شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقدمة
الطبعة الثانية
يشرّفنا أن نعيد طبع رواية ((فكرة)) لوالدنا أحمد السباعي -يرحمه الله- بعد أن مضى على طبعتها الأولى نحو اثنين وأربعين عاماً.
فرغم أن الطبعة الأولى ظهرت غفلاً من السنة التي ظهرت فيها، إلاّ أننا لا زلنا نذكر تاريخ صدور هذه الرواية، ونحن في سنوات عمرنا الأولى، حين كنا في أول عهدنا بالتعليم.. وكان ذلك في عام 1367هـ-1947م.
لقد أسعدنا -آنذاك- أن يُهدي إلينا والدُنا هذه الرواية، ونحن لمَّا نزل بعد دون الإدراك لأبعاد هذا الإهداء. وما إن شققنا طريقنا في مدارج التعليم، حتى قرَّت في نفسيتنا حقيقتان:
الحقيقة الأولى: تتمثل في أبعاد هذا الإهداء، الذي أراد به والدنا أن يبثَّ به في روحنا الاعتداد بالنفس، وأن يحضَّنا من خلاله، على التعليم.. سبيلاً إلى تحقيق الذات والاستقلال في الرأي، وعدم التسليم بمظاهر الأشياء، دون أن يحكمها منطق أو يسندها علم.
لقد كانت ((فكرة)) سبيله إلى محاولة غرس هذه الخصال في نفسيتنا والله يعلم إلى أي مدى تحققت آماله فينا!
والحقيقة الثانية: إن هذه الرواية، تمثل باكورة الإِنتاج الأدبي لأحمد السباعي.. فقد كتبها في مقتبل عمره، لذلك، ربما لم يكن ليتوفر لـ ((فِِكْرَة)) بعض ((تكنيك)) القصة الحديثة، خاصة وأن فن القصة يعدُّ من الأشكال الأدبية الجديدة التي عرفتها بلادنا، بعد صدور الرواية بعقدين من الزمان. فلم يكن السباعي -إذن في ((فكرة))- قاصاً بالمعيار الفني المتعارف عليه اليوم، بقدر ما كان فيها مربياً ومصلحاً اجتماعياً.
ولعلّنا لا نذيع سراً إذا قلنا إن والدنا نفسه، لم يكن لينظر إلى ((فكرة)) أنها رواية، بما تحمله الرواية من عناصر فنية.. لذلك أخذ يجري عليها -في آخر سني حياته- بعض التعديلات، تمهيداً لإعادة طبعها، إلاّ أن صحته لم تساعده على إكمال المشوار. وهذا ممّا يعطي دلالة على أنه كان في شيخوخته ينظر إلى القصة بمنظار اختلف عن المنظار الذي نظر به إلى ((فكرة))، وأنه لو كان كتبها وهو في قمة نضجه الأدبي لاختلفت في تكوينها وعناصرها عمّا كانت عليه حين ألَّفها في شرخ شبابه الأدبي.
إن فكرة الرواية -وهي تمثل بدايات القصة السعودية- لم تكن سوى رمز طموح وآمال المرحلة التي كان يعيشها. و ((فكرة)) (البطلة) لم تكن إلاّ نموذجاً لأفكار المؤلِّف.. فما علمنا أن هناك فتاة تُسمّى (فكرة)!
لقد جسَّدت الرواية واقع المجتمع، تجسيداً أميناً، كما صورت البيئة البدوية حياتها وطبيعتها تصويراً رائعاً.. من خلال شخصية خيالية.
((ففكرة)) إذن، فلسفة ومبادئ، أكثر منها فتاة تعيش بين السهول وتتنقَّل بين الجبال!
إنها رواية قدمها إلى القارئ لتحمل فلسفته ونظرياته في إصلاح المجتمع على لسان ((فكرة)) (الفتاة)، في حوارها مع ((سالم)) (بطل القصة) لتمثل المرأة التي حلم بها في يوم من الأيام أن تنال حظها من الثقافة والتعليم.
ورغم الجدل والمعارك الأدبية التي أثارتها هذه الرواية والتي كان قطباها الأساتذة: عبد الله عبد الجبار، وأحمد محمد جمال، وعبد العزيز الرفاعي، من جانب، وأحمد عبد الغفور عطار، من جانب آخر.. رغم هذا الجدل، فإنها تظل الرواية التي استطاع السباعي من خلالها أن يُعدَّ من أوائل السعوديين الذين كتبوا القصة، وربما كان من أوائل من وصفوا البيئة البدوية في القَصَصِ السعودي.
ونحن نعيد طباعة ((فكرة)) إنَّما نقدمها من منطلق الاهتمام بإحياء التراث الأدبي، الذي قد يجهله القارئ المعاصر، بصرف النظر عن موقفه من ذلك التراث. لذلك فقد حرصنا على استبقاء القصة كما ظهرت في طبعتها الأولى، بصفتها وثيقة أدبية، ونصاً من نصوص الإبداع الأدبي الذي يُعد جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الأدبي السعودي.. فلم نقم بإجراء أي حذف يخلُّ بجوهر القصة، أو تعديل يشوِّه مسار أحداثها، أو إضافة تغيِّر سياق المعاني التي أرادها المؤلف.
أبقيناها -كما هي- أثراً أدبياً، يترجم البيئة الحجازية، فأفكارها وعواطفها، في أوائل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، ممتزجة بثروة من أفكار مؤلفها وفلسفته.. عبر انعكاسات وجدانية تذكِّيها صور خيالية، تكسبها استمتاعاً فنياً، وتغذيها عاطفة صادقة، بأسلوب ممتع شيِّق، يحمل القارىء على تقبُّل أفكارٍ ومُثُلٍ كانت تبدو -في ذلك الوقت- غريبة عن المجتمع!
لم نقم بإجراء أية معالجة فيها، إلاّ ما أجرى عليها قلمه -قبل وفاته- في أجزاء متفرقة من النص، أو ما اقتضته دواعي اللغة أو التعديلات الطباعية الضرورية التي فاتت على الدار الناشرة ((دار الكتاب بمصر)) أن تجريها، لضعف الإمكانات الطباعية في ذلك الوقت.
وبعد..
هذه ((فكرة)) -كما ألَّفها أحمد السباعي- في طبعتها الأولى. نقدمها إلى القارئ في طبعتها الثانية.. متطلِّعين أن نكون قد أدينا، من خلالها، شيئاً من واجب أبوُّة أحمد السباعي لنا.. متضرِّعين إلى الله أن يجزيه عنا خير الجزاء، ويُحْسِن إليه. في رفيقه الأعلى، بما يُحْسِن به الصالحين.. مستلهمين من الله العون والتوفيق والسداد.
ولداك:
أسامة وزهير السباعي
غرة محرم 1409هـ -أغسطس 1988م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1414  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 186
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج