شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
امرأة المعايشة/المعاشرة!
كيف أنت تجترحين عافيتي وهمّي
لا زمانك أنبتَ الوصل الجميلَ
ولا هواكِ أناخ بالنوق العتاقِ
على موارد عشقنا
وأفاض في صبواتنا قَدَر المشيئة!!
أحمد صالح الصالح/مسافر
يا امرأة المعاشرة والمعايشة:
كل امرأة أمام رجل يرغبها.. تصبح امرأة مشهورة في حياته!
وبهذا الشمول -لا التحديد- نشير إلى حساسية الحياة التي لا بد أن تقوم في تكوينها وقاعدتها على ((وفاق)) الرجل والمرأة.. أو وفاقهما معاً!
لكنَّ الملاحظ في عصرنا الحاضر.. أن هذا الوفاق ينشرخ أحياناً، وذلك بسبب إسقاط ((فهم)) كل طرف لنفسية الطرف الآخر!
والحوار بين هذين الطرفين، اللذين يوقدان شعلة الحياة.. هو حوار يدور مثل رحلة السواقي: ((رايح.. جاي))!!
هو حوار.. لا يتوقف.. لا ينتهي.. لا تُوقَّع فيه معاهدة سلام!
بينما السلام الحقيقي للحياة.. يكمن في حميمية الحوار، وفي انسجام المودَّة عند الطرفين، وفي إصرار كل طرف منهما على التمسك بالآخر، وتجاوز أخطائه، وطلاء عيوبه باللون الأبيض!
ولا يمكن أن يتوقف الفعل، ورد الفعل.. ولا الأخذ والعطاء بين المرأة والرجل.
ذلك، لأن كلاً منهما يحتاج إلى الآخر، وإن أنكرا.. وكلاً منهما يكمل الآخر، وإن حاول طرف أن يستقل عن الطرف الآخر!
إذن.. مَنْ تراني سأخاطب اليوم؟!
أرغب في مخاطبة امرأة مقتنعة بالرجل!
لماذا؟!
لأننا في معايشتنا اليوم.. نلاحظ محاولة تمديد ظاهرة المرأة التي تعتقد بإمكانية استغنائها عن الرجل، وقدرتها على الاستقلالية!
ويقابل هذه الظاهرة الأنثوية، محاولة عبث الرجل باحتياجه الشديد للمرأة.. فإذا هو لا ينظر إليها، إلاّ نظرته إلى ((موظفة)).. تفتح له بيتاً، وتنجب له أطفالاً -خاصة بعد دخولنا إلى عصر الأنابيب!- وتكون مسؤولة عن تربية العدد الذي يريد من الأطفال الذين سيحملون اسمه.
ونكتشف أن هناك فاصلاً خطيراً -كرمح- قد كرَّس الغربة بينهما، وطوّح بالرابطة الأسرية، وبالوشيجة العاطفية الأعمق!
وكلاهما على خطأ.
وكلاهما يجحد فعل التكامل بينه وبين الآخر!
وكلاهما يعبث بقيمة ((التوحُّد بين ذكر وأنثى)).. في العلاقة التي تشكّل استقامة الحياة والإنتاج أيضاً!
* * *
ومنذ بضع سنوات قريبة.. نشرت صحيفة ((باري ماتش)) رسالة من زوج إلى مجتمعه.. قال فيها:
- ((إن زوجتي العزيزة أخذت تهمل الكثير مما أطلبه منها.. ذلك لأن عمر زواجنا قد تجاوز العشر سنوات، فهي قد ضمنت بقاءها بجانبي واحتياجي الشديد لها.. وهي لا تفتأ تردد دوماً على مسمعي: إن التعود قاهر))!
وأضاف ذلك الزوج يقول: ((لكني لا أستطيع أن أتصور.. كيف يكون البيت بدونها، وخالٍ منها، وهي في لحظات غضبها أو مللها تعتقد -بمبالغة ملحوظة!- أنها برحيلها عن البيت ستحيله إلى خراب! ولكني أعرف -كرجل- أن المرأة عندما تتعوّد، فإنها لا تطيق كسر هذا التعوّد، ولكنها تكابر، أو تتكبر))!
* * *
ولعلّ في هذه الصورة واقعية في الأمثلة الأعم.. إلى حد ما!
لكنَّ المرأة المجرّبة.. تعرف أن للرجل طاقة محددة، يكبت بها كل انفعالاته، وله جَلَدٌ أكثر منها.. غير أنه عندما يثور، يبدو عاطفياً، وتبدو المرأة نادمة!
وهذا صحيح أيضاً.. إذا ما طبقناه على الرجل المتمرس، ممن يسمونه: رجل الأربعينات، والخمسينات!
أما الشباب.. فإن أمرهم يكاد يصبح ظاهرة.. تتضخم في أبعادها وحجمها، وتطلق سؤالاً يقول بإلحاح:
- ما هي الأسباب التي تدفع شاباً في مقتبل العمر، وفي بقايا شهر العسل.. إلى التخلي عن عروسه وتطليقها، رغم أنه اختارها، أو على الأقل وافق على الاختيار له؟!
وتُطْلق الفتاة -المرأة سؤالاً موازياً.. أكثر معاناة وخسارة، فتقول:
- ولماذا أُضطر إلى نبذ رجل وافقت على أن أبدأ معه مشوار العمر، ثم ألحّ على تخليصي منه في الشهور الأولى.. رغم أن ((البنت)) بالذات يكون من الأصعب عليها أن تتخذ مثل هذا القرار؟!
ونسأل نحن، بعد مزج السؤالين:
- هل يُعْزَى ذلك إلى عدم تحمل المسؤولية الكاملة من الشاب، أو إلى استهتاره بمعنى وقيمة هذه الرابطة، أو إلى طموح الفتاة التي تجد شاباً أقل من مستواها في الوعي والنضج، وليس في المادة؟!
- وهل يُعْزى ذلك إلى اكتشاف الفتاة.. أن الشاب جامح، متعالٍ.. يرى نفسه أكبر من قيود الأسرة الحريرية، وفوق التساوي في المشاعر بين المرأة والرجل.. وإلى اكتشاف شاب متسلط ومليء بالعقد؟!
أم ترانا في عصر القلق، و ((المزاج)) الذي يتلوّن.. وفي غرور البطر بالمادة؟!
عدة أسئلة رمحية.. تتوسط كبد الحقائق، والحكايات التي تتوالى!
ونعرف أن المشكلة في كثير من المجتمعات التي تحدث فيها طفرة التنمية.. تشير إلى أن هذه الطفرة قد انعكست حتى على المشاعر، وأثّرت على النفسية، وأصبحت القسوة الحقيقية ممثلة في هذه النتيجة:
- إن ((البطر)) قد أثمر تسيُّباً ولا مبالاة، وأدى إلى إهدار مشاعر المرأة، وإلى توتر في تقييم المرأة لعلاقة الرجل معها!
ويأتي الأخطر في الحميمية بين الناس، داخل المجتمع، وهو:
- أن يكون ((البطر)) هو منتهى عواطف الناس، ومقياسها، ومحرِّكها!
وتلك المشكلة التي عرضها ذلك الزوج ونشرتها ((باري ماتش)).. كانت حكاية من بلد متحضّر، يعرف أن المرأة لا بد أنها تستحق الكثير من الرعاية والاهتمام!
غير أن المرأة أيضاً، عندما تتحوّل إلى مجرد زوجة فقط بوظائفها التقليدية، فإنها تسقط كل مشاعر الحنان والحب عن الرجل الذي يبدو ((طفلاً)) في مطلب العاطفة والتوحد مع المرأة.. ويبدو ديكتاتوراً في مطلب رغباته ومتغيراته النفسية في الاندفاع المادي بالحياة!
والرجل -في لحظات الهمس الداخلي مع نفسه وعواطفه- يبقى إنساناً وبشراً!
إنه لا ينسى الدعوة الرقيقة والتربوية في قول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: ((رفقاً بالقوارير)).. رغم أن ((القوارير)) حينما تجتمع، تحدث جلبة وضوضاء، وتتحوّل ((القوارير)) إلى عضوات في مجلس أمة لدولة نامية!!
وهناك حقيقة ثابتة عن ذلك ((الحلم)) الجميل للوفاق، وللتعايش، وللتكامل بين المرأة والرجل، ولنزع السلاح -حتى لو كان مقشة!- ولتحريم الأسلحة النووية بينهما، حتى لو كانت طلقات لسان.
تلك الحقيقة هي: أنه لا يقوم بيت على أسلوب الشَّد المستمر.. ولا يستمر بيت كأنه بحيرة عسل صافٍ، بل هناك مقولة العامة: ((الخصام بهارات الحياة الزوجية))!
أما المثل الإنجليزي فينصحك قائلاً:
- ((حذار أن ترفض لامرأتك نصيحتها الأولى.. وحذار أن تقبل نصيحتها الثانية))!
ولكنهم في القارة الهندية يطلبون من الزوجة شيئاً أثمن، ويشرحه الشاعر الهندي ((طاغور)) قائلاً:
- ((إن الزوجة الحقيقية هي التي تستطيع خلق الجمال في قلب الرجل، وإن لم تكن جميلة.. ينبغي أن تكون قادرة على الخلود، والإيحاء، والإبداع))!
وفي قبيلة ((تودا)) بالهند، تزحف العروس على يديها وركبتيها حتى تصل إلى عريسها، فيبادر العريس بوضع قدمه على رأس العروس في تلك اللحظة.. لتبدأ بعدها مهمة العروس، فتضع قدمها هي على رأسه طول العمر!
أما الحكمة ((العربية)).. فقد أطلقها رجل متزوج وسعيد، فقال:
- ((يجب على الرجل أن يتخيّر زوجته.. بحيث تكون صديقته لو كانت رجلاً))!!
* * *
وإذا أرادت المرأة أن تنال حقوقها التي تطلبها من الرجل.. فهي تأخذها عندما تصمت أكثر منه، وعندما تبكي، وعندما تغمض عينيها أمام وجه الرجل الذي تحبه!
ولكننا في استقراء متغيرات العصر التي ألمحنا إليها.. لا بد أن نتوقف أمام أشد ما نخشاه، وهو الخطر ((المستورد))!
فما هو هذا الخطر المستورد؟!
إنه: استرجال المرأة!
وعند هذا الخطر ينحرف هذان الكائنان اللذان يغرّبا الحياة عن المعنى القرآني المنظم للكون وللعلاقة الإنسانية: ((من ذكر وأنثى خلقهم))!
ولكنَّ ((فواجع)) العصر الحديث، وظواهره الغريبة، نجدهما في عجيبتين:
- الأولى: امرأة تُدعى ((أدرين)).. شوهدت ذات يوم في ((لونابارك)) بباريس، وقد غطت ذقنها وصدغيها لحية كثيفة.. وكانت تمشي مزهوّة!
- الأخرى: امرأة ألمانية.. ظهرت لها لحية أيضاً، قيل إن طولها بلغ ربع متر!
* * *
إن قيمة المرأة تتضح في أن تكون: أنثى، وصديقة، وناضجة، ومتوحدة مع مشاعر الرجل في عطائها الأنثوي.
أما إن فقدت الأنوثة لكثرة المطالب، وبنوع من الاسترجال.. فإنه لا سعادة بين الزوجين، إذ تتحوّل المودَّة والرحمة إلى ((ندادة)).. الخصومة فيها أو الخلاف، لا يذوبان مع الوقت، ولا بكلمة الحب، ولا بلمسة الحنان.. بل تصبح زمناً تعيساً!
أما أن نُحمِّل المرأة كل الخطأ، في كل الوجوه.. فذلك خطأ أكبر!
فالخطأ -أيضاً- كثيراً ما يكون على الرجل.. حين يسرف في الجري وراء اعتبار المرأة متعة، أو وظيفة، أو احتياجاً لدور محدد!.. فيفقد بذلك الاطمئنان والمودة والرحمة!
فالمرأة -إذن- هي شهرة الحب!
وكل امرأة.. لا بد أن تكون مشهورة، بكل التفوق الذي تؤديه وهي تنسج الحياة.
ويكفي المرأة شهرة لا تُضاهى.. أن تكون: الأم!
ويكفيها أن تكون الرفيقة التي تمنح رجلها حباً مضاعفاً من أنوثتها وأمومتها!
ويكفيها -في كل التواد- أن تكون الطاقة الحقيقية التي تجري بها الخفقات وتبوح!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :626  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 107 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .