شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سقوط الأمويين
أشرنا في حديثنا عن الأمويين إلى مبلغ الجهود التي بذلها الأمويون في سبيل تشييد ملكهم وتثبيت أركانه ويستطرد بنا القول في هذا الفصل إلى أن هذا البناء ما كادت دعامته ترتفع حتى دب إليه الوهن وبدأ الضعف يتسرب إلى كيانه وأنه ما كاد القرن يوفي على نهاية سنة 100 حتى كان الهزال قد جاء على جسمه ثم ما لبث أن قضى بانقضاء العام 132هـ من التاريخ الهجري.
وأحسبنا مسؤولين أمام ارتباط التاريخ الذي ندرسه بالتاريخ الإسلامي العام أن نلخص أهم العوامل التي ساعدت على انقراض الحكم الأموي في تضاعيف هذه المدة القصيرة وقيام الحكم العباسي على أنقاضه لنستطيع أن نمضي في بحوثنا عن مكة على ضوء الأحداث الإسلامية العامة، ولعلّه يمكنني أن ألخص ذلك فيما يأتي:
1- بذور الشقاق التي بذرها التنافس على ولاية العهد بين أفراد البيوت الأموية ومحاولة كل منافس الإساءة إلى منافسه والتنكيل به وبمعاونيه من السادة والقواد.
2- إثارة الروح العصبية بانحياز بعضهم إلى المضرية وآخرين إلى اليمنية مما أثار الحفائظ وأوجد الشقاق.
3- تعصبهم للعنصر العربي السائد واحتقارهم لمن عاداه من الموالي وأهل الأمصار الأخرى مما بعث روح الشعوبية وأذكى أوارها وهيأ النفوس لقبول الثورات والانضمام إلى حركات المناوأة مع الخوارج مرة ومع غيرهم في مرات غيرها.
4- انغماس بعضهم في الترف وذهابه بلذائذ الحياة التي اختصوا أنفسهم ومن حولهم بها وانصرافه إلى المجون واللهو وأنواع من المنادمة مما جعل المحافظين والمتمسكين في كل مصر يشددون النكير عليهم وقد سئل أحد شيوخ بني أمية عن سبب زوال الملك عنهم فقال: إنا شغلنا بلذاتنا عن تفقد ما كان تفقده يلزمنا.. الخ (1) .
وقال العباس لأخيه بشر بن الوليد: إني أظن أن الله قد أذن في هلاككم يا بني مروان ثم تمثل:
إني أعيذكم باللَّه من فتن
مثل الجبال تسامى ثم تندفع
إن البرية قد ملت سياستكم
فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
لا تلحمنّ ذئاب الناس أنفسكم
إن الذئاب إذا ما ألحمت رتعوا
لا تبقرنّ بأيديكم بطونكم
فثمة حسرة تغني ولا جزع (2)
5- إهانة المسلمين في أعمق شعورهم بتجاوزهم إلى ضرب الكعبة بالمنجنيق واستباحة المدينة للأجناد ثلاثة أيام واستعمال أشد أعمال القسوة والعنف في قتال الحسين وقتله، وأني وإن كنت قد استبعدت الملابسات خاصة فيما بحثت أن يتعمد الأمويون إصابة الكعبة ولكن الشعور العام إذا أثير لا يطمئن إلى الفلسفة ولا يستمع إلى مثل مبرراتي.
من جميع ما تقدم يتلخص لدينا أن البواعث العاملة في سقوط الأمويين كانت قد تعددت وكان لا بد لهذه الدولة من أن تستعجل نهايتها فلا عجب إذا استغل المناوئون الفرصة المواتية للعمل.
العلويون والخلافة: وكان من أهم المناوئين جماعة العلويين الذين لم يناموا عما سموه حقوقهم المغتصبة في الخلافة ولم ينسوا دم الحسين المسفوح. وقد وجدوا في عطف سواد المسلمين عليهم واستنكار الثقاة والمتمسكين ما شجعهم، كما وجدوا من مؤازرة الشيعة في العراق ما يقوي يقينهم فظلوا طوال العصر الأموي يجتمعون سراً كلما أتيحت لهم الفرص وكانوا يجعلون أمرهم سراً إلى إمام منهم حتى إذا قضى استخلفوا غيره، فلما كان عام 96 علم سليمان بن عبد الملك شيئاً من أسرارهم فدس إلى إمامهم إذ ذاك أبي هاشم بن محمد بن الحنفية، فلما شعر أبو هاشم بدنو أجله وجد بجواره محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ولعلّه كان أهلاً لثقته فنزل له عن حقه في الخلافة (3) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :513  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج