شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناحية العلمية
تركنا مكة تزدهي بمدرسة ابن عباس في أواسط العهد الأموي وكنا قد رأينا مجالسه تنتج لنا مجاهد بن جبر وعطاء بن أبي رباح وطاووساً وعكرمة وأمثالهم فإذا انتقلنا إلى ما يلي ذلك نحو العهد العباسي الأول بدت لنا مجالس عمرو بن دينار وعبد الله بن أبي نجيح ومحمد الأوقص ثم عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يغص بها المسجد الحرام وتزدحم أفنيته بأقران هذه الطبقة من الفقهاء والمحدثين مما يطول سرد أسمائهم.
ويحدثنا التاريخ أن عمراً بن دينار كان ثقة كثير الحديث وأنه كان يفتي في مكة وأنه مات سنة 126 فخلفه في إفتاء الناس عبد الله بن أبي نجيح، كما يحدثنا أن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج كان علماً من أعلام مدرسة مكة وأنه من أول من ألف في الحديث إن لم يكن أولهم وأنه عندما توفي سنة 150 كان قد تلقى عنه جمهور من الفقهاء أشهرهم الأوزاعي وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض، وأن سفيان بن عيينة كان من أبرزهم، وقد أخذ عنه الشافعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن اسحق ويحيى بن أكثم القاضي وغيرهم، وكان الشافعي رحمه الله يقول لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز، وأخذ عن الشافعي عبد العزيز الكناني (1) وهو من ألمع رجال الفقه والتفسير.
ولم يقتصر نشاط مكة العلمي على حلقات الدرس فيها، فقد رحل كثير من فقهائها إلى أمصار الإسلام فنشروا علومهم ورووا أحاديثهم علاوة على كونها كانت مفتحة الأبواب لجميع الرواد يقصدونها من سائر الأقطار لينهلوا من علومها ويغترفوا، وكانت مجامعها في مواسم الحج غاصة بالمسترشدين والمستفتين والمناقشين، وكانت مجالس المناظرات تعقد في بيوت فقهائها وفي حلقاتهم من المسجد فتجد من غزارتهم العلمية ما يروي غلة السائلين والمناظرين.
وكان التشريع في هذا العهد الذي ندرسه قد تطور شأنه في بعض أمصار الإسلام كالعراق وأخذ يتسع لقياس الفقهاء إلاّ أن أمره في مكة والمدينة ظل على حاله لا يحفل إلاّ بالنص الوارد بالسند المتصل إلى المشرع الأعظم صلوات الله عليه، وبذلك تميز النشاط العلمي في مكة والمدينة يومها بعنايته بالمأثور من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله في الوقت الذي شاعت فيه شتى المذاهب القائلة بالرأي والآخذة بالقياس والضاربة في آفاق الاجتهاد والتأويل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :409  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.