فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
عن ذكاء العرب 1- المأمون جاءت عيون الخليفة المأمون له بأخبار عن واحد من عماله جعلته يرتاب في سيرته، فأراد أن يتثبت، فندب إليه رجلاً أوصاه أن يتظاهر بالسفر إلى تلك البلاد في تجارة ثم يكتب إليه عن سيرته، فلما هبط الرجل البلاد شعر العامل بالأمر، فاستضاف الرجل ووصله بمال كثير، وطلب إليه أن يكتب عنه ما يسر أمير المؤمنين، على أن يقرأ الكتاب هو قبل إرسال البريد به، فلم ير الرجل بدًّا من ذلك فكتب: ((أما بعد، فقد قدمنا على فلان فوجدناه آخذاً بالعزم، عاملاً بالحزم قد أغنى القاصد، وأرضى الوارد، وعدل بين رعيته، وساوى بينهم في القضايا، وأنزلهم منه منزلة الأولاد، وعمر منهم المساجد، وأفرغهم من عمل الدنيا وأشغلهم بعمل الآخرة، وهم مع ذلك داعون لأمير المؤمنين يريدون النظر إلى وجهه والسلام)). فلما قرأ المأمون الكتاب أصدر أمره بعزل العامل، ولما سئل في ذلك قال: إن معنى قوله أغنى القاصد، يريد به أنه وصله بمال كثير، وقوله أنزل رعيته منزلة الأولاد، يريد به أنه استحوذ على أموالهم على حد القول المأثور ((أنت ومالك لأبيك)) ويقول عمّر منهم المساجد وأفرغهم من عمل الدنيا وأشغلهم بعمل الآخرة، يريد به أنه جعلهم فقراء يأوون إلى المساجد، ويقول إنهم يريدون النظر إليّ، يريد به أنهم يودّون الشكوى إليّ من جوره. 2- عمرو بن العاص عمرو بن العاص قائد إسلامي عظيم، مشهود له بالتفوق في أساليب الحرب وحسن الدهاء في مدلهمات الأمور. وقد روى التاريخ عنه: أنه عندما كان يقود جيشه في قيسارية نزل غزة في طريقه فبعث إليه علجها أن أرسِل إلينا أحداً من أصحابك نكلمه، فاستحسن ابن العاص أن يجعل نفسه رسولاً ليطّلع بنفسه على ما يهمه من عدوه، فسار إليه؛ فلما وقف أمامه وتكلم معه، أعجب العلج كلامه، فقال له العلج: هل في أصحابك أحد مثلك؟ فقال ابن العاص: لا تسأل عن هذا إني هيِّن عليهم، إذ بعثوا بي إليك وعرَّضوني لما عرّضوني له ولا يدرون ما تصنع بي. فأمر به بجائزة وكسوة، وبعث إلى البوّاب إذا مر بك فاضرب عنقه. فلما مشى ابن العاص إلى الباب، رأى على وجه البوّاب من بُعد شيئاً، ففطن للمكيدة فرجع إلى الملك وقال له: نظرت في ما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع بني عمي، فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية، فيكون معروفك عند عشرة خيراً من أن يكون عند واحد، فطمع العلج في قتل عشرة بدلاً من واحد، فقال لابن العاص: صدقت يا هذا اذهب وعجل بهم، ثم بعث إلى البوّاب أنْ خلّ سبيله، فتخلّص عمرو من غدرهم بحسن دهائه. 3- اختراع الحروف البارزة كان علي بن أحمد المعروف بزين الدين الحنبلي رجلاً ضريراً، وكان يعيش في القرن السابع الهجري، وكان تاجراً يبيع الكتب، وقد تحدث الرواة كثيراً عن ذكاء هذا الرجل؛ وذكر الصفدي في كتابه ((نكت العميان)): أنه كانت له خزانة كتب كبيرة، وكان إذا طلب منه أيّ كتاب أو أي جزء من المجلدات الكثيرة مر بيده على خزانته وأخرجه في سرعة كما لو كان مبصراً يقرأ أسماءها، وذكر الصفدي أنه أول من اخترع الحروف البارزة لنفسه يتلمسها بيده فيقرأ مضمونها، وذلك أنه كان يعمد إلى الورق الخفيف فيفتل منه فتائل رفيعة، ثم يكوِّن من هذه الفتائل حروفاً يلصقها على ظهر الكتب فتكون كتابة بارزة يلمسها بيده عند اللزوم فيقرأ المعنى المقصود منها. الإمام أبو حنيفة أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت. ولد بالكوفة في عهد عبد الملك بن مروان سنة 80 هجرية، ونشأ فيها وتعلّم ثم رحل مع أبيه إلى مكة للحج واجتمع فيها ببعض الصحابة والتابعين فسمع عنهم. ثم عاد إلى الكوفة فاشتغل بطلب العلم وجادل كثيراً من أصحاب الفرق الإسلامية فظهر عليهم بقوة عارضته، ثم تخصص في الفقه فبلغ فيه مبلغاً عظيماً، وكان من أشهر أساتذته فقيه الكوفة حماد بن أبي سليمان الأشعري، وقد ذكروا أنّ أبا حنيفة لازمه ثمانية عشر عاماً. ولما مات حماد خلفه بعض تلامذته في حلقته الواسعة، ثم تنحوا عنها لأبي حنيفة لعلمهم بكفاءته، فاستمر يترأسها نحو ثلاثين سنة إلى أن مات سنة 150، وبذلك يكون قد عاش نحو سبعين سنة. وقد تخرّج على يده كثير من كبار الأئمة من أشهرهم: أبو يوسف رئيس القضاة في بغداد، ومحمد بن الحسن الشيباني. وكان أبو حنيفة إلى جانب اشتغاله بالعلم يزاول التجارة في الخز، وله دكان في الكوفة، ولهذا كان ذا سعة في عيشه، كما كان وجيهاً في هيئته، نظيف الثياب، كثير التعطر، يعرف بريح الطيب إذا أقبل. وكان كثير الورع زاهداً في متاع الحياة، وقد حاوله الأمويون ليتولى القضاء فأبى، فضربه أحد ولاتهم بالسوط، ثم حاوله العباسيون فلم يقبل. ويذكر بعض المؤرخين أن أبا جعفر المنصور حبسه من أجل ذلك ومات في الحبس.
طباعة تعليق  القراءات :303  التعليقات :0
صفحة 155 من 186

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج