(( كلمة الأستاذ مصطفى عطار ))
|
ونختتم هذه الكلمات الجميلة بكلمة لسعادة المربي الفاضل الأستاذ مصطفى عطار: |
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
أيها الإخوة الأحبة: |
رجوت أخي وحبيبي الأستاذ عبد المقصود خوجه، أن يحاول أن يقدم كلمتي خطوات، أو سطوراً. لأن كثيراً من الأفكار التي قد يكتبها الأول تحرق كثيراً من الأفكار والوقائع التي يكتبها الآخر، التي يريد أن يكتبها أو يزورها في فكره، لكنه يريد أن يقدم الضيوف الذين قدموا من خارج جدة، والذين هم ألصق بالضيف، ليحدثونا عن أمور قد لا نعلمها نحن كثيراً عنه، ومن أجل هذا احتج الدكتور محمد مريسي الحارثي بأنا كنا نود أن يُفَصِّل الإخوة الضيوف لكنهم أيضاً راعوا أن هناك أناساً من هذه المدينة الجميلة ولا أقول المنطقة، يريدون أن يتحدثوا عن الضيف، وهم كما يقال: إن كل فتاة بأبيها معجبة، وحيث إنه لم يحصل أن حقق لي رغبتي الأستاذ عبد المقصود فإنني "قد أتبحبح شوية" ولو أن هذا قد يعكر عليه قليلاً. |
أولاً إنه لا يريد أن نتحدث عن الاثنينية وعن صاحبها، وقد يعتبرها من الحديث المكرر، أو الذي لا لزوم له، وكما يقول المعلمون وعلَّمونا - أدخل في الموضوع- لكنني في هذه الليلة أريد كما أنه لم يقدمني أسطر أن أتوسع في السطور، كما نقول نحن عُدنا والعودُ أحمد. |
عادت (الاثنينية) بألقها المشرق، عادت (الاثنينية) بعطائها العظيم، عطائها ووفائها المتفرد لتاريخ هذه البلاد، وتاريخ الحركة الأدبية والثقافية والصحفية فيها، من خلال تكريم الرواد ليس في مملكتنا فحسب، وليس في منطقة الحجاز إنما في مناطق المملكة والدول العربية والإسلامية، هذه (الاثنينية) ليست جديدةً على عبد المقصود، إنها في فكره وفي دمه، لأن والده العظيم الشيخ محمد سعيد خوجه كان ديدنه هذا الكلام إذا جاء أديب من خارج مكة أسرع هو وزملاؤه من أمثال معالي الشيخ عبد الله بلخير ليدعوه ويستضيفوه ليتحدث إلى أدباء وعلماء المملكة، وخاصة في مكة المكرمة، وكان يحدث هذا كثيراً في أوقات الحج، وهو أيضاً إعلامي بارز مفكر وصحفي، وحينما فكَّر في أن يقوم بهذا العمل العظيم، فهو ليس غريباً عليه، وتصوروا أن (الاثنينية) الآن الذي طبع والذي سَيُسلَّم قريباً للناس، اثنا عشر مجلداً، حوى تاريخاً حياً سجله الرواد وصانعو الأحداث، وكلها طبَّقت أو استعملت التقنية الحديثة صورةً وصوتاً. |
وحينما تركنا الصالون ونحن قادمون إلى هنا، تحدثت مع أخي الدكتور محمد مريسي الحارثي عن الاثنينية وعطائها، فماذا كان تعليقه قال: الاثنينية تمثل جانباً هاماً من حياتنا الفكرية لأنها جمعت أفكار وسير وتراجم النخبة من أبناء العروبة والإسلام. قلت له: يا سيدي إنني أريد أن أعيد إليك الكرة في ملعبك، وأنت أستاذ جامعي وتشرف على كثير من الطلاب يُحضِّرون الرسائل الجامعية، فلماذا لا تأخذون أنتم يا أساتذة الجامعة، وأنا أرى أمامي مجموعةً منهم خاصةً أساتذة جامعة الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى لئلا يقولوا إننا نتحيز لجامعتنا مع أنه نحن أبناء هذه المنطقة وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة أم القرى، كلها معاهد عليا ننتسب إليها، هذه مجلدات الاثنينية وأبطالها ممكن أنتم أن تقوموا بهذا العمل الذي نقترحه، هذا عن الاثنينية وعن صاحبها.. |
نأتي إلى الضيف العظيم الذي عرفته معرفةً ليست معرفةً عميقةً، لأننا التقينا في المنطقة الشرقية في الحفلات التي تقيمها المنطقة بمناسبات كثيرة، منها جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي، وبداية صلتي به وكنا بعد أن تنتهي البرامج نجلس سويا فَخَرَجَتْ منه كلمةٌ يقول إنه وجد في الحراج، الحراج هذا قد بعض الإخوان لا يفهم إيه الحراج، الحراج هذا الأشياء المستعملة تباع فيه، وجد كرتون مجلدات مجلة الكتاب المصري، هذه مجلة الكتاب كانت تصدر في الأربعينيات في مصر، فاشتراها بمبلغ زهيد جداً مبلغ أربعين ريالاً، فقلت له يا أخي أنت تستحوذ على هذا الكنز لوحدك؟ فماذا كانت النتيجة؟ قبل أن تنتهي أيام الحفل فإذا موظفو الفندق يخبرونني بأن لك كرتوناً لم يستطع أن يحمله عاملان من عمال الفندق، فماذا وجدت في الكرتون عندما وصلت إلى جدة؟ وجدت مجموعة الكتاب الذي اشتراه، هذه ثروة علمية، من رجل عالم جليل ومفكر، ويبحث ويقتنص ويتعذب، وهو يشكو من هؤلاء الذين يبيعون الكتب في سوق الحراج، ولا يعلمون قيمتها العلمية ولا كذا، وماذا وجدت أيضاً؟ وجدت عشرة مجلدات تحوي مجلة صوت الكويت، هذه صادرة عام 71، وصوت البحرين ومجلة البيان، عشرة مجلدات ضخام، وماذا أيضاً، وأنا أقرأ عندما علمت أن الأستاذ عبد المقصود خوجه يريد أن يكرِّم الأستاذ عبد الله الشباط، هذا العمل الذي عمله معي عمله أيضاً قبل سنوات مع الأستاذ عثمان حافظ، عندما بدأ يعد كتاب (تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية)، كتب يقول: إنني كتبت للأستاذ عبد الله شباط أسأله عن صحيفة الخليج العربي، فما كان من عبد الله شباط، إلا أن يبعث إليه بالأعداد الموجودة لديه، سواءٌ كانت من المجلة وهي أولاً صدرت مجلةً، وكان لا بد أقول هذا الكلام أولاً، ولكن سبقني لساني، مجلة الخليج صدرت بعد أن توقفت، ولم يسكت في أول العام إلى آخر العام أصدر صحيفة الخليج العربي، وما كانت هناك، فهذه الأعداد أتصور التي كانت موجودةً عنده، ولم يبق عدد هذا ما يقوله السيد عثمان حافظ عن هذا الرجل العظيم الوفي، بعث إلي هذه الأعداد، ونحن إذا طلبنا أي إنسان كتاب نتحرج كثيراً، ونحمد الله أن الآن التقنية الحديثة أعطتنا مكائن التصوير نصوره له كما يفعل أستاذنا عبد المقصود حتى لا "نمشكله" ونشغله فوق ما هو مشغول، المهم هذه بعض جوانب أخلاقيات الأستاذ عبد الله شباط. |
