتراكمة حتى عاد إلى مستواه. وقد ذكر القطبي أن القائم بأعمال العمارة أخبره أن مقدار ما أنفق في عمارة المسجد وإصلاح الطريق حوله يقدر بمائة ألف جنيه جديد (جنيه عثماني) عدا أثمان الأدوات المحمولة من مصر من أخشاب وحدائد وغيرها.
وكان الجانب الجنوبي من المسجد (حول باب إبراهيم) مكتظاً بالبيوت والمدارس التي كانت تسبب ضيقاً في مجرى السيل فأمر السلطان مراد بهدمها وجعلها أمكنة لمبيت الفقراء حتى لا يأوون إلى المسجد كما أمر ببناء عدة حنفيات للوضوء على يسار الخارج إلى الصفا وأخرى عند مدرسة السلطان قايتباي وقد هدمت الحنفيات المذكورة في عام 1315 لأن فضلات المياه كانت تلوث أبواب المسجد (4) .
وفي سنة 1003 أمروا بقلع حجارة المطاف وكانت من الحجر الصوان ففرشت في الحاشية التي تلي المطاف وفرشوا المطاف بالمرمر وفي سنة 1110 جددوا الشاذروان الملاصق بجدار الكعبة وجعلوه من المرمر وفي سنة 1120 جعلوا في بئر زمزم شبكة من حديد منخفضة عن سطح الماء في داخله لتتلقى بعض المجذوبين الذين كانوا يلقون بأنفسهم في البئر وفي عام 1172 هدموا قبة زمزم وشيدوها على الصفة الموجودة اليوم وفي عام 1112 نقض بناء مقام إبراهيم ثم أُعيد تجديده وشدت قطع الحجر ((حجر المقام)) بالفضية والرصاص، وفي سنة 1113 هدموا منارة باب الزيادة وأعادوا عمارتها وفي 15 ذي القعدة 1133 نقض بناء مقام إبراهيم وجدد مرة أخرى، ثم رفع سقف مصلاه في عهد السلطان عبد العزيز حتى لا تنال القناديل رؤوس المصلين من طوال الرجال (5) وفي سنة 1140 أُزيل البلاط من جميع المسجد وفرش بالحجر المنحوت فرشاً محكماً وهو الباقي إلى الآن وعمر الشريف سرور منارة باب العمرة في عام 1201 كما هو مكتوب على بابها وبنى السلطان عبد المجيد الطبقة السفلى في بيت زمزم في العام نفسه (6) .

صورة المسجد في العهد العثماني الأول كما تخيله جيرالد دي غوري مؤلف كتاب أمراء مكة

وفي الصورة تبدو قبة زمزم إلى جوارها نحو المغرب قبة الشراب والمحفوظات اللتان أزيلتا في العهد العثماني الثاني كما سيأتي

 
طباعة

تعليق

 القراءات :392  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 167 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.