(1) |
وكانت لنا، ليلة
|
وسافرنا.. وظلّت بيننا ذكرى
|
نراها نجمة بيضاء.. تخبو حين تذكرها
|
وتهرب حين تلقانا
|
تطوف العُمْر في خجل
|
وتحكي.. كل ما كانا!
|
|
يا طفلة قلبي: |
أريد أن أحكي لك ومعك. |
أريد أن أحاورك، وأبوح لك بمكنون نفسي. |
أريد أن أشرب همستك المموسقة من بين أضلعك. |
لم نجد الوقت الخاص الذي تمنّيته معك، ليتوفر لنا أمان الجلسة، وهدوء المناخ.. حتى يفيض الحوار. |
عذرتك، واحترمتك أكثر، وأنتِ تصدّين دعوتي لك.. لأنني بالنسبة لك -في البدء- قد أكون شخصاً عابراً كالآخرين الذين يُعبِّرون لك عن إعجابهم بجمالك وبشخصك، وتمنحينهم ابتسامة أولى/أخيرة! |
وأردت أن أختلف عن كل هؤلاء.. أن أصبح: وشماً في حياتك، وصوتاً في داخلك، وفكرة في عقلك، وخفقة من قلبك. |
الآن.. أشتاق إلى خصوصية الحوار معك، وحدنا معاً، على صفحة النهر في ظلال مساء يتوشَّح بضوء أنوار ليل القاهرة، وبنغمة شرقية من صوتك.. تدخل شغاف القلب. |
لعلّني أحلم، فأطمع أن تجعلي ((العيد)) القادم، عيدين لي. |
بل يصبح هو، أجمل أعياد العمر. |
لي رجاء: أن تواصليني.. فأنا أحياك الآن.. هذه اللحظة/العمر بأكمله. |
هذه اللحظة الفاصلة ما بين حزني القديم المعتّق.. وجنون فرحي الجديد بك.. في انتظارك! |
* * * |
- أنتِ في حياتي صرتِ، امرأة زمن، ولست امرأة وقت. |
أنتِ وحدك تستطيعين إعلان نبضي دائماً، أو.. إعلان موتي! |
تبقين بُوصلة ميلاد يتجدد في عمري، ما بين كلمة منك، وعلامة تعجُّب مني. |
ما بين سؤال منك له رائحة الخزامى، وبَرْق مني يصرُّ أن يخطف رفضك الأحياني. |
وما بين قمرك الذي يجذب نجمتي إليه، وشموسي التي أحرقتني في غياب غيثك! |
أبقى هنا: شاخصاً نحو دروبك التي تُطلعك نهارات لعمري. |
وأعجز أن أجعلك تأتين كما أريد.. ولا حتى كما تريدين أنتِ! |
هذه الليلة.. خبّرتني الزنابق أنك حوّلت كلماتي إلى عشب. |
إن صوتك في سمعي: نهر الفرح. |
وضحكتك في قلبي: بنفسجة. |
ليلة البارحة كانت: عيدي. |
أجمل حوار أضاء لحظاتي بصوتك.. بنبرتك الصادقة. |
قلت بعد أن وضعت سماعة الهاتف: هذه أنت.. بداخلك الصادق، بوضوحك، بثقتك بنفسك، بعنفك الأحياني، بمصالحتك لأفكارك ولخفقة قلبك. |
نعم.. هذه أنت: الحقيقة، بعيداً عن تلك التي تصمت، والتي ((تشد أذني)) من خلال الهاتف. |
تبقين أنتِ أبداً ((الاختيار)) الذي لا بديل له في مساحة العمر المتبقية. |
أقف أمام حلمي بك، وحلمك.. وأنا هذا العناق الذي يوحّد الأنفاس! |
* * * |
- يا طفلة قلبي: |
مزَّقت أوراقي الحزينة.. |
حين تدفق نهرك في أرضي العطشى.. أردت أن أنسبك: بُعْد الحزن الذي أصارعه.. |
لتكون مساحة اللقاء بك.. أكبر من اللحظة.. |
فيكبر زمن الفرح بحضورك في عمري. |
مقابل لحظات الحزن، والوحدة. |
بين المسافة والزمن.. كان حلمي يقتلني.. |
فدخَلْتِ أنتِ.. لينهض حلمي في ضحكتك. |
لتختلج أضلعي بارتعاشة الحياة في صوتك. |
فمتى تأتين إلي ((مَنْحك)) لي وحدي. |
متى اللقاء الآخر.. لتشربي سِرِّي |
فلا يُطفأ هذا الظمأ إليك؟! |
فمتى تأتين إلى سكنك بين أضلعي؟! |
((الحلم)) بك.. لا أطرده، لأنه يُرغدني حبّاً. |
لأنه صار هو القلب الذي أحيا به. |
لأنك صرت سُكّانه، وإضاءته، وهواءه. |
لأنه الجناحان اللذان أطير بهما. |
لأنه الصوت الذي أصرخ به ألمي وتعبي. |
لأنه ((النهير))، والنهر، والمحيط |
لأنه.. أنتِ وحدك.. |
أنتِ وحدك! |
ما بين اتساع عينيك وغموضهما: |
ليل شَعْرك المسدل على رعشتي.. كأنه سبائك الذهب! |
ما وراء ابتسامتك.. وشرود نظرتك: |
عالمي الذي يحاصرني.. بوجودك في وجودي! |
أنتِ، أنثى تفكر.. وفكر له وجدان يعشق! |
أشياؤنا الغالية كالأحلام.. تأتي بلا موعد، بلا انتظار. |
أنتِ جئتِ هذا الحلم الذي لم أنتظره! |
تجيئين شراعاً كالفجر الأبيض. |
تباعاً.. تتلاحق خفقاتي سرب عصافير. |
تبحث عن عشق دافئ في صدرك! |
* * * |
- آهٍ.. فأين أنت الآن؟! |
أية ريح عصفت بأشواقك لي؟! |
أية مطر.. أرْوت أرضك وزرعك، حتى نسيتِ مطري؟! |
أم تراك لم تنسي.. ولكنك كالنجمة تخبو، وتأتلق؟! |
نعم.. أنا أحياك كما الأمس، وحتى الآن.. وبعد غد. |
العطاء بيننا لم يكن مادياً.. بقدر ما كان عطاء وجدان لا يكذب، ووفاء لا يخون. |
أشتاق إليكِ -أيتها الساطعة على عمري- ولا تُستثنى. |
مَنْ يُفسر جنوني بك: حباً صادقاً وكبيراً؟! |
لقد وجدتُ ذاتي، واكتمالها فيك. |
كان يكفينا زيف الزمان الذي ولّى ورحل بكل ما فاض من مؤامرة الصديق. |
حتى الألم من أجلك، أحياه ألماً حقيقياً، صاهراً، وأفكر -بحزن- في لحظة قد تضيعين فيها مني، فتضيع الشموس، والنجوم، والبحار.. ويجف المطر. |
فتعالي.. وحدك -يا حبيبتي- تنسجين العمر ميلاداً. |
عيناكِ.. اشتقت إليهما، وهما القادرتان أن تعداني بالفرح. |
صار اشتياقي لحنانك، ضحكة الحياة الأجمل.. أنت التي تدقّين أجراس فرحي، وتصعدين بي إلى بهاء الزمان. |
أنتِ ((المحبة)) التي أَمْطرت عمري، وتفتَّحت شموساً في اشتهاء الابتداء للحياة. |
فتعالي.. ولا تدعيني في هذا ((اليُتْم)) بعيداً عن عينيك! |
* * * |
- بعد دخول زمنك الأروع.. يغادرني هذا ((الهوى)) المذبوح في واقع الدنيا، ويتجذّر بين أضلعي: عشق النفس للحب.. ولا دخل لقدميّ -كما توقَّعتِ- بمغادرة الهوى.. ذلك أن المغادرة ليست ((مشْياً))، ولا ((طيراناً)).. بل إبحاراً فوق أمواج الحزن تارة، وتوحُّداً مع الحلم الأجمل تارة أخرى. |
أنتِ -إذن- مسافرة.. يأخذك الرحيل بضعة أيام إلى خارج بلدك، وكوننا. |
ورغم هذا البعد في بعدك.. كم صرتِ قريبة جداً بكل هذا البعد البعيد جداً! |
فكيف تريدين الهوى يغادرني حتى ولو.. إلى قدميَّ؟! |
هل ما زلتِ ((تذكرين))، ماذا كنت أتمنى.. وماذا تمنَّيتِ أنتِ لي؟! |
أمَّا وشْم التذكُّر في عقلي وصدري.. فيُبرز ويشيع أصفى وأنقى ((ضحكة)) تقاسمناها معاً.. وأدفأ ((كلمة)) كانت هي الأحلى لأنها مموسقة بصوتك. |
حقاً.. المطر غزير جداً -هناك حيث تسافرين- لكنه ملوّث بغبار ركض الناس. |
ما تتعجّبين منه -يا صغيرتي- ليس قدرة على تخيُّل كل أنواع الحب.. بل اقتداراً على كل صنوف الكراهية والجحود بين الناس! |
أنا لا أكتب كل أنماط العشق الجاهلي والمعاصر.. لكني أنقل من الواقع كل أنماط الجهل العاشق المعاصر! |
لم أعد مشغولاً.. بل أغذّ في الوله التائه، أو في التيه المتولِّه.. ومن أجل مَنْ، وإلى.. مَنْ؟! |
البحثُ عن ذلك الـ ((شيء ما)) الذين سمّاه المجانين أمثالنا: ((حبًا)).. ليس انشغالاً، ولا إشغالاً، ولا شُغلاً!! |
الحب صار ((هَمّاً)) في عصر إهدار الحب.. وتبقين أنتِ في عمري، نقائي من الهم! |
والانشغال لم يعد بهذا ((الهم)) الجميل، بل انشغال بالبغض والكراهية. |
وهذا هو واقع عصرنا.. أيتها السندريلا، الفراشة، العشق الدائم! |
* * * |
يقول البردوني/اليماني الشاعر/في البدء والانتهاء: |
- ((أيُّ شوق إليكِ.. أيّ اندفاعة؟ |
لو لم تكوني شهيَّة الدفء.. |
لو لم ترتعش في دمي إليك المجاعة))؟! |
اشتقت إليك.. اشتياق الكفيف للنور. |
أبحث عنك بحث المختنق عن الهواء |
تنهَّد المساء شوقاً إليك |
وانثالت الذكرى توجع خاصرتي |
ترميني في بئر الأحزان: غريقاً، وعيقاً! |
إنتعش الحزن مهيباً وعظيماً.. يبحث في صدري عن عمرك. |
يبحث في عيني عن ذكرى لحظتنا الأولى في التقاء العيون! |
ثم.. واصلنا ((الأمل)) على صبابة الذكرى! |
أسترجع أحلى لحظة ضمَّتنا في بهو فندق.. في امتداد حديقة.. في أرض رحبة. |
في عناق اليدين.. كان صوتك يتحوّل إلي لمسة حانية. |
وكانت لمسة يدك تكبر، وتكبر.. فتصبح حضناً كالوطن. |
في عناق النظرتين.. كنت أتطلع إلى عينيك وأمطر.. |
فتُورق أشجار العمر، وتفيض زروعي ظمئاً.. لترتوي من أنهار عينيك. |
كنت أخاف من لحظة النوى.. وأهرب من تلك الدمعة الجمرة. |
وانهمرت أحزان يُتْمي بعدك، بعد لحظة وداعنا.. إلى لقاء! |
* * * |
أنتِ البعيدة.. الساكنة في غربتي عنك. |
أنتِ البعيدة.. الطالعة في أقدار عشقي. |
أيتها الساحرة القادمة من عهد ((ميدوزا)): |
رأيتُ البحر يمتد، ويمتد.. يأخذني إلى بحر عينيك. |
وأناديك كقديس: |
- نهر من الأشواق لك.. صرتُ أنا! |