شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-1-
صديقي:
طابت حياتك. ها أنت تراني أبعث إليك برسالتي الأولى من وادي الجن الأصفر، خلف التلال الفاصلة بين قريتنا وما يلتوي وراءها من شعوب، وسوف لا يمنعني من الاستمرار في الرسائل إليك مانع ما استمر صديقي (طفوان) ناشطاً في قيامه بمهمة البريد بيني وبينك، وما دمت تكلّف نفسك في صباح كل يوم بتسلّم رسالتي من بيت الدجاج تحت النافذة الشرقية، وليس من شأني يمنعك من الكتابة إليّ كلما عنَّ لك ذلك، على أن تودع ما تكتب بيت الدجاج مغلفاً بدقيق الأرز. لأنهم هنا يكرهون رائحة الصمغ، وأن يكون معنوناً باسمي واسم جدتي لأمي.
وبعد: أفتحسبني خطفت. وأن الخطف تمَّ بالمعنى المحدود الذي يتبادر إلى الذهن؟؟.
الواقع أن شيئاً من هذا لم يحدث، وأن المسألة لم تزد عن استهواء يحذقه حِسان الجن. شعرتُ في بدايته أنني أميل إلى العزلة عن الإنس، والانفراد بأرواح ما كنت لأستطيع أن أكيّفها. وأن الحال لم يَدُمْ على ذلك طويلاً حتى رأيتني أتكشَّف هذه الأرواح غير المنظورة وأتبيَّنها، ويستهويني أن أترسَّم خطاها في مهاوي الوديان وبين أغوارها السحيقة.
ودرجت الأيام بي، أو درجتُ بها في مواطنهم. وأنا أهنأُ ما أكون بعشرتهم، والإقامة بينهم، وأحسبني سأطيل المكوث حتى تنزع نفسي إلى موطني الأول فأعود إلى بيتي على غير موعد مرتقب.
فاطمئن يا صديقي، وحاول أن تُطمئن والدتي، وأن تعلِّمها كيف تسخو بابنها للهناءة الروحية التي يتمتع بها؛ ولا تنسَ بأن تُقبِّل عني ما بين عينيها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :691  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.