(( كلمة المحتفي صاحب الاثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم
|
الحْمَدُ لله الذَي عَلَّمَ بالَقَلمْ، عَلّمَ الإنسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا مُحَمّدٍ، خَيْرَ مَنْ عُلّم، وأَعْلَمَ مَنْ عَلَّم، وعَلَى آلهِ وأصَحَابِهِ أجْمَعيِن. |
|
الأُخوةُ الأفاضل:
|
السلامُ عليكم ورَحمةُ الله وبركاتُهُ: |
يَطِيبُ لي أَنْ أُرحِبَ باسمِكُم جَميعاً بمعالِي فَضِيلَةِ العَلاَّمَة الشيخَ الدُكتور السيِّد مُحَمّد نِمِرِ الَخطِيب، وصَحِبه الكِرام الذين تَكبَّدوا عَناءَ السَفَرِ مِنْ المديَنَة المنُوَرّة لَتَشْرِيفِ هذا الحفل الذي يَأتِي في الواقِعِ كَكَلِمَةِ شُكْرٍ وتقديرٍ وعِرفَانٍ مُتواضِعةٍ لجلائِل الأعمالِ التي تَفَضَّلَ بها نحوَ أُمَّته الإسْلاَميةِ، وقضيته الكبيرة التي شَغَلَتْ حَياتَهُ واخْتَلَطَتْ بذَرّاتِ كِيَانِه، قضيةِ القُدسِ، وقضية فِلسطِين.. قَضَيةِ العَرَب ِالأُولى التي استحوذَت على مُعظَمِ وقْتِه وجُهْدِه وجِهَادِه. |
إن ضيفَنَا الفاضلَ الجليلَ من أولئكِ الذين مَنّ الله عَليهم بإتْبَاعِ القَولِ بِالعَمَلِ، فَلَمْ يعْتَمِدْ على التَنْظيرِ والكِتَابَةِ في حُقُولِ تخصُصَاتِه رُغْمَ أهمِيتِها فَحَسَبْ، بَلْ شَمَّرَ عَن ْسَاعِدِ الجِدْ، وفَتَحَ قَلبَهُ وَبيتَه للعمل الجِهادِي ضِدّ أشرسِ أنواعِ الإستعمارِ الاستيطاني الذي عَرَفَه التاريخُ الحديث. |
وما سيرتَهُ الذاتيةُ العطرةُ التي استمعتُم إليها إلا غَيضٌ مِنْ فَيْض حيثُ استَطَاع فضيلتُه، بما تَمَيَّزَ به مِنْ غِيْرةٍ كَبيرةٍ على وطِنهِ، مِنْ أَنْ يَجَعَلَ حياتَه جِسْراً لمواطِنيه لِكَي يعبُروا إلى فَجْرِ الحُرِيّةِ والانْعِتَاقِ والقِيَمِ الأصْيلَةِ الّتي لَنْ يرضَى عَنْها المسلمُ بَدِيْلاً، ولو وضَعُوا الشمسَ في يمينِه والقمرَ في يسارِه، ولكنْ تأتي الرياحُ بما لا تشتهِي السُفِنُ كَما يُقال. |
|
فسَارتِ القضيةُ مِنْ تعقيدٍ إلى آخر، واستمَرّ الطُغْيانَ العالِمي جَاثماً على صَدّرِ العروبةِ والإسلامِ في ذلك الجُزْءِ العزيزِ مِنْ وطَنِنِا الكبير.. غَيْرَ أَنْ ذَلك الجبروتَ لَم يَفُلْ مِنْ عَزْمِ فَضِيْلَةِ شَيْخِنَا الكبير، فَواصَلَ جِهَادَهُ عَبْرَ الكَلِمَةِ، وعَبْرَ رِسَالَةِ العِلْمِ الذي بَثَّه للملايينِ مِنْ خِلالِ كُتُبِهِ، ومُحاضرَاتِهِ، ولِقاءَاتِه الّتي سَكَبَ فِيْها عُصَارَةَ عِلْمهِ وتَجَارِبِه الثَّرَّةِ. |
|
أَلاَ نَضَّرَ الله وجْهَ ضَيفِنا الكريمِ بِقَدْرِ مَا قَدّمَ لأجيالٍ مِنْ أَبناءِ الوطَنِ العرَبي في كُلّ شِبْر زَارَهُ، وتركَ فِيه قَبَساً مِنْ نُور عِلْمهِ الغزير. |
فَبِعَزائِم الرجالِ مِنْ أمثَالِه تَقُوم الدُولُ عَلى الحَقِ الأبلجِ مُصَاناً بأَسِنَّة الرِمَاحِ، وما اختيارُهُ كَوزَيرٍ للدفاع والدعَايَةِ، في أَوَلِ وَزَارَةِ أُقيمتْ بعَد الانتدابِ إلاَ دَليلٌ واضِحٌ علىَ تَمكُنِ فضيلتِه مِنَ العِلمِ النَافعِ الذي يستَطيعُ به أن يَهُزّ عرُوشَ الظُلمِ والفَسَادِ، واستحواذُه في ذاتِ الوقتِ على نَاصِيَةِ الَبيَانِ، فَوقَفَ بِصَلابَةٍ على أرضيّةِ عبد الحميدِ الكاتِب، الذي كان باستِطَاعَتِه تشتيتَ شَمَلِ جَيْشِ كامِلِ عَنْ طَريقِ الكلمةِ، وبُمجَرّد رسالةٍ يَبُثُها