شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
امرأة الصداقة
هذا أنا -يا أنت-
في بدئي وخاتمتي.. تلوحْ
وكأننا روحان ترتعشان من وله يبوحْ
هذا أنا.. لا لن أعود
ولن أعود إلى السفوحْ!!
عبد العزيز خوجه/السعودية
(1)
يا امرأة الصداقة:
ها أنذا.. أتمدّد في ((قرارك)): قتيل حيرة، وهجرة روح!
تتركينني -وحدي- هنا.. في صدى ((نهاية)) بلا بداية!
وفي يدي لك، زهرة مصلوبة على إصبعين.. باركتهما رياح ثلجية من قرارك:
- ((الصداقة.. بدلاً من الحب!!)).
زهرة.. بقي منها العبق الذي يعبّر عن ((المثالية)).. أو عن الصداقة!
كأنّك -يا سيدتي- تريدين من الصداقة البديلة عن الحب ((الأصيل))، أن تكون عبقاً.. وأنت تتعلمين أن الحب هو الزهرة الأساسية التي أشاعت هذا العبق!
هذا هو ((قرارك)) إذن؟!
أن نكون أصدقاء.. فقط؟!
أقول ((فقط)).. لأن الصداقة عندما تأتي بعد الحب، فهي لَوْي عنق.. اعتساف لعفوية المشاعر!
كأنَّك تَهْربين من نفسك.
كأنّك تُهرّبينني من نفسك.. وتغتالين قلبي في داخلك!
كأنك تهرِّبين نفسَيْنا من أصدق خفقة.. إلى جزر صقيعية، لا روح فيها، وإنما المزيد من العقل: أي ((الصداقة))!
فلماذا تريدين أن نرتكب التزييف؟!
إنّ الكثير من شؤون وممارسات حياتنا -يا سيدتي- قد طعنها الزيف، وغشّاها التزييف!
فهل يهون عليك أن يصل هذا الزيف حتى إلى المشاعر؟!!
وكيف يُمْكنك -بعد أن أقبل قرارك هذا- أن تُصدِّقيني؟!!
ما أدراك أَنني لن أرتدي لك قناعاً آخر.. تماماً مثلما قَبِلْتِ أن أضع ((الصداقة)) قناعاً يحجب عنك وجه ((الحب)) الحقيقي؟!
يصعب عليَّ جداً أن أواجه ((الحب)) بقناع نضع له مسمى: ((الصداقة)).. أو أن نحيل الصداقة إلى قناع، نخفي وراءه لهباً، وأنيناً، واشتياقاً؟!
إنّ الحياة -يا سيدتي- مقبولة بالحب.. فبماذا نقبل الحب؟!
لا بدّ أن نقبل الحب بما فيه.. وليس بتغيير مُسمَّاه، ولا بإلغاء هويته الأصلية، ولا بإعطائه هوية مزوَّرة!
لا بدْ أن نقبل الحب.. بالمزيد من الشوق والاشتعال، وليس بمحاولة التعوّد عليه، إلى درجة إسقاطه في مسمى الصداقة!
لا بدّ أن نقبل الحب ((بتفوُّقه))، وليس ((بهزائمه))!
لا بدّ أن نقبل الصداقة بأن تكون ((حباً)).. لا أن نهزم الصداقة الجميلة، فنجعلها ((بديلاً)) عن الحب.. كأننا بذلك نصنع دمية مَسْخاً، ونقول عنها: الصداقة!
لا بدّ أن نقبل الحب ((بعطائه)) الذي لا يطلب ((مقابلاً)).. بل هو يُضحّي في أوقات كثيرة من أجل المعنى، والقيمة.
لقد أصدَرْتِ ((قرارك)) هذا: الصداقة بدلاً من الحب.. ولم يكن الاستفتاء ((القلبي)) والوجداني على الصداقة، بل.. على الحب، كأنك جعلت الصداقة: تَرْضِيَة!!
كأنك -أيضاً- أردتِ أن تُكرِّسي شراسة عقلك ضد عواطفك التي تضطهدينها، وتهيلي عليها التراب بقسوة!
بينما أجد في أعماقك.. بل وحتى في نبرة صوتك ورقّته، هذه الحميمية الخطيرة جداً التي تُبلورك ((أنثى)) تعرف التجربة، وتخاف أن تخوضها!
(2)
قلتِ لي: إنّ العاطفة رفاهية!
معقول أن يكون شعور ((إنسانة)) مثلك، محشودة بالحزن، وبالخوف.. بهذه النظرة للعاطفة؟!!
كأنَّك نزعت قلبك، وقذفت به في البحر!
وهل عاطفتك نحو أمك، وأهلك، رفاهية أيضاً؟!!
أم تراكِ تقصدين ((العشق)) بذاته؟!
فإذا كان رأيك في العشق بأنه رفاهية.. فاعذريني أن لا أتقبَّل هذا الرأي، لأنه لا يصدر عن تجربة، ومَحَكٍّ، ومعاناة.. إعشقي أولاً، ثم احكمي.. مارسي.. باشري.. جرِّبي، ثمّ أصدري الحكم!
لا أريد أن تكون أحكامك صادرة عن الخوف، أو عن.. ((الصدمة))!!
دعيني أقول لك بالمقياس الذي وضعْتِه أنت:
- إنّ نظرتك إلى الصداقة.. ليست أكثر من ((طوق نجاة)) تضعينه حول وسطك، بمجرد أن تنظري إلى البحر خوفاً من الغرق.. بينما أنتِ لم تنزلي إلى البحر أبداً، ولم تُجرِّبي، أو تمارسي السباحة، وتخافين من البحر، على البعد!!
وكيف تكون العاطفة رفاهية؟!!
تكون رفاهية عند الخائفين، أو المترددين، أو المصدومين!
وأنت تتشَبَّثين ((بالصداقة)) وتستخدمينها: كوابح، و ((فرامل)) لخفقات قلبك!
بينما الصداقة امتداد فسيح وعظيم لفهم أشمل وأرحب بِنفْسَيْ إنسانيْن يُسقِطان كل الحواجز.. أو لديهما القدرة، والرؤية لفعل ذلك!
فهل تقدرين على التعامل بمبدأ ((الصداقة)) الحقيقي؟!!
أم أنك تحاولين -أيضاً- الركض بعيداً عن الصداقة بعد ذلك، وتطلبين إنقاذاً آخر، أو مسمى آخر، مثل ((الزمالة))، ينقذك من التزامات ((الصداقة)).. كما أنقذتك الصداقة من التزام الحب؟!!
تطلبين ((الصداقة)) بعد اشتعال الحب؟!
غير ممكن إطلاقاً!
الممكن أن تتطور الصداقة إلى حب.. لأنّ الصداقة بوّابة لدخول النفس الأعمق.. بوابة إلى الحب!
أما الحب فلا يمكن أن يخرج من الداخل.. من الصدارة، ليكون بوّابة، أو بوّاباً للصداقة!!
كيف يا سيدتي؟!!
الصداقة لو جاءت بعد الحب.. فهي فعل متأخر جداً، مستغرق تماماً في العاطفة.. حتى لو حاولنا أن نكابر، ونجادل، ونماحك!
(3)
لماذا تطلبين مني المزيد من التعب، والتمزق؟!!
لو رفَضْت الحب.. فهذا شأنك وعاطفتك، ولا إكراه في خفقة القلب.. وكان ذلك أكثر شرفاً لقلبي أن يُرفَضَ.. لا أن يُطوَّع!!
وكيف تطالبين أن أحني رأسي أمامك كصديق عندما ألتقي بك، ولا يكون حينذاك من حقي أن أتأمل عينيك، وأدفأ بلمسة يديك.. وأنا الذي أحببت عينيك، وسحرهما، وتألقهما، وبوحهما، وجرأتهما؟!
في لحظة ((الصداقة)) لن أحسَّ بعينيك إلاّ بأنهما وسيلة.. بل حاسة تؤدي وظائفها!
أما في لحظة الحب.. فإن إحساسي بعينيك يعبّر عن دنيا كاملة.. عن خفقة قلب.. عن هياج نبض!
فكيف -فجأة- تريدين مني أن أطفئ جذور الخفقة، ونارها، واشتعال كل هذه الأحاسيس، و.. أغتالها؟!
وبأي دافع؟!
بدافع الصداقة، أو.. الرضا بالصداقة بدلاً عن الحب؟!
وكيف ألغي كهربية تلك الأحاسيس في شراييني كلها.. لمجرد أنَّك صدَدْت هذه المشاعر الأعظم، وسجنتيها بين قضبان مسمى: ((الصداقة))؟!!
لماذا أنتِ تحاولين أن تعرّضي الصداقة للحقد؟!.. وذلك باستخدام الصداقة ساتراً واهياً يُداريك عن الحب، أو يحجبه عنك؟!
وإلى متى ستستمرين هكذا.. بدون قلب، إلاّ أن يكون قلباً مرفَّهاً.. لا يئن، ولا يبكي، ولا يشتاق، ولا يعاني؟!!
(4)
الأقوياء -يا سيدتي- هم الذين يُواجهون!!
لماذا تعتبرين الحب: تجربة.. ولا تتعاملين معه كـ ((قرار)).. مثل الصداقة، حتى تصبحي الأقوى؟!
ذلك.. لأنك لا تخافين من الصداقة، لأنها قماش واسع فضفاض!
ولأنك تخافين من الحب.. لأنه مفصّل بدقّة، وبكل المقاييس، ويكشف الأبعاد!
أنتِ لستِ ((أنثى)) فاشلة، ولا هشّة.. ولا حتى مغرورة، صدّقيني!
أنتِ تُروّجين ((لمقياس)) سكنك منذ فترة طويلة، يقول: إنّ حظك في العاطفة تعيس!!
لماذا حقاً؟!
لعلّك خضت تجربة حب، وفشلت؟!
لعلّ رجلاً لاَحَاك وآلمك في الماضي!!
إذن.. لماذا يمارس عقلك خلاصة الشراسة مع عواطفك؟!
لا بد أن في أعماقك تجربة.. زرعَتْ هذا الحشد من الخوف ضد خفقة قلبك!
هل أزيد.. أم أدعك تلتقطين أنفاسك؟!
تركت لك مساحة بيضاء بعد هذا السؤال..
والآن.. أقول لك عبارة ((ميخائيل نعيمه)):
- ((إنّ محبة تنحصر في جزء من الكل.. لهي محبة تحكم على ذاتها بالعذاب المؤبد!!)).
الآن.. بعد أن استلقت علامة ((الاستفهام)) التي كانت تفصل بيني وبينك.. وجدتها -في استلقائها- تنزف ما تبقى من دمائي!
الآن.. لقد تجمَّعت علامة ((التعجّب)) في قطرة ثمينة.. كأن هذه القطرة هي خلاصة خفقي، ودمي.. وقد تحوّلت إلى ((نقطة)) أخيرة في نهاية السطر!!
(5)
الآن، أشرعُ أبواب الوقت.. أرى اللقاء/الهاجر.
أرى البعاد.. ذلك الذي يستفزُّ حزني، منذ عَسْكَر الحزنُ في العبارة الصارخة: سوف أحيا.. سوف أحيا!
أتذوَّق ((عبارة)) الحياة.. وهي تأتيني بلا ((مكياج)).
جمالها في حقيقتها، ونقائها، وإيجابيتها!
أصرخ.. وأنا أسكب قارورة الأعوام في الزمن المنشرخ بالطموحات الراكضة.
و.. أضمِّخ المجيء/المتردد.. أبداً!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :470  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 115 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج