شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناحية الاجتماعية في عهد الأيوبيين
وأنشئت بمكة في هذا العهد عدة برك كانوا يتخذونها لتخزين المياه، منها بركة الصارم وكانت تتصل بسور المعلاة اتصالاً مباشراً مما يلي محلة شعب عامر اليوم، ووصف ابن جبير مكة في رحلته في هذا العهد عام 579 فقال أنه رأى فيها ثلاثة أبواب هي: باب المعلاة وباب المسفلة وباب الزاهر وقال أن سوقها الحافل هو بين الصفاء والمروة وسوق العطارين والبزازين على مقربة منها، وقال أن بمكة حمامين أحدهما للفقيه التعايشي أحد الأشياخ في الحرم، والثاني لوزير صاحب الموصل الشيخ جمال الدين، ولعلّ هذين الحمامين هما اللذان أوردناهما في عهد الفاطميين نقلاً عن الرحالة الفارسي ناصر خسرو، ثم قال: وقد شاهد البلاط في ((دار الندوة)) كله مصاطب تحت قسي ((حنايا)) يجلس فيها الناسخون والمقرئون وبعض أهل صنعة الخياطة.
وتحدث ابن جبير عن عناية المكيين بحفلاتهم فقال: إنه رآهم ليلة رجب يحتفلون بالعمرة فيخرج النساء إليها بالهوادج يسيل بها أباطح مكة حتى لا يبقى في مكة من أهلها إلاّ من خرج للعمرة وقد زينت الهوادج بقلائد من الحرير وفاضت عليها الأستار المزركشة التي تسحب أذيالها على الأرض (1) وفي صباح رجب يخرج الأمير إلى العمرة في حشد عظيم ويخرج المعتمرون قبيلة قبيلة وحارة حارة فرساناً ورجالاً يتواثبون ويتثاقفون الأسلحة حراباً وسيوفاً في حذق عجيب وكانوا يرمون السيوف في الهواء ثم يتلقونها قبضاً على قوائمها كأنها لم تفارق أيديهم بالرغم من شدة زحامهم فإذا عاد الأمير من العمرة هرع إلى المسجد وشرع يطوف في حشده العظيم (2) .
وطواف الأمير في هذا العهد له طرافته وقد شهد ابن جبير الأمير مكثر يطوف في حاشيته فوصفها بإسهاب ويتلخص ذلك في أن للأمير قراء يتقدمون موكبه إلى الطواف يتقدمهم رجال الحرس من السودان شارعين حرابهم فإذا بدأ الطواف شرع مؤذن صبي يبلغ الحادية عشرة وهو أخو المؤذن الزمزمي يغرهد فوق قبة زمزم داعياً للأمير فإذا بدأ الأمير من الركن اليماني قال: صبح الله الأمير بالسعادة الدائمة والنعمة الشاملة ثم يصل ذلك بكلام مسجوع مطبوع حفيل بالدعاء ثم يختمه ببعض أبيات من الشعر في مدحه فإذا شرع في الشوط الثاني اندفع بدعاء آخر ووصله بأبيات غيرها من الشعر وظل على ذلك إلى نهاية الطواف (3) .
ويذكر ابن جبير أن الأمير مكثر كان يسكن بالقرب من المسجد الحرام أمام باب علي في دار تتصل بالميل الأخضر حيث يبدأ الساعون في الهرولة.
ويصف ابن جبير عادة صيام رمضان في مكة فيقول ما خلاصته أن دبادب الأمير أخذت تضرب في مكة ليلة الشك إيذاناً بصيام يوم الشك وبدأ المسجد يتلألأ نوراً وتفرق الأئمة فرقاً لإقامة التراويح فلا يكاد يبقى في المسجد زاوية إلاّ وفيها قارئ يصلي بجماعة خلفه وقد صفت الشموع على اختلاف أشكالها في محاربه ويطوف بعضهم بين تسليمتين سبعاً وللمسجد فرقعة (4) يضرب بها ثلاث ضربات عند الفراغ من أذان المغرب ومثلها عند الفراغ من أذان العشاء ويتولى التسحير في مئذنة باب علي المؤذن الزمزمي لقرب المئذنة من دار الأمير ومعه أخوان صغيران يجاوبانه ويقاولانه في أصوات رقيقة وقد نصبت في أعلى المئذنة خشبة طويلة في رأسها عود كالذراع أُنيط بطرفيها قنديلان يطفآن إذا حان الإمساك وأهل مكة في سطوحهم المرتفعة البعيدة من المسجد يمسكون إذا أطفئ القنديلان (5) .
ويذكر ابن جبير احتفال الناس في مكة بليلة النصف من شعبان فيقول إن مواكبهم تزدحم في كل مكان في المسجد والجهلة يعتقدون أن زمزم تفيض في هذه الليلة حتى تطفح فيزدحمون على التبرك بمائها (6) وأقول إن هذا التخريف ظل سارياً في مكة يعتقده عوامها طوال الأجيال ولم ينفع فيه إنكار حتى قضت حكومة جلالة ((الملك عبد العزيز آل سعود)) في العهد الأخير على هذه الخرافة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :587  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 82 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج