شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ حامد مطاوع ))
- السلام على الضيف وعلى المضيف. وعليكم ورحمة الله السلام.
 
لقد تعودنا عندما نسأل عن شخص أن نعرفه، فإذا كانت المعرفة عميقةً وكبيرةً وعظيمةً فإن الجواب يكون أعرفه وأعرف أبوه..
 
إنني أعرف الدكتور زهير وأعرف أباه رحمه الله الأستاذ أحمد السباعي، لقد عرفت الدكتور منذ أن كنا ندرس الضرب على الآلة الكاتبة في بيت الزبير بقاعة الشفا بمكة المكرمة، وهذا الموقع يعرفه المكّيّون إن كان هنا كثير منهم، لأن الموقع هذا قد ذهب في التوسعة بعد الحريق الذي أصاب تلك المنطقة، وعرفته في أمريكا عندما كان يتلقى العلم وعرفته بعد أن عاد وأصبح يقدم البرنامج الصحي في التلفزيون، ومن خلال كل تلك المعرفة أستطيع أن أقول عنه إنه النبيل الوفي وهاتان الصفتان على قائمة الصفات الوضاءة التي تتلألأ على هامات الرجال، وعرفت أباه رحمه الله من وقت مبكر عندما كنت تلميذاً في المرحلة الابتدائية فقد كان مؤلفاً للمطالعة، والمطالعة في ذلك الوقت كانت تحتوي على تربية وعلى نصائح وعلى غرس الوطنية والانتماء إلى الأرض، وأذكر وهذا من محفوظات خمسين سنة أو ما قبل ذلك كان في كتاب المطالعة أبيات خفيفة كنا نحفظها ومنها:
وطني بلبانك غذيت
وبظل سمائك ربيت
فعصامي زمزم والبيت
وجزيرة أبناء العرب
وطني يا مهد أمانينا
فإليك مددنا أيدينا
فانهض والشرق ينادينا
لا نهضة إلا بالعرب
 
ولا أكتمكم في ذلك الوقت كنا صغاراً لا نفقه كثيراً هذه المعاني، ولكن أستاذ المطالعة كان الأستاذ عبد الله خوجه يرحمه الله، والأستاذ عبد المقصود يعرفه، كان هذا من رجال التربية وله سابقة لعل الكثير لا يذكرونها، وهي أول من أسس مدرسة لمحو الأمية وكانت في ذلك الوقت تسمى مدرسة النجاح الليلة، كان الأستاذ عبد الله خوجه هو أستاذ المطالعة وكان يفسر لنا هذه المعاني، ما معنى نهضة وما معنى الوطن وما معنى الانتماء إليه في ذلك الوقت منذ صِغَرِنا كنا نعرف ما هو الوطن وكيف ننغرس فيه وفي ترابه لنصبح عناصر مخلصة لبلادنا، نعمل من أجل خيرها وندافع عن سمعتها وننغرس فيها إلى الأعماق، وكان من ذلك الوقت المبكر يتحدث لنا عن التماسك العربي، وأن للعرب تاريخاً مجيداً في تقدم الحضارة الإنسانية، كان ذلك بأسلوب مبسط يتلاءم مع عقولنا الصغيرة لنستطيع أن نستوعب هذه المعاني في تلك السن المبكرة، وفي كتاب المطالعة أيضاً كان الأستاذ السباعي رحمه الله من ذاك الوقت يحرص على المسرحيات، وكانت مسرحية تمثل العلم والجهل والغنى والفقر وعدم البطر والاعتراف بفضل الله وشكره على نعمه، وأذكر تلك المسرحية كانت تبدأ بأحد أبناء الأغنياء يضرب زميله وكان من أبناء الفقراء، فيشتكي إلى الأستاذ أن أخاه ضربه، فيعاقبه ولكن ابن الغني يستكبر ذلك العقاب ويترك المدرسة وتمشي الأيام، وإذا بابن الفقير يصبح من رجال الأمن يأتوه بابن الغني متلبساً بجريمة سرقة فيتذكر موقفه معه عندما كانا في المدرسة فيسأله موبخاً أو ساخراً فيقول له لم يا ابن الغني؟ فيجيب ذلك لأني غبي تركت المدرسة والتحقت بأبي غرني المال الكثير..
وكنا نتقاسم الأدوار كما يقولون وكانت مهمتي النطق بالحكم، وهي جملة واحدة أقولها لابن الغني السارق: أنت محبوس شهراً وبمجرد أن أنتهي من هذه الكلمات، يردد الزملاء في الفصل هذه عقبى من بطر، هذه عقبى من جهل، ولكن بصوت مجلجل يسمعه كل من في المسعى ويسألون ماذا حصل في المدرسة؟ فيجيبون إنهم يمثلون.. أو يدرسون تمثيلية.
كان كتاب المطالعة في ذلك الوقت يعتبر من الكتب التي يمكن أن يطلق عليها (سفر في التربية وفي غرس الوطنية وفي تعويد النشء على الانتماء الوطني) ولا أحب أن أسترسل كثيراً في هذا المجال..
وأترككم في رعاية الله، ويكفي أن أقول إننا نحتفي الليلة بالنبيل الوفي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :659  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 187
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.