شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
علينا أن نَدرس فُروع الفِكر عِند الأُمم
(1)
قال صاحبي: يصادفني في الحين بعد الآخر شاب يدرس بعض نواحينا الهامة في التاريخ أو الأدب أو الحياة العامة، وأعلم أنه وغيره مكلّف بذلك البحث من جامعته كرسالة يتقدم بها زميل لنيل شهادة ما فما أروع هذا النشاط الذي تبدو به جامعاتنا وهي لا تزال بمكانها من الخطوات الأولى.
قلت: ونعمّا هذا الشباب الذي يجاهد في سبيل التكليف. فقد مرت بنا عهود وعهود كنا موضع دراسة كل نابغة يشد رحله إلى بلادنا ليحقق ناحية من نواحينا كلف ببحثها لجامعته بينما نظل في مكاننا لا ندري عن حيثيات الأمم التي تعاصرنا شيئاً يفتق أذهاننا ويفتح عيوننا على الحياة.
وإني لأذكر أني قرأت فيما قرأت للدكتور النّشار وهو فيلسوف إسلامي بحثاً ينعى به أمم الشرق لتخلّفها في هذا المضمار الدراسي، وفيه عرج إلى قضيتنا مع اليهود أعدائنا فيقول إنه في حديث له مع أستاذ جامعي إنكليزي لفت نظره إلى تقاعس العرب عن البحوث التي تتناول أعداءهم بصورة مفصلة، تكشف آلاف الخبايا التي يجب أن يكونوا على علم واسع بها، وأنه قال له إن مما يلفت النظر أنه لا يوجد اليوم قسم من أقسام الجامعات الإنكليزية يخلو من يهودي كأستاذ أو طالب دراسات عليا، وإن جل هذه الدراسات تتناول النواحي العربية في شتى أنواعها هذا عدا الطلاب من اليهود الذين يلتحقون في مئات الجامعات بين أمريكا وأوروبا وهم لا يصرفون همهم في شيء كما يصرفونها في بحوث عربية تمثل تاريخ العرب وحاضرهم وتظهر آلاف الحقائق التي يحتاج اليهود لمعرفتها.
ويعلق الدكتور النشار على ما سبق ليقول إننا للأسف لم نعرف الفكر اليهودي حتى الآن على الإطلاق. ولا نعرف نشأته ولا تطوره ومنذ أنشد اليهود التلمود في منفاهم السحيق. لم نعرف حقيقة أفكارهم لا خلال تطوره في العصور الوسطى ولا في العصور الإسلامية. لم نعرف مقدار مشاركتهم في الحياة العقلية الإسلامية في العراق ولا دورهم في نكبة المسلمين في إسبانيا ولا مبلغ تطورهم فكرياً في العصور الحديثة مع أنهم درسوا الحياة الإسلامية والفكر العربي، ولهم مراكزهم القوية لدراسة هذا الفكر في يافا وفي الجامعة العبرية وفي بيت المقدس وفي كثير من جامعات أوروبا.
قلت لصاحبي وهذا ما أعنيه وأنا أتمنى من جامعتنا أن تندب طلابها لدراسة الفكر في أهم الأمم التي تعاصرنا وأن نخص أعداءنا بنصيب أوفى من هذه الدراسات لنكشف من حقائقهم ما لا يصح أن نجهله في مثل هذه الملابسات السيئة.
إن على جامعاتنا أن تندب شبابها ليتخصص في فروع الفكر فلا يعجزه غداً أن يقدم لمكتبته العربية أبحاثاً حقيقية غنية بتفصيلاتها تتناول الأمم التي يعنينا بحث حقائقها من أصدقائنا إلى أعدائنا إلى كل من له علاقة بمقدراتنا.
وعلى جامعاتنا ألاّ تنسى بقدر المستطاع أن مطابع أوروبا وأمريكا تزدحم بالإنتاج الفكري الذي تصدره إلى الأسواق العالمية وبين هذا الإنتاج دراسات قيّمة يضعها المكلفون بالدراسات العالية في الجامعات مما يتناول نواحي الفكر في شتى أمم العالم ومن بينهم أمتنا، كما تتناول في الوقت نفسه دراسة ألد أعدائنا فإذا اتسعت رفوف المكتبات في جامعاتنا بكثير من هذا الفيض ساعدنا ذلك على التوسع في فهم كل ما يهمنا فهمه من مناحي الحياة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :350  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.