سيدة الأقمار |
ما بال سيدة الأقمار تبتعد؟
|
وأمْسِ.. كانت على أجفاننا تقد؟
|
أراقها كوكب في الأفق مرتحل
|
أم شاقها راهب في الأرض، منفرد
|
فملّتِ الوصْل.. والأقمار أمزجة
|
نارية.. قلَّما وفَّت بما تعد!!
|
|
(1) |
يا سيدة الأقمار الصناعية: |
- ما الذي يربط الحياة بك.. في شعور الرجل؟! |
منذ ((التفاحة)).. وحتى ((الخاطبة)) بالكمبيوتر، هناك ((الرابط))، أو الرباط الذي لا مناص منه! |
- ما الذي يربطك بالحياة.. في ((ديمومة)) انتحارك على غبطة الرجل لك؟! |
منذ الهبوط إلى الأرض.. وحتى انتخاب ملكة جمال العالم!! |
- ما الذي يجعل الرجل هو ((سيد)) الحياة، وليس ((لعبة)) الحياة، وهي مؤنث؟! |
منذ العصر الحجري، وهو يشد شَعْر أنثاه.. وحتى عصر القلب الحجري، وهو يشد شعره من الجحود!! |
- ترى.. ألا تجذب انتباهك هذه الأسئلة المجروحة بالفواصل؟! |
حقاً -أخرى- ليس عندي المزيد من إسقاط هذا الرجل في مزيد من اضطرابات عصره، ونفسيات بشر العصر! |
إنني لا أطيق أن أكون وثّاباً فوق ضلوعي.. فهي تؤلمني كثيراً من عدد الذين وثبوا فوقها لتحطيمها.. ثمّ تجاوزوها إلى نسيانها! |
لكني أبحث عن وقت آخر.. يقنعني! |
((الإقناع)) صار قضية، وصعوبة.. ويحتاج إلى تشكيل لجنة!! |
وبالطبع.. هناك فرق -فوق أنه لغوي أيضاً- بين الإقناع، والقناعة! |
إنّ ((القناعة)) كنز لا يفنى.. وقد أفناه البشر، وحوّلوه إلى أسطورة! |
أبحث -إذاً- عن وقت آخر في ذلك ((الإقناع))! |
إنك.. أسفار بلا موعد رتيب! |
إنك حُجَّة ضد الزمن الذي يتآكل تحت ((قلق)) الرجل، وحول ((كلمات)) النساء عن الفرح الكاسر للرجل.. للإنسان عموماً! |
أنت، وهو، وهي. |
أنت، وأنا، وهم: |
- مدن.. أبوابها من الداخل، وليس لها بوابة خارجية! |
هل تسأليني: لماذا؟! |
- لأننا من زمن طويل.. نمارس رياضة التزحلق، أو التزلّج على مفاهيم اجتماعية متفائلة بخواطرها الحلزونية، وعلى استفهام إنساني نخاف أن نعلنه حتى لا نلعنه بألسنة البعض!! |
* * * |
يا سيدة الأقمار الصناعية: |
- كل الذي أعطْيتِه لي.. كان وقتك المؤقت، وكنت أطمع في قلبك الأغلى، وهو أصدق ما يعطيه الإنسان! |
نعم.. ولكن، ماذا أصنع بقلبك.. إذا كان بلا وعي العقل.. بلا رؤية الشعور المتعاطف مع وقفاتي الإنسانية، والمتلائم مع الطعنات التي سُدّدت إلى قناعاتي، ومواقفي، ووضوحي، والمُواكب لضياعي، وفراري، وأسفاري؟! |
قلبك.. يضحك وحدك!! |
إنه يعشق باسمك.. بأهوائك.. برغباتك المؤقتة.. بأنانيتك.. بمطالبك الصغيرة الضيقة!! |
ذلك كان يخنقني! |
كنت أريدك ((الصهيل)) الذي يوصلني إلى أقصى العالم.. إلى أرقى رؤية بين رجل وامرأة، بين ذكر وأنثى.. إلى ((معنى)) يجمعنا ولا يحتاج منّا إلى تفسيرات له، في كل يوم ولحظة! |
قلبك.. وحدك! |
أما قلبي.. فهو الذي يقول دائماً: |
إنّ الحصان لن يصبح بغلاً!! |
(2) |
يا أنثى الأقمار الصناعية: |
في اليوم الأول بعد الفراق: ماذا فعلت بلهفتي عليك؟! |
