شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هَل نقضي على شرُور العَالم؟
(2)
قلت لصاحبي: بعد أن تداولنا الحديث في شأن جاره الغضوب الذي يتمنى علاجه والذي بدأت بوادر البحوث تتناول أمثال هذه الأدواء وما يدور في فلكها من معاني الغضب والاعتداء والحقد في مؤتمر باريس الذي دعا إليه اليونسكو.
قلت له: إن ممّا دار في مداولات المؤتمر ما أكده عالِم من جامعة بتزبيزغ الأمريكية وهو يقول إن حساسية مركز الاعتداء تثار على ما يبدو بمواد كيماوية في الدم ولا سيما بالهرمونات. وقد جرب هذا العالِم إعطاء جرعات من هورمون معيّن لبعض الحيوانات الثائرة فهبطت حرارة الثورة نهائياً، كما جرب جرعات من هورمونات أخرى في بعض الحيوانات الهادئة فما لبثت أن ثارت ثائرتها على غير ما عرف من طبائعها، وهو يعني بهذا طبعاً أن مجاري الدم في حيوانات بعينها مزوّدة بمواد كيماوية من شأنها إثارة الانفعالات لأدنى مناسبة، كما أن مجاري الدم في حيوانات أخرى تفقد هذه المادة فلا تشعر بما يثيرها وتعيش حياتها هادئة مسالمة.. ومن شأن هذه الهورمونات أن تترك أثرها سلبياً أو إيجابياً في نفسية الحيوان. أو إن شئت فقل في نفسية الإنسان بعد أن تستنفد التجارب مداها في حقل الحيوان.
ومال البحث في مداولات المؤتمر إلى فكرة الجراحة في إزالة الطاقة العدائية من دماغ الحيوان العاتي. فذكر الدكتور ولغادو من ولاية تكساس أنه استطاع إجراء عملية جراحية نزع فيها جزءاً من دماغ حيوان شرس، فإذا هو يصبح أليفاً وديعاً وأن طبيباً يابانياً من جامعة طوكيو أجرى مثل هذه العملية لدماغ إنسان، وإن هذا الإنسان يقول الآن أنه ليس في استطاعته أن يغضب حتى لو أراد أن يفتعل ذلك.
ويعود الطبيب الأمريكي إلى مواصلة البحث فيؤكد أن بإمكان العلم غداً وفي الأيام القريبة أن يضبط سلوك الإنسان العدائي، فثمة فاعلات مضادة للعداوة تتداولها حقول التجارب سوف يصبح في الإمكان إيداعها خزانات الشرب العامة في أية مدينة يراد لها أن تجنح إلى السلم.
والذي أستنتجه من هذا أن عالمنا الصاخب المائج بالأحقاد والعداوات والانفعالات الغاضبة سوف يصافح عهوداً جديدة يتمتع فيها بالسلم الآمن والصفاء الوادع إذا صحت هذه التجارب وكتب لها حظ في النجاح.
وليس لديَّ ما يريبني في نتائجها. فقد بات العلم لا تعجزه أشد المعضلات بعد أن راد أعلى طبقات الجو، وغزا الأفلاك في أقصى مواقعها البعيدة، وأفتن آلاف المحدثات التي كان لا يتخيلها عقل بشر.
وإذا كان الإنسان قد عاش حياته على الأرض من يوم خلقت الأرض لا يتمنى شيئاً بقدر ما يتمنى السعادة والأمن فيها، فإن ظفره بالقضاء على الطاقة العدائية لا يعدله ظفر في كل ما ابتكر العلم من محدثات.
ما أحلى أن يشرب العالم كل العالم ماءه ممزوجاً بالمفاعلات المضادة للعداوة، فتلغى سائر أنواع الحروب. ويعيش الناس كل الناس آمنين في أسرابهم قابعين في أوطانهم بحدودهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :406  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 153 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج