شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-5-
ما أجمع الناس قط على امتداح شاب كما أجمعوا على امتداح الأخ ((ج)).
كان معروفاً بالتواضع والأدب، وكانت غيرته على الضعفاء من أصحاب الحقوق ونزاهته في معالجة قضاياهم لا تعدلهما غيرة أو نزاهة فيما عرف بين صفوف العاملين في مواكب الحياة.
وإني لأذكر الآن ذلك اليوم الذي تلقى الناس فيه مرسوم تعيينه في وظيفته العالية بالغبطة والسرور، وراح بعضهم يهنىء البعض الآخر بهذا التوفيق الذي أحرزته النزاهة، وظفر به أصحاب الحق من المغمورين في شخص هذا الرجل العظيم.
كل هذا أذكره، ولا أتمنى اليوم شيئاً إلاَّ أن أنساه.. لأنسى آلام الخيبة التي منى الناس بها في شخصه العالي وأخلاقه الرفيعة.
بدأ الأخ ((ج)) عمله الجديد بالروح الطيبة التي تليق بما كان معروفاً عنه.. ولكنه ما كاد يفرغ من خطواته الأولى حتى بدأ الناس يتهامسون بالقصص التي أمسى الرجل ينكر فيها المبادىء. وتناقلوا عنه أنه بات يشغل الكثير من وقته في التماس العطايا التي يدرها عليه استجداء الكبار.. فالتمس له المحبون، وهم كثر، آلاف الأعذار، وقالوا إنها لوثة الغنى ولا بد ممّا ليس منه بد!!
وتتابعت خطواته التالية، فتسامع الناس أنه انطلق يصطفي المنسوبين والمحسوبين.. فيبرهم ويعينهم، فالتمس المحبون آلاف الأعذار، وقالوا إنها من مستلزمات العظمة ولا بد ممّا ليس منه بد!!
وانطلقت الخطوات بعدها، فتسامع الناس أن غيرته انحبست إلاَّ على الأذناب، والمقربين، وأن نزاهته انطفأت إلاَّ في هوى جامح أو غرض واضح.. فخجل المحبّون وتركوا رؤوسهم تميل يمنة أو يسرة دون أن تجيب أو تفصح.
وتداول الناس على أثر هذا سيرته بآلاف القصص التي تدلل على سيئات ما يقترف، أمّا أنا.. أنا المجنون فلا أزال في مكاني أدرس الفكرة في مظانها الأساسية.
أكان مهذباً متواضعاً قبل أن يتكبر اليوم على أوضاع التهذيب؟؟
أكان غيوراً نزيهاً قبل أن يتغير اليوم على أشراط النزاهة؟؟
أكان عادلاً من أنصار الحق قبل أن يعدل اليوم عن مناصرة الحق؟
أكان قوياً متين الأخلاق قبل أن يمتحنه المركز أم كان قصير الذيل؟؟
أكان معدنه أصيلاً أم هو الزيف غشي سمعته بألوان من الطلاء قبل أن يتعرض الطلاء لاختبار الحك وأعمال التجارب؟؟ إنها دراسات تغمض على أمثالي من المجانين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :336  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.