(3) |
((مُدّي شراعك في دنياي دون أسى |
فالبحر حبك، والأيام صِرْن لنا |
دمي جداول عشقٍ أنتِ منبعها |
تنساب حالمة، والحب ثالثنا))! |
|
يا طفلة قلبي: |
أغمضي عينيك -من فضلك- لحظة، وتخيّلي: ماذا يحدث حينما تستيقظ الحياة في إنسان؟! |
أنتِ التي أيقظتِ الحياة في داخل هذا الإنسان -أنا- الماثل بين حنانك! |
استيقظ البحر من سكونه وغفوته.. فوجدته يراك معي. |
كان الشطّ في ظلال الليل الصامت.. يموج. |
هرعت إلى شاطئ البحر، بعد يوم ((سخيٍّ)) جداً.. منحني بهاء صوتك ثلاث مرّات.. ارتويت فيه من معين نفسك الصادقة، ومن صدقك النفيس: ثلاث مرات.. توحَّدت مع شجونك، ودموعك، وبوحك، ثلاث مرات. |
حتى حسبت بعد ذلك أنني صرت الشاطئ لهذا البحر، وكنت أنت البحر.. وهذه الحياة هي مَدُنا وجزرنا. |
آه يا أنثى النبض: كيف تطالبينني بالمفاتيح؟! |
ألم تشعري أنك استقرَّيْتِ في واقعي وحلمي: المفتاح الوحيد لبوابة نفسي، وروحي، وعقلي؟! |
لم أجد أصدق من البحر.. أُوَشْوِشه، ويُسمعني، ويُصغي، ويحتوي لمعان الدمع في عيني، ويَحفظ السر. |
كان الشط في ظلال الليل يستقبل أصداء صوتك، ويسترجع حواراتنا. |
كنتِ أنتِ نجمة الليل، وقمره، وهمساته. |
تحدّث الشط إليّ، وتحدثت إليه، وإليك: إنساناً قد ارتمى هناك على رمْلِه المبْتَل. |
أنتِ.. ويملأني الجنون، كلما توسَّدَتْ ملامحك مفارق لحظاتي. |
أود أن أخطفك بكل هذا الجنون.. وأنت تضحكين راضية. |
أود أن أغني لك كلمات الأزهار.. التي يوقظ عطرُها المستحيل. |
مشكلة.. أن نفلسف أمانينا، وأن نَعْقل، أو ((نُعَقِّل)) أحلامنا، وأن نرصد أفراحنا العفوية/كتمثال! |
أنتِ.. وتأخذني شهقة الفرح، إلى تأمّل الصباح القادم الذي يشرق بوجهك. |
جعلْتُك -حينما استيقظت الحياة في داخلي- أنت الخلاص من الغربة، ومن الوقوف المملّ في أزقة ((البكم))! |
تجعليني: الرجل الذي يمزّق الفرار.. ويصل إلى الوجود. |
صرتُ أجيء إلى وجهك.. وأتفتّح كزهرة، كهمسة، كمساء ربيعي، كقُبْلة. |
أتفتَّح.. لأنه وجهك، وكل الوجوه -إلاّ وجهك واحدة! |
* * * |
أرجوكِ لا تستغرقي في كلماتي، وتصويري.. على أنهما بوح محب، ولا عاشق! |
لا.. أرجوك: أيقظي حتى عقلك، فالذي أكتبه لك هنا هو ((خلاصة)) هذا الإنسان في داخلي: عقلاً، وخفقاً، ونفساً.. هو ((مخاض)) إحساس جديد، مختلف، منصهر، محترق، مضيء.. وأنت التي فعلت ذلك كله في ما أحرص على نصاعته بداخلي! |
هل أواصل تسليمك كل المفاتيح؟! |
لا بأس.. حبًّا وكرامة.. شوقاً وأمانة.. وفاءً وصدقاً. |
كل مساء أراك فيه.. يصبح ((ذاكرة)) وجدان نقي، تدخل حدود شجوني. |
ألا تعرفين أنني صرتُ أراك كل لحظة؟! |
ألا تعرفين أنك صرتِ رؤيتي، ورؤاي؟! |
ها أنتِ: جبهة العشق التي تلمع فوق هامتها أفراحي، ويتمجّد بومضها عمري. |
ها أنذا: قادر أن أجعل اللحظة التي أراك فيها.. هي كل عصوري. |
أحلم بتلك اللحظة القادمة معك، دوماً.. وسوف تتعبين من اللحاق بجنوني. |
لن أكون في عمرك حكماً عرفيًّا.. لئلا يُصبح قلبك حباً انقلابيًّا!! |
بل.. أعرف أن حبك ((ثوري)) ناضج. |
في عينيك: أرتاح، وأغني، وأعثر على من هي أبدع من ((هيلانه))! |
أنمو حولك -كشجرة ياسمين- وأعزف مزاميري معك لأطفال الفجر! |
* * * |
((وقال البحر)).. في مسائي الحافل بأصدائك: |
- هذا قلبك.. دعه يبلغ حدودها ومناخاتها. |
قلبي تعتصره آلامك. ولم أكن أعلم، وفي رسائلي السابقة كنت أنافحك، وألاحيك. |
لماذا تحتملين ذلك كله.. وحدك؟! |
ألستُ توأم روحك، ونفسك، وعقلك؟! |
تقفلين صدرك البريء، المعشب بالحب، على أسرار ألمك، وكل ما يقضّ مضجعك، ويستدعي دموعك؟! |
دعي صدري يحمل معك آلامك.. يُشاركك -على الأقل- البوح. |
صدقيني -أيتها الأغلى- أنني أمين عليك.. أقسم لك بالله الذي قدّر فوحَّدنا بدون أن نُخطط لذلك، وبدون أن ندري! |
الحب: أمين، والفهم: أمين، والنضج: أمين.. وكلها قواعد ثابتة لبنيان صداقتنا، ومشاعرنا. |
لا أريدك أن تستسلمي للهموم.. ترى ماذا ستقولين عندما أحكي لك متاعبي، وهمومي؟! |
أعرف أنها تلاحقنا، وأننا بدونها لا نعيش. |
وأنت يُحفّزك طموحك أينما ذهبت.. ولا بد أن تكوني محسودة! |
مُستفَزَّة من الطامعين، أو الفائزين، أو الذين ((غارت)) ضلوعهم! |
إنها همومي أيضاً.. وفي كل مكان. |
أريدك أن تُعيدي إلى شفتيك.. أجمل ابتسامة أشرق بها وجه امرأة.. وأحلى ضحكة عزفت بها شفتا أنثى رائعة. |
حقاً.. أنت أقوى! |
لا بد أن تُحاربي.. أن نحارب: الظلم، والقهر، والظلام النفسي! |
أنتِ طموحة، وجميلة، ومثقفة.. ولا بد أن تُحَارَبي! |
أنتِ وأنا.. نفعل هذا ((السلوك)) كل يوم، وكل لحظة.. إننا نصرخ في وجه الزمن: نريد أن تتعرّى خطواتنا، لتبادرنا الحقيقة.. حقيقة هذا الزمن الذي اختار الناسُ فيه ((الأقنعة)).. يرتدونها حسب الظروف، والوقت، والمصلحة، والحاجة. |
زمن.. صرنا لا نعرفه إلاّ بعلامة تعجُّب، وبعلامة استفهام. |
التعجّب، والاستفهام.. صارا مِنَّا، ونحن منهما: عائلة واحدة! |
أرجوكِ: إهدئي الآن.. هاتِ رأسك على صدري. |
هل أغني لك؟! |
هل أهمس لك؟! |
أقول لك مُحباً، وفارساً، وعاشقاً: |
- حيث بذرت العشق قمحاً.. كان الحصاد.. حروف اسمك! |
هل أدع صدري.. يُحدّث رأسك/التاج.. المُتْعَب؟! |
هل يحتاج رأسك/الأثمن، لحديثي؟! |
بل.. إن رأسك هو الذي تعرَّف عليّ في البدء.. قبل قلبك. |
بدأت أحلامي تتشرنق في رؤاي ومخيّلتي.. وقد احتلها وجهك، فقط! |
جبران، ومَيْ.. مَيْ، وجبران! |
لماذا طرحت ذلك الاقتراح، أو تلك الفكرة؟! |
