شجرة الكهف |
ها هنا.. كم شيّد الطفل
|
أمانيه رمالاً.. وتلالاً من ترابِ
|
ها هنا.. كم جئت
|
والأمس، فتى غضّ الرغابِ
|
فتغنّيت بعينيكِ، بحبي، بعذابي
|
ها هنا.. أدركت أعماقي التي تجهل ما بي
|
.. لا تهابي!!
|
|
(1) |
أسمّيك شجرة الكهف |
كل الأشياء التي ولدت في حضورِكْ.. أسقطها الجفاف بعد رحيلك! |
أشقُّ طريقاً في صدري.. فيُصبح الصدر غابة، وليالي! |
ولا أملك -كإنسان- إلاّ أوْبة تعطيني جواز سفر إلى تلك الأشياء التي لها وجها العملة! |
مَن هؤلاء البشر: أنتِ.. وأنا؟! |
يتصاعد الخطأ منّا إلى مستوى الجرح، ونفقد الشعور.. نفقد الالتزام به! |
(2) |
كل شيء فكرتُ فيه من أجلك.. وأشياء كثيرة انتصَبَتْ في صدري ضدك، وخذَلْتُها بشيء بسيط.. لكنه غامر، وعظيم. |
شيء اسمه: الثقة.. الثقة! |
في كلمة واحدة.. انطلقت من بين ضلوعك كطير حبيس! |
لكننا -في أنقى ما يشعر به أحدنا نحو الآخر- تتسلل ملوحة حِيتَاننا إلى أعماقنا. |
حينذاك.. نغرق.. نغرق! |
(3) |
عندما تودِّعين بصري، وتغيبين عن رؤيتي.. يشيخ في صدري الفرح. |
يُغطّي اليابس نشوتي. |
يغتالُ الغياب حضور الحياة في عينيّ، ونبضي! |
أتحوّل إلى هذا المترمّد في ظلال الأمسيات.. أكتب حزني وشماً فوق كل نجمة! |
وأترقّب متى يشبّ الفرح في صدري.. من جديد؟! |
ما أصعب إرغام القلب على التوقف عن التلفّت نحوك.. نحو دروبكِ! |
ما أقسى هذا العشق الذي يجعل التعبير عنه مُجسداً في التلفُّتِ الدائم إليكِ! |
يكاد القلب أن يصاب بدوار بحورك الغريقة.. والمسافة بيني وبينك بحر متلاطم، أشقّ أمواجه.. وآتيك بحّاراً.. تحطمَتْ سفينته في القاع! |
(4) |
أعرف أن كلماتي في سمعك، وتحت بصرك، تحوَّلت إلى شظايا.. جرحت إصغاءك، وتأملاتك! |
لكنّ هذه الشظايا.. تبقى حطام شيء ثمين في صدري. |
تبقى هي: النزف، والحزن.. واليأس منك! |
أعرف أن الأصداء التي تجمّعت في نبرتك، وأطلَقْتِها إلى سمعي، مسدّدة، قاتلة.. كانت معاناتك في إصراري معك على إخراج السيف من غمده! |
ليس يكفي -سيدتي- أن أكون سيفاً لك، ومحكوماً عليه بالاختباء خارج ضلوعك! |
إما أن أكون سيفك.. أو لا أكون قاطعاً! |
إما أن تكون معاناتك حزني.. وتكون معاناتي احتراقك. |
أو.. لا يكون شيء بيننا! |
إن الشظايا التي جرحت إصغاءك.. قتَلَتْ كل همسي، وشراييني! |
(5) |
توقَّفْتُ أمام بوّابات النسيان. |
حاولتُ طردك من بهاء عمري، وأحلامي. |
حاولتُ تبديدك من خواطري، وذكريات الزمان الذي لا يعود! |
حاولتُ التفوّق عليكِ.. بالاحتفاظ بوعود وعهود، حسبتها ذات زمن أنها جوهر في أعماقنا.. لا يصدأ، ولا يخون! |
وجدتُ التفوق بلا مقابل.. لا يُجدي! |
وأنتِ -وحدك- تمثّلين المقابل لكل مشاعري، وصدقي! |
إن خيانة الزمن، والوعد.. قد تهون، لكنّ خيانة الصدق في العمر.. هي الأفدح في الوفاء!! |
(6) |
أقسى سهرٍ صرتُ أعانيه.. عندما أنام! |
أراكِ في الأحلام.. كأنني مُسهد لم يغمض لِيَ جفن! |
وأشيخ.. أشيخ.. أشيخ! |
كأنني شجرة تقف على ظلها.. تلك التي وصفها ((جبران)) فقال: |
- إنها الشجرة التي تنبت في الكهف. |
تلك التي لا تُعطي ثمراً!! |
|