(2) |
((أيُّها الوجه الذي لوّحَ لي ذات مساءْ |
لفَّك الليل.. فأحببتُ بعينيكَ: الخفاءْ |
لفَّك الضوء.. فعُدنا: غرباء!!))
|
|
يا طفلة قلبي: |
هل صحيح أننا ((عدنا)) غرباء.. بعد تلك الليلة التي التقينا في عمقها. غرباء، حتى مضت ساعة فشعرنا أن الغربة لم تدُم.. وصرنا أكثر قُرباً من التعارف، وصرتُ معك أكثر شوقاً إلى التعريف بـ ((الإنسان)) في داخلي.. لك! |
ولعلّني أجلس الآن مندهشاً، ومسترجعاً!؟! |
حقًّا.. في اللحظة التي فُتح فيها باب البيت، وانجذبت نظراتي إلى وجهك: عرفتك.. كأنَّ ((الخُزَامى)) ردَّدت: أنتِ هنا.. يا مرحباً، يا مرحباً! |
وحين ملأ وجهك رؤيتي وأنا أقابلك.. خلْتُ أن الشمس تطلع في الليل! |
وحين سرى صوتك في أرجاء المكان.. زادني صوتك قدرة أكبر على التنفُّس! |
وحين استأذنّا للخروج.. رأيت نظرتك، كأنها تخاطبني وحدي، وتعدني أنا فقط! |
نحن التقينا -أيتها البيضاء كالبجعة، أو البجعة كالبياض الناصع- فكان لقاؤنا على باب المساء: نجمتين! |
وكنتُ في انبهاري بابتسامتك.. أخاف عليك من السحب والرعود التي صارت تصادر ابتساماتنا هذه الأيام! |
وفي ذلك المساء، بعد إضاءة إطلالتك للمكان.. كانت النجوم حولنا تطوف مع امتزاجنا بهمسات الليل، وانعكاس ظلاله على صفحة النهر! |
وكنا -كما تخيّلت أو تمنيت منك- نفتّش عن أحدنا في الآخر! |
وبمقدار ما كان يطول الليل بحوارنا، وكان يقصر برغبتنا في البقاء معاً أطول.. بمقدار ما كان اقتراب أفكارنا ومشاعرنا في التمنّي لدينا، يزداد بيننا.. حتى حاولت بأنانية ملحوظة أن لا أدع أحداً غيري يستأثر بحوارك وبتركيز عينيك! |
لحظات من خارج الزمن، وفوق طقس الجلسة والمكان وجغرافية السهارى. |
كنا -أنت وأنا- نجمع همسات حوار العقل، ونزهة الروح، ومشاكسة الوجدان لنا! |
ياه.. ما أجمل خصوصية الفهم بين اثنين، وارتياح نفس لنفس. |
كنت أدخل ما بين رموشك، وتلك النظرات المتعانقة في استراحتها، والهاربة من الرصد. |
الآن.. أستميحك العذر، لأطلب منك -برجاء- هذا الطلب: |
أرجوك سيدتي.. احتضني أسئلتي التي (قد) تغيظك من جرأة تصوير اللحظة التي جمعتنا، والشعور الذي أرغد نفسي وروَّى ظمأها.. امتلاءً بك ولك. |
وتفاعلي مع أسئلتي القادمة التي أريد بها أن أغرس المزيد من صدق النفس، ونقاء الوجدان، وصهيل العقل، وبوح الروح. |
* * * |
إنسان أنا -أيتها المليحة- آتيك من عصف الرعود. |
آتيك من نسمة الشمال.. من نفحاتِ روحانيةِ مكة المكرمة، فأنا ابنها.. ومن همسات بحر جدة، فأنا نماء جدة واندفاع موج بحرها.. ومن تماوج مياه النيل، فأنا من المبحرين العشّاق على صفحته! |
