(10) |
وانتهت أيام الموسم وغادر آخر فوج من الحجاج بيت حسن، فاستطاع أن يستجم مما قاسى، وأن يراجع حساباته فيقابل بين وارداته ومنصرفاته ليستنتج من الفرق بينهما مقدار الربح الذي ناله في الموسم. |
بدأ بحساب البيوت والخيام التي استأجرها لحجاجه وأضاف إليها (الحوش) في منى فوجد أن الحجاج، وعددهم 190، لم يوفوه المبلغ المطلوب إلاّ بنقص ثلاثة آلاف ريال في المجموع. ذلك عدا ما وصله من شخصين أو ثلاثة كانوا قد تفضلوا بإكرامه وأعطوه أكثر مما يستحق تبرعاً منهم وإحساناً. |
قال لنفسه: كان يسرني أن أستوفي حقوقي من الحجاج عموماً. وألاّ أتقبل تبرع الذين أحسنوا إليَّ بما تبرعوا. لأن يدي كانت سفلى فيما تناولت من تبرع. ولكني لا أستطيع رفض التبرعات حتى لا أبدو متكبراً في مهنة درجت أوضاعها على ذلك كما أني عجزت كل العجز عن مناقشة المقصرين لأن ضرورة التنافس ألزمتني بذلك العجز. |
وعندما انتهى إلى نتيجة المبلغ الذي فقده كتغطية للنقص في موضوع البيوت والخيام والحوش وقدره ثلاثة آلاف ريال أراد أن يضيف إلى ذلك بيان المنصرفات فأدرج البيان الآتي: |
ريال
|
|
3000
|
المنصرف كتغطية: لقاء النقص الحادث في بيوت الحجاج وخيامهم والحوش في منى.
|
750
|
أجرة 3 سقاة يحملون الماء إلى بيوت الحجاج.
|
450
|
أجرة 3 خدم بما فيهم صانع القهوة والشاي ومقدموها.
|
800
|
أجرة شخصين يخصصون بطواف الحجاج وخدمتهم في المسجد.
|
900
|
المنصرف لإطعام جميع الخدم والسقاة والمختصين بالطواف وعددهم ثمانية لمدة شهر ونصف.
|
100
|
قيمة ما صرف استعداداً للسفر إلى عرفات ومنى، بما في ذلك أجور النقليات الخاصة.
|
480
|
أجرة 4 خدم مختصين لبناء الخيام في عرفة ومنى بالإضافة إلى ما صرف على طعامهم.
|
6480
|
يكون المنصرف في أيام الموسم.
|
|
ومن حيث أن الواردات المقررة تبلغ خمسين ريالاً عن كل حاج، فقد ظهر أن مجموع ذلك هو نتيجة ضرب 50 ريالاً في 190 حاجاً وهو = 9500 ريال إذا خصم منه 6480 مجموع المنصرفات حسب البيان السابق، فإن الفرق بينهما وقدره (3020) يكون هو مقدار الربح الصافي. |
وما انتهى من عمليته الحسابية حتى كان الاستياء قد بدا على ملامحه، وبان في وجهه أثر الانزعاج. |
أيكفيه أن تكون غلة موسمه ثلاثة آلاف ريال بعد جهود بذلها في بلاد حجاجه، ثم في مكة، استغرقت مجموعها نحو سبعة أشهر. |
إنه قاسى في أسفاره ما قاساه من طول الاغتراب، وكثرة التنقلات، وصعوبة المواصلات بين القرى عدا ما قاساه من ارتباك في مطعمه وملبسه، وما عاناه من اضطراب النوم في كثير من لياليه، وما ناله من الهون والخجل والكسوف. |
وإذا أضيف إلى هذا ما كابده أيام الموسم في مكة لإرضاء حجاجه، وما تحمله من مشاق في أيام عرفات وقبلها وبعدها فإنه سيبدو مغبوناً لا يضاهيه في غبنه خسران في هذا البلد. مهما ضعف عمله وقل رزقه. |
إن ربحه من موسمه الوحيد في العام إذا وزع على شهور السنة كما يجب أن يوزع، فإن النسبة الشهرية لا تبعد كثيراً عن راتب فراش في إدارة حكومية، كما أنها لا تزيد عن نصف ما يربحه بائع متجول. |
فأي مهنة هذه التي فشل فيها مادياً كما فشل أدبياً؟ |
إذا أضاف إلى قسم المنصرفات قيمة ما صرفه لبند (السمسرة) في سبيل بعض الحجاج الذين لم ينلهم إلاّ من طريقها، وأضاف إلى ذلك تكاليف بند الدعاية والهدايا التي يرسلها من مكة، وجد مستوى الأرباح قد هبط إلى أقل من ألفي ريال. |
|