شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحالة السياسية
يبدو أن العلوية التي جاهدت طويلاً في سبيل انتزاع الخلافة من العباسيين صادفها شيء من النجاح تجلى أثره واضحاً في انتصارات الفاطميين ((شيعة علي)) في هذا العهد الذي نؤرخه وفي استيلائهم على جزء هام من البلاد التابعة للعباسيين وإنشاء حكومة مماثلة لها في اليمن وأخرى باسم القرامطة في البحرين عدا الحركات الصغيرة التي وجدت بعض الفوز في أنحاء شتى من بلاد الإسلام وكلها تتشيع للعلوية على اختلاف مبادئها وبعض معتقداتها.
وجاء دور المقيمين من أحفاد العلويين في مكة فرأينا رأساً من رؤوسهم هو جعفر بن محمد جد الأشراف من حكام مكة يقوم في أعقاب سقوط حكومة الأخشيد ويعلن حكمه في مكة واستقلاله بها.
وقد بدأت الحركة كما رأينا فيما تقدم محدودة لا تخرج عن نطاق مكة وأعمالها التابعة لها من جدة غرباً إلى الطائف شرقاً وهي لهذا وجدت لدى الفاطميين جيرانها وشركائها في مبادئ التشيع لآل علي تشجيعاً أعانها على الخطوات الأولى ووطد مركزها كما وجدت من مؤهلات رئيسها جعفر ما ساقها إلى النجاح والفوز إلاّ أن أغراض الحركة ما فتئت أن تكشفت عن نوايا جديدة عندما تولى أمرها أبو الفتوح على أثر وفاة أبيه جعفر، فقد ادعى لنفسه الخلافة ورأى أنه أولى بها من الفاطميين ونادى بنفسه خليفة في الحرم ودعا إلى بيعته من والاه في الحجاز فبايعوه على ذلك ولقبوه بالراشد كما مر بنا.
وقد حفز هذا جيرانه الفاطميين للعمل ضده فأغروا بعض مناصريه بالتخلي عنه فما لبث أن سقط وتولى الأمر أحد بني عمومته. فلما شعر بسوء العاقبة عاد يسترضي الفاطميين ويجاور الأهالي حتى عاد إلى الحكم وألغى الدعوة إلى الخلافة من رأسه كما ألغاها بعده كل من ورث الحكم من طبقات الأشراف ولم يبعثها إلاّ الحسين بن علي بعد مدة طويلة تزيد عن تسعة قرون ونصف قرن في ظروف خاصة سنأتي عليها في حينها.
ولقد بقيت الإمارة في ذرية أبي الفتوح قريباً من مائة سنة ثم انقرض نسله فانتقل الأمر إلى بني عمومته ((السليمانيين)) وهم أولاد سليمان الجون ((الطبقة الثانية)) وقد شعر الفاطميون أن السليمانيين لا يميلون للدعوة لهم فانتدبوا شيعتهم في اليمن للهجوم على مكة فهاجموها وأجلوا السليمانيين عنها وسلموا أمرها إلى طبقة ثالثة من بني عمومتهم هم أولاد أبي هاشم محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين (1) .
وقد بقي الأمر في هذه الطبقة إلى سنة 597 نحو قرن ونصف قرن ثم انتقل إلى بني عمومتهم الطبقة الرابعة على ما سنبينه في الفصل الآتي.
ولقد ظل استقلال الأشراف بمكة مشوباً بنفوذ دول الإسلام القوية ويبدو أثر ذلك في دعاء مكة للعباسيين مرة وللفاطميين أخرى وللزنكيين في غيرها وفي الجمع بين دولتين في بعض هذه الفترات -وقد قدمنا ذلك- كما يبدو في إحداث بعض المنشآت والمرافق العامة التي كانت ترى هذه الدول أن من حقها أن تنشئها في هذا البلد كأي مدينة تابعة.
ويجب ألا يفوتنا أن نفوذ هذه الدول ما كان ليشوب استقلال مكة إلاّ بمقدار ما تدعو إليه الضرورة الدعاء على المنبر وقبول المنح والعطايا. ولعلّ أشراف مكة كانوا معذورين في هذا فقد استقلوا بمكة وليس في تعدادها وما يتبعها ما يكفي لإعداد جيش قوي يدافع عنهم وليس في مواردها ما يكفي لبعض نفقاتها، لهذا كان لا مناص لهم من مهادنة الأقوياء وقبول المنح والهدايا من هؤلاء مرة ومن أولئك أخرى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :420  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج