شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-34-
ما أكثر الذين يلعنون المال، ويجدفون على أصحابه، ويضيفون إليهم أكبر الرزايا، ويتهمونهم بكثير من السيئات.. ولا أعرف المال رذيلة أو سيئة إلاَّ أن تكون سوء التدبير.
وسوء التدبير ليس وقفاً على الثراء والغنى.. بل هو مشكلة الحياة في غناها، أو فقرها وقلة أدواتها بين مختلف الطبقات.
أيُقال تعليقاً على هذا: ليس لمجنون رأي؟؟ أم نصيخ السمع إلى كل قائل، ونلتقط الحكمة أنّى وجدناها؟
إن للمال من المزايا ما يهيئ المتموّلين للشرف.. فأنت ربما أمنت جارك البعيد الغني على مائة ريال تحفظها في بيته أكثر ممّا تأمن جارك القريب الفقير على جزء منها، لا لأن طبقات الفقراء متهمة في أمانتها، وما يمتاز من خصالها.. ولكنهم محتاجون في الأعم الغالب! وليس كالحاجة شيء يغري بنسيان المبادىء! ويدفع إلى اقتحام الصعاب.
وأنت تستطيع أن تستفيد مادياً لمشاريع بلادك ومنافعها من طبقات المتموّلين أكثر ممّا تستفيد من طبقات الفقراء.. ذلك لأن قيمة الريال عند الأولين مهما ضنوا! لا تبلغ قيمته عند الآخرين مهما تغالوا في السخاء!!
وأنت تستطيع أن تبني آمالك في نهضة البلاد وتصنيعها وتأسيس البيوت العاملة فيها على ثراء الموسرين مهما كانوا ممسكين، ولا تستطيع أن تبني لبنة واحدة في بيئة معدمة، أو محيط فقير.
ما أروع الثراء يمشي شامخ الرأس في حدائق بلادك، وما أهون الفقر يتسكع ذليلاً بين حاراتها الضيقة وأزقتها القذرة.
إذا كان للثراء مساوئه المحدودة بأشخاص ينسون واجبهم لبلادهم، أو يجهلون بعض حقوق مواطنيهم عليهم.. فإن مساوىء الفقر تغذي الوليد مع لبان أمه شر ما يتغذى به طفل، وتهيئه من نعومة أظفاره لأشنع ما يهيىء الحرمان من حقد وكراهية وانحلال.
حاول الغنى ما وجدت إلى الغنى سبيله المستقيم! وإذا أخطأت الاستعانة مرة دون أن تجعل الخطأ ديدناً.. فثق أن في الغنى مدىً واسعاً لتكفير الأخطاء وإصلاح سيئاتها.
حاول الغنى! وثق أن القناعة لا ترادف الفقر المطلق الذي يسيء إلى قيمتك الاجتماعية.. إنما هي كنز يغني عن جشع المتهالكين في غير شرف، ويبرر لك التكسب الذي يحفظ مركزك لائقاً بين العاملين في حقول الحياة.
حاول الغنى! لتكون عزيزاً بما نالت يداك، قوياً بما توافر لديك من ذخيرة الحياة، سعيداً بما تهيأ لك من استعداد تستطيع أن تخوض به غمار المحسنين، وتسابقهم فيه إلى الأهداف السامية والأماني البعيدة.
حاول الغنى! وحذارِ أن تقنع بالفقر فتسيء إلى أنبل عاطفة يهمس بها وجدانك، وتعرض نفسك لضعة الحرمان ومشكلاته الخطرة.
اخطُ اليوم خطواتك الأولى نحو الجد المثمر، وحاول أن تقتل الفقر، فقد قال غيرك من قبلك: لو كان الفقر رجلاً لقتلته.
اخطُ اليوم خطواتك الأولى في نشاط لا تعرقله العقبات، ولا تثبط همته المشكلات، وإذا استطعت أن تعلنها على الفقر حرباً عواناً في كل بيت بجوارك، أو أسرة تمت إليك، أو بيئة تتصل بك.. فسيكون لك فضل القائد وشهامة أصحاب المروءة..
اخطُ اليوم خطواتك الأولى.. ولا تنسَ إذا تربعت غداً في دست ثرائك أن تذكر جميلي كمجنون يصف الدواء وهو عليل!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :399  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج