شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأشعري وابن العاص
وعندما نزل علي على رأيهم وفوت على قائده الأشتر أغلى الفرص التي كان يتحينها استأنفوا معارضة أخرى في شأن من ينتدبونه عن العراق ليقابل عمرو بن العاص مندوب الشام، فقد كان من رأي علي أن ينتدب الأشتر قائده ليتكافأ الدهاء، ولكن المتطوعين لا يعرفون الرضوخ، وأن ثقتهم في أبي موسى الأشعري الرجل الصالح المتدين المنحاز إلى منتآه بعيداً عن معترك الحياة لا تعدلها ثقة أخرى، وما كان في أصحاب علي من يعتقد في مرانة أبي موسى بالنسبة لصنوه ابن العاص ولكنها فكرة المتغلبين ولا بد من النزول عليها.
واجتمع المندوبان فقررا تسريح الجيشين إلى أجل جعلوا مدته رمضان من ذلك العام 37 حيث يجتمعان في دومة الجندل بين العراق والشام ليقولا كلمتهما، ويفصلا في الأمر بما يحكمان (1) وتفرق الجيشان فعاد معاوية إلى الشام ليستجم وجنده من عناء حرب كانت ستدور رحاها عليهم وآب علي بن أبي طالب إلى العراق ليعاني من معارضة المتزمتين من جيشه ما يعاني، قال له بعضهم تب من خطيئتك واذهب بنا إلى عدونا حتى نقاتلهم فقال علي قد أردتكم على ذلك فأبيتم وقد كتبنا بيننا وبين القوم عهوداً وقد قال الله تعالى وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ (النحل:91) فقال له حرقوص (2) إن معاهدتكما كانت ذنباً ينبغي أن تتوب منه وقال زرعة بن البرج (3) ، أما والله يا علي لأن لم تدع تحكم الرجل في كتاب الله لأقاتلنك.
وهكذا نراهم بعد أن خيّل لهم الاجتهاد أن يستجيبوا إلى رفع المصاحف عادوا فاستبانوا أو بعضهم أنهم في استجابتهم كانوا مذنبين وأن على علي أن يتوب من ذنبه في متابعته لهم (4) وأمعن بهم التزمت حتى خرجوا على علي وحتى ظنوا الكفر بكل من لم يقل قولهم واستحلوا فيما يقول أكثر المؤرخين دماء المسلمين في الوقت الذي كان أحدهم يتورّع عن التمرة يصادفها بين النخيل فلا يأكلها قبل أن يأذن صاحبها.
واجتمع الحكمان في موعدهما في رمضان عام 37 في دومة الجندل بين الكوفة والشام، ودلّل عمرو بن العاص على دهائه الواسع باستدراجه أبا موسى الأشعري إلى القرار الذي قرراه معاً بعزل الخليفتين ليختار المسلمون من يختارون، ثم بتقديمه أبا موسى ليعلن هذا العزل وليعقب عليه فيقول ((أيها الناس أنه عزل علياً وأيدت معاوية)) (5) وينفض المجلس لينتهي رسل معاوية إلى الشام يسلمون عليه بالخلافة، ويعود رسل علي إلى العراق يفصلون له خبر الخلع.
وتعقد الأمر على علي في العراق، وأشار عليه أصحابه باستئناف القتال في الشام وأشار آخرون بالبدء بالخارجين ((الخوارج)) فعاد إلى طاعته بعضهم وأبى البعض الآخر وتحشدوا في النهروان، فسار إليهم وقاتلهم حتى انهزموا (6) .
ثم عاد يستنفر الناس للخروج إلى الشام فتباطأوا وأعلنه بعضهم أن مواصلة الحروب أرهقت جهودهم بينما نشطت أعمال معاوية في الشام ومضت جيوشه تغزو مصر وأطرافاً أخرى من الولايات التابعة لعلي.
مكة بين علي ومعاوية: وفي عام 39هـ انتدب علي عبد الله بن عباس ليتولى موسم الحج في مكة وبعث معاوية من ناحيته يزيد بن شجرة الرهاوي (7) في ثلاثة آلاف فارس ليقيم بالناس الحج ويأخذ له البيعة بها وينفي عنها قثم بن العباس عامل علي، فلما أحس قثم بقربه استعد للقتال، فلما وصل ابن شجرة قبل التروية بيومين وعلم باستعداد مكة لصده استدعى أبا سعيد الخدري وقال له: إني لا أريد الإلحاد في الحرم وإني أرى أن أعتزل الناس أنا وقثم ويقيم الحج بهم من يختارون فوافقه قثم واختار الناس شيبة بن عثمان حاجب البيت فحج بهم ولما قضى الناس الحج عاد يزيد في جيشه إلى الشام وترك مكة لقثم وقد ظلت كذلك إلى أن استتب الأمر لمعاوية في بلاد الإسلام فأرسل من يتولى أمرها كما سيأتي.
وأهلَّ عام ((40هـ)) وجيوش معاوية ماضية في عزيمتها تفتح الولايات التابعة لعلي وأخذ البيعة فيها لمعاوية حتى انتهى الأمر إلى فتح المدينة ثم مكة ثم اليمن وظلت جيوش علي على تثاقلها في العراق وظل علي رضي الله عنه يقاسي من خلافها ما لا يحتمله إلاّ قوي صابر ولم يستطع بعد عناء شديد أن يستنفر إلاّ أقلّية لا تصمد لحرب وقد وجهها إلى اليمن فامتلكتها ثم مضت إلى مكة فما وافتها حتى كانت أخبار اغتيال علي قد سبقت فخرج أهل مكة إلى قائد علي جارية بن قدامة (8) صائحين لمن نبايع؟ وهذا علي مقتول فأبى إلاّ أن يأخذ البيعة لمن يتولى خلافته فقبلوا ذلك.
اغتيال علي: واغتيال علي نتيجة التعصب في غير هدى فقد تراءى لثلاثة من الخوارج أن يحسموا خلاف المسلمين باغتيال الزعماء الثلاثة علي ومعاوية وعمرو بن العاص وجعلوا موعدهم 17 رمضان من عام 40هـ وقد نفذ عبد الرحمن بن ملجم وهو المكلف باغتيال علي رضي الله عنه إلى مسجد الكوفة وكمن له حتى قتله في خروجه إلى صلاة الفجر ونفذ المكلفان بمعاوية وعمرو بن العاص إلى أصحابهما فلم يوفقا (9) .
ودفن علي رضي الله عنه في النجف (10) قرب الكوفة وربما اختير قبره على حافة الصحراء لئلا ينبشه الخوارج.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :559  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.