الناحية العلمية |
وظل التعليم في هذا العهد رهين البيوت التي تخصصت فيه، وقد مر بنا في عهد المماليك قبل العثمانيين أن آل ظهيرة وآل النويري كانوا يضطلعون بأعبائه إلى نهاية القرن التاسع فلما كان القرن العاشر وقد اتسعت فتوحات بني عثمان وشمل نفوذهم الحرمين فيما شمل بدأت الهجرة إلى مكة تنفتح أبوابها وبدأت آفاق الإسلام تجد طريقها ميسوراً إلى مكة أكثر من ذي قبل فكثر المجاورون وتنوّعت أصنافهم فكان منهم المنقطعون للعبادة والزهد ومنهم الراغبون في البطالة والخلود إلى ظلال التكايا ومنهم العاملون الذين أغراهم الكسب في بلد مفتوح ومنهم العلماء الذين لذ لهم أن يجاوروا بيت الله الحرام وينشروا علومهم في أرجائه وقد ساعد الأخيرون على نشاط التعليم في أوائل العهد العثماني واستطاعوا بالاشتراك مع العلماء من أهالي مكة القدماء أن يضيفوا إلى قائمة البيوت التي تخصصت للعلم أسماء جديدة وممن اشتهر في هذا العهد من البيوت القديمة آل الطبري فقد برز فيهم المشائخ أبو الخير بن محمد أبي السعادات وإبراهيم بن أبي اليمن ومحمد بن أبي اليمن وأحمد بن عبد الله بن يحيى والرضي بن يحيى وحمد بن يحيى وعبد القادر بن محمد وعبد الرحمن بن محمد زين العابدين بن عبد القادر وعلي بن عبد القادر وعبد الله بن محمد وفضل الله بن عبد الله ومحمد بن عبد الله وعلي بن فضل ومحمد بن علي وحسن بن علي وعبد الوهاب بن علي
(1)
. |
وكما اشتهرت منهم سيدة من جلّة العلماء هي مباركة بنت عبد القادر الطبري
(2)
. |
واشتهر من آل ظَهيرة أبو الفتح وجار الله ويحيى وأبو بكر بن أحمد واشتهر آل القطبي في هذا العهد بشهرة الشيخ قطب الدين صاحب التاريخ المعروف وبرز منهم المشايخ محب الدين أخو قطب الدين وابنه علاء الدين وعبد الكريم وابنه أكمل وحفيده أسعد وعبد الكريم ولبعضهم مؤلفات في التاريخ وكانوا يسكنون جوار الباب الذي كان يعرف في المسجد بباب القطبي وكان معروفاً قبلهم بباب الفهود وقد انقرضوا إلاّ امرأة كانت تسمى سعاد كانت تحت رجل يقال له عبد اللطيف فاغية أولدها ولداً ورث أوقافهم
(3)
. |
واشتهرت بعد هذين البيتين بيوت من أبرزها آل الفاكهي وقد نبغ فيهم المشايخ عبد القادر وعبد الله بن أحمد وأبو السعادات محمد بن أحمد وآل السقاف ومنهم السادة أبو بكر ومحمد بن عمر وعبد الله بن علي، وآل العيدروس، وأشهرهم علوي بن حسين ومحمد بن علي، وآل ابن حجر ومنهم رضي الدين وأحمد، وآل العطاس ومنهم عبد الملك وأحمد وحسين وعبد الملك بن حسين وآل شيخان ومنهم أبو بكر وأحمد سالم أبناء شيخان وأحمد ابن أبي بكر ومحمد بن عمر بن شيخان
(4)
. |
واشتهر آل المرشدي وأبرزهم في القرن التاسع الشيخ عيسى وأصله من شيراز وكان معروفاً بحسن الخط وقد كتب جميع طرازات المسجد التي كتبت في عهده ثم اشتهر بالعلم ابنه عبد الرحمن المرشدي وقد مر بنا اسمه في حوادث عام 1037 وكانت دار عبد الرحمن المرشدي على يمين الذاهب من سويقة إلى باب الزيادة إلى المسجد وتحتها بئر.. وبآل المرشدي اشتهرت قرية من قرى وادي فاطمة بقرب الشميسي ومن أشهر آل المرشدي المشايخ أحمد بن عيسى وإسماعيل ومحمد بن إمام الدين