عبد الله شباط عندما أصدر الصحيفة هذه لم تكن هناك مطبعة، فسبحان الله، كما طبعت مجلة اليمامة وطبعت في جدة أيضاً مجلة الخليج طبعت في الرياض وكان يشرف عليها من؟ الدكتور حمود البدر الأمين العام لمجلس الشورى، رئيس قسم الإعلام ووكيل جامعة الملك سعود سابقاً. |
وحينما سافر إلى مصر أشرف عليها أحد الإخوان ونسيت اسمه الآن، أيضاً حينما ذهب حمود البدر اتفق عبد الله شباط مع مطابع الأصفهاني التي تطبع أكثر صحف الحجاز، كانت تطبع الندوة والبلاد، وأشرف على الطبع هنا عبد العزيز الفرشوطي، ومجلة الخليج صحيفة نصف أسبوعية التي يصدرها هذا الرجل الماثل أمامكم، لها أولويات كثيرة جداً أفردت صفحة كاملة للمرأة، وأيضاً سجلت أحداث مؤتمر الأدباء الرابع الذي أقيم في الكويت أظن عام 85هـ، وأيضاً من الأولويات لهذه الصحيفة أنها دعت أو فتحت العيون على منطقة الخليج، وأصدرت ملحقاً سمته (حَجْ غُلوُ) هذه من أوليات صحيفة الخليج العربي التي كان يصدرها الأستاذ عبد الله شباط، وأيضاً اهتمت بقضايا العمل والعمال، تعلمون أنه في تلك المنطقة كانت هناك أعداد كبيرة من العمال يعملون في الشركات الأجنبية، وخاصة شركة أرامكو فاهتم بقضاياهم واستطاعت دعوة الجريدة أن تستقطب المسؤولين، وتطورت أنظمة العمل والعمال واستفاد العمال من هذا الكلام الذي أثارته هذه الصحيفة. |
|
وكما نرى ونشيد بالاثنينية إنها تستضيف أبناء المملكة العربية السعودية من كل المناطق، وهذه إشادة ليست منا بل إن صحف مصر أشادت بها، كان يستكتب الكتاب من كل أنحاء المملكة، كان يكتب لديه عبد العزيز مؤمنة من مكة المكرمة، وأحمد طاشكندي من الإقتصاديين، يكتب في القضايا البترولية، وحتى عبد العزيز مؤمنة صاحب قلم وصاحب مجلة ومن الرياض يكتب فيها، ومن القصيم يكتب فيها عبد العزيز التويجري، والأستاذ الصايغ صاحب صحيفة القصيم فهو يستقطب الكتاب والصحفيين من هنا وهناك، أنا قلت إنه أهدى إلينا المجلات التي وجدها في سوق الحراج، وهذا نبهني إلى أمر، خرجت دعوات في بعض العواصم العربية خاصةً في مصر، دعوة لأبناء المشايخ وأبناء الأدباء وللأدباء والعلماء، كل من لديه مكتبة يجب أن يهديها إلى المكتبات العامة، وإلى دور الكتب حتى لا يكون مصيرها أن تذهب إلى سوق الحراج أو إلى ألسنة النيران، لأن البعض يتضايق من هذا الكم الهائل من الكتب والغبار الذي يلفها، وتمسك حيزاً من الغرف ويريد أن يزيحها.. |
الأستاذ في كتابه: (الإحساء أدبها وأدباؤها المعاصرون) الذي جاء في 341 صفحة، هذا الأستاذ شباط، كجيله من الرواد، يهتم بهموم أمته وأدبائها وأمجادها وحضارة بلاده وأمته، فتراه يشرق ويغرب فهو المؤرخ والأديب والصحفي والقاص ورجل الأعمال والناشر، وهكذا يقول: لكم أن تتصوروا أنني اشتريت كتاب (الألفاظ العربية) تأليف عبد الرحمن بن عيسى الهمذاني طبع في بيروت عام 1912م بريالين من أحد الباعة المتجولين فلنتق الله جميعا ً ولنهد الكتب، الآباء والأساتذة وكل من لديه كتب يوصي الحكومة بصكوك شرعية إنه إذا مات تنتقل هذه، لأن بعض الأبناء يغير في هذا الكلام، واشتريت الطبعة الهندية من ديوان ابن المقرم المنفذة في بومباي في الهند عام 1311هـ بمبلغ عشرة ريالات، وكل كان فيما لديه من الزاهدين، وما أصاب هذين الكتابين- وهذا كلام الأستاذ العظيم الشباط - قمين بأن يصيب الآلاف من الكتب وهذا ما يعذر الباحثين في أدب الإحساء، في كل البلاد ليس أدب الإحساء، حتى نحن لما تروح لمنطقة الباحة، أو لمنطقة عسير ترى كثيراً من مشايخ القبائل من الأسر العظيمة لهم كتب، عندهم وثائق وكتب، والدكتور الساعاتي ترجى وعمل رجاءات لأمراء المناطق، يا جماعة إنه لدى هؤلاء من الثروات، وكثيراً من الجامعات سواء جامعة الملك سعود أو جامعتنا يلاحقون هؤلاء العلماء، ولعلها مناسبة كريمة للإخوة في الجامعات أن يذيعوها بين أبنائهم وزملائهم أن يسلم كل من لديه أو يحصيه ويقدمه لمراكز البحث العلمي لكي تستفيد منه.. هذه بعض أفكار وكلمات حاولت أن أشارك بها في هذا الحفل التكريمي العظيم من رجل كريم عودنا على أن يقوم بهذه الأعمال العظيمة. |
إخوتي الأحبة: |
وأنا أختم كلمتي، مفارقة عجيبة نرجو الله سبحانه وتعالى أن يثيب القائمين على هذه البلاد، من ولاة الأمر ومن هؤلاء الرجال، من أمثال عبد المقصود وغيره من أساتذة الجامعات، الذين يفنون ساعات زاهرة من عمرهم ومن خيرة أيام حياتهم للبحث العلمي، وليحفظوا لنا هذا التراث العظيم، وليفتحوا لنا أذهان أولادنا، وكلنا يعلم هؤلاء المعلمون هم الذين خرّجوا من يتكلم عنهم ومن يحمد سيرهم، وأنا أتسلم مجلداً من مجلدات الكتاب المصري الذي تصدره دار المعارف ماذا وجدت؟ وجدت مقالاً عظيماً مسهباً للأستاذ عباس محمود العقاد يصف رحلته على الباخرة المحروسة ه صفر عام 1365هـ، كان هو ضيفاً مع الوفد الذي جاء ليرافق الملك عبد العزيز لزيارة القاهرة بناءاً على دعوة ملك مصر في ذلك الوقت، وجدت المقال الطويل على طريقة المنطقة المصريين انتهزوا الفرصة وعلموا أن 5 صفر يوافق عيد جلوس الملك عبد العزيز، ميلاده، فأقاموا حفلة في قلب الهوتيل وألقى الأستاذ العقاد قصيدة جميلة جداً كنا نحفظها. |
أسد العرين يخوض غيل الماء |
يا بحرُ رادكَ قاهرُ الصحراء |
حيَّاه باديها وحاضرها معاً |
فاغنم تحية يومه الوضَّاء |
يومٌ من البشرى يردد ذكره |
ركب السفين وجيرة البيداء |
|
|
وهذا المقال أو البحث الذي كتبه الأستاذ العقاد بحث عظيم جداً يجب أن يقرأ لأنه جرت مناقشات وكان يوجد في نفس مجلس الملك، الأمير عبد الله بن عبد الرحمن واستعرضوا الآثار التاريخية وحاجات كثيرة جداً، وجدت أيضاً مشاركات من عام 49 ميلادي للأستاذ عبد العزيز الرفاعي رحمة الله عليه بقصيدة من مكة المكرمة، وأيضاً الأستاذ أحمد محمد جمال من ذلك الوقت هؤلاء الرواد.. وختاماً أشكر لكم إصغاءكم، وآسف إن كنت أطلت قليلاً. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|