الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

خطيب الجمعة في المسجد

ثم قال: وأول من يصلي بالناس من أئمة السنية الشافعي وله حطيم حفيل بإزاء مقام إبراهيم وهو خشبتان موصول بينهما بأذرع شبه السلم تقابلهما خشبتان وقد عقد الخشب على رجلين من الجص وأعترض في أعلى الخشب خشبة فيها خطاطيف حديد فيها قناديل معلقة من الزجاج.

ثم قال ويصلي بعد الشافعي إمام المالكية قبالة الركن اليماني وله محاريب تشبه محاريب الطرق الموضوعة فيها ثم يصلي الحنفي قبالة الميزاب تحت حطيم موضوع له وهو أعظم الأئمة أبهة وأفخرهم آلة من الشمع وسواها لأن دول الأعاجم كلها على مذهبه، ويصلي الحنبلي مع صلاة المالكي في حين واحد قبالة الحجر الأسود والركن اليماني وله حطيم معطل هو قريب من حطيم الحنفي ⁽¹⁾.

ويقول ابن ظهيرة القرشي أن صلاة المغرب كان يصليها الأئمة الأربعة في وقت واحد فيحصل للمصلين بسبب ذلك لبس كثير.

وجاء في حاشية ابن عابدين على الدر المختار أن بعض العلماء أنكروا تعدد الجماعات في ذلك العصر وأفتوا بعدم جواز ذلك على المذاهب الأربعة. ويشير ابن ظهيرة أن تعدد الجماعات بقي في المسجد إلى عهد الشراكسة ثم ألغي ثم أعيد العمل به مرة أخرى، أقول وقد ظل العمل به إلى أن ألغي في عهد الحكومة السعودية الحاضرة.

وفي يوم الجمعة يدفع المنبر على بكرات حتى يتصل بصفح الكعبة فيما بين الحجر الأسود والركن العراقي ويعلوه الخطيب مستقبلاً المقام فإذا خرج الخطيب أقبل لابساً ثوباً أسود معتماً بعمامة سوداء ((وهو شعار العباسيين)) وعليه طيلسان أسود، كل ذلك من كسوة الملك الناصر العباسي وعليه الوقار والسكينة وهو يتهادى بين رايتين سوداوين يحملهما رجلان من المؤذنين وبين يديه أحد القومة في يده ((الفرقعة)) ⁽²⁾ ينفضها في الهواء فيسمع لها صوت عالٍ يسمعه مَنْ في داخل الحرم وخارجه فيكون إعلاناً بخروج الخطيب ولا يزال كذلك إلى أن يقرب من المنبر فيقبل الحجر الأسود ويدعو عنده ثم يقصد المنبر ورئيس المؤذنين بين يديه لابساً السواد على عاتقه السيف وقد أمسك بمقبضه وتركّز الرايتان على جانب المنبر فإذا صعد الخطيب أول درجة من درج المنبر قلده المؤذن السيف فيضرب بنصل السيف ضربة على الدرج يسمع بها الحاضرون وهكذا على سائر الدرج فإذا استوى في أعلاه استقبل الناس وسلم عليهم ثم يقعد ويؤذن المؤذن على قبة زمزم فإذا فرغ من خطبته دعا للخليفة العباسي ثم لأمير مكة ثم لسلطان الأيوبيين حتى إذا انتهى من خطبته بدأ الصلاة ثم انصرف على الوضعية التي أتى بها ثم يعاد المنبر إلى مكانه إزاء المقام ⁽³⁾.