(5)
. |
ثم آل المنوفي وقد قدم جدهم المنوفي في أوائل القرن الحادي عشر واشتهر أمره بالتدريس وورث علمه بعض أولاده المشايخ عبد الجواد ومحمد وبعض أحفاده المشايخ إبراهيم وحسن وزين العابدين أبناء سعيد بن محمد المنوفي، وكانت لهم مدرسة خاصة بهم وكان منهم نظّار على رباط العباس بين الصفا والمروة وقد انقرضوا وعاشت منهم امرأتان كانتا تتوليان نظارة الرباط المذكور إلى القرن الرابع عشر وبأيديهما سجلات أوقافه السلطانية
(6)
. |
واشتهر آل السنجاري وأول من عرف منهم الشيخ تقي الدين السنجاري ذكره ابن معصوم في ((السلافة)) وقال إنه كان من أفاضل العلماء وقد ظهر من بيته عدة علماء من أشهرهم علي ابن تاج وكان لهم وقف بأول زقاق المسفلة على يمين الذاهب إليه من السوق الصغير ولا يزال باقياً إلى اليوم في الحوش المقابل لحوش العمري وكانت بيوتهم فيه تطل على أول الهجلة ويذكر الشيخ عبد الله غازي نقلاً عن الشيخ جعفر لبنى أن تلك البيوت آلت في عهده إلى ذريتهم من البطون وهم بيت خوقير. |
واشتهر آل زرعة ومنهم الشيخ محمد بن أحمد الزرعة عاش في القرن الحادي عشر وكان من أجلة عصره وقد ورث عنه علمه أبناؤه من آل الزرعة وكان جدهم من الهنود الفتن
(7)
وبينهم قديم في العلم والثروة وكان منهم تجار بالطائف ولهم فيه عقار معروف وقد افتدوا كثيراً من الأسرى بأموالهم من وقعة الطائف في عام 1217. |
واشتهر منهم الشاعر الشهير في القرن الثالث عشر أبو بكر زرعة كما اشتهر منهم عدة أئمة في المقام الحنفي، وكان منهم الشيخ تقي الدين الزرعة وهو من أئمة المسجد ويمتهن التطويف وكان يسكن القشاشية واشتهر أولاده بعده ببيت ((تقي)) وهم معروفون إلى اليوم
(8)
. |
واشتهر آل المفتي في القرن الحادي عشر ومن أبرزهم الشيخ أبو بكر بن عبد القادر بن صديق كان من الهنود الفتن
(9)
وقد أنجب بيته كثيراً من العلماء تولى عدة أشخاص منهم فتوى المذهب الحنفي في مكة مدة طويلة في القرن الثاني عشر ومن أشهرهم ابنه عبد القادر وحفيده عمر، ويذكر آل المفتي أنهم ذرية أبي بكر بن الصديق وقد أطلعني أحدهم على نسبتهم وفيها ذكر الشيخ عبد القادر بن صديق الفتني وبذلك لا يستبعد أن يكونوا من آل الصديق رحلوا إلى ((فتن)) ثم عادوا إلى مكة والمرء مؤتمن على نسبه. |
واشتهر من آل علان جماعة من أجلة العلماء عاشوا في القرن العاشر والحادي عشر وكانوا ينسبون إلى الصديق منهم الشيخ أحمد شهاب وكان من أئمة الصوفية والشيخ محمد علي بن علان وكان من نوادر عصره وقد اختير لتدريس صحيح البخاري في جوف الكعبة أيام عمارتها سنة 1040 ويقول صاحب النشر
(10)
أنه لم يبق منهم إلاّ رجل أوفى على السبعين في عهده كان يأوي إلى بيت الوشقلي لأنه خالهم. |
واشتهر من بيت باد شاه جدهم صادق باد شاه صاحب الحاشية على البيضاوي من كبار أهل التحقيق وقد حرَّف الناس لفظة باد شاه فصاروا يطلقون على هذا البيت باطشاه ويذكر الشيخ الغازي أن آخر رجل منهم كان اسمه عبد الله باطشه يسكن حارة الشامية وكان من أبطال الهوشات أقول: ((ولا يزال إلى اليوم بعض أولاد الباطشة في أجياد ولعلّهم من نسله))
(11)
. |
واشتهر آل العتاقي وأول من عرف منهم هو المحدث المعروف عبد الله عتاقي زاده قدم من بلاد الترك في منتصف القرن الحادي عشر فطلب العلم في مكة واشتهر به ثم تولى الفتوى واشتهرت ذريته بعده بالجاه والغنى وكان لهم عقار بمكة والطائف من دور وبساتين وكان لهم عقار في قاعة الشفا. ويذكر الغازي
(12)
أنها اليوم بيد رجل من بطون ذريتهم اسمه زيني عيد وكانت منهم أم لأحد بيوت مخلص تسمى عتاقية، أقول: وقد ورث ما بقي من هذه الثروة أبناء زيني عيد إلى اليوم وأحفاد لهم من البطون ينسبون لآل الكتبي وقد هدم عقارهم وهدمت قاعة الشفا في توسعة الشوارع. |
واشتهر آل البصري وأول من عرف منهم هو المحدث المعروف عبد الله البصري من أعيان مكة في القرن الثاني عشر وقد أنجب الإمام المحدث الجليل الشيخ سالم من كبار مدرسي المسجد الحرام وكان مرجعاً معتمداً من مراجع الحديث ومن أحفاده عبد الله بن سالم ويحيى بن محمد وكانا من كبار المدرسين كما أن من ذريتهم صدقة بصري وكان شيخ الحمارين. |
واشتهر آل العجيمي وأول من عرف منهم هو الشيخ حسن المتوفى في الطائف عام 1113 وكانت شهرته بين الآفاق أكبر من شهرته في مكة وقد ترجم لنفسه في رسالة أسماها أسبال الستر ذكر فيها سبع بطون من أجداده كانوا مكيين وأنهم كانوا شافعيين ثم قلدوا أبا حنيفة وإن مساكنهم كانت في شعب علي قبل أن تنقل إلى زقاق الناشف بالشامية التي يسكنها أحفاده قبل أن ينتقل منها بعضهم ومن أشهرهم الشيخ عبد الحفيظ العجيمي وكان مفتي مكة وكانت منهم أم الحسين وهي معروفة بين الفقهاء ومنهم المشايخ محمد بن حسين وأبو الفتح ابنه وأبو بكر بن محمد بن علي
(13)
. |
واشتهر آل القلعي وأول من عرف منهم هو الشيخ تاج الدين القلعي من علماء القرن الثالث عشر الممتازين وكان من أئمة الحنفية وخطبائهم واشتهر بعده الشيخ عبد الملك وكان من نوابغ عصره كما اشتهر منهم القاضي عبد المحسن القلعي
(14)
. |
وظهر من آل بافضل عدة علماء كانت لهم مؤلفات قيمة في فقه الشافعي واشتهر بهم الزقاق المعروف باسمهم في حارة الشبيكة وهو الصاعد إلى جبل الهندي
(15)
آخر من عرف منهم الشيخ صالح بافضل كان منقطعاً للتدريس والإفادة في المسجد الحرام. |
واشتهر من آل الزمزمي ويسمونهم اليوم بيت الريس جماعة منهم المشايخ عبد العزيز بن علي، محمود بن علي، عبد العزيز بن محمد، محمد بن عبد العزيز، إبراهيم بن محمد، عبد اللطيف بن عبد السلام، علي بن عبد السلام، ويذكر صاحب نشر النور أن جد هذه العائلة علي بن محمد البيضاوي قدم من شيراز عام 730 فباشر عن الشيخ سالم بن ياقوت المؤذن وصاحب خدمة بئر زمزم ثم تزوج ابنته فورث أولاده منها خدمة زمزم. |
وفي كتاب ((نشر الآس))
((مخطوط)) أن علياً البيضاوي قدم من العراق لا من شيراز وإن ذلك كان في عام 630 ثم دوّن بقية الخبر كما ذكره نشر النور. |
أقول ولكن الشيخ أسعد ريس وهو من أحفادهم في هذا العصر أطلعني على وثيقة تثبت انتسابه لآل الزبير ولا أرى في هذا ما يتعارض مع ما ذكره نشر النور أو نشر الأس. فقد يكون أحد أجداده هاجر من مكة فظل النسل بعيداً عنها إلى أن عاد إليها علي بن محمد، وينقل الشيخ رشدي ملحس في تعليقاته على أخبار مكة للأزرقي في أن آل الزبير كانوا يتولون التوقيت للصلاة في المسجد ثم أضاف إليهم أولاد العباس خدمة زمزم ((السقاية)) على أثر انشغالهم بأعباء الخلافة. |
واشتهر جماعة بالعلم من آل القشيري وآل باكثير وآل الآماسي وآل سفراييني وآل شمس كما اشتهر المشايخ تاج الدين الدهان وعثمان الدهان وبدر الدين العادل وحسين الديار بكري وشهاب الدين القدسي وعطية السلمي وعلي زين زمان ويحيى المسكي وأبو الغيث الشجري وأبو فضل العقاد وأبو الفتح الحكمي وأحمد العامودي وأحمد الأسدي وأحمد البسكري وداود الانطاكي الحكيم وربيع السنباطي الجبرتي وعبد الحي بن العماد وعبد الرحمن الهمذاني وعبد الله فروخ وعلي الجمال وعلي بن أبي البقاء وعلي بن سلطان وعلي بن زياد وعمر الشحري وعمر العادلي وعيسى الثعالبي ومحمد الشلي ومحمد الشاهد ومحمد بن سهيل ومحمد عاشور ومحمد العواجي ومحمد سنبل وإبراهيم الخطيب وأحمد القطان وأحمد الرفاعي وأسلم الحسيني وإدريس الشماع وأمين الميرغني وجعفر البيتي وسالم بن الشيخ وعبد القادر المفتي وعبد الكريم الأنصاري ومحمد تاج الدين ومحمد الوليدي ومحمد شيخان وجمال الدين الأنصاري ومحمد الحباب ومحمد سعيد سنبل ومحمد الخطاب ومصطفى فتح الله وهاشم الأزرادي
(16)
وأعتقد أن أكثر هؤلاء لا يزال أحفادهم يعيشون في مكة وإن كانت ألقابهم قد تغيرت أو استعيرت من أسماء من خلفوهم فنحن نرى بيت ((تقي)) نسبوا لأحد آبائهم واسمه تقي الدين مع أن أصل العائلة من ((بيت الزرعة)) وقد لاحظنا في اختيار الأسماء أعيان العلماء من الأهالي الذين توطنوا مكة ولم نذكر من المجاورين إلاّ طائفة لا يتجاوز عددها أصابع اليد وكان بودنا أن نتوسع في سرد جميع أسماء العلماء في هذا العهد ونضيف إليهم أجلّة المجاورين اعترافاً بجهودهم في هذا البلد إلاّ أن مجالنا لا يتسع لمثل هذه التفصيلات وقد أسهب الشيخ عبد الله أبو الخير في كتابه نشر النور الذي لا يزال مخطوطاً إلى الآن في تراجم هؤلاء العلماء وغيرهم ممن أغفلناه وهم الأكثرية الغالبة وليس على طالب التفصيلات إلاّ أن يطالعه
(17)
. |
|