كانت لهفتي عليك أقوى وأكثر جنوناً.. ولكنني وأدت هذه اللهفة، لأنني سحبت ثقة خفقاتي من حب هذا العصر! |
تسألينني: -وكيف أعيش الآن؟! |
أجيبك: -لقد أبدلْت الخفقة باللامبالاة! |
ولكن.. أنتِ لمن بِعْتِ قلبك من جديد؟! |
أظنك لم تبيعيه، ولم تصغي إلى خفقاته.. بل أقفلت عليه الباب، وخرجت تغنين: سواح!! |
كانت الليلة الأولى للقاء: |
أنتِ كل اللغات في كلمة واحدة.. تأتي متدفقة باسمك. |
كنتُ أشتاق طلوعك في أمسياتي.. بعد هذه الليلة. |
كنتُ أُناديك: تعالي.. واتبعيني إلى جزر مأهولة بالفرح، مذهولة بالأخيلة، باقية في الوفاء، دائماً! |
خذي رياحي كلها.. فهي حناني الباقي. |
حتى كان اليوم الآخر.. في الوحدة، فتساءلت: |
- فماذا بعد ((الحلم)) يا سيدة الأقمار؟! |
في الحصيلة.. أشعَرْتني أن حلمك قد أفسدته لك. |
وفي انطباعي.. أنك تمنيت هذه الحصيلة، لتذهبي! |
لم تكذب خفقات قلبي التي أنشدت اسمك.. لكنك -في ما يبدو- أنك أصغيت لخفقات قلبك.. المؤقتة! |
وفي الليلة الأخيرة قبل الفراق: |
حسبتك ((الميلاد)) الجديد الذي ينسج أجوبة الأمل على كل أسئلة الإحباط! |
أسألك الآن: لماذا عَمدْت إلى تكريس الإحباط في صدري، وفي عمقي الإنسان، وفي قلبي الذي ((جُنْ)) بك؟! |
لا أنتظر إجابتك على السؤال.. فقد أجبْتِني مسبقاً، في اللحظة التي كان فرحي بك يتدفق! |
وفي هذا اليوم الذي فقد ملامحه، أجد الغياب يأخذك في عباءته، بعد أن حرَّضْتِني أن أختفي داخل صدري مع قلبي، أفتش عن عهدك.. عن ((لحظة)) غالية كانت في عمري بعمر همستك/الغيث! |
تركتني الآن في هذا الشتاء القارس، يرجفني.. تخذلني تلك ((الأحلام)) الذروة بالحب، وأدخل -وحدي- في وداع ((اللحظة)).. أغلى لحظة، لأنها زمنك في حياتي! |
* * * |
يا سيدة الأقمار: |
أعرف أنك ((لن)) تردِّي على رسالتي هذه، كسابقاتها! |
أعرف أنك في غيبوبة أشواقك صرت تقذفين قلبي -بمشاعرك المضادَّة نحوه- بالبكم، والصمم، والهروب، واللامبالاة! |
أسى عظيم يا سيدتي، حين يشعر العاشق في ركضه وراء قمره.. أنه ملقى على رصيف إنسان آخر.. أحَبَّه فخذله! |
صارت أشواقي لك تذروها الوحدة في اليباس.. حتى تراجعتُ عنكِ.. تراجعتُ.. تراجعتُ، و.. زمَّلني الفراق! |
أنتِ دفَعْتني قسراً -سيدة الأقمار- إلى إطفاء نيرانك بين أضلعي!! |
ليغمر رمَادُك مسافة العمر.. وربما يغمر ذاك الأجمل مما لا يتكرر في العشق: ذاك الأعمق مما لن نعطيه لأحد! |
إلاّ ((أحد)).. يسكن في القلب! |
تلك النار الـ ((كانت)) متوهِّجةً في صدري -حبًّا لكِ- أطفأها صمت مذهول ممتد من عمق احتقارك لوفائك نحو مشاعر من عشقوك!! |
وهكذا.. نَحرْتِ بأعماقي حُباً أعظم لكن لم أكذبك فيه.. ولم أبْدأك نداء، أنتِ البادئة/نداءً منك على خفقي، لا.. بل استدراجاً للخفق! |
المسافة الآن بين استهتارك بعواطفي، وفظاظة إهمالكِ، لحظة فاصلة.. طالما رجَوْتُ هذه اللحظة، أن لا تنسفكِ في قلبي! |
لكنَّك -سيدة الأقمار- أبيتِ.. أبَيتِ، إلاّ هذي اللحظة.. فاصلة، ناسفة! |
هكذا.. أصبح صعباً في قسوتك، أَن أعثر لك على.. قلبي! |
كان لك مني الحب -كل الحب وصِدْقه- وسيبقى لك مني: سلام.. |
أنتِ التي ((كنتِ)): المنى!! |
* * * |
(3) |
صباح ((العيد))/سيدة الأقمار: |
ومتى عيناك تأتيان؟! |
لا كان ((العيد)).. إن لم تأت عيناك. |
لا أسألك -يا عبق الخزامى- عن العيد.. همْسَتُكِ، دلالك، دفؤك: عيدي! |
أبحث عنك الآن.. لا لأسألك: |
- كيف نحافظ على حب الآخرين لنا؟! |
ولا أسألك: كيف يحبنا الآخرون؟! |
لقد عرفتك/وكأنك لم تعرفيني.. فهل أسألك، أم أتفاءل؟! |
بحثتُ عني في أصداء صدرك.. بين أضلعك، فضاع بحثي/دفقة وجداني وصدقي وخفقة ظننتها لك هي: حب العيد.. حين شعرت أن لقاءنا كان عيداً! |
لكني لم أعثر في مخزنك الواسع إلاّ على هذا الاستسلام لنعاس المشاعر!! |
عندما حل موعد ((فالنتين)): كركرة طفل، و ((شيطنة)) عاشق/فتى، وخفقة قلب تمنيت أن تصونيها، و.. نسيت! |
في عيد الحب: نتفاءل كل عام. |
رصيدنا في التفاؤل يتفوّق على الصدمة واليأس! |
عيد الحب: كل لحظة نتفاءل فيها.. نُعمِّق الثقة في قدرتنا على الثبات، والوفاء! |
* * * |
وحدك أنتِ/سيدة الأقمار: |
رقيقة خفقة.. أطوف بها جزر الدهشة، هناك حيث المواقف الصعبة، والاكتشاف.. ثم ألوذ إلى دفئك، أحتمي به من صدمات الآخرين! |
معاً.. دائماً.. إلى الأبد: أنت أجمل الأعياد في شعوري بك! |
ولماذا تلومين اغترابي/سيدة الأقمار.. عندما يجرؤ تأمُّلك على تمزيق الحلم؟ |
ألست الجاني.. والجناية؟! |
في كل عيد.. لا يبرق فيه وجهك، أجد يوماً -متواصلاً- حزيناً.. أحتفل فيه بغربتي!! |
* * * |
يا سيدة الأقمار: |
هذا المساء/بوّابتي إلى لحظتك الخاصة. |
أتيتُكِ من عشق البحر للسِّر.. من انتظار النسمة، لتلثم وجهك. |
من مدارات الشموس الساطعة، القادمة بأمانيَّ/أنتِ! |
* * * |
هذا المساء/سيدة الأقمار: |
امتدَّ زمن الليل إليه بأصدائك، ليطير القلب.. يُحلق في أمدائك جناحا ذكرى.. وخفقات حنين. |
فما أطول مسافات الشوق للأحباب.. حينما يختصرها فرار العمر! |
* * * |
سيدة الأقمار/أخاف عليك: |
أخاف على ضحكتك من ((أخبار)) العالم.. من ليل شتاءٍ تشريني.. من عاصفة حزن. |
أخاف على الضحكة من شفتيّ.. من وقفتك ما بين الأمنية والتجربة، حتى لا تتحوّل ضحكتي إلى رمل.. وأنتِ ترمينني بعيداً عن حنانك، كأنني لا أكثر من حكاية.. عمرها دقائق! |
* * * |
أضناني التلفُّت/سيدة الأقمار: |
صرت أخاف -في اغترابي وعشقي- أن أشُقَّ صدرك بورقة من شجري.. يتحوّل صدرك -حينها- إلى انتحار! |
وعيناك تتدثران في الشرود المؤلم لي! |
وأنتِ تتواجدين دوماً في داخلي! |
أصبحتُ أغمسك في دمي.. وأتلألأ. |
أجدكِ ما بين أنفاسي، ونبضي.. كأنَّكِ الإثبات الوحيد على أنني حي! |
أنتِ سكبت الثلج فوق توهُّجي.. لويت عنق الجواد، وأطلقته في بيدائك. |
وصار حضوري: شجناً!! |
|