شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(28)
قالت زوجته تحدِّث جارة لها:
- ما رأيت، كنزوات النفس، سراً يغلق على الفهم ويستعصي على التفكير!
مضت على سالم زوجي أيام تقطعت فيها أسبابه بنا، وتعلَّقت بصور فيها كثير من الخيال الشعري، طوَّفت به في مجاهل من الجبال والقفار والأودية الضالة ما شاء له التطويف. وفجأة انطفأت رقدة هذه النزوة وعاد إلينا كما كان، وأفضل ممّا كان رجولة واستقامة وأخلاقاً!
ما حاولت قط في نزوته أن أشغل نفسي بالهواء الذي يدعونه نصحاً لأثنيه عن شيء مَلَكَ حواسه، وسيطر على مشاعره؛ لأني كنت أسمو به عن الألفاظ الثقيلة والمعاني الفجة التي ينمقها الناصحون في العادة تنميقاً لا يراعون فيه أسرار النفس وفك مغاليقها.
كنت عاجزة عن أن أتصل بنفسه، وأتعرف إلى خلجاته تعرُّف الآسي يتفحص المرض ويتفهم الدواء، فرأيت أنني بإقحامي نفسي فيه أوصل الداء، وأستثير ضدي عواطفه، وأمهد له بالعصيان والجموح.
لهذا تركته يمدر فيما سدر.. آملة أن أتفحص حقيقة النزوة فيه، توطئة لمواساته عن فهم وتحقيق، فإذا النزوة تنكفىء ولمّا أبلغ سرها، وإذا الجذوة تنطفئ ولمَّا تبلُغ ذروتها.
ذلك لأن لأسرار النفس خلجات مغلقة تستعصي على الفهم والتبصر. ولأن رحمة الله أقرب إلى عباده المخلصين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :350  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 186
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج