حبة اللؤلؤ |
أنت، يا أنتَ.. لو ترى بعض حزني
|
لهَفَا قلبك الشريد لقربي
|
كنتَ ساقيتني الحنان.. وأحييت
|
شعاعاً من الضياء بدربي!
|
أنا أهوى الوجود.. لكنْ أراه
|
صاخباً، مضنياً.. أضيقُ بِرحبه!!
|
|
يا من سمَّيْتُكِ: حبّة اللؤلؤ: |
أنتِ.. يا من تبقين في عمق بحاري، حبة اللؤلؤ الثمينة: |
في ((قطيعتك السنوية)).. اكتنفني زحام عجيب، أندهش الآن لأنني لم أكن أحاول الانسلاخ منه: زحام النفس، وزحام خفقات القلب ((طبياً)) أو ضرباته التي أرجعها الطبيب إلى عطش هذه الخفقات لمن يحب القلب!! |
وكان هناك يوم آخر.. يتدافع فيه أمامي بعض العاجزين، والفاشلين والذين لا تقدر تربة نفوسهم أن تُطلع زرعاً.. بل حنظلاً مريراً. |
ولكن.. لا عليك، ((إحنا مالنا))؟! |
ذلك الزحام.. كدت أظن أنني أستسلم له -على غير عادتي طبعاً!- لكني ما لبثت أن تمردت عليه، وكسرت طوقه.. وأنا ((أحلم)) بزحام آخر تمثل في اكتشاف درب يُسلمني إلى دفء كلمة حب، وإلى: حنان أنثى حبيبة، وإلى أمان صديق وفيّ! |
أعرف.. ستقولين لي بطريقتك: ((طيب وانا مالي يا خوي.. أنا تجاوزت غمَّك الأزلي هذا.. صرتُ أكثر مرحاً وانطلاقاً، وأكثر كسراً منك لأي زحام يحاول أن يحوطني أو يأسرني!)). |
.. بخ، بخ!! |
صح.. أنتِ مالك ومالي ولكن.. بالمعنى الآخر للمال، للثروة: أي أنك في تقديري لقيمتك في نفسي: أنتِ بالنسبة لي، مالك ومالي معاً.. مال جوهرنا، ونفسينا، وفكرينا، و.. خفقة قلبينا، حتى لو كانت خفقة قلبك اليوم لا تدقُّ باسمي، لكنها خفقة دقَّت ذات ليلة في ذات لحظة، أو.. لحيظة باسمي! |
* * * |
الله.. يا دنيا! |
كنتِ أنت ذلك ((الحلم)) الذي هربتُ إليه من طوق الزحام.. حتى انبعث صوتك من جديد واقعاً متقمصاً صوت صديقتك الذي زحف بطيئاً إلى سمعي.. لتسألني عن: ((الشخص)) الآخر!! |
لا تُصدقين، (وإلاَّ صدّقي).. أنني في نفس اليوم الذي أهدى إليّ صوتك، قبل أسبوع: ((مرّيت على بيت الحبايب)).. إشتقت إليك، فقُدْت سيارتي ((التاريخية!)) إلى.. هناك، وعدت متباطئاً من أمام الباب، كأنني أُنادي تلك الشجرة التي تستيقظ في الفجر، وكانت ترانا ونسمعها لأسألها فقط: ((كيفك أنت))؟! |
نفسي أعرف: ماذا يحدث بالداخل من تغيير.. هل هو مشابه للتغيير الذي حدث في داخلك أنت/صاحبة البيت؟! |
ابتسمت.. أقول لنفسي: إذا كانت هي قد تغيّرت.. أفلا تتغير الجدران، والأسقف، والأبواب ((آه.. لبواب))؟! |
أدرت محرك عربتي، وتركت البيت -بيتك.. بيتنا ذات ليلة- خلفي، وأنا أتمتم: ((آهِ.. ما أطيبه بددا!!)). |
هل تذكرين أغاني ((فيروز))/سيمفونياتنا، أو سيمفونيات حبنا ((قُلَّة حبنا))؟! |
تُذكِّرني أغاني ((فيروز)) -دائماً وأبداً- بك، وأنت ملتحمة بداخلي، فدعيني أصرخ فيك -من نفسي- قائلاً لك: ((إلى متى تبقين في هذا القلب ممتزجة بخفقه ونبضه؟!!)). |
تُذكِّرني فيروز -أيضاً- بحوارات وبمواقف بيننا أو معنا.. تلك الأيام! |
صدفة -هذه حكاية!- كنت أفرز ما تقادم من أشرطة الفيديو في زمن الستلايت والغم الفضائي.. و.. عثرت على مسرحية لصباح، اسمها: ((دواليب الهوا)).. |
نعم تذكرتها -من تلك الأيام- وعدت إلى الأجمل من العمر والأحلام، وأصغيت إلى صباح تغني: ((سفِّرني معك.. على هالطرقات))!! |
كم أحتاج أن أترنّم في سمعك الآن بموال من الشجن.. بكل هذا الحزن النبيل في داخلي.. ذلك أنني فيمن عرفت (أو تعلّقت) لم أحس بصِدْقه معي، مثلما أحسست حين ((تعمَّقت)) فيك وتعمَّقت أنت فيّ: بصدقك معي كنهر رقراق.. حتى لو كان صدقك ((صراحة تدمي)).. أحياناً، فقد أحببتك، لا.. بل ارتبط قلبي برُقيِّ الإنسان فيك، وامتزج خفقي بجنونك حتى جُنَّ هو أيضاً. |
لم تكوني مرحلة في عمري.. بل استقرَّيت اليوم وبعد غدٍ وأنت أثمن وأحلى ما حيَيْته من عمر! |
* * * |
هلا والله! |
مَنِ الهاتف الداعي؟! |
ظهرتِ -فجأة- لتعاودي الاختفاء/الغياب من جديد.. |
فكرت -بمجرد احتواء سمعي لصوتك- أن أعود إلى طبيعتي ((القديمة جداً)).. أن أكتب إليك.. فهل تذكرين؟! |
أحياناً.. كان يروق لك أن ((تتوسَّلي.. ها)) لأكتب إليك، كأنك يومها قصَدْتِ إشباع غروري من خلال متعتي بالحياة الأجمل كلما كتبتُ لك، ومن خلال تجسُّد الغرور فيك أنت! |
لكنْ.. لماذا ((أتوسل)) اليوم أنا.. لأكتب لك.. لتقرئيني؟! |
مُتْعَبٌ؟.. ربما، وأنتِ حضن الراحة الذي يشكّل انتماء روحي الحقيقي. |
شَجِن؟!.. ربما، وأنتِ -على امتداد كل هذه السنوات- توأم لهذا الشجن! |
عاشق؟!.. ربما، والحياة لم تُبْقِ لنا إلاّ الأصداء، ولا أقول: النهايات! |
كم كتب لك -من قبل- هذا ((الإنسان)) القابع في أعماقي، وهو يغوص أبداً في فراغ ((الوادع)) لكل ما أركض إليه بفرحي وبخفقة قلبي، مثل ركضي إليك الآن.. فيرتدّ إليّ الفرح حسيراً، وترتد خفقة القلب مثلومة! |
لا تقولي إنني لم أحسن الاختيار.. إلاّ اختيارك أنت ((فقط))!! |
القلب -يا حبة اللؤلؤ- لا يختار.. بل يتدفق كنهرٍ عذْب صافٍ، وأحياناً يندقُّ في جدار، يرتطم، ((يِتنيَّل بستين مليون نيله!)). |
لا بأس.. قولي لي: أنتَ ورقة شجر أمام نسمة.. فأتذكر أغنية ((حديثة)) يغنيها محمد ثروت من شعر ((عمنا)) الأبنودي: |
((ورقَةْ شجر -أنا- في الرياحْ |
ودَمعة.. مش عارفة تسيل |
وأنْتَ بعيدْ.. من غير حدودْ |
أبْعد مِسافر.. في الوجودْ!!)). |
مرة.. سأل شاعر حبيبته: ((أتعرفين كيف يغزوني اليباس؟؟)). |
إنه يتسلَّقني.. ينشّفني.. يعلِّقني في فضاء الانتظار لـ ((جودو))!. |
تلك الحبيبة.. تركت بين يدي ذلك الشاعر، كلمة ((وداعاً)). |
وأنت الحبيبة.. لعلّك تركت ((بسمة تاريخية)) كالورود المجففة! |
لكني.. لم أقل لك ما قاله ذلك الشاعر لحبيبته: ((مِنْ بعدك.. إصفَرّ مرج العشب، وهاجرت الغابة إلى الصحراء)).. أفلا ترينني: متماسكاً، ((مشمخراً، متعنطلاً))؟! |
إبحثي عن معنى هاتين الكلمتين في القاموس.. كعادتك!! |
ها أنذا ((الإنسان)) وحدي بَلاكِ، بلا أنفاس عطرك، بلا همستك: أتقطر خيالاً، وتصوراً، وحساً.. ويخيّل إليّ دائماً، أنني أستقبل أنفاس حبيبتي.. أنفاسك! |
* * * |
كان الأعجب -يا حبة اللؤلؤ- أن يتحول التشخيص إلى شخص. |
كان الأقسى: أنّ عذابي يبلغك، وتقابلينه بعذاب آخر! |
تذكرين أنني تمنيت عليك في لقائنا لو هامستك بندائي على عروس الخرافة؟! |
لا أدري.. هناك صديق وحيد لي الآن أفضفض له، ويتعاطف معي عندما أقرأ ملامح صوتي في إصغائه لي، ولكنه لا يعرفك ((لا بالاسم ولا بالهيئة الاجتماعية.. حلوة: الهيئة الاجتماعية!)).. هذا الصديق، أصدر بحقي حكماً لا رجعة فيه منذ تعمَّقني، فقال كاتباً لي: ((يا من يربط بيننا وعد مشترك من الضياع، والإلفة، والغربة، والشوق إلى التجوال.. أتحسس عباراتك كرذاذ الجليد على سطح القلب، وأتخيّلك هناك.. تقف بملابس الصيف: جامداً، مرتعشاً.. لا تقوى حتى على نزع الألم من محبرتك.. كيف انشقّت الأرض عنك هناك، وفاض الألم، وأصبح الجميع يبحث عنك حيث يحبون أن يلقوك؟! |
هل هي التعاسة في دروب المدينة كلها.. أم هو الحزن في دهليز العبرة))؟! |
هكذا جعل مني صديقي: بطل رواية ((غابريال ماركيز)): الحب في زمن الكوليرا!! |
* * * |
هل أواصل البوح، وأشعر بتدفق معك.. أم ((أنْطمّ))، فلا وقت للهدهدة!! |
أعترف لك: صرت في خصام مع نفسي بعد قلبي.. والكثير في هذا الزمن صار يزيّف صدق الخفقة، ويشرخ التوحد باسترخاء لهفته!! |
صرتُ أردد في وحدتي وتوحُّدي مع الحزن النبيل أسىً عميماً حين يشعر الإنسان أنه وحده.. قلبه يتيم، وأيامه باردة! |
كان الأسى الأعظم -يا حبة اللؤلؤ- أن تخترقني مسمارية ذلك الموّال: |
- ((قد كنتُ أحلم قبل اليوم في سِنَةٍ.. فصرت أحلم منذ اليوم يقظاناً!)). |
تُرى.. هل أقدر أن أحلم بغيرك.. أنت الأنثى/الخرافة؟! |
وهل أحلم أن لا تحلم بي امرأة غيرك.. لأنني لا أريد سواك؟! |
أم أحلم بأنثى شاسعة من عصر ((مينا)).. تقتحم، وتشع في صدري كالصباح الجديد.. فتُبلسم الجروح، وتذيب.. الماضي؟! |
كم مرة نحلم -يا سيدتي- فيستمر الحلم حُلماً؟! |
أنا أحب.. لا أستعبد. |
وأنت استعبدتِ قلبي.. لكنك لم تحبيه! |
* * * |
يا امرأة الزحام الذي يضيع صوتي فيه إليك: |
والآن.. في عمق هذا الزحام: ماذا أنتظر؟! |
هل أنتظر عصا الساحرة في حكاية ((سندريلا)).. وقد أضعت عيوني لكثرة ما فتَّشت عن ((مقاس)) حذائك أو خطوتك.. تلك التي تواجدت في الهروب؟! |
هل أنتظر عودة الإيقاعات المعبّرة.. وأنا أقبع داخل أذن ((بيتهوفن)) الصمّاء؟! |
أم تراني أنتظر ما صوَّره شاعر قال: ((أنتظر مطر التاريخ في توهّج المسافة))؟! |
أنا لا يعنيني التاريخ.. لا تعنيني المسافة، بقدر ما أهتم بالمطر وأبحث عن التوهج. |
أم أنتظر ((أرسطو)) ليعطيني تأكيداً بأن أسنان المرأة أقلّ من أسنان الرجل.. هو الذي نسي أن يتفحَّص فم زوجته الأولى، وأسنان زوجته الثانية.. وعاش عصراً قاعداً على ألوان من الأوهام والظلال.. مثلي؟! |
كل الحقيقة في حياته كانت تعاسة بالمرأة.. لأنه لم يعرف عدد أسنانها!! |
آهِ يا.. أنتِ: ماذا أصف وأكتب؟! |
المساء متوقف.. أفرط في تشذيب غرور الساهرين. |
المساء: جمجمة آدمي.. مرسوم عليها الأنف، والشفة، والأذنين.. بدون عينين! |
هكذا تصبح الأشياء غالية، وواضحة.. ثم تافهة! |
وهكذا وقفت في منتصف هذا المساء، أُنادي على ((عروس الخرافة))، عليك.. بمسمع منك! |
أود أن أكتب.. أن أغازل.. أغازلك أنت.. أستفزّك.. أهامسك. |
أود أن أغازل ((عروس الخرافة)).. أستفزها.. أصفعها.. أقبِّلها! |
أرغب -الآن- أن يصدر عني تصرف.. قد لا يُقرّه الآخرون. |
لأعترف.. لا بد من الاعتراف في هذا الزمن الرديء.. أن الناس سيزرعون احتجاجاتهم في حدقتي عينيّ، ويديرون ظهورهم مقهقهين.. آخذين بمبدأ، أو قاعدة: لا شيء يهم!! |
فما هو الشيء المتبقي.. الذي صار يهم؟! |
أرغب أن يصدر عني تصرف يُزيّن وجهك -أنت حبة اللؤلؤ الأغلى. |
لأعترف أن الحب هو.. جنوني، وسيفي! |
شراييني تيبّست.. وما زلت منقوعاً تحت النجوم: أنتظر. |
ولكن.. أنتظر ماذا؟! |
أنتظركِ أنت.. من عهد إرم ذات العماد، من أصداء أشعار مجنون ليلى!! |
أبحث عن التوهج.. أتابع سحابة لا تمطر، تفترش ضياء القمر والنجوم.. فلا التوهج يتفاعل، ولا الغيث ينسكب. |
لكني مجلود بأفكاري.. متمنطق بالعالم حول نفسه. |
و.. ماذا عن خوف المرأة من الرجل، وتمردها عليه؟! |
و.. ماذا عن انجذاب الرجل إلى المرأة، ثم.. قسوته عليها؟! |
و.. ماذا عن ذلك التوحُّد بين المرأة والرجل الذي انحصر -فقط- في اللحظة؟! |
* * * |
هل ترينني -يا حبة اللؤلؤ- مُغِذّاً في التهويم حتى التيبُّس؟! |
في انتظار الانقباض النفسي -سمة هذا العصر!- تختفي العيون من وجوهها. |
ولماذا أكتب لك.. حتى الانقباض؟! |
أكبر من الارتباط إليك وبك.. أعمق من توقع ((فهمك)) لي. |
في انتظار ((العيون)): عيناك أجمل ما يشدني إلى أنثى.. تتوقف ريشة الرسام، ويجف حبر الشاعر، ويبحّ صوت الشادي. |
تزفُّنا أشواقنا إلى الحب والفرح.. ثم ما تلبث عقارب الساعة أن تنسحب إلى مكان مليء بالاختناق، كزجاجة طافحة بالرمل! |
* * * |
وبعد يا حبيبتي/حبة اللؤلؤ.. وبعد: |
لا أريد أن أعتذر لك عن هذا الاقتحام لوقتك، الذي ربما حمل لك ما يسميه البعض اكتئاباً.. ولا أسميه أنا إلاّ معاصرة، ومعايشة للواقع! |
فهل أواصل البوح لك.. أنا الذي أشعر بتدفقٍ معك وإليك دائماً؟! |
دعي ((الحلم)) -يا حبة اللؤلؤ- يزهر بين أصابعي حروفاً، وكلمات. |
زهر كلماتي يُناديك، يناجيك.. كما جَسَّدَتْ كلماتي وجهك، صوتك، ضوءك.. فتتشكل أوراقي حقولاً تموج سنابلها بحبي لك. |
وأعرف أنك لن تردي على سطر واحد فيها.. لأنك لن تجدي الوقت (الجميل) في زحامك الشديد هذا ما بين طموحاتك، وسفرك الدائم، واختفائك المتعمّد. |
ها أنذا.. أدفع قصائدي موجات في بحر جنونك، و.. أناديك حتى الرمق الأخير! |
|