شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من أخلاق المسلمين
1- سعيد بن خديم
كان سعيد بن خديم عاملاً لدى عمر بن الخطاب في حمص.
وكان من عادة عمر بن الخطاب أن يتصل دائماً بالرعايا في الآفاق، ويسألهم عن أمرائه ومعاملتهم معهم.
فاتصل مرة بأهل حمص فشكوا له من سعيد بن خديم وطلبوا عزله، فجمع ابن الخطاب بينه وبينهم وقال: ماذا تنقمون منه؟ قالوا لا يخرج إلينا حتى يرتفع النهار، فقال ما تقول يا سعيد؟ فقال يا أمير المؤمنين: ليس لأهلي خادم فأعجن عجيني، ثم أجلس حتى يختمر، ثم أخبز خبزي، ثم أتوضأ وأخرج إليهم.
قال: وماذا تنقمون منه؟ قالوا لا يجيب بليل. قال نعم، وقد كنت أكره أن أذكر هذا، إني جعلت الليل لربي وجعلت النهار لهم.
قال عمر: وماذا تنقمون منه؟ قالوا يوم في الشهر لا يخرج إلينا، قال نعم، ليس لي خادم فأغسل ثوبي ثم أجففه فأمسي.
فقال عمر: الحمد لله الذي لم تقلّ فراستي فيكم يا أهل حمص استوصوا بسعيد خيراً، ثم أمر له بألف دينار يستعين بها، فلما صارت إليه لم يستبق منها إلاّ اليسير، وفرّق سائرها على الفقراء والمساكين.
2- يؤثرون على أنفسهم
حذيفة العدوى: اسم جندي كان يحارب مع المسلمين في اليرموك. حدَّث هذا الرجل عن نفسه قال:
انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي بين القتلى ومعي شيء من الماء أريد أن أسقيه إن وجدت به رمقاً؛ فلما وجدته قلت أأسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم؛ فلما هممت إذا بصوت رجل يتأوّه، فسمعه هشام، فأشار إليَّ أن اسقه قبلي، فانطلقت إليه فوجدته قد مات، فرجعت إلى هشام فإذا به قد مات، فعدت إلى ابن عمي فإذا به قد مات.
وهكذا كان المسلمون يؤثرون على أنفسهم حتى في أقصى درجات الشدة وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الحشر: 9).
3- عبد الملك بن مروان والرجل المغتاب
دخل رجل على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسرّ إليك شيئاً، فقال عبد الملك لأصحابه: إذا شئتم.
و (إذا شئتم) هذه كلمة كان يستعملها الخلفاء مع جلسائهم إذا أرادوا منهم الانصراف ليخلوا بأحد، وفي هذا دليل على كرم الأخلاق فيهم.
ولما انصرف الحاضرون من مجلس عبد الملك؛ التفت إلى الرجل وقال له:
تكلم ولا تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك.
و لا تكذبني فإنه لا رأي لكذّاب.
ولا تغتب عندي أحداً.
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، هل تأذن لي في الانصراف؟
فقال له: إذا شئت.
4- هارون الرشيد
المعروف عن هارون الرشيد الخليفة العباسي، أنه كان ممن يعجبهم نصائح الوعّاظ والزهاد ويستمعون إلى أقوالهم ويتبعون أحسنها.
قيل: إنه أحب أن يرى شقيقا البلخي المشهور بزهده، فلما دخل عليه مرة قال له: أنت شقيق الزاهد؟ قال أنا شقيق ولست بزاهد، قال هارون أوصني.
فقال شقيق: عليك بالعدل فإنه أول ما يطالبك الله به. واعلم يا أمير المؤمنين أن الله تعالى أجلسك في موضع أبي بكر الصديق، وهو يطلب منك الصدق مثل صدقه؛ وأعطاك موضع عمر بن الخطاب الفاروق، وهو يطلب منك أن تفرق بين الحق والباطل؛ وأحلك محل عثمان بن عفان، وهو يطلب منك مثل لينه وحلمه في الرعية؛ وأقعدك موضع علي بن أبي طالب، وهو يطلب حب الحق والغضب له مثله، فانظر لنفسك يا أمير المؤمنين.
قال الرشيد: فانتفعت بكلامه.
5- حلم المأمون
قال عبد الله بن طاهر: كنت عند المأمون فنادى بالخادم يا غلام، فلم يجبه أحد، ثم نادى ثانياً وصاح: يا غلام: فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للخادم أن يأكل ويشرب، كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام؟
بهذه الجرأة استطاع الخادم أن يجيب على خليفة خضعت له الجبابرة، وبهذه القوة استطاع ضعيف كهذا من درجة الخدم أن يجابه أقوى رجل في العالم، وأنت زن نفسك هل تستطيع أن تسمع خادمك يخاطبك بمثل هذه اللهجة؟ أظنك ستثور كبركان هائل وتوسع خادمك ضرباً، وتحسن قليلاً فتأمر بطرده، وإذن فأين أخلاقك من أخلاق هذا الخليفة؟
إنه نكس رأسه طويلاً حتى ظن عبد الله بن طاهر أنه سيأمر بقتله، ثم رفع رأسه وقال لابن طاهر: يا عبد الله، إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، وإذا حسنت أخلاق خدمه ساءت أخلاقه.
وإنّا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لتتحسن أخلاق خدمنا.
6- جرأة مظلوم
قال هرم بن محمد بن عبد الملك الزيات، جلس أبي مرة للمظالم، فلما انقضى المجلس رأى رجلاً جالساً فقال: ألك حاجة؟
قال نعم: تدنيني إليك فإني مظلوم قد أعوزني العدل والإنصاف.
قال: من ظلمك؟
قال: أنت، ولست أصل إليك فأذكر حاجتي.
قال: ففيم ظلمتك؟
قال: في ضيعتي الفلانية أخذها وكيلك مني غصباً بغير ثمن، ثم لا أزال مطالَباً بخراجها مع أن غلتها له.
قال: هذا قول يحتاج إلى بينة وشهود.
قال الرجل: أيؤمنني الوزير من غضبه حتى أجيب؟
قال: نعم.
قال: ما معنى قولك البينة والشهود وأنت على ما أنت محجوب عني بعيد عن إنصافي؟
فضحك محمد وقال: صدقت وإنّ منطقي جرأك إلى ما نطقت أخيراً. والبلاء موكل بالمنطق، ثم وقّع له بردّ ضيعته وأمر له بعطية.
7- نحويّ وحمال
اكترى نحويّ حمالاً ليحمل له زيراً، فلما وصل إلى البيت وفيه بركة قال النحوي:
- اِقفَزنْ.
فقفز الحمال فوقع فانكسر الزير.
فقال النحوي: ما هذا؟
قال الحمال: لام البركة ساكنة والنون في اقفزن ساكنة، فالتقى ساكنان ولا يجوز عند التقاء الساكنين إلاّ الكسر.
فقال أحسنت يا سيبويه الحمالين بيض الله وجهك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :364  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 150 من 186
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج