الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

بناء الكعبة

اختلف المؤرخون في عدد المرات التي بنيت فيها الكعبة: فقال بعضهم تسع مرات، وقال بعضهم عشر مرات جعلوا فيها أن آدم وأولاده والملائكة قبلهم بنوها، وكل هذا لم يرد من طريق صحيح؛ ونحن نورد هنا ما ثبت منها بطريق صحيح.

أولها: بناء الخليل عليه الصلاة والسلام مع ابنه إسماعيل تساعدهم قبيلة جرهم. قال الله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ (البقرة: 127).

ثانيها: بناء العمالقة.

ثالثها: بناء قصي بن كلاب، وقد سقفها بخشب الدوم وجريد النخل، وهو الذي بنى دار الندوة ليجتمع فيه قريش للشورى.

رابعها: بناء قريش، وذلك بعد أن حرقت الكعبة من امرأة جمرتها بالبخور، فطارت شرارة إلى ثيابها وامتدت النار حتى حرقت أكثرها، وجاء بعده سيل فصدع أركانها، فاجتمعت قريش لبنائها وكان فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وعمره إذ ذاك زهاء خمس وعشرين سنة.

وذكر بعض المؤرخين أن قريشاً جاءت بأخشاب السقف من سفينة رمى بها البحر إلى جدة لتاجر رومي وكان نجّار بنّاء، فابتاعوا منه الخشب واستقدموه معهم لبنائها، وساعدهم في سقفها نجار بمكة ماهر في نجر الخشب وإصلاحه.

واقتسمت قريش بناء الكعبة، فاختصت كل قبيلة بركن منها، واختلفوا في من يضع الحجر الأسود، ثم ارتضوا أن يحكموا أول داخل من باب المسجد، وكان الداخل هو النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يسمونه الأمين، فقال: هلمّوا بثوب فوضع الحجر فيه وأمر كل قبيلة أن تأخذ بطرف منه حتى وصلوا موضعه فوضعه النبي بيده الشريفة.

خامسها: بناء عبد الله بن الزبير، وذلك أنه لما حاصره الحصين في عسكر يزيد بن معاوية التجأ إلى المسجد الحرام، فنصب الحصين عليه المنجنيق، فأصاب بعض حجارة الكعبة فتهدم شيء من جدرانها واحترق بعض أخشابها وكسوتها، وانهزم الحصين بعسكره لما بلغه نعي يزيد فرأى ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويحكم بناءها على قواعد إبراهيم، وقد فعل بعد أن استشار بعض الصحابة في ذلك.

وقد أدخل الحجر في البناء وجعل للكعبة بابين لاصقين بالأرض.

سادسها: بناء الحجاج، وذلك أنه لما ولّي مكة من قبل بني أمية بعد أن قاتل ابن الزبير فيها حتى قتله بعث في سنة أربع وسبعين من الهجرة يستأذن الخليفة عبد الملك في بنائها فأذن له فبناها، وقد أعاد الحجر إلى ما كان عليه وسد بابها الغربي ورفع بابها الشرقي.