شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
5 يونيُو (1)
قال صاحبي: أتريدني لأسميها نكسة أو نكبة؟
قلت: لا يا صديقي.. إنها في رأيي أهول من هذا وأكثر فداحة ممّا تؤديه هذه المعاني.
أتعرف قصة الذين يخربون بيوتهم بأيديهم؟؟
إنها قصتنا.. قصتنا حروفها ومعانيها وكامل أبعادها. فهل لك بعد هذا أن تسميها نكسة أو نكبة؟
أم تراك تستطيع أن تبعثني إلى معاجم اللغة عسانا نجد في دفائنها بين مواد الويل والهول ما يصح إطلاقه على ما أصبنا به.
ما أصابنا اليهود يوم أصابونا.. فقد كانت أيدينا على زناد القذائف التي رنحت جيوشنا وشتت شمل أبطالنا، وأباحت العدو ديارنا وأموالنا وشردت أهلينا بين المغاور والوهاد.
لقد كان أجداد لنا يقولون إننا لا نُغلب من قلة.. فما عتم أحفادهم أن باتوا يغلبون من كثرة.. فهل لي أن أعرف كيف تسمّى هذا؟
لقد عشنا ننقص بيوتنا في كل يوم لبنة. في كل يوم حجر حتى تبدت سوءاتنا وخر السقف علينا وتكشفت عوراتنا من حيث لا نشعر وتركنا العدو المتربص يجد طريقه سهلاً إلى حصوننا.
كل هذا كان بما كسبت أيدينا فدعنا نتجرع غصتنا ونجتر آلامنا فيما نسميه نكسة أو نكبة وأسميه خطباً بالغ الهول.
ستقول لي إن الخطوب إذا تفاقم هولها ربما أحدثت من ردود الفعل ما يكشف غمتها وهو رأي ما أرى في صحته إذا استطعنا أن نجعل من هوله دروساً تقوّم اعوجاجنا وتفتح عيوننا على حقائق ما نالنا.
إذا استطعنا أن نتعاون في صدق وأن نخطط في إخلاص وأن نناقش آراءنا في وضوح وصراحة فقد ضمنا جولتنا الأولى نحو أهدافنا.
نحن لا نشك أن عدونا رغم ما حقق من انتصار لا يعيش ناعماً بما حقق. فقد أقض مضاجعه ما يعاني من مرارة المقاومات وبات أفراده من مدنيين إلى عسكريين يئنون تحت وطأة القلق المستمر الدائم وأن رجاءهم في الهجرات التي كانوا يؤملون إعمار البلاد بها خابت لفقدان الأمن وما نالهم من إشاعة الفوضى في أرض يهددها المتربصون بها ويعرضون مرافقها العامة وحياتها الخاصة للتدمير والهلاك.
وفي هذا القلق وفيما يعانون من فقدان الأمن سر فشلهم وركيزة اضطرابهم وفيه إذا صدقنا وأخلصنا واجتمعت كلمتنا ما يدعم خطوتنا ويضمن نجاح مسيرتنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :451  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 155 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.