شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أوليات في المسجد
وفي هذا العهد عرف عبيد الكعبة الذين رتبهم معاوية كما أسلفنا ولم يذكر المؤرخون ما إذا كانوا خصياناً أم لا، ولكن المعروف أن يزيد بن معاوية هو أول من اتخذ الخصيان فلا يبعد أن يكون قد أهدى منهم إلى المسجد.
فيما يذكره المؤرخون ما يشير إلى أن العبيد في هذا العهد كانوا يرتبون صفوف المسجد ويقومون بحراسته (1) .
ومن أوليات هذا العهد إدارة الصفوف حول الكعبة، وقد كان الناس يصلون القيام في رمضان خلف مقام إبراهيم على خطوات بعيدة منه ويتركون المطاف وخلفهم المقام المباشر لمن أراد الطواف فلما تولى خالد بن عبد الله القسري ((في عهد عبد الملك بن مروان)) أمر أن يصلي الإمام القيام خلف المقام مباشرة وأن تدور صفوف المصلين حول الكعبة من جميع جوانبها فلما قيل له إن ذلك يمنع الطائفين من طوافهم أمر بأن لا يطوف الطائفون إلاّ بعد ترويحتين، ولا يقوم المصلون حتى تنتهي أشواط طوافهم، فظل الناس يتناوبون الصلاة مرة والطواف مرة إلى مطلع الفجر تحت إشراف عبيد الكعبة (2) .
وفي عهد القسري أمر بتخصيص رجل يتحرى مطلع الفجر فوق أبي قبيس فإذا بان نادى بأعلى صوته ((أمسكوا رحمكم الله)).
ويذكر صاحب مرآة الحرمين أن خالداً القسري أمر في عهده بهدم المنائر لأنه بلغه أن بعض المؤذنين كانوا يغازلون فيها.
ومن أعمال خالد أنه حفر بئراً ساق منها الماء حتى أخرجه في المسجد عند زمزم.
وكان يجري في قصب من رصاص ثم يظهر في فوارة تسكب في فسقية من رخام بين زمزم والركن والمقام. وتفرغ الفسقية في سرب من رصاص يخرج منه الماء إلى بركة كانت في السوق عند باب الصفا يتوضأ منها الناس -وكان باب الصفا أقرب إلى صحن المسجد منه اليوم- ويكاد يجمع المؤرخون أن خالداً ساق ذلك الماء إلى المسجد ليضاهي به زمزم (3) ولا أستبعد أن يكون بعضهم قد أشاعها انتقاماً منه أو من بني أمية لأن من أعمال خالد في مكة ما لا يتفق مع هذه الجرأة على الدين، وقد مر بنا ما نقله المسعودي من غضب خالد عندما بلغه قول بعض الشعراء:
يا حبذا الموسم من موفد
وحبذا الكعبة من مشهد
وحبذا اللاتي يزاحمننا
عند استلام الحجر الأسود
وإنه قال أما إنهن لا يزاحمنك بعد هذا ثم أمر بالتفريق بين الرجال والنساء في الطواف وأجلس عند كل ركن حرساً معهم السياط.
ولا أعتقد أن رجلاً يغضب لاختلاط النساء يستطيع أن يجرؤ على محاربة زمزم، ولكن خالداً كان يمتاز بشيء من الشدة في معاملته، ولعلّ لذلك أو لمقت بعضهم حكم بني أمية شيئاً من الأثر فيما أشاعه الموتورون عنه.
ومن أدلة شدة خالد ما روي عنه أنه أرسل إلى عبد الله بن شيبة ليفتح له الكعبة في وقت لم ير عبد الله أن يفتحها فيه فلما رأى خالد امتناعه أمر به فضرب مائة سوط فرحل ابن شيبة حتى أتى سليمان بن عبد الملك في الشام فشكا له منه فكتب سليمان إلى خاله في مكة محمد بن هشام أن يضرب خالداً مائة سوط ففعل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :441  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.