بين الجُنْد، وبنفسِ القُوّةِ تمكَّن فضيلةُ ضيفِنا الكبيرِ مِنْ أَنْ يُمْسِكَ سِلاحَه النارِي، مُصَوِّباً إيّاهُ تُجاه صُدوُر العَدُّو، حتى كادَ أَنْ يَستَشْهِدَ في بعضِ المواقعِ، ضَارِباً بذلكَ أروعَ الأمثالِ في مسؤوليةِ الْقَيادَةِ، والتَفَانِي في خِدْمَةِ القَضَايَا التي وَهَبَ لها نَفْسَه، وجَادَ في سَبِيلِها بِكُلِ غالٍ وُمرْتَخَص.. ومِنْ هَذا النسيج الفريدِ تَوهَجَتْ قُدُرَاتُه، وتفجرتْ طَاقاتُهُ الإبداعية، لِيُقَدِمَ لَنا رَصيداً وَافِراً مِنْ العِلمِ والْعَمَلِ المقرونِ بالخِبَرة. |
ولَعَلّ مِنَ أروعِ ما تَميّزَ به فضيلتُه فَتْحَ دَارِه بالمدينةِ المُنَوّرةِ لِطُلاّب الْعِلْم، بَعدَ أَنْ أَدى ما عَلَيهِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَطَنِيّة، فَتقَاطَرَتْ عَليه وُفُود الطُلاّبِ والمُريْدِينَ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وصَوْب، لِينهَلُوا مِنْ فَيضِ عُلُومِه وَيفَيدُوا أَنْفُسَهَم ومُجتَمعهَم.. فَنسأَل الله سُبحانَهُ وتَعَالَى أَن يَجَعَلهُ فِي مِيزانِ حَسَنَاتِه. |
أما مُؤلفاتُ فضيلَةِ شيخِنا فِهي كما استَمَعْتُم إلى تَرْجَمَتِهِ قَدْ تَركَّزَتْ في مِحْوَرِ الْقَضِيّةِ العربيِة ومَا يتعلقُ بِها مِنْ كَشفٍ لِعُنصُرِ الصَهْيُونِيةِ العَالَمية.. والمِحْوَرُ الثاني يتحدثُ عن الدراساتِ الاسلاميةِ، والحَضِّ على التَمَسُكُ بأهْدَابِ الدينِ الْحَنِيفِ وشرحِ الطريقِ الذي يجبُ أن يَسْلُكَه الدُعَاةُ إلى الله وتنويرِ المسلمينِ بشئونِ دينهِم، كَما شَمِلَتْ المؤلفاتُ بعضَ الكُتُبِ التي تُخَاطِبُ الصَفْوَةَ في مَجالِ الفلسفَةِ الاسلامِيَة، وعَلاقَةِ الدينِ بالْعِلم. |
والكتبُ التي تحتَ الطبعِ، ونرجُو الله سبحانَه وتعالى أن تَىَ النورَ قريباً فَقَدْ اشتملتْ كذلِك عَلى العديدِ مِنْ الدِرَاسَاتِ الاسلاميِة وشيءٍ من أَدَب الرَحَلاتِ والتَراجِم. |
أُكَرِر التِرحَابَ أيُّها الأحِبَةُ بضيوفِنا الأفاضِل الذين قَدِمُوا مِنْ المديَنةِ المنُوَرَةِ، ولا عَجَبَ أَنَ نُورَهُم مِنْ نُورِهَا يَتلألأ.. ويُشَرِفُني أَنَ نَسعدَ بالاستماعِ إليهِم في هَذِه الأُمسِيةِ التي تَضُوعُ بِعْطِر النُبُوّة، وتَنعَكِسُ عَليها هالَةُ العلمِ.. فهِي نُورٌ عَلَى نُورٍ بحمدِ الله وتوفِيقِه. |
أشكرُ لكُم أيُها الأخوةُ الكرامُ جَمْعكَمُ الميمون، وأحِبُ أَنْ أُذكرِكُم بِأنَ ضيفَ (الاثنينية) القادِم سعادةَ الأستُاذ عبد الله بن حَمَد الحُقَيل، الأديبُ المعروف، ومُدير تحريرِ مجلةِ الْدَارَة.. ويُسعِدُنِي تشريفَكُم الدائِم لهَذَا المُنْتدَى الّذِي يُرحِبُ بجميعِ الأُدَبَاءِ والمُفَكِرينِ والمُتعامِلينِ مَعَ الْكَلِمَةِ. |
دولة الشيخ معروف الدواليبي طلب مني أن أقدم تحيته واحترامه لفضيلة ضيفنا الكريم وكذلك معالي الصديق الكبير الدكتور محمد عبده يماني كما طلب مني أيضاً فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني علامتنا الجليل لسفره أن أعتذر لفضيلته لعدم حضوره ويسعدنا أن يشاركنا هذه الأمسية الصديق الكريم الكبير معالي الدكتور رضا عبيد.. يسعدني تشريف الإخوة الدائم لهذا المنتدى الذي يرحب بكم أجمل ترحيب. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|