(( كلمة الشاعر يحيى السماوي ))
|
- بسم الله الرحمن الرحيم، بعد الصلاة والسلام على أشرف الخلق والأنبياء الصادق الأمين محمد وعلى آله وصحبه.. السلام عليكم أيها الأحبة: |
في زمن يمشي بالمقلوب، زمن توضع فيه القبعة في القدمين، وحيناً الخف على الرأس، زمن ما عدت أُميز فيه بين الخف والعمامة، في مثل هذا الزمن كان على المرء في كثير من الأحيان أن يتدلى من قدميه مثل وطواط أو أن يقف على يديه كي يبصر العالم والأشياء.. |
الأشياء التي فقدت عذريتها في ظل الخوذة والدبابة والسوط والمشنقة وانحسار المئذنة التي أضحت تراتيلها محرمة كالعملةِ المزورة.. |
أحسب أن الضباب كان سيملأ الأحداق وأن الصدأ سيغسل وجوه المرايا فما يعود للأشياءِ بريقها، لولا أن جنوداً شرفاء للحقيقة ظلوا متماسكين تماماً مثلما يتماسك العطر بالوردةِ، هؤلاء كان لهم الفضل في ملء حياتنا بالزهور، زهور الحقيقة أعني، التي أراد لها المارقون أن تغرس في وحل الخطيئة أو أن ترضع من ثدي التدجين، من هؤلاء كما أعرف أيها الأحبة الأستاذ (نبيل خوري) حين شهر غصن زيتون وحبة زعتر، فحارب الضلال الفكري والسياسي والعهُر الأيدولوجي، وأحسبه قد انتصر أو إن الحقيقة قد انتصرت له.. |
لعلكم تعلمون أيها الأحبة بأن قاموساً ضخماً من الأسماءِ العاملة في مجال الحرف قد أسهموا في صنع نيرون بغداد، إن قاموساً ضخماً من الإعلاميين والصحفيين قد صنعوا إمبراطور القصر الجمهوري في بغداد، هذه الأسماء كانت تتساقط في صحون العسل المر التي وضعتها وزارة إعلام بغداد على المائدة الصحفية العربية، لكن الأستاذ نبيل وتلك فضيلته الأولى عليَّ وسواي ممن اضطهدوا لم يجعل من القنبلة برتقالة، ومن الجريمة رحمةً فلم يبع أوراقه وأقلامه في وقت باع فيه الكثيرون أناملهم وضمائرهم، ولعله كان من بين أول الذين صرخوا في وجه البربرية العراقية والوثنية الجديدة في بغداد، والذي لا لبس فيه هو أن همسة الإيمان كانت وستبقى أقوى من دوي القنابل وأزيز الطلقات المخاتلة.. |
أو هذا ما أثبته الأستاذ نبيل خوري حين إنتصر لأكواخ فلاحي الأهوار في الجنوب وبيادر فلاحي كردستان، لا لرخام القصر الجمهوري ببغداد أو الشيكات المصرفية لوزارة إعلام جمهورية المشانق العراقية.. |
قد لا أملك الحق في أن أستعير حناجر الآخرين بيد أن لي الحق كله في أن أستعير آخر صرخة أطلقتها مريم الناعم تلك القروية التي لم تتبرج والتي كانت تحمل لنا بالخطوط الأولى من القتال البيض المسلوق والخبز، تلك التي زفت إلى عريسها الشهادة يوم فجرت دبابة، ولكن أشاوس بغداد حفروا بطنها بالحراب ومن ثم بلطوا بها الشارع، آنذاك لم يبق من مريم الناعم غير صرخة كانت وستبقى أكثر ثباتاً في ذاكرتي من أصابعي في راحة يدي، ولربما ستبقى أكثر ثباتاً في الوجدان العراقي من ثبات دجلة والفرات.. |
آنذاك أطلقت آخر صرخة فقالت: الله اكبر.. يومها انتزعنا من صرفة دبابة بعضاً من عباءتها السوداء مثل ليل العراق وفي ركن منسي كتبنا: هنا ترقد عباءة مريم الناعم.. أستعير صرخة مريم.. الله اكبر.. |
وأقول: باسم مريم الناعم، وباسم عباءتها المدفونة في السماوة.. أقول: أشكر نبيل خوري.. وأقول: طوبى للكلمة الخيرة وللحرف الوضيء وطوبى لهما بك يا أبن القدس فكما أن فلسطين من غير القدس ليست فلسطيناً فإن الصحافة من غير الحقيقة ليست صحافة. |
شكراً لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
- للأديب الصحفي الأستاذ علي العمير كلمة وقد أرسلها لنا تقرأ نيابةً عنه، فأرجو أن يسمح لنا إن لم تكن بنفس الشعور الذي سيقوله: |
الشيخ عبد المقصود خوجه: أستاذنا الكبير المطاوع كما تعلمون كان دائماً يوقع مقالاته البلدية الجميلة تحت اسم (ابن حسن)، فهي للتوضيح.. ترا يا أستاذ عمير نحن تركنا كلمتك للأخير باعتبار الحلو للآخر. |
|
|