هل -حقاً- راودَتْك نفسك أن لا نلتقي.. وأن تُشعلنا كلماتنا المسافرة منّا وإلينا؟! |
هل شاغلك الخوف بخاطرة، أو سؤال؟! |
لماذا.. ((نفرض)) الحرمان، ونقدر أن ((نرفضه))؟! |
في زمن مَيْ، وجبران.. كان ارتواء الروح يطغى على المعايشة.. المحسوس أقوى وأعمق من الملموس! |
أنتِ وأنا.. التقينا بنداء الروح.. بالمحسوس قبل الملموس.. هو اللقاء الذي يبلور عشق الروح ((اللي مالوش آخر)). |
لا أرفض الاقتراح، أو الفكرة.. أن نمارس ((ماسوشية)) ضد قلوبنا!! |
فهل نصمد؟! |
* * * |
لقد وجدتك بعد غربة روحي.. بعد أسفار أسئلتي بحثاً عن هذا ((المضمون)) الذي يميِّز عمقك الإنساني. |
روحك تدخل مداراتي، وتمتزج بشموسي، وبأقماري، وبنجومي.. وأغتسل في أمطارك التي صرتُ أحلم بانسكابها لتُروي أرضيَ العطشى. |
ها هو الفرح يشملني.. يسكنني، فلا أقدر أن أغادرك أبداً! |
أحلم أنني -الطفل- الذي يضع رأسه على صدر حنانه.. فأمتلك الراحة. |
أحلم أن يتحوّل كتفي إلى عشب يتوسّده رأسك المُتْعب.. فأمنحك الأمان، ولحظة الصدق المشعة بأجمل اتساع للكون! |
ها أنذا.. أخبّيء لك في زوايا الصدر ألف ضلع يخفق بعهدي لك.. وأرفع كفّك إلى شفتيّ تبتُّلا. |
أرسم وجهك فوق بزوغ الفجر. |
أرسم ابتسامتك -الأجمل- فوق سيف المتنبي: شموخاً ولمعاناً. |
أرسم صوتك في ذاكرة المطر، وبين خطوط قوس قزح! |
أتقاسم الآن مع ((طيفك)) هذا الصدق.. هذا الحب. |
أتقاسم معه الظل، والفضاء، وعطش الرمال، وعذوبة ماء النيل! |
هل أثور عليك.. أم أثور عليّ.. أم أثور على الحب؟! |
ها أنذا.. أركض بك في أعظم وأرحب مساحات الفرح. |
دمعت عيناي، وأنا أكتب لك الآن! |
هل رأيتِ دموع الفرح.. في عيني رجل يُحب؟! |
كم أغار على هذه الحديقة.. عندما تُعانق قطرات الندى أوراقها.. كل صباح! |
عندما تنعكس شمس حبي على ((أوراقك)).. أرى ألوان الطيف من غصنك. |
تتمايل كلماتك الغصن (ووجهك بُعْدَها القريب) كنسمة ناعسة، تداعب جفوني.. فأهمس لأوراقك بأجنحة فراشة.. من الخوف عليك، تكاد لا تلمسك! |
كل يوم.. أكتب على إحدى ورقاتك: ورقة نداء! |
هل ترينني الآن منطلقاً مثل حصان جموح نحو ساحاتك؟! |
هل تطلبين مني أن أكبح جماح الحصان في داخلي؟! |
ولكني عفوي، طبيعي.. اجتزت معك الثرثرة، وتنميق العبارات، واختيار الألفاظ، حتى لا تنفلت كلمة لا أقصدها، وتجرحك! |
لا أريد أن أجرحك.. ليست هذه مشاعري نحوك. |
أريد أن أُضمِّد كل جراحك، وأن أجفف عرقك، وأن أروي عطشك، وأن أبذر -معك- بذور المحبة، والأمان، والفرح في تربة حياتنا. |
عندما أجلس للكتابة إليك، أحس أنك أمامي، وبجانبي، وأيدينا متشابكة، و.. أحياناً يُحدِّق كل منّا في الآخر.. ويستمتع بأحلى صمت!! |
لذلك.. رسائلي صارت مطوّلة، حتى أبقى معك أطول وقت.. حتى أسرقك من نفسك! |