-21- |
المكان: عش الزوجية.
|
الزمان: نهاية
((
العشرين
))
.
|
الصوت: زوجي!
|
الرؤية: شاسعة -ضيقة!
|
* * * |
- قالت له: لقد مر عام على اقتراننا معاً. ولكنني بعد هذا العام.. |
- قال يحرك صمتها الفجائي: وماذا أنت بعد هذا العام.. هل مللت مني؟! |
- قالت: لا أقصد هذا.. فأنا أحبك، فكيف أمل منك.. ولكنني أقصد.. |
- قال: إذن ضمنت الأهم.. أنك ما زلت تحبينني.. فما هي المشكلة؟ |
- قالت: أحس بالاختناق! |
- قال: وأنت تحبينني.. تحسين بالاختناق؟! |
- قالت: لماذا تترصد كلماتي؟ |
- قال: خوفاً على حبنا، وقلقاً على نتيجة تجربة الاقتران بعد مرور عام! |
- قالت: بل إن إحساسي بالاختناق يتكثف وأنا بين جدران هذه الشقة. |
- قال: أهلاً: هل تريدين قصراً منيعاً، وحدائق غناء؟! |
- قالت: لا تهزأ بأحلامي أرجوك.. وإلاّ فسوف أتهمك بأنك لا تحبني! |
- قال: طبعاً.. فهذه التهمة أصبحت شائعة هذه الأيام! |
- قالت: بل الصعب يا حبيبي أن يثبت الإنسان الحب للآخرين! |
- قال: حسناً.. وبماذا تحلمين، كبديل عن الشقة الصغيرة هذه؟! |
- قالت: أحلم بمكان واسع.. بفيلا من دور واحد ولكنه ممتد، يحتوي على غرف كبيرة، وحديقة، وحمام سباحة، وأعشاش لتربية الحمام. |
- قال: ولا بد أن تضيفي إلى ذلك كله أيضاً.. سيارة فخمة بدلاً من هذه اليابانية القديمة، وحبذا لو كانت لنا طائرة صغيرة، هليكوبتر.. تنقلك إلى بيت أمك أو صديقاتك، من السطوح إلى السطوح! |
- قالت: ها قد عدت للسخرية.. ألا تفهمني؟ وهل يحرم على الإنسان أن يحلم؟! |
- قال: بالعكس.. الحلم جميل، ولكن.. احلمي في حدود ما يمكن! |
- قالت: ولماذا لا نحلم في حدود ما نستطيع.. فلو أردنا، لأمكن لنا أن نحقق الحلم! |
- قال: لكننا في بداية حياتنا.. وأحلامك تأتي في وقت مبكر جداً وستكلفنا ثمناً باهظاً، وعليك أن تحمدي الله على سكن مريح، وشقة حلوة يرفرف عليها الحب! |
- قالت: حب؟! |
- قال: نعم.. حب!.. هل تهزئين من الحب.. نسيته؟! |
- قالت: لا أسخر، ولم أنس.. ولكننا دخلنا مرحلة الحياة العملية، والحب وحده لا يؤكل عيشاً، والخيال وحده لا يحقق الأماني! |
- قال: الله.. إذن فسوف نتحدث عن الحياة المسطرة! |
- قالت مغتاظة: أية مسطرة تعني؟! |
- قال: أن نقيس العمر بالمسطرة، ونحسبه بالآلة والأرقام! |
- قالت متوترة: لن تنال مني بسخريتك، وأنا أصر على رأيي! |
- قال: خلاص.. استمري في إصرارك.. وتزوّدي بالتقوى، و.. |
- قالت تقاطعه: يا حبيبي.. يا سيدي أنا، لا تخف.. ميزانيتنا لن تضطرب! |
- قال: مدهش.. فكيف بك ذلك؟! |
- قالت: سأعمل بشهادتي.. فهل لديك مانع؟ |
- قال: ها.. هنا بيت وفيلا القصيد! |
- قالت: أرجوك لا تمزح.. إنني أتكلم بكل جد! |
- قال: حسناً.. وما مقدار ما تحصلين عليه من مرتب شهري؟! |
- قالت: أيوه كده.. أفصح، أبن! |
- قال: أفصحت وأبنت.. لا أريد فلوسك، ولكني أتطلع إلى راحتك، وإلى راحة ابننا الأول، والسادس عشر في أسرتنا.. وأريد أن أسعد بهذا البيت الذي تجلسين فيه ((أميرة حبي أنا))! |
- قالت: دخلنا في لغة الأفلام؟! |
- قال: لا أقصد التصوير أو الأفلام.. أقصد الحب، وهدوء الأعصاب. |
- قالت: كأنك بذلك تشعرني أنك ضد عمل المرأة؟! |
- قال: لست ضد العمل، صدقيني.. ولكنني ضد ما هو فوق الطاقة وعدم القدرة! |
- قالت: طاقتي هائلة، وقدراتي بلا حدود. |
- قال: يا سيدتي المتحمسة.. أعرف طاقتك وقدراتك، ولكني أحسب للظروف والمستجدات الحياتية القادمة. |
- قالت: ولكن مرتبك وحدك لا يحقق أحلامنا.. فإذا تحصلنا على مرتبين.. نستطيع أن ندخر واحداً منهما! |
- قال: وأنا رأيي أن نلحم في حدود استطاعتنا، ولو عملت فسوف أفقدك، فمرة تكونين مشغولة بعملك، ومرة أخرى تكونين متعبة من عملك.. وسيأتي عملك معك إلى البيت.. فالمرأة تريد الآن أن تثبت أنها تضاهي الرجل، بل وأصلب منه.. ولا أدري لماذا؟! |
- قالت: أنت تريد الحب فقط، وتضرب في أحلام يشيع الخيال فيها أكثر من الحقيقة والواقع! |
- قال: بل أريد أن يشيع الحب والاستقرار في أجواء بيت الزوجية! |
- قالت: الحب؟.. إنه يشردنا بعد ذلك في العوز! |
- قال مندهشاً: هل أصبحت نظرتك إلى الحب بهذا التجسيد البشع؟! |
- قالت: بل بمنطق الواقع، والاحتياج، والطموحات. |
- قال: ولكننا لا نعاني من العوز والحمد لله.. حياتنا مستورة، وليس في هذا البيت سواك وأنا، وطفل سيملأ حياتنا بهجة عند قدومه.. أفلا تكفينا هذه الحجرات الثلاث التي نملأها بالحب والأمان والاستقرار؟! |
- قالت: إنني أنظر إلى المستقبل! |
- قال: والمستقبل أنا كفيل به، ومسؤول عن سعادتك. |
- قالت: ولماذا أنت وحدك؟ إنك تكلمني بصوت وبمنطق أبيك وجدك، وأبي وجدي، والعصر قد تغير، ولا بد أن أشاركك المسؤولية! |
- قال: لا أدري.. لماذا تركضين نحو التعب.. ألا تقدرين تعبك، ومسئوليتك العظيمة لبناء أسرة، والمحافظة على روح المحبة في البيت؟.. إنها مسؤولية سامية ومرهقة في نفس الوقت.. وأنا حريص على راحتك، فلو عملت فلن أجد في وقتك ما يتسع لي، ولبحثي عن الاستقرار، والدفء بجانبك! |
- قالت: أستطيع أن أنظم وقتي.. ولن أدعك تخسر حناني أيها الطفل الكبير المراهق! |
- قال: الرجل طفل في بحثه عن الحب والاستقرار والدفء مع الأنثى التي يحبها ويركن معها إلى الحب! |
- قالت: ولكن حبك لي لا يسمح لك أن تحرمني من طموحاتي وقدراتي! |
- قال: ولكن.. ألم تقرئي هذه العبارة الدالة: ((الحب هو مدرسة المرأة التي تتعلم فيها ما يتعلمه الرجل بالدرس والاختبار وطول التفكير))؟! |
- قالت: لا.. ولكني قرأت عن امرأة كانت تقود سيارتها، وكادت أن ترتكب مخالفة، وتسببت في عرقلة السير.. وكان رجل يحاذيها بسيارته، فمد رأسه من باب سيارته وصاح بها: سيدتي.. من أعطاك رخصة القيادة؟! فأجابته: أنت.. أنت! |
- قال: تقصدين أن الرجل هو الذي يعلم المرأة القيادة؟! |
- قالت: أقصد أنه يعلمها التهور.. وحديثي السابق كان عن حفظ التوازن! |
- قال: هكذا إذن.. أفصحت عن نواياك ومخاوفك مني! |
- قالت: بل يهمني طفلنا القادم، وما بعده.. ليشب أطفالنا بدون عوز! |
- قال: بمعنى أنني لا أهمك.. بل يهمك طفلك؟! |
- قالت: ولماذا تصعد الأمور إلى سوء الظن؟ |
- قال: المرأة التي تقول لزوجها.. أنت لا تهمني، هي امرأة أنانية لا تعرف الحب! |
- قالت: وأنت تريدني خادمة في بيتك.. تستعمرني، وتستنزف شبابي ونضارتي! |
- قال: بل أردت أن أحقق الوحدة معك.. نصبح كياناً واحداً، وفكرة واحدة، ونبضة واحدة، ولا يتم ذلك بأن أوافق أن ترهقي نفسك، وتستنزفي قدراتك، فأفقد اهتمامك بي داخل البيت! |
- قالت: هذا خيال، وأنانية منك.. فالحياة مادة قبل أن تكون عاطفة.. والعاطفة وحدها بدون التأمين المادي لا تعمر طويلاً، والتأمين هو.. |
- قال يقاطعها: كفاك ما نضحت.. خذي حياتك معك، وعيشيها بمادياتك.. أما أنا، فغني بالعاطفة، ولن أخسر نفسي من أجل أفكارك المادية! |
- قالت: وطفلك الذي في أحشائي؟! |
- قال: إذا لم يستطع أن يدافع عن نفسه في أعماقك.. فهو ضعيف لا يستحق! |
* * * |
|