شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مكة في عهد الخلفاء الراشدين
في عهد أبي بكر: ذكرنا فيما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى أمر مكة بعد الفتح عتاب بن أَسيد، وعتاب بن أسيد من أفاضل بني أمية ينتهي نسبه إلى قصي بن كلاب القرشي وقد ظل في إمارته مدة حياة النبي مثالاً للسيرة الحميدة التي وصاه النبي بها في قوله ((أتدري على من وليتك يا عتاب؟ على جيران بيت الله فاستوصِ بهم خيراً)).
ولمّا ولى الخلافة أبو بكر رضي الله عنه أقر عتاباً في إمارته فظل بها طيلة عهد أبي بكر وذكر بعض المؤرخين أنه توفي في اليوم الذي توفي فيه أبو بكر وذكر غيرهم أنه توفي يوم وافى نعيه مكة.
في عهد عمر: وتولى أمر مكة في أول خلافة عمر بن الخطاب المحرز بن حارثة من بني عبد شمس القرشي ثم وليها قنفذ بن عمر بن جدعان ثم نافع بن عبد الحارث الخزاعي ثم أحمد بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي ثم طارق بن المرتفع (1) ثم الحارث بن عبد المطلب من بني هاشم (2) .
وأنت ترى أن عدتهم تلفت النظر ولكنك وأنت تعلم سياسة عمر نحو ولاته وشدته في مراقبتهم تستطيع تعليل هذه الظاهرة فقد كان عمر لا يرضيه من ولاته إلاّ القليل النادر لهذا كان كثير العزل فيهم كما ذكروا أنه سنَّ لهم في عهده نظام المقاسمة فكان يحصي أموال عامله قبل توليته فإذا ما انتهت ولايته أحصى ثروته من جديد وصادر ما زاد فيها أو بعضها وردها إلى بيت المال إلاّ إذا اتضح له أن هذه الزيادة قد نالها العامل من طرق مشروعة.
في عهد عثمان: عندما ألممنا بذكر الولاة في عهد أبي بكر وعمر لم نتعرض لحياة الشيخين في المدينة لأننا نقتصر فيما نؤرخ على أخبار مكة ولا نتعرض لأحداث الإسلام إلاّ ما كانت له علاقة خاصة بما نؤرخه وأحسبنا الآن في أشد الحاجة إلى الاستطراد إلى ما كان من أمر عثمان في الحدث الإسلامي الكبير لما ترتب على هذا الحدث من نتائج لها علاقتها الخاصة بمكة.
وأمر عثمان رضي الله عنه أوسع من أن تلخصه عجالة محدودة أو يحدده فصل مقتضب فقد اختلف المؤرخون في القديم والحديث في تعليل أسبابه كما اختلفوا في تحقيق نتائجه وإن كانوا قد اتفقوا بإجماعهم على أنه أول حدث فجع المسلمين في كلمتهم وأنه أول ثغرة دخل منها الوهن إلى صفوفهم.
ولست أرى في أمر عثمان ما يدعو إلى شدة الغرابة، فقد كان رحمه الله سمحاً كريماً لين الجانب يسالم مستشاريه ولا يتعصب لرأي دونهم.. ولقد جاءت خلافته بعد الفاروق عمر وعندما أقول الفاروق أعني الرجل المهيب الجانب القوي الشكيمة الشديد العزم الذي هابته قريش وخاف سطوته المتمردون ورهب جانبه المقربون، فإِذا حلت السماحة وحل لين الجانب مكان هذه المميزات الجبارة فلا بد أن يحدث رد الفعل الذي انتهى إليه أمر عثمان وأنت تعلم أن رد الفعل بدأ يأخذ شكل الاستياء في أوساط محدودة، ثم ما لبث أن اتسع الفتق وشرع المعارضون يجاهرون بانتقاد خليفتهم وينكرون عليه اصطناع شيعته كما ينكرون على شيعته حفاوتهم بالأمويين وتوليتهم الأعمال (3) وبرهم بأعطياته السخية من بيت مال المسلمين حتى دخل عليه علي بن أبي طالب وقال له: ((نعم يا عثمان إن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل وأن شر الناس عند الله إمام خائر إني أحذرك الله وأحذرك سطوته ونقمته فإن عذابه شديد أليم)).
وحفظ بعض أمراء الأجناد في الأمصار وهم من علية قريش على عثمان أن ولي الخلافة قبل أن يؤخذ رأيهم (4) .
واستمرت المعارضة تضطرد كلما تقدمت الأيام بها حتى انتقلت عدواها إلى الأمصار وكثر القيل والقال، ثم عقدت الاجتماعات للبحث وتوحيد الجهود.
الفتنة: وأهلّت السنة الخامسة والثلاثون للهجرة فأهلّت بإهلالها الثورة بدأت في الكوفة ثم انتقلت عدواها إلى عرب الأمصار وكبار القرّاء المرابطين في مصر.. خرجوا يدعون إلى الثورة وخرج عرب الكوفة في ساقتهم ثم عرب البصرة. وقد انتهت جموعهم إلى أبواب المدينة يبغون افتتاحها فنشط أهل المدينة للذود عنها وقد كره الثائرون أن يقاتلوا أصحاب رسول الله فاتفقوا على الظهور بمظهر الناكصين حتى إذا أقلعوا بعيداً عن المدينة واستيقنوا أن المدافعين عنها أمنوا إلى بيوتهم أعادوا الكرة فاقتحموا المدينة بدون قتال وأحاطوا بدار عثمان فحاصروه وظلوا على حصاره أياماً حتى قتلوه (5) .
وتقول أكثر المصادر التاريخية أن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة حاولوا إصلاح البين وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب ولكن الأمر كان قد عزّ على الإصلاح وعظمت شروره على كل المساعي.
ولاة مكة لعثمان: مضى عهد عثمان في صورته الحزينة وفتنته العظيمة دون أن يترك في مكة الأثر الذي تركه في أمصار الإسلام الهامة التي تقدم بنا ذكرها وأحسب أن من أهم أسباب الهدوء في مكة أن عمّال عثمان عليها كانوا لا يملكون اضطهادها بقدر ما يملك غيرهم في الأمصار لاتصال العائلات الكبيرة فيها بأقربائهم من كبار المهاجرين بالمدينة وسهولة نقل الأخبار والشكاوى بين المدينتين كلما دعت الحاجة إلى نقلها من طريق المترددين من الأقارب. ويؤيد لنا هذا أن عثمان رضي الله عنه كان كثير العزل لولاته في مكة فقد تنقلت الإمارة فيها لعهده بين علي بن عدي بن ربيعة وهو من بني عبد شمس وخالد بن العاص وهو مخزومي والحارث بن نوفل وهو من بني عبد المطلب وعبد الله بن خالد بن أَسيد بن عبد شمس وعبد الله بن عامر الحضرمي ونافع بن عبد الحارث من خزاعة (6) .
حركة عائشة: لما اشتد الحصار على عثمان قبل قتله استنجد بعلي وطلحة والزبير وعائشة وأمهات المؤمنين فكان أولهم إنجاداً له علي وأم حبيبة بنت أبي سفيان وقد جاءت الأخيرة على بغلة لها برحالة مشتملة على أداوة فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة فضربوا وجه بغلتها فتلقاها الناس وقد مالت راحلتها فتعلقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل فذهبوا بها إلى بيتها.
وعلمت عائشة بالأمر فجهزت نفسها للرحيل إلى مكة (7) وجاءها مروان مبعوثاً من عثمان يقول: لو أقمت فلعلّ الله يدفع بك عن هذا الرجل فقالت أتريد أن يصنع بي كما صنع بأم حبيبة لا والله.. ومضت في عزيمتها حتى لحقت بمكة.
ولما قضت حجها وافاها خبر عثمان وبيعة علي فقالت: قتل مظلوماً والله لأطلبن بدمه فقال لها ابن أم كلاب ولم؟ فوالله أنك أول من أمال حرفه فقالت أنهم استتابوه ثم قتلوه، واجتمع الناس بها فخطبتهم في حجر إسماعيل خطبة جامعة قالت: أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة بادءوا بالعدوان ونبا فعلهم عن قولهم: والله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنباً لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه.
ومضت عائشة في دعوتها وانضم إليها طلحة والزبير عند عودتهما من المدينة كما انضم إليها الأمويون من أهل مكة والنازحون إليها مستجيبين للثورة (8) وانضم إليها أمير مكة لعثمان والتحق بهم واليه على اليمن يعلى بن أمية وجاد المنضمون بأموالهم دون حساب وغالى الأمويون منهم في الجود وتقدم يعلى بن أمية بالكثير من أمواله التي قدم بها من اليمن وفعل مثله عبد الله بن عامر ثم توالت المؤتمرات وكثرت الاجتماعات لتقرير الاتجاه الذي تتجه نحوه ((هذه الحركة فكان من رأي عائشة أن يباغت القتلة في المدينة ومن رأي طلحة والزبير أن يشخص الجيش إلى البصرة تدعيماً له بمن فيها من صنائعهم وقد نزلت عائشة في نهاية الأمر على رأي من يقول بهذا ونادى مناديها بالخروج، وخرجوا في ثلاثة آلاف رجل بينهم عائشة محمولة في هودجها على جمل شديد قوي)) (9) .
وعلم علي بالأمر فجمع الناس وخطب فيهم: ((ألا أن طلحة والزبير وأم المؤمنين قد تمالأوا على سخط إمارتي وسأكف إن كفوا وأقتصر على ما بلغني منهم)) ثم رأى أن يأخذ عليهم الطريق فنشط إلى الخروج وخرج بخروجه بعض أهل المدينة وجماعة من الكوفيين والبصريين حتى أتى الربذة -وهي من قرى المدينة- ثم انتقل إلى ذي قار (10) ليكون على مقربة من جيش عائشة ولتتصل رسله بها فيستطيع أن ينصح لها ويرمي بآخر سهم في كنانته.
وقد مضت رسله إلى عائشة تترى ثم كتب لها ((يا عائشة كونوا مفاتيح الخير كما كنتم تكونون ولا تعرضونا للبلاء ولا تعرضوا له فيصرعنا وإياكم)) في حديث طويل ترك أثره في عائشة كما ترك أثره في طلحة والزبير فقالوا لسفيره ارجع.. إن قدم علي بمثل هذا صلح الأمر، فرجع سفير علي في أحسن ما يرجع به سفير.
وبات الفريقان ليلتهما في أحسن ما يبيت فيه جيشان متصالحان واستأنف علي سيره إلى البصرة في جموعه العظيمة ليكون أقرب إلى مواطن الصلح حتى إذا انتهى قريباً منها ترك جيشه ومضى ليجتمع بعائشة وطلحة والزبير فقابلوه في ناحية منها وبدأوا حديثهم جميعاً في جو يسوده -بلغة اليوم- التفاهم والود، وانفضَّ المجلس على وئام واتفاق.
ولم يكن الوئام والاتفاق في صالح فريق ثالث كان يؤلب على عثمان حتى قتل، لهذا ما فتئ أن تآمر هؤلاء على الإخلال بقواعد الصلح وإثارة القتال بين الصفين في غرة من الفريقين فقد انسلوا بغلس حتى انحاز بعضهم إلى جيش علي وانحاز آخرون للجيش الآخر ووضعوا السلاح فثار الفريقان وكانت الفتنة.
والفتنة عمياء أبد الدهر لا تبصر ما دونها فكيف بها والجيشان متقابلان على أهبة القتال في أعصاب مرهقة.
وتريث المتقون في كلا الفريقين وكان من رأي كل جماعة أن لا تكون البادئة بقتال ولكن الفتنة أبت أن تدع الفرصة لعاقل ونشاط السيوف الغادرة أبى إلاّ أن يثيرها عمياء.
وهكذا تضرم القتال وحمي الوطيس عامة النهار وما وافى المساء حتى تراجع أصحاب عائشة واستبسل أصحاب علي فعقروا الجمل وحملوا هودج عائشة في احتشام حتى أبرزوه على الأرض ونادى منادي عليّ بالأمان بعد أن قتل من الفريقين نحو عشرة آلاف.
وقتل في هذه الموقعة طلحة والزبير ومحمد بن طلحة وكثير من مشيخة الصحابة وحملة القرآن (11) وقدر بعضهم سائر القتلى من الفريقين بعشرة آلاف في نسبة تكاد تكون متساوية بينهما وزاد غيرهم على ذلك وبالغ فيه بعضهم مبالغة شديدة.
وبهذا انتهت أول فتنة تبارز فيها جيشان مسلمان للقتال، وإذا كان لمثلي رأي فلا أكثر من أن أقول إنها كانت سابقة أعطت للحياة دليلاً قوياً على تعدد الجوانب في كل شيء، فهذان رعيلان اشتدا في سبيل الحق الذي يعتقدانه ولسنا نعقل أن الحق كان متعدداً في هذه الفتنة فقد كان حقاً واحداً ولكنه متعدد الجوانب بتعدد وجهات النظر.. إنه درس إسلامي ثمين ليت المسلمين في كل زمان يتعلمون منه أن لا يشتطوا فيما يرون وأن تتسع آفاقهم لآراء مخالفيهم وأن ينظروا إلى مواطن الخلاف بنظرة غيرهم إليه عسى أن تتقابل النظرات وتتقارب الاتجاهات.
تنسَّكت عائشة في المدينة على أثر ما حدث منقطعة للعبادة والصيام والاستغفار وبلغ من ندمها على ما سلف أنها كانت تتمنى لو ماتت قبل يوم الجمل بعشرين سنة نسأل الله أن يسعهم جميعاً بعفوه وأن يهبهم لحسناتهم ورضي أعمالهم أنه غفور رحيم.
ولاة مكة: واستتب الأمر لعليّ على أثر تسليم أصحاب الجمل في مكة والحجاز وبقية الأمصار إلاّ إذا استثنينا أمر الشام الذي سنلمّ بأموره فيما بعد، وقد ظل علي في مقامه بالكوفة على رأس جيوشه بعد أن عهد بإمارة مكة إلى أبي قتادة الأنصاري ثم عزله وولاها قثم بن العباس (12) . وقثم بن العباس من رجالات قريش الهاشميين كان قد أخلص العمل لعلي في مكة وأحسن في سيرته مع جيرة بيت الله وبذل كثيراً في سبيل الإصلاح مما سنلمّ به في فصل ((النواحي الاجتماعية)) ولم يتفق لعليّ أن يحج بالناس في عهد خلافته لاشتغاله بالحروب فحج بالناس سنة 37 عبد الله بن العباس وحج بهم في سنة 39 قثم بن العباس.
حركة معاوية: عندما استتب الأمر لعلي في أهم أمصار الإسلام ظل الشام بقيادة معاوية خارجاً على طاعته يعلن العصيان وأنه لا يبايع ما لم يتسلم معاوية قتلة عثمان ليقتلوا به (13) وفي الشام جندٌ ألِفَ طاعة قواده طاعة عسكرية قلّ أن يناقش فيها، وعلى رأس هذا الجند معاوية وليس من يجهل تدبير معاوية وحسن سياسته للأمور وقدرته على امتلاك النواصي وكان في بلاط معاوية، -وكم يحسن أن لا ننسى أن لمعاوية رضي الله عنه بلاطاً، له في الشام أبهته الخاصة ومظهره الفخم لأنه رحمه الله كان الأمير الذي لم يبن إمارته على غرار الإمارات في الحجاز في مظاهرها المتواضعة -أقول وكان في بلاط معاوية من ساسة بني أمية من أخلصوا الود لأمويتهم كما أخلصوا لمعاوية زعيمهم كما أخلصوا لمبدئهم الذي اتفقوا عليه- ((أنت يا معاوية لا تبايع علياً إلاّ إذا تسلمنا منه قتلة عثمان)) (14) . وقتلة عثمان في رأي علي شائعون في جنده لم يقو سلطانه على حجزهم أو إدانتهم، وهنا نرجو أن لا يفوتنا -وقد جاء السياق على جند علي- أن نعلق بشيء على نوع العلاقة التي تربط علياً رضي الله عنه بجنده فقد علمنا أن جند معاوية ألف طاعته وأسلس له قياده في أسلوب عسكري لا يناقش، أما الأمر في جند علي فقد كان على العكس تماماً.
يقول الأستاذ عبد الوهاب النجار في تاريخه عن الخلفاء: ((إن علياً لم يكن القوي على جنده، المالك لزمام عسكره، الحذر لكل ما يخاف، الواقف على ما يحدث)) وكان خيراً في رأيي أن يقول أن جند علي لم يكونوا جنوداً بالمعنى المعروف في عسكر معاوية يدينون بطاعة قائدهم ولا يناقشونها بل كان مجموعة هائلة متطوعة من أصحاب دين نفروا لنصرة إمامهم متطوعين وقرّاء خرجوا لأنهم وجدوا لأنفسهم في القرآن ما يدفعهم إلى الخروج، وأصحاب تقوى وصلاح اقتنعوا بالدفاع عن مبدأ رأوه، ولسنا بهذا نريد أن ننفي الدين والتقوى والصلاح عن جميع جيش معاوية وإنما نريد أن نقول إن هذه الخصال كانت أوضح في جيش علي، وأن العسكرية بمعناها المعروف كانت أظهر في جيش معاوية.
ونريد بعد هذا أن نقول أن النافرين مع علي بعقائدهم كانوا يستوحون في مواقف الخلاف ما يؤدي إليه اجتهادهم في العقيدة فكان على علي رضي الله عنه أن يقنعهم في كل موقف بما قال الله وما قال الرسول، ولهذا رأينا علياً كثير الخطابة كثير الاستشهاد بآيات القرآن، ولكن المغالين منهم قد يجدون في بعض الآيات خلاف ما استشهد به فلا يلبثون أن يعارضوا ولا تلبث المعارضة أن تأخذ شكل التجمهر فينشب الخلاف وتكون الفتنة، ولهذا كانت العسكرية بأوامرها التي لا تناقش في كل زمان عمدة السلطان وعدته في التغلب.
ونمضي بعد هذا في ساقة علي فنجده يكتب إلى معاوية ليبايعه فيتلقى الرفض أو يقبل تقديم قتلة عثمان فيدرك علي أنه إحراج لأن أموره التي لم تستتب لا تهيئه لمثل هذا العمل فيمضي في جيشه إلى الشام ويستأنف رسله فلا يوفقون فيبدأ قتاله في أواخر عام 36هـ ويستمر فيه نشيطاً إلى منتصف عام 37هـ.
ويظهر جيش علي في بعض الجهات من الميدان وتبرز أبطاله في مواقفها وعندئذ يرى أصحاب الرأي في جيش معاوية أن يرفعوا المصاحف في وجه الجيش المتقدم (15) وأن ينادوا إلى كتاب الله ولا يراها أهل العراق حتى يلقوا سلاحهم مستجيبين. قال الرواة: فصاح بهم علي أن أمضوا فليس في هذا إلاّ الدهاء والكيد فأبوا أن يسمعوا وصاح صائحهم: ((لا يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله فنأبى فكانت معارضة أوحاها اجتهادهم وكانت مخالفة عانى من جرائها علي ما لم يعانه معاوية في جيشه الذي رباه على الطاعة العسكرية)) (16) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :820  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 21 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.