لتُمطري إذن.. لأمطر.. لتُمطر الحياة: حباً. |
ليفيض وجداننا به.. بهم.. بنا: نقاء، وجنوناً عبقرياً. |
لأسألك بعد الآن، وفي كل حين: هل تُصغين إليَّ؟! |
وهل أستحق إصغاءك الخاص؟! |
لقد انتشى الزمان المباشر بالمسافة داخل صدورنا! |
والمسافة لم تكن أكثر من لحظة.. عمرها ((ليلة)).. |
حضنت فيها وجه الحلم.. وافترقنا! |
* * * |
استرجعت زقزقة عصفور يغني بلسان شاعر قال: |
- ((لئن حملت غصناً أخضر في قلبي |
فلسوف يكون على الغصن: طائر غرّيد))! |
وأسألك -طفلة قلبي- تُرى: بأي لحن يغرد هذا الطائر -أنا- الذي حطَّ على غصنك مُختاراً، منجذباً؟! |
هل يُغرِّد بأبعاد نظرتك في عمق عينيك/النهر الخالد؟! |
أم بامتدادكِ في الزمان.. حتى كأن ((حتشبسوت)) تُشبهك؟! |
أنتِ هذه الأنثى التي يتشكّل منك الحلم الأجمل. |
أنتِ -يا هذه المليحة- بدأْتِنِي همسة ليل، ريّانة بنسمة نهر أسمر.. نضّاحة بالابتسامة الوعد. |
أنا هذا النورس/القوسي.. بدأتُكِ قصيدة وجد عفوية صادقة التعبير، أردتها أن تتوحّد بجنون ((برجك)).. بدمك.. بنبرة شقاوة الطفولة في صوتك. |
سألتُكِ في سريرة تلك الليلة اليتيمة التي جمعتنا، أن تتحرّري من أسئلتك وغموض نظرتك حيناً وتبعثرها حيناً آخر.. أن تدعيني أبحر في عينيك، إفصاحاً لا يخون! |
أردت أن أسمعك في تلك الليلة/اللحظة.. حداء شاعر ينادي: |
- ((تعالي.. كي ألملم فيك نبضي))! |
تلك الليلة التي انبعثت في عمري، ميلاداً في شكل أماني، وكنت أحلم بأمنية واحدة!. |
ليلتها -أيضاً- انتشر النوى، بقعة حزن، حين ركضْتُ وراءك أودّعك في ثمالة الليل.. وكنتُ أود لو ((رجوتك)): أن تبقي معي لنشهد ميلاد فجر جديد.. نبذر في عمق النيل همسة لا يعرف لغتها ((العابرون)) لأنها لغة تخرج من جذورنا معاً. |
رأيتُكِ في ذلك الهسيس بيننا: النار في الهشيم. |
دخلتُ شرفتك، فارساً من المستقبل.. خطواتي نداء على معانيك وأمانيك. |
أسئلتي: كانت مأخوذة إلى نهوض وهجك. |
راحتي: قلب أخضر.. ترويه ابتسامتك، وتشعله نظرتك. |
فضائي: أصداء من ((يوتوبيا)) مُدنك. |
* * * |
شحذتك بوحك، وأصداء كلماتي إليك.. وقلت لك: |
- قومي اكتبي لي وقْع كلماتي في أعماقك. |
فوجئت بك تردّين: -وماذا أكتب لك بعد كل ما أبدعته أنت؟! |
- ولكن.. كيف أواصل الكتابة إليك بلا صدى، أم تراك تبلغيني رسالة غير مباشرة بالتوقف عن الكتابة إليك؟! |
- لا.. أرجوك، واصل هذا الغناء الذي تخص به قلبي من جنبات ضلوعك! |
- صحيح.. لم أسألك: هل أزعجتك رسالتي الأولى الافتتاح لانتباهة مشاعرك؟! |
- بالطبع لم تزعجني.. لكنَّ رأيي فيك: أنتَ ((مجرم))! |
- هذا ((وسام))، وموافقة باستمرار الكتابة إليكِ مني، من.. ((مجرم بن الملوّح))! |
إذن.. دعيني أسألك: هل تعتقدين أن رسائلي القادمة إليكِ/100 خفقة قلب/ستزعجك، ستشغلك، ستقلقك؟! |
كيف تزعجني وهي تحمل بوح إنسان لإنسان؟! |
ستشغلني.. يعني.. ربما حتى تغوص في أعماقي! |
ستُقلقني.. نعم.. لو تصوّرت أنك تكتب مثل هذه الرسائل لامرأة أخرى، وثالثة، و.. حينذاك سأفتش لديك عن الصدق. |
- حسناً.. أريد من رسائلي هذه/100 خفقة قلب/إليك، أن تتوسط لي عند صدرك ليُشرع بوابته فأدخل.. لا أريدك أن تضيفي بوَّابة أخرى إلى بوابتك داخل صدرك لطردي، وإلحاقي بأسراب النوارس المتغربة! |
- على رأيك.. وبكلمتك التي ترددينها دائماً على مسمعي: ((الأيام.. بينما، لأننا لا نريدها بيننا))!! |
* * * |
أيتها الأنثى/الطالعة زنبقة في حديقة عمري: |
تسألينني عنك في كلماتي.. في بوحي.. في ندائي على الجمال والحب: مَنْ أنا في هذه الخصوصية التي تكتب بها؟! |
أجيبك بلا تدليس: أنتِ تمثلين ((الحلم)) الذي طُفت بحاراً وجزراً.. أُنادي عليه مع رحلات النوارس، بحثاً عنه. |
أنتِ هذه الأماني التي عبقت في ليلة موعودة/واعدة لي بالتوحُّد مع الحلم/أنتِ! |
أنتِ -طفلة قلبي- التي أنشدك أغنية من الحنان الذي أفتقده. |
أنتِ الممطرة غيثاً على صحرائي المجدبة.. في وحدتي أجعلك تسمعين ائتلاف معانيّ وأساطيري! |
فهل ستغفرين لي هذا الاقتحام -المحبب لي- لنبضك وجنونك؟! |
في انتظار ضوئك الأخضر لبوحي عبر ((100 خفقة قلب)).. وليت هذه الخفقات تتمرد على العدد، وعلى صفحات الرسائل، وعلى نظام الحياة الرتيب المحكوم: بالصحو والنوم، والخروج والدخول، والأكل والشرب، والعمل والإجازة بدون راحة! |
آهٍ لو كنت معي.. نختال عَبْره))! |
أحلم أن أحلّق بك في اللامدى.. أن أبعدك عن الزحام، لتحملنا مياه النهر.. فأصغي لكِ وتتحدثين.. وأهمس لكِ وترغدين! |
وقد تصرخين -فجأة- قائلة: أوه.. أنتَ رومانسي تعيس.. غريب في هذا العصر الواقعي الذي يُحدد كل شيء، حتى عواطفنا! |
وأجيبك: نعم.. رومانسي تعيس في أفولك.. مكلَّف بالحب بأمر من عينيك.. فكيف أكون تعيساً، وأنتِ هذا البهاء.. وكيف لا أكون تعيساً، وهذا الواقع المادي يسرقك مني تارة، ويجردك/يجردنا من أحاسيسنا تارة أخرى؟! |
و.. قبل أن أضع بين صفحات الـ ((100 خفقة حب))، ريشة حتى بوح آخر.. أقول لك: |
- مجيئُكِ.. أخرجني من عقاب العواطف. |
مجيئُكِ: يبعثني برقاً/رمحاً/إشعاعاً في أرجاء الكون. |
وفي صدري للناس: حكايتك.. حكاية هذه الأنثى/الأماني/اللهب.. |
أنت التي تركتُ لها في إصغاء الكون كله: أناشيدي! |