شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(1)
وكانت لنا، ليلة
وسافرنا.. وظلّت بيننا ذكرى
نراها نجمة بيضاء.. تخبو حين تذكرها
وتهرب حين تلقانا
تطوف العُمْر في خجل
وتحكي.. كل ما كانا!
فاروق جويدة
يا طفلة قلبي:
أريد أن أحكي لك ومعك.
أريد أن أحاورك، وأبوح لك بمكنون نفسي.
أريد أن أشرب همستك المموسقة من بين أضلعك.
لم نجد الوقت الخاص الذي تمنّيته معك، ليتوفر لنا أمان الجلسة، وهدوء المناخ.. حتى يفيض الحوار.
عذرتك، واحترمتك أكثر، وأنتِ تصدّين دعوتي لك.. لأنني بالنسبة لك -في البدء- قد أكون شخصاً عابراً كالآخرين الذين يُعبِّرون لك عن إعجابهم بجمالك وبشخصك، وتمنحينهم ابتسامة أولى/أخيرة!
وأردت أن أختلف عن كل هؤلاء.. أن أصبح: وشماً في حياتك، وصوتاً في داخلك، وفكرة في عقلك، وخفقة من قلبك.
الآن.. أشتاق إلى خصوصية الحوار معك، وحدنا معاً، على صفحة النهر في ظلال مساء يتوشَّح بضوء أنوار ليل القاهرة، وبنغمة شرقية من صوتك.. تدخل شغاف القلب.
لعلّني أحلم، فأطمع أن تجعلي ((العيد)) القادم، عيدين لي.
بل يصبح هو، أجمل أعياد العمر.
لي رجاء: أن تواصليني.. فأنا أحياك الآن.. هذه اللحظة/العمر بأكمله.
هذه اللحظة الفاصلة ما بين حزني القديم المعتّق.. وجنون فرحي الجديد بك.. في انتظارك!
* * *
- أنتِ في حياتي صرتِ، امرأة زمن، ولست امرأة وقت.
أنتِ وحدك تستطيعين إعلان نبضي دائماً، أو.. إعلان موتي!
تبقين بُوصلة ميلاد يتجدد في عمري، ما بين كلمة منك، وعلامة تعجُّب مني.
ما بين سؤال منك له رائحة الخزامى، وبَرْق مني يصرُّ أن يخطف رفضك الأحياني.
وما بين قمرك الذي يجذب نجمتي إليه، وشموسي التي أحرقتني في غياب غيثك!
أبقى هنا: شاخصاً نحو دروبك التي تُطلعك نهارات لعمري.
وأعجز أن أجعلك تأتين كما أريد.. ولا حتى كما تريدين أنتِ!
هذه الليلة.. خبّرتني الزنابق أنك حوّلت كلماتي إلى عشب.
إن صوتك في سمعي: نهر الفرح.
وضحكتك في قلبي: بنفسجة.
ليلة البارحة كانت: عيدي.
أجمل حوار أضاء لحظاتي بصوتك.. بنبرتك الصادقة.
قلت بعد أن وضعت سماعة الهاتف: هذه أنت.. بداخلك الصادق، بوضوحك، بثقتك بنفسك، بعنفك الأحياني، بمصالحتك لأفكارك ولخفقة قلبك.
نعم.. هذه أنت: الحقيقة، بعيداً عن تلك التي تصمت، والتي ((تشد أذني)) من خلال الهاتف.
تبقين أنتِ أبداً ((الاختيار)) الذي لا بديل له في مساحة العمر المتبقية.
أقف أمام حلمي بك، وحلمك.. وأنا هذا العناق الذي يوحّد الأنفاس!
* * *
- يا طفلة قلبي:
مزَّقت أوراقي الحزينة..
حين تدفق نهرك في أرضي العطشى.. أردت أن أنسبك: بُعْد الحزن الذي أصارعه..
لتكون مساحة اللقاء بك.. أكبر من اللحظة..
فيكبر زمن الفرح بحضورك في عمري.
مقابل لحظات الحزن، والوحدة.
بين المسافة والزمن.. كان حلمي يقتلني..
فدخَلْتِ أنتِ.. لينهض حلمي في ضحكتك.
لتختلج أضلعي بارتعاشة الحياة في صوتك.
فمتى تأتين إلي ((مَنْحك)) لي وحدي.
متى اللقاء الآخر.. لتشربي سِرِّي
فلا يُطفأ هذا الظمأ إليك؟!
فمتى تأتين إلى سكنك بين أضلعي؟!
((الحلم)) بك.. لا أطرده، لأنه يُرغدني حبّاً.
لأنه صار هو القلب الذي أحيا به.
لأنك صرت سُكّانه، وإضاءته، وهواءه.
لأنه الجناحان اللذان أطير بهما.
لأنه الصوت الذي أصرخ به ألمي وتعبي.
لأنه ((النهير))، والنهر، والمحيط
لأنه.. أنتِ وحدك..
أنتِ وحدك!
ما بين اتساع عينيك وغموضهما:
ليل شَعْرك المسدل على رعشتي.. كأنه سبائك الذهب!
ما وراء ابتسامتك.. وشرود نظرتك:
عالمي الذي يحاصرني.. بوجودك في وجودي!
أنتِ، أنثى تفكر.. وفكر له وجدان يعشق!
أشياؤنا الغالية كالأحلام.. تأتي بلا موعد، بلا انتظار.
أنتِ جئتِ هذا الحلم الذي لم أنتظره!
تجيئين شراعاً كالفجر الأبيض.
تباعاً.. تتلاحق خفقاتي سرب عصافير.
تبحث عن عشق دافئ في صدرك!
* * *
- آهٍ.. فأين أنت الآن؟!
أية ريح عصفت بأشواقك لي؟!
أية مطر.. أرْوت أرضك وزرعك، حتى نسيتِ مطري؟!
أم تراك لم تنسي.. ولكنك كالنجمة تخبو، وتأتلق؟!
نعم.. أنا أحياك كما الأمس، وحتى الآن.. وبعد غد.
العطاء بيننا لم يكن مادياً.. بقدر ما كان عطاء وجدان لا يكذب، ووفاء لا يخون.
أشتاق إليكِ -أيتها الساطعة على عمري- ولا تُستثنى.
مَنْ يُفسر جنوني بك: حباً صادقاً وكبيراً؟!
لقد وجدتُ ذاتي، واكتمالها فيك.
كان يكفينا زيف الزمان الذي ولّى ورحل بكل ما فاض من مؤامرة الصديق.
حتى الألم من أجلك، أحياه ألماً حقيقياً، صاهراً، وأفكر -بحزن- في لحظة قد تضيعين فيها مني، فتضيع الشموس، والنجوم، والبحار.. ويجف المطر.
فتعالي.. وحدك -يا حبيبتي- تنسجين العمر ميلاداً.
عيناكِ.. اشتقت إليهما، وهما القادرتان أن تعداني بالفرح.
صار اشتياقي لحنانك، ضحكة الحياة الأجمل.. أنت التي تدقّين أجراس فرحي، وتصعدين بي إلى بهاء الزمان.
أنتِ ((المحبة)) التي أَمْطرت عمري، وتفتَّحت شموساً في اشتهاء الابتداء للحياة.
فتعالي.. ولا تدعيني في هذا ((اليُتْم)) بعيداً عن عينيك!
* * *
- بعد دخول زمنك الأروع.. يغادرني هذا ((الهوى)) المذبوح في واقع الدنيا، ويتجذّر بين أضلعي: عشق النفس للحب.. ولا دخل لقدميّ -كما توقَّعتِ- بمغادرة الهوى.. ذلك أن المغادرة ليست ((مشْياً))، ولا ((طيراناً)).. بل إبحاراً فوق أمواج الحزن تارة، وتوحُّداً مع الحلم الأجمل تارة أخرى.
أنتِ -إذن- مسافرة.. يأخذك الرحيل بضعة أيام إلى خارج بلدك، وكوننا.
ورغم هذا البعد في بعدك.. كم صرتِ قريبة جداً بكل هذا البعد البعيد جداً!
فكيف تريدين الهوى يغادرني حتى ولو.. إلى قدميَّ؟!
هل ما زلتِ ((تذكرين))، ماذا كنت أتمنى.. وماذا تمنَّيتِ أنتِ لي؟!
أمَّا وشْم التذكُّر في عقلي وصدري.. فيُبرز ويشيع أصفى وأنقى ((ضحكة)) تقاسمناها معاً.. وأدفأ ((كلمة)) كانت هي الأحلى لأنها مموسقة بصوتك.
حقاً.. المطر غزير جداً -هناك حيث تسافرين- لكنه ملوّث بغبار ركض الناس.
ما تتعجّبين منه -يا صغيرتي- ليس قدرة على تخيُّل كل أنواع الحب.. بل اقتداراً على كل صنوف الكراهية والجحود بين الناس!
أنا لا أكتب كل أنماط العشق الجاهلي والمعاصر.. لكني أنقل من الواقع كل أنماط الجهل العاشق المعاصر!
لم أعد مشغولاً.. بل أغذّ في الوله التائه، أو في التيه المتولِّه.. ومن أجل مَنْ، وإلى.. مَنْ؟!
البحثُ عن ذلك الـ ((شيء ما)) الذين سمّاه المجانين أمثالنا: ((حبًا)).. ليس انشغالاً، ولا إشغالاً، ولا شُغلاً!!
الحب صار ((هَمّاً)) في عصر إهدار الحب.. وتبقين أنتِ في عمري، نقائي من الهم!
والانشغال لم يعد بهذا ((الهم)) الجميل، بل انشغال بالبغض والكراهية.
وهذا هو واقع عصرنا.. أيتها السندريلا، الفراشة، العشق الدائم!
* * *
يقول البردوني/اليماني الشاعر/في البدء والانتهاء:
- ((أيُّ شوق إليكِ.. أيّ اندفاعة؟
لو لم تكوني شهيَّة الدفء..
لو لم ترتعش في دمي إليك المجاعة))؟!
اشتقت إليك.. اشتياق الكفيف للنور.
أبحث عنك بحث المختنق عن الهواء
تنهَّد المساء شوقاً إليك
وانثالت الذكرى توجع خاصرتي
ترميني في بئر الأحزان: غريقاً، وعيقاً!
إنتعش الحزن مهيباً وعظيماً.. يبحث في صدري عن عمرك.
يبحث في عيني عن ذكرى لحظتنا الأولى في التقاء العيون!
ثم.. واصلنا ((الأمل)) على صبابة الذكرى!
أسترجع أحلى لحظة ضمَّتنا في بهو فندق.. في امتداد حديقة.. في أرض رحبة.
في عناق اليدين.. كان صوتك يتحوّل إلي لمسة حانية.
وكانت لمسة يدك تكبر، وتكبر.. فتصبح حضناً كالوطن.
في عناق النظرتين.. كنت أتطلع إلى عينيك وأمطر..
فتُورق أشجار العمر، وتفيض زروعي ظمئاً.. لترتوي من أنهار عينيك.
كنت أخاف من لحظة النوى.. وأهرب من تلك الدمعة الجمرة.
وانهمرت أحزان يُتْمي بعدك، بعد لحظة وداعنا.. إلى لقاء!
* * *
أنتِ البعيدة.. الساكنة في غربتي عنك.
أنتِ البعيدة.. الطالعة في أقدار عشقي.
أيتها الساحرة القادمة من عهد ((ميدوزا)):
رأيتُ البحر يمتد، ويمتد.. يأخذني إلى بحر عينيك.
وأناديك كقديس:
- نهر من الأشواق لك.. صرتُ أنا!
طباعة

تعليق

 القراءات :661  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 102 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج