شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناحية العلمية
وليس غريباً أن تكون لهم حياة علمية فقد كانت لبيئتهم علوم ألموا بها وبرز بعضهم فيها تبريزاً واضحاً ترك أثره في معارف الأجيال إلى حقبة طويلة من العصر الإسلامي.
كانوا يعنون بأنساب العرب وأخبارهم ويروون من أحاديث الأمم التي سبقتهم أو عاصرتهم أو احتكت بهم في تجارة أو جوار، وظلوا يتناقلون ذلك في أسمارهم ومجالسهم حتى أصبحت معارفهم في ذلك مادة ثرة استطاع بعدهم كثير من المدونين أن يعتمدوا ما تناقل عنهم ويسجلوه كتاريخ معترف به.
وعنوا عناية خاصة بالنجوم ومواقعها وحركاتها وأتقنوا منازلها في البروج وكان الكلدانيون في عهدهم شبه متخصصين في فن النجوم فتفرغ بعضهم للاتصال بهم والأخذ عنهم حتى استقام لهم علم كامل كانوا يعتزون بمعارفه الواسعة.
وتوسعوا في فهم الأنواء والأمطار فكان لهم علم بالسحاب وأنواعه ومواقع المطر بالنسبة لوديانهم وعرفوا الرياح واتجاهات سيرها وسموا أنواعها بما يتفق مع حركاتها فمنها الصبا والدبور والصرصر والعاصف إلى غير ذلك من أسماء لا يزال أصحاب الفراسة إلى اليوم يطلقونها عليها تقليداً للعرب في جاهليتها.
ومارسوا الملاحة في البحر الأحمر وأتقنوا فنها وربطوا أوقاتها بحركات النجوم كما اهتدوا بالنجوم في سيرهم إلى المواطن البعيدة من موانئهم وامتدت رحلاتهم جنوب البحر حتى اختلطوا بالمحيط الهندي وغذ بعضهم في المحيط الهندي إلى شواطئ بعيدة المنال ذكرها بعضهم في رحلات العرب، وبذلك استقامت لملاحتهم قواعد ظلت متوارثة واستطاع المسلمون في عصرهم الذهبي أن يستفيدوا منها.
وكانت لهم معلومات في الطب يعتد بها.. معلومات أظهرتهم على جميع العضلات في الجسم فأطلقوا الأسماء عليها مما تجده مفصلاً في كتب اللغة ومصادرها الأصلية وأنى لهم أن يعرفوا هذه المسميات لو لم يعرفوا مواقعها في الجسم ويدركوا وظائفها فيه وامتدت معلوماتهم تبعاً لذلك إلى النباتات فعرفوا خواصها وكانوا يستفيدون منها لوصفاتهم، وعرفوا إلى جانب ذلك العلاج بالكي والبتر والفصد والحجامة، وكان لهم في ذلك حكماء مبرزون اشتهر منهم الحارث بن كلدة الثقفي وقد عاش حتى أدرك معاوية واعتمده المتطببون في عصر معاوية كأستاذ له قيمته العلمية، ولا نزال إلى اليوم نقلد ما ورثناه من طب العرب في بعض مجتمعاتنا حتى المتمدنة منها ونعترف بكثير من آرائهم فيه ولا يزال في باديتنا إلى اليوم من يقصده صاحب مرض استعصى على الطب الحديث فيفيدونه بأعشابهم أو فنهم في الكي، ولا ننكر أنهم استفادوا معلوماتهم من أمم سبقتهم شأن الحياة في مختلف عصورها ولكننا نعرف أنهم أضافوا إلى ذلك ما اكتسبوه بتجاربهم وحذقهم.
ومن معارفهم القيافة والفراسة والرياضة، ولها قواعد عندهم لا تكاد تجاريهم فيها أمة إلى اليوم رغم مرور نحو ألفي سنة على شيوعها بينهم. فمن قيافتهم تتبع آثار الضال والهارب إنساناً أو حيواناً ومتابعة خطواته مهما اختلطت بخطوات غيره، وهو فن لم يبلغ حد الاتقان عند غيرهم إلى اليوم ولا يزال بيننا من ورثهم في هذا الفن ويثير الدهشة في أرقى مجتمع متحضر، ومن فراستهم الاستدلال بهيئة الشخص وشكله وكلامه على أخلاقه وهو فن يدرس اليوم في الجامعات وربما قصر عن الشأو الذي بلغه في البادية قبل ألفي سنة.
ومن عنايتهم بالقيافة أنهم كانوا يكتشفون مواطن الماء ويعرفون مظانه باستدلالات خاصة لا يستعينون فيها بآلة، وقد توصلوا بذلك إلى مئات الآبار التي احتفروها في مكة يوم كانت مكة لا تجود بقطرة ماء كما احتفروا مثلها في سائر المواطن التي سكنوها من البادية وكانت مظنة لوجود الماء.
وعرفوا الكهانة والعرافة والعيافة (1) فكانوا يستدلون على الحوادث بالنجوم وكان الكاهن يمتاز بينهم بذكاء يعتمد فيه على القرائن ومقارنة الماضي بالحاضر، وقد استطاع الكهان والعرّاف لفرط ذكائهم أن يضللوا عامة الناس ويستغلوا غفلتهم فحاربهم الإسلام وأنقذ الناس من براثن ذكائهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج