شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المرأة/السلطانة
الوحدةُ.. أقسى مِ الفراقْ
والذكرى.. أقسى م البعادْ
بَبَعْتر الأيام وراك
يمكِنْ تردَّك البلاد
وأنا انتظرتك كل فجر
وكل صبح، وكل ثانية
وكل ساعة، وكل يوم
ولا جِتْش لسه م السفر!!
عبد الرحمن الأبنودي
أيتها السلطانة:
صباح الشوق.. وفي الأشواق ينبعث الحب مجدداً ويزهو.
في أشواق الناس الجديدة.. صارت الحركة أصغر، والتخيل أكبر (كتبتها لك مرة)!
الوقت الذي يفيض بنا حنيناً.. نغرقه في الانتظار!
ما زلت أحبك، وسأبقى حتى.. ميلاد الموت!
أحبك.. وقد صرتُ أحيا بجانب النهر، وأرحل فوق الموج.. لأغرق!
والآن.. أترنم بشعر ((الأخطل الصغير)):
- ((يبكي ويضحك.. لا حُزْناً ولا فرحاً
كعاشقٍ.. خطَّ سطراً في الهوى، ومَحَا!!)).
وستبقين أنت.. هذا ((الوجود)) الذي يدفئ صدري وعمري، قادماً إليّ من لحظة الميلاد.. أينما تكونين –حبيبتي- أعثر على الوطن!
* * *
اليوم تذكرت كلمة ((التعاسة)).. إجابة ألبير كامو/الغريب، أضعها خلفية لهذه الكلمة: ((لا أعرف ماذا يمكن أن أتمنى أكثر من الحضور المستمر للنفس مع النفس.. ما أريده الآن ليست السعادة، بل الإدراك!)).
وهناك عبارة ألصقت بي.. قرأتها لك مرة، ودعيني أذكرك بها:
- ((مَنْ أنا.. وماذا أستطيع أن أفعل غير أن أدخل في حركة الأغصان والضوء؟!
أكون هذا الشعاع من ضوء الشمس الذي يحمل دخان سيجارتي بعيداً!)).
أحبك.. وأنت دائماً -وحدك- التي تصالحيني مع قلبي!
لماذا فرْحتي صارت تلمع فجأة.. وتختفي؟!
معك، أمامك، وأنت حلمي: أواصل بك ولك أناشيدي للحب، وأتصادق مع أحزاني.. ويصيغني الحزن من جديد إنساناً يمتلك استطاعة الوقوف والخفق!
* * *
أيتها السلطانة/السر:
أعلنتُ لك من عصر ((مينا))، أنّ حبي لك لن يكون عبثاً.
فمن أين بدأتِ الرحلة نحو اللحظة.. في الوقت العابر؟!
الآن.. أين يصبُّ جنونك: فرحاً، عشقاً، دفئاً وحناناً؟!
أنتِ التي وضعْتِني ذات يوم على مفترق الطرق.. وأنتِ -أيضاً- كنتِ اكتشافي للطريق إلى العمر الجديد.
أجبتك منذ ذلك اليوم القديم -أكثر من أحلامي، وأقلّ من عمري- وردَّدت عنك/أنت حبي، عبارة ((نيتشه)) التي قال فيها: ((لقد آن لحبي أن يتدفق كالنهر من الأعالي إلى الأعماق، ويتجه من المشرق إلى المغرب!)).
أردتك ((الوجود)) الذي يكبر في الصدق والوعد.. ((والتواجد)) الذي يُزهر برفض الأنا.. وتمنيتُ لو أنك اقتنعت بمعنى المحبين القائل: ((مَنْ جمع لكم من المحبة رأياً.. فأجمعوا له مع المحبة طاعة!)).
كان حبي للحياة.. هو حب لك، لأن فيها الهتاف بخفقك.
وعبثَتْ بي الغربة عنك وقتاً طويلاً بمعاناة أطول.. حتى ((ظننت!)) أنك اندفعت بي إلى أمواج التسلية، في الوقت الذي كنت أنا فيه أرتدّ بك -بإصرار- إلى أصدق خفقاتي لك.
أشعلتُ الليل لك أغاني دافئة.. في كثافة خطاي الحيرانة.
وكان همسي لك -دائماً- يتبدد في أزيز الطائرات المسافرة بي إليك.. إلى أرض تنبت المطر والزهر، والقادمة بي من عندك إلى وحدتي، وخذلاتي منك!
كم وقفت أمام وجهك.. في مصافحتي لك -فقط!- في جلوسي بجانبك وأمامك، مصغيًّا لك إلى حدّ التبتُّل في محرابك، وبوَّاحاً في سمعك كأني أغني أغنيتي الوحيدة/أنت!
وكان صوت قلبي يرتفع نداءً عليك.
وكانت فكرة عقلي تضيء بعد أن تستمد نورها منك!
وكنتُ أعلن: لا امرأة تستحق حبي غيرك.. ولا بعدك، فأنت امتلكت حاضري كله، وأنت صادرتِ غدي لكِ كله!
كان هذا الحب منحة العمر الآخر منك -كما وددت ولم يتحقق!!
وكنتُ أردد في نشوة التلاقي معك، وانتزاع ابتسامة تخصني وحدي، والفرح بدفئك بجانبي.. فأغني لك:
- أخيراً وجدتك.. توأماً لروحي وعمري!
ثم.. ما ألبث أن أرتد إلى صدري، وقلبي.. وأنا أردد عبارة قرأتها مترجمة:
- ((إنّ الله يطلب من الناس أن يبنوا له هيكلاً من الحب.. فلا يتقدمون منه إلاّ بالحجارة!)).
فتصوّري حجم الحجارة التي تراكمت في قلبي وحوله.. في هيكل الحب الذي بنيته لك؟!
* * *
يا جناحي عشقي اللذين أطير بهما إلى الفرح:
هل ما زلت تذكرين سؤالي هذا الذي طرحته عليك مراراً، ولم يجد له الجواب عندك؟
والسؤال: -ألم يحن حديثنا الأعمق بعد؟!
سؤالي الذي طالما اعترض على طول صمتك أو مراوغات ذكائك.
مثل رسائلي التي أكتبها إليك.. ويكون مصيرها -في قمة تقديرك لها- الاحتفاظ بها في خزانتك السرية التي تحرسها في قاع بحرك، حيتانك!
أحببتك.. ولهاً، وجنوناً، ومعاناة، و.. ألماً نبيلاً.
ولكن -يا سيدتي- هناك أشياء كثيرة.. كانت صغيرة، صغيرة: تراكمت وتضخمت!
وكانت هناك أشياء تصاغرت بعد ذلك.. وقد كانت كبيرة، كبيرة: باعدت بيننا.. حين تصاغرت!
حتى ألحقت سؤالي الأول بسؤال رديف له، وإن جاء مني إليك في زمن يختلف عن زمن السؤال الأول، هو: ((لماذا عنوان قلبك يا حبيبة.. يفارق صدرك؟!)).
تلك ((ريح)) العاشق.. كانت مني، انبعثت في هدوء أيامك أو رتابتها معي.
أما ((ريح عشقي)).. فكانت اسمك، وجهك، ابتسامتك.. حلمي الرغيد أنت، ونداء البعيد أنا.. عليك.
وبذكاء شديد منك.. دفعْتِني إلى التمحور في تلك الخطوة أجمل سنوات العمر التي أحببتك فيها، و.. لا أشعر بالإحباط برغم كل ما كان.
لم أكن أعرف عن ((الخطوة)) التي أخطوها إليك، إن كانت ستأخذني إلى العاصفة.. إن كانت ستغمرني في الهمسة.. إن كانت ستبعثرني في مزيد من الفقد؟!
تحوّلت ريح العشق لك، إلى ريح الخوف على معانٍ أجمل في قصتنا.. والخوف من شيء، يصير في لحظة: كل شيء!
من ذلك ((الشيء)) -يا حبيبة- الذي يتبلور في الحلم، ضمَّة.. إلى ذلك ((الشيء)) الذي يجاوز العبور من الصدمة!
* * *
والآن؟!!
آهٍ ما أضيعه بددا.. كما كتب سعيد عقل، وغنّت فيروز!
ربما ((تفاءلت)) بأنني كنت ذات يوم، ذلك المحور الهام لديك الذي قام عليه سؤال حائر، أو حيرة خلَّفت عندك هذا السؤال الفولاذي: كيف أحبك ولا أحبك في ذات الوقت؟!
كنتُ ((أوقن)) ذات يوم -بعد قطيعتك لي، وتواصلي بك من جديد- أنك لم تحبيني أبداً.. بل ما كان منك دار دورة الإعجاب بشيء ما في عطائي لك، حتى ارتوى واستكفى!
لكني تحوّلت بعد كلماتك إلى ((أنشوطة)): استقمت، تمدَّدت كحبل، التففت حولي وحولك.. في محاولة مني ((لارتباطنا))!!
هذا أنا -كما وصفْتني يوماً- فقلت لي:
- ((مشكلتك، أن خيالك أغنى وأروع من واقعك)).
وذلك انطباعك.. أقصد أن تخيُّلك لي قبل أن نلتقي في تلك الظروف ((الأنشوطة)): كان أغنى وأروع عني، حتى ((صُدمت)) به في واقع ما تعاملتِ به مع شخصيتي التي كانت ماثلة يومها في تسلُّط شخصية أخرى!!
* * *
أيتها السلطانة/القاسية:
تلك كانت تجربة مريرة.. خسرتُ فيها ((الصولد)) لعاطفتي عندك.. خسرتك وقد ركضت إلى لقائك: ولهاناً، ذائباً، عطشاناً.. أحلم بامرأة تحتضن أنوثتها في لحظة اشتعال عقلي، وتحتوي فكرتي بعقلها الناضج لنغرس معاً حباً، وحناناً، وتوحُّداً إنسانياً يتساقط من فروعه كشجرة ذلك الرطب الجنيّ.. وتطوف حوله فراشات العشق في ألوان الطيف!
لكنك استسلمتِ أنتِ بعد ((قضم التجربة)) وهي في مهدها، إلى طريق اللاعودة.. لتقولي في نهايته: فات الأوان يا صديقي!
إذن.. بقي كل واحد منا ((يعزف على أوتار الوحدة)).. وكل منّا يعزف لحناً مغايراً للآخر!
أنا.. حاولت أن أتمرّد بعدك، لا.. أصارحك: حاولت أن أعبث ما أمكنني العبث!
وركضت بجنون.. في الوقت الذي أردت أنت فيه أن تمارسي ((بهدوء شديد)) ما تعتقدين أنك قد تكتشفين من خلاله رجلاً فارساً ((يشْكُم)) هذه الأنثى المتمردة فيك إلى درجة العنف أحياناً داخلك.
لم أسمح لأشياء أخرى -من داخلي- أن تتابعك أو تطاردك.. لا غضبي، ولا غيظي، ولا غيرتي من رجل آخر غيري.. قد يشتري فرحاً خاصاً به وحده، بينما فيك كنت أشتري عمراً كاملاً!
و.. عدتِ بعد ذلك إلى وحدتك التي وصفتها بأنها وضعتك على أعتاب عوالم جديدة، بعد جنون المغامرة التي أردتِ من حصيلتها حصد اللحظات الجميلة النادرة، التي وصفتها أنتِ بأنها هي الفرح حتى الاشتعال، وهي الحزن إلى درجة الانكسار!
* * *
أيتها السلطانة المتفرّدة في قلبي:
إذن.. دعينا ننفك من هذه الدراما السوداء.
دعيني آخذك.. آخذ كفك وأضعه بكفي إلى رحابة صدري، لعلّ كفك يُهدّئ وجيب القلب، وضرباته المتسارعة، والتي صارت غير منتظمة الآن في علَّته.
لو كان لكفِّك عيون.. لأبصرتِ وجهك سيداً وملكاً متربعاً في عرش قلبي.
لو لامست شفتاك شفتيَّ.. لتذوّقتِ طعم الفرح الحقيقي!
لو أصغت أذنك لهمسة بوحي.. لسمعتِ أصدق اعتراف بحبٍ خالد من رجل يعرف أن لا شبيه لك في النساء من عهد ((نفرتيتي))، وفي منح إكسير الحياة له!
أصغي الآن إلى عبارة ناسك الشخروب/ميخائيل نعيمه:
- ((حذار أن تطلب لمحبتك ثمناً.. فالمحبة التي تتقاضى أجراً تنقلب دَيْناً في عنق المحب))!!
لا أكتب لك عن ((جدلية)).. بل أكتب لك كلمات تكتسب قداستها من طُهْر عشقي لك.. فالقاعدة تؤكد ((أن كل شيء هو حركة)).. لا شيء يبقى في مكانه، بدءاً من الزمان، وانتهاءً بأصغر جزئية في المكان.
وقيل أيضاً: ((المحب في نهاية المطاف.. هو ذاته الحبيب))!
فأنتِ في وجودي: الحب، والحبيب، والمحب.. لأنك أنت أنا.. بينما الجميع نيام!!
دعي نفسي الآن تصمت.. لتُحقق ذلك الانسجام الذاتي.
ودعيني في هذه ((الوحدة)) من الصمت.. ألوذ إلى الحكمة القائلة: ((الحكمة عشرة أجزاء.. تسعة منها الصمت، والعاشرة قلة الكلام))!
و.. سلام عليك أبداً!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :497  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج